بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله
طبعاً الجواب ظاهر من عنوانه
الأحكام الخاصة بصيام رمضان
أنا معكم لمن يستفسر عن أي شيء
نبدأ بإسم الله
كتاب الصيام
الصيام: لغة الإمساك والكف ، كما في قوله تعالى عن مريم ” إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا” .
وشرعاً: هو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع نية التعبد لله عز وجل0
والصيام منه ما هو واجب كصوم رمضان وصوم الكفارات وصوم النذر- ومنه ما هو تطوع كصوم يوم عرفة وعاشوراء .
شروط صحة الصيام :
1- الطهارة من الحيض والنفاس .
2- النية :ويشترط لصحتها ما يلي :
أ- الجزم : فمتى تردد فيها لا تصح كأن يتردد أن يصوم غداً أو لا يصوم ، أما من عزم النية ولكن تردد فى ثبوت الشهر تصح كأن يقول إن كان غداً من رمضان فأنا صائم و إلا فأنا مفطر لأن هذا تعليق نية وليس تردد فيها – وهذا اختيار ابن تيمية ويشهد لذلك حديث عَائِشَةَ ” دَخَلَ النَّبِيُّ r عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَنَا شَاكِيَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ r حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي فإن لك على ربك ما استثنيت” متفق عليه
ب- التعيين: أي يحدد نوع الصيام الذي سيصومه كفارة أم نذر أم رمضان .
ج- التبييت: وهو إيقاع النية في الليل لقول النبيr: مَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ” د/صححه الألباني .
وهذا خاص بصيام الفرض على قول الجمهور أما صيام التطوع فالصائم فيه أمير نفسه لما يلي :
0عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ “دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ r ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ فَقُلْنَا لَا قَالَ فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ (نوع من الطعام) فَقَالَ أَرِينِيهِ فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فَأَكَلَ” مسلم
قال ابن تيمية : هذا يدل على أن النبي r أنشأ الصوم من النهار لأنه r قال ” فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ ” وهذه الفاء تفيد السببية فيصير المعنى ” إني صائم لأنه لا شئ عندكم “ولفظ إذن أيضاً أصرح في التعليل من الفاء .
0ولقول النبي r في يوم عاشوراء لما فُرض” مَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ” وهذا يدل على جواز إنشاء الصوم في النهار .
0وثبت عن ابن مسعود وابن عباس وأبى الدرداء إنشاء نية صوم التطوع من النهار .
ولكن يرى الشافعية والحنابلة وابن عثيمين: أن الثواب يبدأ من وقت ما نوى ولا يأخذ ثواب صيام اليوم كاملاً لقول النبيr” وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى”.
0وعن أم هانئ ” أن رسول الله r دخل عليها فدعي بشراب فشرب ثم ناولها فشربت فقالت يا رسول الله أما إني كنت صائمة فقال رسول الله r الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر” ت/صححه الألباني .
– وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أن من أصبح متطوعاً ثم أفطر متعمداً فعليه القضاء لحديث عَائشَةَ ” أن النبي r قال لها ولحفصة لما كانتا صائمتين فأكلتا اقضيا يوماً مكانه” ت/ ضعفه الالبانى – ولكن هذا الحديث ضعيف وإن كان صحيحاً فالأمر فيه يحمل على الاستحباب لحديث أم هانئ السابق .
— اختلف العلماء في حكم تجديد النية لكل يوم من أيام رمضان :
1-قال الجمهور والشافعي وأبو حنيفة : يجب نية مستقلة لكل يوم من أيام رمضان لقول النبيr ” مَنْ لَمْ يُجْمِعْ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَا صِيَامَ لَهُ”د/ صححه الألباني – ولأن كل يوم عبادة مستقلة فإن فساد بعض الأيام لا يوجب فساد بقيتها.
2- وقال مالك : تكفي النية في أوله ما لم يقطعه لعذر (مثل سفر أو مرض) فيستأنف النية لأن كل إنسان قد بيت نية صيام رمضان كله من أول ليلة فإذا لم تتحقق النية حقيقة فهي محققة حكماً- وهكذا في كل صيام يشترط فيه التتابع كصيام كفارة الظهار أو القتل الخطأ ، ورجح هذا القول ابن عثيمين .
— الصيام له ركن واحد وهو الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الصادق حتى المغرب :
0 قال تعالى”وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّن لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ ثُمَّ أتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ ” .
