§ ღ♥ღ § الله الغني ونحن الفقراء إليه § ღ♥ღ §


مضت ساعات النهار سريعاً قضيتها في العمل حتى ذهبت خيوط الشمس الذهبية وراء

الغيوم الناصعة البياض معلنةً عن رحيل يومٍ آخر لن يعود أغلقت جهازي على عجل

ورتبت مكتبي لأخرج إلى المنزل بعد ساعات عملٍ طويلة وبعد ساعة ونصف وصلت إلى

المنزل أخيرا بدلت ملابسي وتناولت طعام الغداء وإذ بالساعة تدق معلنةً بأن الساعة

أصبحت السابعة والنصف ، قمت إلى جهاز الكمبيوتر لأعمل من جديد فهناك عملُ آخر

ينتظرني وإذا بالساعات تجري بسرعة وكأن أحداً ما يلحقها وها هي الساعة الحادية



عشرة أعلنت مجيئها أغلقت جهازي وتوضأت واتجهت إلى فراشي بعد أنهك جسدي

التعب والارهاق وملأ قلبي الهم والحزن وغرقت بالنوم بعد قراءة أذكار النوم وهاهي

الساعات تسير بسرعة كعادتها وهاهو المنبه يرن معلناً وقت لقاء الحبيب بحبيبه وكأن



لسان حاله يقول لي هيا استعدي وتجملي فلقد جاء الموعد ألم تشتاقي إلى حبيبك هيا

قومي بسرعة نظرت إلى المنبه وإذا به يؤشر إلى الساعة الرابعة صباحاً نزعت الغطاء

عني وأسرعت بالنهوض مستعيذة من الشيطان الرجيم وتوضأت وصليت ما شاء الله لي

أن أصلي وقابلت حبيبي وأنا سعيدة بأن الله قدر لي أن أراه وأن أجلس بين يديه سعيدة

أنه سُمح لي أن أناجي الله لا أحد يسمعني إلا إياه سعيدة بأن سُمح لي أن أسجد بين يديه

فما ذاك إلا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى وبعد انتهائي من الصلاة أخذت مصحفي

وبدأت أتلو وردي البسيط ما أجملها وما أروعها من آيات ومعاني كنت أتلو سورة فاطر

وقد بلغت قوله تعالى ‏{‏يَا اَيُّهَا النَّاسُ اَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ اِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * اِنْ

يَشَاْ يُذْهِبْكُمْ وَيَاْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ }.

أوقفتني هذه الآية {‏يَا اَيُّهَا النَّاسُ اَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ اِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} وكأنني


أقرأها لأول مرة وقفت عندها فيا لعجبها وروعتها وبلاغتها نعم نحن الفقراء إلى الله

وهو الغني المتعال نظرت الى تفسيرها في حاشية المصحف وأعدت قراءتها مرارا فكم

نحن فقراء إلى الله إن مرضنا قلنا يا الله وإن طلبنا قلنا يا الله وإن عجزنا قلنا يا الله

وإن حزنا قلنا يا الله سبحان الله سبحان جل علاه تابعت تلاوتي ومن ثم صليت الفجر

وعدت إلى الفراش وفي الصباح وجدت نفسي لم أنسى تلك الآيات وهناك شيء في

نفسي فنحن ضعفاء فقراء إلى الله ومع ذلك نعصيه ولا نتبع أوامره ولا نقيم حدوده

غفرانك ربي ووجدت برغبة بقراءة تفسيرها بشكل موسع فقرأت تفسيرها كما جاء عند


السعدي وأحببت أن تشاركوني الاستفادة والمتعة.


