إدمان الأبناء على الألعاب الإلكترونية والأنترنت
14-07-2009 منقول عن – لها أون لاين-
يعاني كثير من الأسر في فترة الإجازات الصيفية من زيادة تعلق الأبناءبأجهزة الحاسوب والانترنت والألعاب الالكترونية، مما يجعل أولياء الأموريعيشون قلق إدمان أبنائهم على تلك التقنية لاسيما صغار السن ونخص بالذكرمن تراوح أعمارهم بين (8 و13) عاماً.
هذاما أكدته أعداد متزايدة من الأمهات اللاتي يعانين من بقاء صغارهم لساعاتطويلة أمام أجهزتهم، ولا يمتلك أولياء الأمور وسيلة لتحجيم هذا الإدمان فيظل غياب البدائل المناسبة.
فماذا يقول أصحاب التخصص عن هذه المشكلة؟ وما الحلول المناسبة المتاحة؟ وكيف يمكن الوقوف على فوائد التقنية دون المرور بالسلبيات؟.
الصحفيةهدى السالم بجريدة الرياض أجرت هذا الحوار مع الأستاذة وفاء بنت سليمان الطجل المتخصصة والمدربة في رياض الأطفال، التي ترى أن الالكترونيات أصبحلها دور رئيس في جميع تعاملاتنا اليومية وأن قدرتنا على منعها، أو الحد مناستخدامها أصبحا أمراً صعباً.
وتضيف قائلة: «الأمر يشكل هاجساً لدى المربين بين مدى الضرر والفائدة، خاصة إذاوصل الاستخدام إلى حد الإدمان والملازمة، ولنتفق أولا على أن الالكتروني اتهي كل ما يتعامل معه الطفل من حاسوب وألعاب الكترونية محمولة أو على شبكةالانترنت والجوال وغيرها، والتي تؤثر سلباً في صحة الطفل حسب دراسات أثبت تإصابة كثير من الأطفال بآلام وإعاقات في الرقبة والظهر بسبب طريقة جلوسهم غير الصحيحة أمام شاشات الألعاب الالكترونية والحاسوب، كما أن كثرة حركةالأصابع على لوحة المفاتيح تسبب أضرارا بالغة للإبهام ومفصل الرسغ نتيجة لثنيها بصورة مستمرة، كما تسبب الومضات الضوئية المنبعثة من تلك الشاشاتنوعاً نادرا من الصرع، إضافة إلى تأثر أعين الأطفال، فالحركة السريعة للعينين التي يقوم بها الطفل في أثناء استخدامه الألعاب الالكترونية تجهدهما وتؤدي إلى احمرارهما، والشعور بالجفاف الشديد، وأحياناً الالتهاب وهذا ما يؤدي إلى الشعور بالصداع، إضافة إلى ذلك سجلت الإحصاءات ارتفاعاشديدا في البدانة لدى الأطفال وما يصاحبه من أمراض مثل السكري بسببالعادات الغذائية السيئة، التي يكتسبها الطفل، فهو إما أن تزداد بدانتهوإما يزداد ضعفه بسبب قلة الحركة واعتماده على المأكولات السريعة، ورفضهالانضمام إلى أسرته أثناء الوجبات الرئيسة
وحصوله على الغذاء المناسب له ».
الآثار السلوكية
وفيما يخص الآثار السلوكية ذكرت الأستاذة الطجل أن الألعاب الالكترونية تنمى في عقول الأطفال قدرات ومهارات تعتمد على العنف والعدوان، وتقتل الشعوربالذنب، أو بتأنيب الضمير لديهم، وتزيد الأفكار والسلوكيات العدوانية بسبب اعتماد نسبة كبيرة من الألعاب على إيذاء الآخرين والاعتداء عليهم وعلىم متلكاتهم من دون وجه حق.
وأضافت«وغالباً ما تكون هذه الألعاب أكثر ضرراً من أفلام العنف التي قد يشاهدهاالطفل على التلفاز؛ لأن الأطفال غالباً ما يتفاعلون مع شخصياتهاالعدوانية، فيظهر ذلك على سلوكهم إضافة إلى ما تدعو إليه بعض هذه الألعابمن الرذيلة والأفكار الإباحية، التي تفسد عقول الأطفال والمراهقين، والقيم والتعاليم الدينية التي نشأ عليها أبناؤنا، وقد لوحظ على كثير من الأطفال التعلق الزائد بهذه الألعاب، وهذا ما أدى إلى ضعف التحصيل الدراسي وظهوراضطرابات التعلم مثل تشتت الانتباه، وقد يصل الأمر إلى الهروب من المدرسةفي أثناء اليوم الدراسي، أو التمسك بحجج مفتعلة للتهرب من الذهاب إلىالمدرسة، إضافة إلى انتشار ظاهرة العزلة الاجتماعية والتوتر وضعف العزيمةوعدم قدرة الطفل على التحكم في إرادته، كما أصبح ارتفاع أسعار الألعابالإلكترونية يشكل عبئاً على دخل الأسرة أمام إصرار الطفل على اقتنائها».
