يعتبر السمك الغذاء الرئيسي لملايين من البشر، فهو يملك مقدارا مرموقا من المواد الدهنية، ولكن البروتين والاملاح المعدنية تكاد تكون كاملة في السمك، التقينا الدكتور حسن هاشمي رضائيان المتخصص في زراعة الاسماك في معهد الابحاث الالماني قال:
لا نختلف حول فوائد الاسماك كلها، ولكن سمك الحفش، والاسترجون الابيض، والاوسترا، والسفروج تختلف عن البقية التي تعيش في مياه العالم، وخاصة في بحر قزوين، لانها تستخرج منها البطارخ (بيض السمك).
اللؤلؤ الأسود
وقال رضائيان: أن بيض السمك المسمى ‘كافيار’ يعتبر من اطايب الطعام، وهو غذاء المترفين والاغنياء، ويسميه المتذوقون المنشط والغالي والعقار الطبي، وخال من اعراض جانبية.
واكد ان افضله الذي يستخرج من سمك الحفش الذي يعيش في المياه الباردة في بحر قزوين، وهذا البحر ينتج سنويا اكثر من 95% من الكافيار العالمي.
ويختلف لونه بين الأسود والرمادي ولكن الأول هو اللؤلؤ الاسود لأنه اولا بطيء في انتاجه يحتاج الى سنوات طويلة ليصل سن النضج الجنسي، ومنه تقريبا 25 فصيلة الى 30 تقريبا، ثلاثة من اسماك الحفش فقط تنتج ‘الكافيار’ وكل هذه الانواع تعيش في بحر قزوين، وتزن السمكة الواحدة من الحفش من 80 الى 100 كيلوغرام، وطولها حوالي مترين، ويصنف بيض الكافيار ‘البلوكا’ الذي يزن طنا واحدا اكثر من 2000 يورو للكيلوغرام الواحد، وبقية الانواع ما بين 1500-1000 يورو.
وقال الدكتور في معهد الأبحاث الألماني في لقائه مع موفد ‘القبس’: يتم صيد سمك الكافيار أو اللؤلؤ الأسود كما يطلق عليه الصيادون وعشاقه في ثلاث محافظات إيرانية هي ‘كستان’ في شمال شرق إيران التي تبلغ مساحتها حوالي 21000 كيلو متر مربع تعتبر محافظة السجاد والبسط والأسماك، ومحافظة ‘وكيلان’ على ضفاف بحر قزوين ومساحتها حوالي 14000 كيلو متر مربع، المحافظة التي تنتج الشاي العجيب والرز، وكل أنواع الصناعات الخشبية، والزيتون، السمك، الكعك، والحلويات الشعبية والمحافظة الثالثة من المحافظات المشهورة بالكافيار وهي ‘مازندران’ المتاخمة لبحر قزوين والمشهورة أيضا بالرز والتين والمربى والأعشاب الجبلية وأنواع البسط، وهذه المحافظة مزينة بالشاليهات السياحية على شواطئ بحر قزوين، ومحمية دشت ناز العجيبة.
الإنتاج
وقال: إن إيران صدرت في عام 2004 أكثر من 58 طنا من بيض الكافيار بقيمة 35 مليون يورو، وأن هناك فريقا من الاخصائيين والخبراء يشرفون على عمليات استخراج بيض الكافيار، مع مراعاة جميع مواصفات السلامة الصحية من أجل الجودة والنكهة.
واعتبر رضائيان أن أسعار الكافيار المرتفعة في العالم تعود إلى الحظر المفروض على صيده، وحصة البلدان المطلة على البحر، والصيد غير المشروع، وقلة تواجد بعض أنواعه كسمكة ‘البلوكا’ التي تشكل 2% من نسبة الصيد السنوي.
وأضاف الدكتور حسن القول إن انهيار النظام السوفيتي السابق وانقسامه إلى عدة دول عرض الكافيار إلى خطر الانقراض وبيعه في السوق السوداء، ويجب ألا يتجاوز نسبة الصيد السنوي لهذه الدول اكثر من 150 الف طن. وقال: ان إيران قامت بخطوة كبيرة للحفاظ على هذه الثروة السمكية وتكاثرها في البحر، بإنشاء مشروع تربية الأسماك الصغيرة واعادتها الى البحر بعد ان يبلغ وزن كل واحدة منها ‘5 غرامات’ ويتم نقل الاسماك من البحر الى الأحواض المخصصة من أجل تلقيحها بطريقة صناعية وتنفق الدولة اكثر من 10 ملايين دولار في هذا المجال.
