في مشهد يليق بالحكايات والأساطير أعلن الرئيس الإيراني «أحمدي نجاد» أنه علي اتصال مباشر بالمهدي المنتظر، وأن كل شئون الدولة الإيرانية يُسيّرها المهدي وما نجاد إلا منفذ لأوامره المقدسة، بل صرح بأنه قد رأي نور المهدي أثناء خطابة في مؤتمر دربن في جنيف، ويؤكد العديد من قيادات الحرس الثوري الإيراني أنهم ملهمون من قبل المهدي ويتبعون أوامره مباشرة.
تلك البداية السياسية هي الأساس في بناء فكرة المهدي المنتظر في المذهب الشيعي، والحقيقة أنه لا يوجد مذهب أو دين لم يعتقد في مفهوم الخلاص علي يد موعود من سلالة مصطفاه إلهياً، ليقيم العدل وينهض لإطلاق تحول اجتماعي كاسح لاستعادة حكم الله كما تراه كل فرقة أو مذهب، أي أن التاريخ والاضطهاد السياسي الذي تعرضت له الجماعات الدينية هو المحدد للشكل الأسطوري للمهدي المنتظر، وقد عاني التشيع حالة من القمع السياسي علي مدار تاريخه، ساعد علي إطلاق الخيال لخلق شخصية ذات سمات ملحمية تحولت إلي معتقد ديني أصيل في المذهب الشيعي بمعني أن عدم الإيمان بفكرة المهدي المنتظر في التشيع يعتبر خارج الملة من وجهة نظر الشيعة.
نشأة التشيع كانت مرتبطة بأحداث سياسية منذ أحداث الفتنة الكبري ثم مقتل علي بن أبي طالب وتلاه مذبحة كربلاء التي قتل فيها الحسين بن علي، والمشاكل السياسية التي تعرض لها الأئمة في المذهب الشيعي وهم أبناء الحسين، بداية بعلي زين العابدين، وصولاً للإمام الحسن العسكري الإمام الحادي عشر، ومن هنا كانت المشكلة الرئيسية، فالحسن قد سجن إلي أن مات في السجن وذلك في القرن الثالث الهجري، وبالتالي سيزول حكم الأئمة من علي الأرض ـ في المذهب الشيعي الإثنا عشري فقد انقسم التشيع ذاته إلي عدة مذاهب فأهمهم وأكثرهم انتشاراً الذي يؤمن بوجود إثني عشر إماماً أخرهم محمد المهدي وهو المهدي المنتظر ـ فكان لابد من وجود إمام بعد موت الحسن العسكري فكان محمد بن الحسن أو محمد المهدي.وسنحاول رصد أهم الملامح الأسطورية لتلك الشخصية في المذهب الشيعي.
تروي كتب التشيع الأصيلة وهي عديدة أن ولادته كانت عجيبة للغاية، فلم يلحظ أحد أن أمه كانت حاملاً فيه، فلم تبدو عليها أي من إمارات الحمل وفي يوم ولادته هبطت الملائكة بين يدي والدته وانتشر النور بين السماء والأرض، وحينما ولد المهدي سجد لله وذكر كل أئمة التشيع بداية بعلي بن أبي طالب وصولاً له، وكان يتحدث وهو في المهد، فولادته أسطورية للغاية، وقد حافظ والده علي سر ولادته ولم يذكر عنه شيئاً إلا للمقربين فقط ومنع الناس من رؤيته حتي شيعته، خوفاً من بطش الخلفاء العباسيين به وبولده.
وكانت ولادته في ليلة النصف من شعبان كما تذكر كتب التشيع، وهو يوم عودته الذي يحتفل الشيعة به انتظاراً لعودته في كل بلاد العالم التي تحتوي نسبة من الشيعة وفي إيران.
