متابعات(ضوء): مشاهد المدخنات في الأماكن العامة في مكة المكرمة أصبحت من المشاهد المألوفة،
وفي الوقت الذي تعتبر فيه الطالبات أن التدخين نوع من البرستيج، هناك أمهات يدخن الشيشة مع بناتهن.
«رؤى» التقت مجموعة من الفتيات المدخنات، وسألتهن عن الأسباب التي تدفعهن للتدخين، وعن نظرة الناس للفتاة وهي تمسك بالسيجارة، فأكدن أن التدخين يمنحهن نوعاً من التميز بين زميلاتهن.
في البداية التقينا بعائلة أم شوق، هي وبناتها مدخنات وأكدن أنه ليس هناك دوافع تجعلهن مدخنات سوى التعود على التدخين والشيشة منذ الصغر. تقول الأم بأنها كانت تدخن قبل زواجها، ولازالت هذه العادة بعد الزواج حتى أصبحت تدخن أمام زوجها.
وتضيف: بعد ذلك حاولت أن أمتنع عن التدخين وأتوقف عنه بهدف تربية ورعاية ابنتنا الأولى، لكنني لم أستطع، لأنني كلما أتى زوجي ورأيته يدخن أمامي يأتيني الشوق والرغبة في التدخين وسرعان ما أخذ السيجارة وأدخن.
تدخين بالوراثة
تقول ابنتها أمل: أنا الابنة الكبرى في المنزل، وكنت أرى أمي وأبي يدخنان منذ صغري، وذلك بالتأكيد ما جعل السيجارة أو «بكت» الدخان شيئاً عادياً، خاصة أن أمي في بعض الأحيان حينما أرافقها في التسوق تشتري الدخان أمامي، حتى بدأت أخرج مع زميلاتي وأمهاتهن زميلات أيضاً لأمي وجميعهن مدخنات لشراء السجائر، وحينما اكتشفت ذلك أمي لم تقل شيئاً سوى أنها نصحتني بالنوع الخفيف من السيجارة وألا أكثر منه وكانت تقول لي بأنه مضر للصحة.
حالات الإحباط
وتردف ابنتها الأخرى منيرة قائلة: لعل الكيف هو الدافع الأكبر الذي يجعل الفتاة كثيراً ما تفكر وتلجأ للتدخين بكثرة، والهموم والحالات التي تمر بها الفتاة من التفكير في المجهول أو حالات الحب الضائع هي أيضاً من الدوافع لتدخين الفتاة، ولا ننسى البرستيج، فهناك الكثير من الفتيات، خاصة فتيات المرحلة المتوسطة لا يعرفن عن التدخين شيئاً غير أن السيجارة تمنحهن – حسب اعتقادهن – مكانة بين زميلاتهن.
الرفقة السيئة
ترى حياة حميلي، بأنه ليس هناك أي دافع يجعلها تدخن السيجارة المميتة, حيث تقول: لا أدري ما الذي يجعل الفتيات المدخنات يدخن، وهناك منهن من تدخن ما لا يدخنه أي رجل لقوة مكونات السيجارة، وهذه المشكلة يجب أن تُعالج وتضع لها ضوابط مناسبة لكي لا يذهب كل أفراد المجتمع بسبب ذلك اللعين «الدخان».
الأسباب قد تكون من الرفقة السيئة والزمالة المدرسية التي أودت بحياة الكثير من الفتيات، خاصة في المرحلة الثانوية، أو أن الوالدين مدخنان ويقومان بذلك أمام الأبناء أو حتى أحدهما، وتلك هي المصيبة العظمى حينما يتعلم الطفل شيئاً من والديه يصعب عليه تكذيبه أو نسيانه أو حتى تركه، وذلك لأن الأبوين هما الأقرب إليه، ولا يمكن التخيل بأن ما تعلمه الطفل من والديه أو أحدهما هو ضار لصحته وقد يهدد حياته يوماً، ويجب على الآباء إصلاح أنفسهم وتنظيفها من السموم القاتلة أولاً ثم محاولة توعية الأبناء المدخنين.
نظرات حاقدة
الفتاة هدايا، تقول: حتى التدخين «بتحرمونه»..! لماذا كل هذه الاستفهامات على الفتاة المدخنة والنظرات الحاقدة علينا كفتيات مدخنات؟ ونحن لم نقم بشيء غريب أو جديد على المجتمع، فالأمهات المدخنات ألم يكنّ يوماً فتيات.
وحين سألناها عن مصادر السيجارة للفتيات تقول: الفتاة تشتري الدخان مثلها مثل أي مدخن أو أم مدخنة ومن أي مكان وهو أمر عادي لدى الكثير من الناس.
