التحذيـــر من البدعــه …



السلام عليكم ورحمــة الله وبركآته

وورد في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديثُ عديدة تدلُّ على الترغيب في اتِّباع السنن والتحذير من البدع، وتبين خطرَها، منها:
1 ـ قولـه صلى الله عليه وسلم:(( مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ )) رواه البخاري (2697) ومسلم (1718)، وفي لفظ لمسلم: (( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ))، وهذه الرواية عند مسلم أعمُّ من الرواية الأخرى؛ لأنَّها تشمل مَن أحدث البدعة ومَن تابَعَ مَن أحدثها، وهو دليل على أحد شرطي قبول العمل، وهو اتِّباع الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ لأنَّ كلَّ عمل يُتقرَّب به إلى الله لا يكون مقبولاً عند الله إلاَّ إذا توفَّر فيه شرطان:


أحدهما: تجريد الإخلاص لله وحده، وهو مقتضى شهادة أن لا إله إلاَّ الله.
والثاني: تجريد المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو مقتضى شهادة أنَّ محمداً رسول الله، قال الفضيل بن عياض كما في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (18/250) في قوله تعالى: ((لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)) : (( أخلصُه وأصوَبُه، قال: فإنَّ العملَ إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يُقبل، وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يُقبل، حتى يكون خالصاً صواباً، والخالص أن يكون لله، والصواب أن يكون على السنَّة ))، وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ((فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)) قال: ((فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً)) أي: ما كان موافقاً لشرع الله، ((وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)) وهو الذي يُراد به وجه الله وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبَّل، لا بدَّ أن يكون خالصاً لله صواباً على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم )).
2 ـ وقال العرباض بن سارية رضي الله عنه : (( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظةً بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، قال قائل: يا رسول الله! كأنَّ هذه موعظة مودِّع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي، فإنَّه مَن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء المهديِّين الراشدين، تَمسَّكوا بها وعضُّوا عليها بالنواجذ، وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كلَّ محدثة بدعة، وكلَّ بدعة ضلالة )) رواه أبو داود (4607) ـ وهذا لفظه ـ والترمذي (2676)، وابن ماجه (43 ـ 44)، وقال الترمذي: (( حديث حسن صحيح )).
فقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن حصول الاختلاف قريباً من زمنه صلى الله عليه وسلم ، وأنَّه يكون كثيراً، وأنَّ مَن عاش من أصحابه يرى ذلك، ثم أرشد إلى ما فيه العصمة والسلامة، وهو اتِّباع سنَّته وسنَّة الخلفاء الراشدين وترك البدع ومحدثات الأمور، فرغَّب في السنَّة وحثَّ عليها بقوله: (( فعليكم بسنَّتي وسنَّة الخلفاء المهديين الراشدين ))، ورهَّب من البدع والمحدثات بقوله: (( وإيَّاكم ومحدثات الأمور؛ فإنَّ كلَّ محدثة بدعة وكلَّ بدعة ضلالة )).
3 ـ وروى مسلم في صحيحه (867) عن جابر ابن عبد الله أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خطب يوم الجمعة قال: (( أمَّا بعد، فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكلَّ بدعة ضلالة )).
4 ـ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( فمَن رغب عن سنَّتي فليس منِّي )) رواه البخاري (5063) ومسلم (1401).
5 ـ وقال صلى الله عليه وسلم : (( يا أيُّها الناس! إنِّي تركتُ فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلُّوا أبداً، كتاب الله وسنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم ))، وقال: (( إنِّي قد تركتُ فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما، كتاب الله وسنَّتي )) رواهما الحاكم (1/93)، وفي صحيح مسلم (1218) حديث جابر الطويل في حجة الوداع قوله صلى الله عليه وسلم : (( وقد تركتُ فيكم ما لن تضلُّوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله، وأنتم تُسألون عنِّي، فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنَّك قد بلَّغتَ وأدَّيتَ ونصحتَ، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللَّهمَّ اشهد! اللَّهمَّ اشهد! ثلاث مرات )).
6 ـ وروى البخاري في صحيحه (7280) عن أبي هريرة: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( كلُّ أمَّتي يدخلون الجنَّة إلاَّ من أبى، قالوا: يا رسول الله! ومَن يأبى؟ قال: مَن أطاعني دخل الجنَّة، ومَن عصاني فقد أبى )).
7 ـ وروى البخاري (7288) ومسلم (1337) ـ وهذا لفظه ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( ما نهيتُكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتُكم به فافعلوا منه ما استطعتم؛ فإنَّما أهلك الذين من قبلكم كثرةُ مسائلهم واختلافهم على أنبيائهم )).
8 ـ وقال صلى الله عليه وسلم : (( لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواه تَبَعاً لِما جئتُ به )) صححه النووي في الأربعين من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وقال الحافظ في الفتح (13/289):
(( وأخرج البيهقي في المدخل وابن عبد البر في بيان العلم عن جماعة من التابعين، كالحسن وابن سيرين وشريح والشعبي والنخعي بأسانيد جياد ذم القول بالرأي المجرَّد، ويجمع ذلك كلَّه حديثُ أبي هريرة (لا يؤمن أحدُكم حتى يكون هواه تبَعاً لِما جئتُ به)، أخرجه الحسن بن سفيان وغيره، ورجاله ثقات، وقد صححه النووي في آخر الأربعين )).
9 ـ وروى البخاري (1597) ومسلم (1270) أنَّ عمر رضي الله عنه جاء إلى الحجر الأسود وقبًَّله، وقال: (( إنِّي أعلمُ أنَّك حجرٌ لا تضرُّ ولا تنفع، ولولا أنِّي رأيتُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يُقبِّلك ما قبَّلتُك )).
10 ـ وروى مسلم (2674) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( مَن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومَن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام مَن تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً )).
وكما وردت نصوصُ الكتاب والسنَّة في الترغيب في اتِّباع السنن والتحذير من البدع، فقد جاءت آثارٌ كثيرة عن سلف هذه الأمَّة المتَّبعين للكتاب والسنَّة من الصحابة والتابعين ومَن بعدهم، فيها الحثُّ على اتِّباع السنَّة والتحذير من البدع وبيان خطرها، ومن ذلك:




1 ـ قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (( اتِّبعوا ولا تبتدعوا؛ فقد كُفيتُم )) رواه الدارمي (211).
2 ـ قال عثمان بن حاضر: (( دخلتُ على ابن عباس، فقلت: أوصني، فقال: نعم! عليك بتقوى الله والاستقامة، اتَّبع ولا تبتدع )) رواه الدارمي (141).
3 ـ قال عبد الله بن مسعود: (( مَن سرَّه أن يلقى اللهَ غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث يُنادى بهنَّ؛ فإنَّ الله شرع لنبيِّكم سنن الهدى، وإنَّهنَّ من سُنن الهدى، ولو أنَّكم صلَّيتُم في بيوتكم كما يُصلِّي هذا المتخلِّف في بيته لتركتُم سنَّة نبيِّكم، ولو تركتم سنَّة نبيِّكم لضللتُم … )) رواه مسلم (654).
4 ـ قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (( كلُّ بدعة ضلالة وإن رآها الناسُ حسنة )) رواه محمد بن نصر المروزي في السنة.
5 ـ قال معاذ بن جبل رضي الله عنه: (( فإيَّاكم وما يُبتدَع؛ فإنَّ ما ابتُدع ضلالة )) رواه أبو داود (4611).
6 ـ كتب رجلٌ إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر، فكتب: (( أمَّا بعد، أوصيك بتقوى الله والاقتصاد في أمره واتِّباع سنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنته، وكُفوا مؤنته، فعليك بلزوم السنَّة؛ فإنها لك بإذن الله عصمة … )) رواه أبو داود (4612).
7 ـ قال سهل بن عبد الله التستري: (( ما أحدث أحدٌ في العلم شيئاً إلاَّ سُئل عنه يوم القيامة، فإن وافق السنَّة سلِم، وإلاَّ فلا )) فتح الباري (13/290).
8 ـ قال أبو عثمان النيسابوري: (( مَن أمَّر السنَّة على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالحكمة، ومن أمَّر الهوى على نفسه قولاً وفعلاً نطق بالبدعة )) حلية الأولياء (10/244).
9 ـ قال الإمام مالك رحمه الله: (( مَن ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أنَّ محمداً خان الرسالة؛ لأنَّ الله يقول: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ))، فما لَم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً )) الاعتصام للشاطبي (1/28).
10 ـ قال الإمام أحمد رحمه الله: (( أصول السنة عندنا التمسُّك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم، وترك البدع، وكل بدعة ضلالة )) شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (317).


مقتبس من كتاب
الحث على اتِّباع السنَّة
والتحذير من البدع وبيان خطرها
للشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر

منقول




عن NineTailedAhri

شاهد أيضاً

(_.·´¯`·«¤° الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية (_.·´¯`·«¤°

بسم الله والصلاة والسلام على خير الآنام السلام عليكم سؤال: ما رأيكم في أمر التميمة …