كما قالت:«إن هناك آثارا سلبية تكون أكثر خطورة خاصة مع تحولها في بعض الحالاتمن مجرد وسيلة لقضاء وقت الفراغ إلى حالة إدمان، فالأمر في البداية يكونلمجرد اللعب فقط والتسلية، ثم تبدأ العوامل السلبية في الظهور، بداية منالانعزال عن الحياة الاجتماعية وانقطاع الحوار بين الطفل ومن حولهوالاتجاه للخيال، لدرجة أن حالات إدمان الألعاب أصبحت أحد فروع الطبالنفسي الحديث، وأصبحت العيادات تستقبل كثيرا ممن هم أقل من 17 عاما،ولمواجهة ذلك على الأهل مراقبة أوقات لعب أطفالهم منذ مراحل عمرية مبكرةحتى لا تتفاقم المشكلة ويصعب علاجها فيما بعد».
آثار إيجابية
أكدت الأستاذة وفاء أن لتلك الألعاب جانباً إيجابياً أيضاً، من ناحية تنميةالقدرات العقلية والخيال والإبداع لدى الأطفال وتزويدهم بالمعلوماتالمفيدة، وزيادة إدراكهم وتنمية مهارات التواصل لديهم، وتفيد أن بعض خبراءالتربية يفضلون استخدام الطفل للأجهزة الحاسوبية على مشاهدة التلفزيونالذي يكون فيه مستقبلاً سلبياً فقط، إضافة إلى أن وسائل الإعلام وشبكةالانترنت معاً لهما دور كبير في إكساب الطفل تراكيب لغوية جديدة؛ لماتختلط من العامية والفصحى واللغات الأخرى، مما يتراكم عشوائيا في ذاكرةالطفل ويساهم في توليد لغة جديدة تشكل نقطة تحول في شخصيته.
كيف يدمن الأطفال؟
قالتالأستاذة وفاء: «يتأثر الطفل بكل ما يراه، خاصة في المراحل العمريةالمبكرة حيث تمر أمامه صور الألعاب الالكترونية وأحداثها، وهي تعمل علىمخاطبة عقله الباطني، عن طريق بناء الألفة معه، فيتشبع بما تنقله منسلوكيات ورسائل سلبية ويعتاد عليها، وتصبح مألوفة لديه حتى لو كانت تعبرعن أشياء مخالفة لما تربى عليه من قيم وتعاليم، علماً أن بعض هذه الألعابيعمل علي تدمير العقائد الدينية وتشترط على الطفل القيام بأفعال تنافيالتوحيد، مثل السجود لبعض شخصيات الألعاب، أو ارتكاب سلوكيات تخالفالقانون، وهنا لا يستطيع الطفل منعها أو الاعتراض عليها، فهو في أثناءاللعب يشعر بالحماس والتأثر والاندماج في اللعبة فيعيش معها ويرتكز تفكيرهفي الفوز وتحقيق الهدف، ثم تنتقل هذه الصور فيما بعد إلى عقله الواعيوتصبح من سلوكه المألوف، وهنا يقف الأب مستغربا عن كيفية اكتساب ابنه لهذهالسلوكيات السلبية والمفاهيم الخاطئة».
كيف نكتشف إدمان الطفل؟
قالت الطجل: «لا يعني انشغال الطفل بالتصفح في المواقع التي يسمح له بالدخولإليها، أو ممارسته لبعض الألعاب انه أصبح مدمناً، أو يستدعى ذلك خوفالمربي الشديد إلى حد الوسوسة والدخول في صراعات مع طفله، لكن هناك بعضالدلائل التي تدعو الوالدين إلى الانتباه واتخاذ الإجراءات اللازمة منها(لجوؤه إلى الكذب لتبرير جلوسه الطويل على الحاسب، أو على الألعاب على انهاحد أشكال المعرفة، أو النشاط الاجتماعي المفيد، عزوفه عن مشاركته الأسرةفي الأنشطة والاهتمامات الأسرية، صعوبة التوقف عن استخدام الألعاب، أوالشبكة حتى إذا أصابه التعب، أو النعاس، تأثر أوقات نومه وطعامه وتحصيلهالدراسي بشكل سلبي، حدوث مشكلات أسرية وانزعاجه الشديد إذا منع عنها،إهمال النظافة الشخصية، إنفاق كل مصروفة في شراء الأجهزة والألعابالالكترونية).
