** السنوات الأولى من عمر الطفل هي سنوات التشكيل والتلوين لحياته القادمة، لذا فإن تنشئة الصغار التنشئة الصحيحة والسليمة، هي أساس نجاحهم في الحياة، إضافة إلى أن نجاحهم سيكون نجاحا وصلاحا للمجتمع كله، وعبء تربية الصغار مهمة كبيرة تقع على عاتق الوالدين، اللذين يهمهما أن يؤمنوا الكثير من السعادة للأبناء، وفي الوقت نفسه أن لا تكون هذه السعادة مفسدة لهم، أو أن تكون على حساب نجاحهم في الحياة العامة أو الحياة العملية.
“كيف تنمي الانضباط الداخلي عند أطفالك”.
البداية من الداخل!
يقدم المؤلفان كتابهما على أساس أن عملية التربية والتأديب والانضباط يجب أن تأتي من داخل الفرد لا من خارجه، ويسعيان أن يرى الوالدان نفسيهما وأبناءهما بطريقة تختلف عن الطريقة التقليدية المتعارف عليها، أو التي يذكرانها من خلاصة التربية التى حصلت لهما في مبتدأ حياتهما.
يقول الكتاب إن هدف الوالدين أن ينشأ الطفل سعيدا في حياته، واثقا من نفسه، يشعر أنه مقبول ومحبوب في مجتمعه. ومن هنا فان التربية تتعلق بالطفل وشعوره، وليس بشعور الوالدين وإحساسهما، ومن هنا يجب فهم شعور الأطفال وأفكارهم وبذل الوقت الكافي لمعرفة هذا الشعور.
لتسهيل شرح وفهم فكرة الكتاب فإن المؤلفين يقدمان أفكارهما من خلال عشرة مبادئ، ويتم شرح كل مبدأ بشكل مفصل ويلحقه بحالة توضيح، بقصة أو حوار بين الصغار والكبار، مما يشوق القارئ ويزيد في وضوح الفكرة والصورة والمبدأ. ويمكن إيجاز هذه المبادئ بما يلي:
المبدأ الأول- تخلص من مشاعر طفولتك:
يقول الكتاب” ولعلك تتساءل: كيف يمكنني أن أدرك هذا الأمر الآن، وأنا بالتأكيد لا أعرف شيئا عن تفاصيل الطفولة التي عشتها.”ويثير الكاتب فكرة غاية في الأهمية، وهي أن الطفل بريء مسكين لا حول ولا قوة له، وأنه لا يعني ما يقوله، لذا فيجب على الوالدين تقمص شخصية الطفل مرة أخرى، وعندها سيدرك المربي أنه قام بدور الطفل وتعامل مع قدراته العقلية الصغيرة.
بعد أن يتعرف الوالد على مشاعره الجديدة أو ينتقل إلى الإحساس بالمشاعر الجديدة، يقدم له المؤلف سبع خطوات للتغيير.
المبدأ الثاني- العقاب ليس حلا:
يقول الكتاب” العقاب يتعارض مع بناء الثقة بين الآباء والأبناء، فإذا كان وجود الثقة المتبادلة بين الآباء والأبناء أمرا ضروريا فإن وجود العقاب أمر غير ضروري” .
“العقاب يؤدي إلى نتائج سريعة، ولكن أثره التربوي لا يعمر طويلا، وأما آثاره السلبية فتبقى في الذاكرة طويلة الأمد، وتتخندق في شخصية الطفل وتؤثر في مستقبل حياته.”
المبدأ الثالث- ناقش الأمور وخطط لها وابن عليها:
في عالم متسارع وانشغال الوالدين كثيرا عن أبنائهما لا يعفيهما من المسئولية التربوية، ويجب ترتيب الأمور بوضوح للجميع لتكون هناك خطة يضعها ويعرفها الجميع.
المبدأ الرابع- القانون هو القانون:
ينصح الكتاب الوالدين بوضع قوانين للأسرة يشترك في إعدادها ووضعها جميع أفراد الأسرة، ويقول الكتاب”إن القوانين السهلة تساعد أطفالك على فهم العالم المحيط بهم، وتجعلهم يشعرون بالأمان، ويعودهم على النظام والترتيب في حياتهم.”