يخاطب تعالى جميع الناس، ويخبرهم بحالهم ووصفهم، وانهم فقراء الى اللّه من جميع

الوجوه‏:‏

1- فقراء في ايجادهم، فلولا ايجاده اياهم، لم يوجدوا‏.‏

2- فقراء في اعدادهم بالقوى والاعضاء والجوارح، التي لولا اعداده اياهم ‏[‏بها‏]‏، لما

استعدوا لاي عمل كان‏.‏

3- فقراء في امدادهم بالاقوات والارزاق والنعم الظاهرة والباطنة، فلولا فضله واحسانه

وتيسيره الامور، لما حصل ‏[‏لهم‏]‏ من الرزق والنعم شيء‏.‏

4- فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره، وازالة الكروب والشدائد‏.‏ فلولا دفعه

عنهم، وتفريجه لكرباتهم، وازالته لعسرهم، لاستمرت عليهم المكاره والشدائد‏.‏

5- فقراء اليه في تربيتهم بانواع التربية، واجناس التدبير‏.‏

6- فقراء اليه، في تالههم له، وحبهم له، وتعبدهم، واخلاص العبادة له تعالى، فلو لم

يوفقهم لذلك، لهلكوا، وفسدت ارواحهم، وقلوبهم واحوالهم‏.‏

7- فقراء اليه، في تعليمهم ما لا يعلمون، وعملهم بما يصلحهم، فلولا تعليمه، لم يتعلموا،

ولولا توفيقه، لم يصلحوا‏.‏

فهم فقراء بالذات اليه، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواء شعروا ببعض انواع الفقر ام لم

يشعروا، ولكن الموفق منهم، الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من امور دينه ودنياه،

ويتضرع له، ويساله ان لا يكله الى نفسه طرفة عين، وان يعينه على جميع اموره،

ويستصحب هذا المعنى في كل وقت، فهذا احرى بالاعانة التامة من ربه والهه، الذي هو

ارحم به من الوالدة بولدها‏.‏

أما قوله تعالى ‏{‏وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ‏}‏ اي‏:‏ الذي له الغنى التام من جميع الوجوه، فلا

يحتاج الى ما يحتاج اليه خلقه، ولا يفتقر الى شيء مما يفتقر اليه الخلق، وذلك لكمال

صفاته، وكونها كلها، صفات كمال، ونعوت وجلال‏.‏

ومن غناه تعالى، ان اغنى الخلق في الدنيا والاخرة، الحميد في ذاته، واسمائه، لانها

حسنى، واوصافه، لكونها عليا، وافعاله لانها فضل واحسان وعدل وحكمة ورحمة، وفي

اوامره ونواهيه، فهو الحميد على ما فيه، وعلى ما منه، وهو الحميد في غناه ‏[‏الغني في

حمده‏]‏‏.‏

وقوله ‏{‏اِنْ يَشَاْ يُذْهِبْكُمْ وَيَاْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ‏}‏ يحتمل ان المراد‏:‏ ان يشا يذهبكم ايها الناس

ويات بغيركم من الناس، اطوع للّه منكم، ويكون في هذا تهديد لهم بالهلاك والابادة، وان

مشيئته غير قاصرة عن ذلك‏.‏

ويحتمل ان المراد بذلك، اثبات البعث والنشور، وان مشيئة اللّه تعالى نافذة في كل

شيء، وفي اعادتكم بعد موتكم خلقا جديدا، ولكن لذلك الوقت اجل قدره اللّه، لا يتقدم عنه

ولا يتاخر‏.‏

وقوله تعالى ‏{‏وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ‏}‏ اي‏:‏ بممتنع، ولا معجز له‏.‏

فسبحان الله العلي المتكبر الجبار هو الغني ونحن الفقراء إليه ومع ذلك نعصيه

ونقابله بالاساءه وهو يقابلنا بالاحسان غفر الله لنا ورحمنا أسأل الله العظيم

رب العرش العظيم أن يتجاوز عن سيئاتنا ويغفرها لنا ويتوب علينا

ويعطي كل واحدة منا سؤلها.



عن sayad523

شاهد أيضاً

من تبدأ معاي في حفظ سورة البقرة قبل رمضان؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كثير من الناس إذا سألناهم عن حفظ القران قالوا ودنا …