دور الوالدين
قالتوفاء: «من الطبيعي أن تستهوي الطفل ألعاب الكمبيوتر والتصفح على الشبكةالالكترونية، خاصة أنه لا يفضل أن يظهر الجهل أمام رفاقه، كما أن الفضولالذي تتمتع به طبيعة الطفل يدفعه إلى التجربة لمعرفة كل شيء حول هذا، وأرىأن من أهم الأمور التي على الوالدين تطبيقها لحماية أطفالهم من التعلق بالأجهزة الحاسوبية، وضع برامج الحماية، والتشفير على الجهاز قبل السماحللطفل باستخدامه، وإشراك الطفل في وضع قوانين وضوابط للاستخدام، حتى يسهلعليه تطبيقها والتزامها والمرونة والتدرج في تنفيذها، وإقناعه أن ذلك منأجل مصلحته، والتزام الثبات والاستمرارية في تطبيق الضوابط بحزم، حتى تؤديفعاليتها، ثم اللجوء إلى التشجيع عند الانضباط والمعاقبة عند عدم التطبيق،ترسيخ المفاهيم الدينية والتربوية الواعية في نفس الطفل منذ الصغر، حتىيتكون لديه رادعاً ذاتياً يمنعه من استغلال هذه التقنية في إيذاء الآخرين،أو مخالفة القانون، أو الإطلاع على مواقع غير أخلاقية، الحرص على الانضمامإلى دورات تعلم الوالدين استخدام الجهاز حتى يتمكنا من تعليم أطفالهماوتوجيههما ومراقبتهما، حتى لا يكون الطفل هو المتحكم في هذه الأداة، تثقيف الطفل وتوعيته حول مخاطر استخدام شبكة الانترنت، والدخول في غرف (الدردشة) مع غرباء، وأن يبلغ والديه أو أحد البالغين من حوله في حالة تعرضه لأي شيءغير مريح، المراقبة والمتابعة المستمرة من دون إشعار الطفل بذلك ومن دون منعه، علماً أن وضع الجهاز في مكان عام بالمنزل (كغرفة الجلوس) يساعد الأبعلى المراقبة والمتابعة علماً أن الرقابة المشددة التي يفرضها بعض الآباءعلى أبنائهم، تدفعهم إلى إخفاء كثير من أنشطتهم والمواقع التي يدخلونها،ويجب تنبيه الطفل بعدم إدلاء أي معلومات شخصية عن اسمه، أو عنوانه، أوممتلكاته، أو تبادل صور، فقد يقع تحت سيطرة من يقوم بدور الصديق، أو شخصيعرفه فيتعرض بذلك لحوادث الاختطاف والابتزاز، فليس كل ما يشاهده أو يقرؤهيكون حقيقياً، كما يجب تشجيع الطفل على عدم الانشغال بالحاسوب لفترةطويلة، وحثه على أداء واجباته الأساسية مثل: الصلاة في أوقاتها، والدراسة،وأخذ فترات من الراحة لممارسة القليل من الرياضة، ثم العودة للجهاز مرةأخرى، وأنصح الأب بمشاركة الطفل في البحث عن مواقع على الشبكة تتضمن ألعابوموضوعات تناسب احتياجاتهما وهواياتهما في نفس الوقت، واقتراحها عليهبطريق غير مباشر حتى لا يشعر بأنها مفروضة عليه مثل: تكليف الطفل فوق 10سنوات بمساعدة والده في البحث عن معلومة، أو موضوع معين يحتاجه، كما يمكن اقتراح مسابقات وأنشطة متنوعة يقوم بها أفراد الأسرة، ووضع وقت معين لإنجازها، مثل البحث عن أفضل عمل فني، أو أغرب الأخبار وأحدثها، وغيرهامما تقترحه الأسرة، ووضع مكافأة تشجيعية لأفضل عمل». وختمت وفاء الطجل حديثها قائلة: «من الصعب على الوالدين منع أطفالهم من مواكبة تقنيات عصرهممع غزو العالم الالكتروني، لكن أنصح بالتوازن والحكمة فيما يسمحون به وفيما يمنعون أطفالهم عنه، واتخاذ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» نبراساً لهم مع تأهيل الأطفال بكل ما يستطيعون لمواجهة تحديات عصرهم بقوة وثبات.