المبدأ الخامس: لا تكتف بوضع الحدود:
” ان وضع الحدود والتعليمات الواضحة تغنيك عن الصراخ وكثرة الكلام، وتكرار النصائح، ويحدد الكتاب ضرورة توضيح خرائط السلوك المقبول والسلوك السيئ، وتحديد ما يجوز عمله ومالا يجوز، وتناقش هذه الحدود مع أفراد الأسرة ليحترمها ويسير على هداها الجميع.
المبدأ السادس: اكتب الاتفاقات العائلية:
ان كتابة الاتفاقات العائلية تساعد في أشعار الأطفال بأهميتهم، وقد تبدو في البداية كأنها لعبة، ولكن عند التطبيق تتضح معانيها، ويجب الالتزام بها من الجميع ويجب أن يحرص الوالدان على أن لا يخلا بما التزما به، وهنا يتعود الطفل على أن هذا الأمر يحترمه الجميع ويتعلمون الوفاء بالعهد.
يتميز هذا الكتاب بأنه يقدم اتفاقية مثالية تم إعدادها من قبل عائلة حرصت على تنفيذ هذا المبدأ، ومنها يرى القارئ أنها فعلا مفيدة إلى مالا يمكن تصوره.
المبدأ السابع- كن على استعداد للتنازل:
عند وضع القوانين، يجب الالتزام بها، ولكن لا يعنى الوقوف عندها مهما كانت الظروف، فإن الوالدين يجب أن تكون لديهما المرونة للتعديل حسب مصلحة الجميع وإصلاح الصغير بالذات، فإن التنازل هنا لا يعني كسر النظام ولكنه يعني التعديل.
هناك نظرية تربوية هامة تقول إن الأطفال يتعلمون من المشاهدة أكثر مما يتعلمون من القول، لذا فعندما يلتزم الأب بوعوده يدرك الصغار أهمية ذلك، ولكن لو قال لهم إنه من الواجب احترام الوعود، فإن الصغار لا يلقون لهذا الأمر بالا.
المبدأ الثامن- المناقشة:
يتصور بعض الوالدين أن فتح باب المناقشات مع أبنائهم يفتح مجالا للجدال، ويفتح مجالا للتهرب من الأعمال، ولا يستطيع الآباء فرض سيطرتهم على الأبناء، ولكن الكتاب يقول عكس ذلك، بل أن النجاح سيكون حليف الوالدين، وسيكون الأبناء أكثر سعادة وقبولا لكل نتائج النقاش.
المبدأ التاسع- ليربح أطفالك المعركة واربح الحرب:
اجعل أبناءك يشعرون بأنهم محبوبون ومحترمون، وأنهم موضع ثقتك، لا تكن حرفيا معهم، اجعلهم يربحون المعركة ويحققون ما يريدون من تغيير موعد النوم، أو اختيار الملابس أو طريقة تمشيط شعرهم. وعليك أن تكسب الحرب بأن تعلمهم تحمل المسئولية ،وأن يحافظوا على عهودهم ووعودهم.
المبدأ العاشر- القاعدة الذهبية:
إن القاعدة الذهبية هي معرفة الله وخشيته في الأمور كلها، لذا فيجب ان تقوم التربية بخلق هذا الوازع في النفس الطرية، لتنشأ على مبدأ الإحسان وهو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، هنا تتم الرقابة الذاتية، وإحسان العمل قولا وعملا وضميرا.
ومن هذه المبادئ العشرة نرى أهمية خاصة لهذا الكتاب لكل مربٍ وكل أسرة لديها صغار في طور النمو والكبر. فهو دليل لتربية جيل على معالجة الحياة معالجة حكيمة وناجحة
منقول بتصرف من:كتاب: كيف تنمي الانضباط الداخلي عند الأطفال
**اسم المؤلف: د.إبراهيم بن أحمد الحارثي والدكتور محمد سعيد دباس
الناشر: مكتبة الشقري الرياض طبعة أولى 2001م