واضاف حتى جمهورية روسيا تنتج 90% من الكافيار من سمك الحفش، ويباع حاليا من 6 إلى 16 دولارا للأونصة، أما الطازج منه فتصل اسعاره الى 300 دولار ومن هذا النوع الغالي الثمن لا ينتجه الا ثلاث دول في العالم وهي: روسيا وايران ورومانيا، ويوجد كافيار مقلد تنتجه بعض الدول من بطارخ سمك القد والسلمون، ولكن ذواق الكافيار يقول لا مجال للمقارنة مع الاصلي،.
وقال: اما سمك بيلوغا الذي يسمى ايضا ‘هو سو هوسو) ينتج حوالي 20 كيلو غراما من الكافيار، ويصل متوسط عمره 100 عام تقريبا، ونوع الاسيترا ينتج بين 4 – 7 كلغ، وسيفروغا الذي يعيش 30 عاما ينتج حوالي 3 كغم من الكافيار.
بطارخ
وتحدث رضائيان عن لون بطارخ الحفش الذي يعود عادة لمأكله، وقال: اختيار التوقيت امرا مهما لصيد الحفش، ويجب على الصيادين الامساك بالسمكة قبل ان تبيض ب 4 أيام، وإذا أمسكت قبل هذا الوقت فيجب ان تبقى حية حتى ينضج بيضها، لأن البيض يبقى اخف وأطيب وأحلى مذاقا كلما اقترب موعد وضع البيض، وأغلب الصيادين يضعون الحفش في قفص عائم في الماء ومن دون غذاء، وهنا تضطر السمكة الجائعة ان تأكل مخزونها في بطارخها، وإذا استهلكت تصبح البطارخ جاهزة للاكل، تقتل السمكة ويتم استخلاص البطارخ منها، ويغسل البيض ويوضع في محلول مملح ويعبأ في علب معدنية، ومن مواصفاتها ان تكون البيضة رائحتها رائحة الماء المالح، ولها غشاء خارجي رقيق لماع، والبيضة غير مكسورة اي حبة كاملة، وزيتها شبيه بالعسل، وليعلم الجميع ان الكافيار يتعرض للتلف سريعا، ويحتاج الى تبريد، ويمكن ان يعقم ويبستر، وأفضله الاسود الرمادي، والمضغوط منه يمتاز بنكهة طيبة.
تاريخ اللؤلؤ الأسود
وقال: نحن المتخصصون في علم الاسماك، ونعمل في المعاهد عرفنا ان سمك الحفش عرف قبل 5000 سنة، واولى الحضارات التي ذاقته هي حضارة الاغريق قبل الفرس بقرون، وعلماء الآثار اكتشفوا صور الحفش في النقوش الفرعونية في معابد الاقصر، وكذلك وجدت على عملاتهم القديمة، وحتى في الاراضي التونسية القديمة عثرت على مواقع عيش سمك الحفش، وهذا دليل على امتداد الحفش الى سواحل شمال افريقيا.
وقال رضائيان: الرحالة الاغريق تحدثوا عن بيع الكافيار في الاسكندرية قديما، وفي روما كان يقدم في الولائم، وكتب في القرن الاول قبل الميلاد بأنه لا يناسب الا الاغنياء لانهم يعرفون قيمته.
واكد: ان الاذربيجانيين هم اول من تذوقوا البطارخ واخذوه دواء للعديد من العلل، واول ذكر للكافيار جاء في العصور الوسطى، وحفيد جنكيز في عام 1240 (باتوخان) قدم له وليمة عامرة بين اطباقها سمكة حفش كاملة مشوية، وعليها مربي تفاح ساخن وفوقه بطارخ مملحة.
كافيار: وصل أوروبا من إيران عبر تركيا.
بالتركية: خافيار.
اللغويون يعتقدون أن أصل الكلمة إيراني وبالتحديد من كلمة ‘تشاف- جار’ التي تعني بالعربية ‘كعك القوة’.
معلومات
تقديمه يعود للذوق الشخصي.
يؤكل مع مواد من دون ملح.
يفضل أكله مع بيض مسلوق.
لا يؤكل مع الافوكادو والزبدة.
يجب عدم طهي الكافيار.
يقدم في وجبة العشاء لأنه قوة وطاقة.
كل أسماك الحفش قديما ملك للخزانة الملكية وتعطى للعائلات.
قيمة كافيار 2800 سعرة حرارية، منشط جنسي فعال.
كافيار محاط بروسيا، إيران، كازاخستان، أذربيجان وتركمانستان.
اكثر الدول المستوردة للكافيار الايراني: ألمانيا- فرنسا- إسبانيا- بلجيكا- سويسرا- أميركا- اليابان- الإمارات.
العرب نشروا الكافيار في بلاد أخرى حين دخلوا صقلية، ونقلوه الى فرنسا.
ومسرحية شكسبير لم تعجب الملايين كالكافيار عند العامة.
طاهي البابا بيومس الخامس يقول: يقدم على شرائح ساخنة من الخبز المحمص مع حساء الباذنجان والفلفل البارد الحلو.