لعواقب الإهمال العاطفي من جانب الأم لطفلها، يسبب التخلف العقلي، والتأخر الدراسي، وسوء التغذية والأنيميا، وقصر القامة، وسقوط الشعر، وبطء النمو، والسلوكيات العدوانية، والوقوع في الإدمان علاوة على المشاكل الاجتماعية الأخرى.
كما أن الأمومة غريزة أقوى من غريزة الحب نفسه، وذلك أن لها كيمياء خاصة، تبدأ تغلغلها في جسم الأم مع بداية الحمل وتكوين الجنين، فالجنين الذي يشعر بالحب في بطن أمه، ينمو ويكبر بشكل طبيعي، والمحروم منه تغمره ما يسميه بـ”كيمياء الغضب” من الأم فيقل نموه ولربما مات في المهد.
أن ضربات قلب الأم تمثل إيقاعات طبيعية حالمة، يستمتع بها الجنين طوال فترة الحمل، وتعد هذه الضربات أساس استمراره في الحياة، ولو توقفت لثوان لتهددت حياته، مؤكدا أن توفير الجو الهادئ للأم الحامل هام للجنين، وعند بدء خروج الطفل من رحمها في عملية الوضع يصطدم الوليد بعالم غريب بارد الحرارة، ينذره بفقدان حرارة الالتصاق بالأم، فيصرخ رافضا العالم الجديد، وهذا ما يبرر صراخ حديثي الولادة.
أن وضع الوليد بسرعة على صدر أمه فورإتمام عملية الولادة و قطع الحبل السري الذي يربطه بها يحقق عدة فوائد، حيث يتأكد أنه مازال حيا، والدليل سماعه ضربات قلب الأم التي يحفظها و يستطيع أن يميزها بمهارة كبصمة خاصة للحياة، وأنه عاد ليستمتع بدفء الالتصاق بها من جديد، وكلما التصق بأمه يتأكد أنه مازال حيا فيقبل على الحياة.
أن الرضاعة الطبيعية هي أسمى أنواع الحب الذي يوهب الحياة، وأن هناك علاقة سامية بين الأم وأبنائها، وأن إشباع حاجة الأطفال من الحب يساعدهم على أن يشبوا أفرادا أسوياء، لافتا إلى أن الأبحاث العلمية المنشورة على شبكة الانترنت العالمية أوضحت أهمية احتضان المولود بعد ولادته مباشرة، حيث يكسبه حضن الأم الدفيء مظلة من الهدوء والطمأنينة تمتد لسنتين.
كما قسم الأمومة إلى نوعين؛ أمومة بيولوجية وأمومة نفسية، فالأمومة البيولوجية تتمثل في عملية الحمل والوضع والرضاعة، فيما توصف عملية التربية والرعاية والحب بالأمومة النفسية، وهى ضرورية للنمو الصحي السليم للأبناء ولتنمية ذكائهم وتعليمهم اللغة وإرضاعهم ثقافة المجتمع، ومن هنا يتضح الدور العظيم الذي تلعبه الأم في تغذية نفس ووجدان الإنسان.
أن الأمومة النفسية تؤدى إلى إفراز هرمون الأوكسيتوسين المعروف باسم هرمون العناق، وهو الذي يدفع الإنسان ليحتضن من يحب، ويساعد في إدرار اللبن من ثدي الأم، ويساعد الناس على تنمية المشاعر الودية والحب والعطف على الآخرين، وكذلك هرمون البرولاكتين الذي يحفز الغدد الثديية على إنتاج لبن الرضاعة الطبيعي.
أن الحضن الدافيء هو أرخص دواء لعلاج قلق الأطفال، كما أن العلاج باللمس يرفع المناعة ويمكن استخدامه لعلاج القلق والاكتئاب والألم، ويساعد المواليد المبتسرين على النمو والحياة ويزيد من ذكاء الأطفال.
مشيرا إلى أن الاحتضان العائلي الودود للطفل هو أرقى أنواع اللمس، فهو يكسب الشعور بالأمان والإحساس بالدفيء ويزيد الثقة بالنفس، ويغرس الشعور بالانتماء، ويقلل من التوتر، ويزيل القلق ويساعد الطفل على النوم.
وعلى عكس ذلك يؤكد أن الإهمال والكبت العاطفي للأطفال يسبب لهم التوتر، ويزيد من معدلات إصابتهم بالأزمات التنفسية، علاوة على شدة النوبات المتكررة، خاصة تلك التي يعانى منها الأطفال المصابون بحساسية الصدر، مدللا على ذلك أن 16% من المراهقين المصابين بحساسية الشعب الهوائية يعانون من التوتر أو الاكتئاب، مقارنة مع 9% من المراهقين الطبيعيين