مبطلات الصيام ( المفطرات ):
1- الأكل أو الشرب عمداً :
فإن أكل أو شرب ناسياً يتم صومه ولا قضاء عليه ويستوي في ذلك الفرض والنفل لعموم قول النبي r “مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ” متفق عليه ، وهذا هو قول الجمهور0
— قال ابن حزم وابن تيمية : من أكل أو جامع ظاناً غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر فظهر خلافه لا قضاء عليه لما يلي:
0لأن الجاهل معذور ، ولم يأمر النبي rعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ بالقضاء فعن عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ ” لَمَّا نَزَلَتْ “حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ” عَمَدْتُ إِلَى عِقَالٍ أَسْوَدَ وَإِلَى عِقَالٍ أَبْيَضَ فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلَا يَسْتَبِينُ لِي فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ r فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ” بخاري .
0ولما ورد عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ قَالَتْ “أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ r يَوْمَ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ قِيلَ لِهِشَامٍ فَأُمِرُوا بِالْقَضَاءِ ؟ قَالَ لَا بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ – وَقَالَ مَعْمَرٌ سَمِعْتُ هِشَامًا لَا أَدْرِي أَقَضَوْا أَمْ لَا” بخارى
ولو كان عليهم قضاء لحفظ والأصل براءة الذمة0
0ولقوله تعالى”وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ” والخطأ كالنسيان فليس عليه قضاء0
2- تعمد القئ :
0عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ” أَنَّ النَّبِيَّ r قَالَ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ” ت/ صححه الألباني .
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من تقيأ عمداً أفطر0
3- الحيض والنفاس:
4- تعمد الاستمناء(العادة السرية):
0لقول النبي r فيما يرويه عن ربه سبحانه وتعالى “يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ” متفق عليه .
قال ابن تيمية : إذا فكر أو نظر أو باشر أو قبل فأنزل بغير قصد لم يفسد صومه0
وقال أبو حنيفة والشافعي وابن تيمية: إذا باشر فأمذى صيامه صحيح لعدم الدليل على بطلانه ، ورجح ذلك ابن عثيمين0
5- نية الإفطار: من نوى أثناء صومه إبطال صومه وعزم على الإفطار جازماً بطل صومه لقول النبيr” وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى”
6- الردة عن الاسلام: قال تعالى” ولَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ” .
7- الجماع :
0عَنْ أبي هُرَيْرَةَ ” بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ r إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ مَا لَكَ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا قَالَ لَا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ قَالَ لَا فَقَالَ فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا قَالَ لَا قَالَ فَمَكَثَ النَّبِيُّ r فَبَيْنَما نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ r بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ فَقَالَ أَنَا قَالَ خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا (أي طرفي المدينة) أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَضَحِكَ النَّبِيُّ r حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ”متفق عليه [ قال النووي : العرق عند الفقهاء ما يسع خمسة عشر صاعا ]
وفى رواية قال النبيr” وَصُمْ يَوْمًا مكانه “د ، ابن ماجه/ صححها الألباني- وقيل أنها زيادة ضعيفة لا تثبت ، وأخذ الجمهور بهذه الزيادة وأوجب عليه القضاء والكفارة0
– قال الجمهور : إذا التقى الختانان وتغيبت الحشفة فى أحد السبيلين ( القبل أو الدبر) أفطر الصائم سواء أنزل أم لم ينزل0
— اختلف العلماء في وجوب الترتيب في الكفارة :
1-قال الجمهور: يجب الترتيب فلا ينتقل إلى الصيام إلا إذا عجز عن العتق لظاهر حديث أبى هريرة السابق وكما في كفارة الظهار
2-وقال مالك: لا يجب الترتيب لما روى عن أبى هريرة”أَنَّ النَّبِيَّ r أَمَرَ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً أَوْ يَصُومَ شَهْرَيْنِ أَوْ يُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا” مسلم
والترتيب أحوط لأن الأخذ به مجزئ على القولين0
— قال ابن عثيمين للإطعام كيفيتان: إما يضع طعاماً ويدعو إليه المساكين- وإما يعطيهم طعاماً غير مطبوخ كأرز أو مكرونة0
–قال الجمهور وأبو حنيفه ومالك : تلزم المرأة الكفارة كالرجل إن طاوعته على ذلك لأن الأصل تساوى الرجال والنساء في الأحكام فقد قال النبيr” إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ”- ولهذا لو أن رجلاً قذف رجلاً بالزنا لجلد ثمانين جلدة مع أن الآية في النساء قال تعالى”وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً”
— قال مالك والشافعي: إن جامع في نهار رمضان ولم يكفر ثم جامع في يوم آخر عليه لكل يوم كفارة لأن كل يوم عبادة منفردة0
— إذا جامع في صوم فرض غير رمضان فسد صومه ولا تلزمه الكفارة 0
— إذا جامع من له رخصة بالفطر كالمسافر والمريض لا إثم عليه ولا كفارة0
— قال مالك وأبو حنيفة وابن تيمية : إذا أعسر فلم يستطع الكفارة تتعلق بذمته لحين اليسار0