سألناها عن الدوافع التي تجعلها تدخن فأجابت: إن سألتك عن الدوافع التي تجعل الشاب يدخن ستقول لي بأنه يدخن للاسترخاء وتهدئة الأعصاب وللتفكير بعمق تماماً مثل الفتاة المدخنة، فهي لها عقل ولها خواطر ولها أعمال يجب التفكير لها بعقلانية واسعة وتفكير باسترخاء.
تركت التدخين
وتروي لنا المعلمة مريم حنو، قصة سبب تركها التدخين وتقول: كنت دائماً في المدرسة أقوم بجولات تفتيشية بأمر من الإدارة على الطالبات وتقييم سلوكياتهن وحركاتهن وتوعيتهن في الكثير من الأمور، وكنت يوماً قد ألقيت كلمة عن التدخين ومخاطره على الجسد والصحة عامة، مع العلم بأنني مدخنة ولكن في منزلي أو في مكانٍ بعيد عن الأنظار، لكنني حين كنت في أحد الكازينوهات الخاصة وكان الجميع يدخن «ويُشيشن» لم أشعر حينما قمت بأخذ السيجارة والتدخين وأخذت «لي الشيشة» وبدأت أشفط الهواء، إذ بفتاة تأتي وتناديني باسمي وتقول لي بأنها طالبة من طالباتي بالمدرسة التي أدرس فيها وهي في المرحلة الثانوية، وذكرتني بالأيام التي كنت أنصحهن وأراقب سلوكياتهن والمحاضرات التي كنت ألقيها عن السموم والتدخين، وبعد عودتي للمنزل قررت ترك كل ما كنت أفعله وبدأت بمعالجة نفسي، بدءا بالقلب «فإذا صلح القلب صلح الجسد كله».
أعمال سلبية
يقول الشيخ زكريا هارون، معلم تربية إسلامية، بأن ظاهرة التدخين لدى الفتيات تعد من أخطر الأعمال السلبية لجسد الإنسان، وهي بالتأكيد فيها الكثير من الضرر ليس على جسد الفتاة فحسب بل على المال، والعقل، والنفس، ولها من التأثيرات في الأبناء وشخصياتهم، كما أنها محرمة شرعاً، وقد أجمع العلماء على تحريم السيجارة أو التدخين بصفة عامة، وقد قال الله تعالى في ذلك: *}أحلت لكم الطيبات وحرمت عليكم الخبائث_.
ويجب علينا كأولياء أمور أن نقوم بمناصحة الفتيات المدخنات والشباب المدخنين في أي مكان بالطرق المناسبة، وعلى المسؤولين في المدارس وأماكن تجمع الفتيات وضع برامج بديلة في شغل أوقات الفتيات حتى لا يكن بمفردهن في تلك الأماكن مثل المجمعات التجارية مثلاً، أو في دورات المياه ولابد من وجود خادمة أو مسؤولة عن المرفق، وفي المنتزهات أيضاً يكون هناك تواجد أمني خاص في الأماكن المنعزلة التي قد يستخدمنها الفتيات لتدخين السيجارة.
من جانبه أكد الشيخ الأستاذ صالح العباد المشرف على فرع الجمعية الخيرية لمكافحة التدخين بالمنطقة الشرقية انه (لا توجد احصاءات دقيقة لدى الجمعية بعدد المدخنات في المنطقة الشرقية، وللأسف انه لا يوجد اقبال من قبل المدخنات للاقلاع عن التدخن عن طريق الجمعية، على العلم بأننا عقدنا العديد من الدورات الا ان نسبة الاقبال عليها من السيدات تكاد تكون معدومة ونحن بصدد تخصيص قسم خاصاً في الفترة القادمة يكون خاص بالسيدات لوجود حاجة لذلك، الا انني احب ان اشير إلى ان نسبة عدد المدخنات للاسف الشديد هي في ازدياد ومن المؤسف وجود اماكن مهيأة لتدخين السيدات وذلك في المطاعم والمقاهي النسائية المنتشرة في المنطقة).
وأما الأخصائية الاجتماعية فوزية الهاني فتجد في ظاهرة التدخين لدى السيدات والمراهقات خاصة طريقة للتعبير عن رفضهن لفكر معين لدى المجتمع وتقول (فالفتاة التي تدخن تعتقد انها بذلك تتساوى مع الرجل في حال مارست نفس تصرفاته.
فالتدخين هو متنفسها للهروب من وضع معين اما بالنسبة للمراهقة التي تدخن فهي تحاول اثبات وجودها من خلال عدد من الممارسات التي تعتقد انها ستلفت الانتباه اليها.