أضرار تتبع عورات المسلمين على المسلمين




بسم الله الرحمن الرحيم




يقول عليه الصلاة والسلام:
(يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه! لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتتبع عورات المسلمين يتتبع الله عورته حتى يفضحه في بيته

فقوله: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه) أي: لم يخلص الإيمان إلى التمكن من قلبه والتأثير في نفسه وظهور آثاره في فعله،
قال: (لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من يتتبع عورات المسلمين يتتبع الله عورته حتى يفضحه في بيته) فهل بعد هذا البيان من بيان؟ وهل بعد هذا التحذير والوعيد من وعيد
؟ ……

فهذا الفضيل بن عياض يقول:
إن المؤمن يستر وينصح،
وإن المنافق والفاجر يهتك ويعير.
فإن كنت مؤمناً مخلصاً في محبتك لإخوانك فاستر عليهم قصورهم وعيوبهم،
ثم اخلص بالأسلوب الحسن والحكمة والموعظة الحسنة إلى قلوبهم وإلى آذانهم وإلى عقولهم، وانصحهم بالتي هي أحسن




إن سوء الظن يدفع المسلم إلى أن يتحقق بزعمه،
فيبحث مستمعاً متنصتاً،
أو ناظراً متجسساً،
أو باحثاً متعقباً عن عورات المسلمين وعن سقطاتهم وعن فلتات كلماتهم،
بل ربما تجرأ فدخل بكلامه إلى داخل قلوبهم وإلى خبايا نياتهم،

والله جل وعلا قال:
وَلا تَجَسَّسُوا [الحجرات:12]،

والنبي صلى الله عليه وسلم قال:
(ولا تجسسوا، ولا تحسسوا).

—————-
عدم الستر على المسلم فيها مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بالستر على المسلمين
فأين نحن من هذا النداء الذي حضنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم على الستر،
كما في الحديث الصحيح أنه قال:
(من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن فرج عن مسلم فرج الله عنه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة

فلم يجترئ ذلك الفاعل على فضح المسلم؟
نسأل الله عز وجل السلامة

الآثار المترتبة على انقلاب النصيحة إلى فضيحة:

1– عدم قبول النصيحة

لأن النفوس تصد عما يكون فيه إظهار لعيبها، وإشهار لخطئها،
فإذا نصحت الرجل في الملأ من الناس أو أظهرت عيبه من ورائه فغالب الأحوال أنه لا يرتدع،
بل يصر ويمضي على معصيته، ويبقى على مخالفته،
ثم قد يلتمس لها تأويلاً، وقد يبحث لها عن دليل؛
وما ذلك إلا بسبب ما وقع في نفسه من أثر سوء فعلك ومن أثر فضحك له.



2– تغير القلوب

وحصول الشحناء والبغضاء، وشيوع سوء الظن والريبة بين الناس
فإن الذي فضحته لا شك أنه في الغالب يضمر لك في قلبه كرهاً، ويحمل لك في نفسه شراً
، والآخرون الذين سمعوا تغيرت قلوبهم، وزادت ريبتهم، وتحقق تخوفهم وحذرهم،
فيحصل من وراء ذلك ما لا يليق بأمة الإسلام من إساءة الظن، وتتبع العثرات، وترقب المحاذير والمعايب،
وهذا كله فساد لأصل المودة والأخوة الإيمانية الواردة في قوله تعالى:
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10]،
وهذا يبعث على تغير القلوب.
وفي حديث معاوية رضي الله عنه الذي رواه أبو داود و ابن حبان بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(إنك إن تتبعت عورات المسلمين أفسدتهم أو كدت تفسدهم

أي: إنك تعلمهم كيف يسيئون الظن بغيرهم،
وتعلمهم كيف يجترئون على حرمات إخوانهم،
وتعلمهم كيف تنصرف ألسنتهم بالغيبة من أثر هذا الفعل،
وكم في إفساد القلوب وإفساد النوايا والطوايا بين أهل الإسلام وأهل الإيمان من آثار وخيمة وعواقب عظيمة!





3– إشاعة الفاحشة

فالله جل وعلا قد نهى عن ذلك وحذر منه فقال:
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ في الدنيا والآخرة [النور:19]،

فهذا التحذير معناه:
ألا يذكر المرء وقوع الفواحش، وألا يذكر من ذكرها؛
حتى لا يكون في ذلك تسهيل للناس إلى الوقوع فيها،
أو إرشاد لهم إلى طرائقها،
أو تهوين من خطرها وفظاعتها،
أو عدم التفات لما وقع في الآيات والأحاديث من التحذير منها،
وذلك كله من أعظم الأمور وأخطرها،
ولذلك ورد عن بعض السلف في شأن إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا أنه قال: اجتهدوا أن تستروا العصاة؛ فإن ظهور عوراتهم وهن في الإسلام،
أي أنه يظهر المجتمع المسلم كأنه مجتمع فحش وجرائم وأمور لا تليق بصفاء القلوب ولا بنقاء السرائر ولا بالصلة بالله؛
فينبغي أن يحذر المرء من ذلك.


4– الاشتغال بعيوب الآخرين عن عيوب النفس


انشغال مثل هؤلاء الناس بعيوب غيرهم عن عيوبهم: وحسبك بهذا أثراً خطيراً؛
لأن كثيراً من أولئك قد تفرغ في وقته وفكره لتتبع أخطاء الناس وفضحهم بحجة أنه يظهر الحق،
وهذا في غالب الأحوال ينسى نفسه، ويغض الطرف عن عيبه، ويقسو بذلك قلبه،
وقد قال ابن رجب : فشتان بين من قصده النصيحة وبين من قصده الفضيحة،
ولا تلتبس إحداهما بالأخرى إلا على من ليس من ذوي العقول الصحيحة.
أما صاحب العقل الصحيح والقلب الحي فإنه يدرك ويفرق بين ما هو نصيحة وبين هو فضيحة
.

وعن الحسن البصري أنه قال:
من سمع بفاحشة فأفشاها كان كمن أتاها،
وما تزال الفاحشة تفشو بين المؤمنين حتى تصل إلى الصالحين فهم خزانها.

أي: يمسكون عن نشرها وإشاعتها لئلا يسهل على الناس ذكر مثل هذه الأمور.
فنسأل الله جل وعلا أن يجعلنا من أهل النصح والإخلاص، وأن يجعلنا ممن يجتنبون هذه المحاذير ويبتعدون عن هذه الآثار،

ونسأله جل وعلا أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه،
أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

مماراقي يارب مايكون مكرر



عن samour0661

شاهد أيضاً

للتفاؤل طــاقه عجيبه وغـــداً مشرق…!