المهم أنه بعد موت والده في السجن اختفي محمد المهدي لمدة خمس سنوات يطلق عليها التشييع الغيبة الصغري وكان في هذه الآونة طفلاً لا يتعدي الخمس سنوات، في تلك الغيبة الصغري كان علي اتصال بأربعة من المقربين يُطلق عليهم الأوصياء ينقلون علمه إلي متبعيه، فرغم صغر سنه إلا أن العلم كان يأتيه من قبل الله سبحانه مباشرة، فهو مُلهم كبقية الأئمة في التشيع، وبعد مرور الخمس سنوات يغيب المهدي في سرداب يقع في مدينة سامراء في العراق الغيبة الكبري ومازال هذا السرداب قائماً وله العديد من الزوار والمتباركين به.
والغيبة الكبري هي القائمة إلي الأن أي أن المهدي ما زال حياً فهو لن يبعث بل هو موجود ولكن لا يراه أحد، وذلك يذكرنا بموقف التراث الشعبي الديني لدي المذهب السني في شخصية العبد الصالح أو ما تم تسميته بالخضر فما زال حياً في التراث الشعبي، وستستمر غيبة المهدي إلي وقت لا يعلمه إلا الله ليعود ليقيم دولة العدل الإلهي، حتي أن الشيعة قد فسروا آيات القرآن بما يتسق وهذه النظرة، فمثلاً الآية الكريمة :«ويسألونك عن الساعة أيّان مرساها قل إنما علمها عند ربي» (الاعراف : 187 ) تُفسر في التشيع أنها ساعة ظهور المهدي وليست يوم القيامة، أي أن عودته شأن مقدس لا يسمح لغير الله التدخل فيه. وطوال فترة غيبته يظل المهدي علي علم كامل بما يحدث في العالم أجمع، وله إمكانية الظهور لكل من يصطفيه بل إن هناك العديد من المخطوطات علي مدار التاريخ المنسوبة للمهدي أنه قد كتبها بخط يده، وهذا ما قد يفسر لنا ما صرح به نجاد.
واستكمالاً للأسطورة تروي العديد من الحكايات في التشيع حول يوم ظهوره، ففيه ستتحول السماء ناراً، ويظهر يأجوج ومأجوج ويكثر الخراب والظلم إلي أن يبشر بمجيئه جبريل في المسجد الحرام وأنه سيظهر بمكة وسيأتيه الناس من كل فج لمبايعته وسيهدم كل البيوت والمساجد التي بنيت بعد عهد جده علي بن أبي طالب، خاصة التي بنيت في عهد يزيد ومعاوية بن أبي سفيان في محاولة للانتقام والأخذ بالثأر من كل الذين تسببوا بألم للأئمة، وهذا يُدخلنا في مفهوم غاية في الأهمية، فهناك فرق في المذهب الشيعي بين العودة والرجعة، العودة تخص المهدي فقط فهو سيعود من غيبته، ولكن الرجعة تخص بقية الأئمة الذين سوف يرجعون من الموت لحظة ظهور المهدي حتي يأخذوا بثأرهم ممن ظلموهم، فمثلاً حسب المرويات الشيعية سيرجع الحسين بن علي وكل الذين قُتلوا في كربلاء بل سيرجع كذلك كل المشاركين في المعركة وتقام ثانية لتحسم لصالح الحسين وآله هذه المرة، وكذلك يعود كل الأئمة السابقين ليحققوا كل انتقاماتهم التاريخية المؤجلة في المذهب الشيعي، ثم يموتون ثانية. ومن ثمّ سينطلق المهدي في حربه ضد كل من لا يؤمن بالتشيع في العالم بكل مذاهبهم وأديانهم وتكون دولته في المدينة، وسيشارك في حربه المقدسة الملائكة والجن المؤمنون أي الجن الشيعة، وبعد أن يُقيم دولة الحق والعدل ستستمر الحياة عدة سنوات في ظل حكم المهدي حتي يموت وينتشر الفساد ثانية في الأرض وتقوم القيامة، وهنا تنتهي ملحمة المهدي المنتظر في المذهب الشيعي.
ماتحسونها من حكايات الف ليله وليله هههههههههههه
اترك لكم المايك والتعليق في يدكم