كان صاحبنا الثعلب يتضور جوعاً فأهلكه الإعياء وأشتد عليه وبطبيعته
التي تغلب على تصرفاته دوماً
فهو يفضل المكر والاحتيال والسرقة فلا يكلف نفسه عناء البحث عن طعام مادام أن هناك بساتين
ممتلئة بالدجاج ..
لكن البساتين محوطة بجدار حجري تمنع دخول المتطفلين الذين هم على شاكلته فأخذ يحوم حولها لعله
يجد ثقب يدخل معه وبما أنه أجتهد كثيراً بمكارة و خبث وجد ثقب بالكاد يدخل معه جسمه النحيل فجمع
نفسه ودفع بها نحو البستان فدخل وعلامة السرور ترتسم على أنيابه القذرة … أخذ دور التخفي
والسرعة من خلال الوثب بين شجيرات البستان حتى وصل بسلام إلى مخدع الدجاج فهاجم بسرعة
البرق قاتلاً خمسة عشر دجاجة التهم منها ثلاث دجاجات فقط ثم ولى هارباً بفعلته الشنيعة والخبيثة نحو
الثقب الذي تسلل منه وهو يفكر بأصحابه الثعالب وكيف سيتباهي أمامهم بأنه التهم ثلاث دجاجات دون
عناء ومقاومة … وعندما وصل الثقب أخرج رأسه ثم يديه ثم علق بعدها فلم يستطيع لا الخروج ولا
العودة مرة أخرى فأخذ يلوم نفسه كيف لم يفكر في هذا ..!!
قدم البستاني على صوت صياح الدجاجات ثم أقتفى الأثر حتى وصل إلى الثعلب العالق فأمسك به
وسحبه نحوه ثم ربطه بحبل حول جذع شجرة … فقال الثعلب ما أنت فاعل بي أيها الرجل .. فأجابه
البستاني سأخلع أنيابك ناب ناب ثم أقتلع عيناك وأقطع لسانك ثم أسلخك وأصلبك على هذه الشجرة
لتكون عبرة لغيرك …
فأستعطفه الثعلب وبكى حتى أحمرت عيناه وقال له والله إنه الجوع الذي دفعني إلى أكل دجاجاتك ….
فرد عليه البستاني : وهل الجوع هو من دفعك إلى قتل خمسة عشر دجاجة ثم لا تأكل منها إلا ثلاث ..!
هذا الثعلب الغبي يذكرني بأناس امتهنوا المكر والخداع ثم وقعوا بالغباء لتسقط معها أقنعتهم المزيفة
والعديدة … وضعوا أهدافهم الساذجة والقبيحة نحو أعينهم ليدوسوا كل ما يعيق تقدمهم نحوها حتى
وإن كان هذا الإسلام بتشريعاته فكيف بالبشر المغلوب على أمرهم ..
لكن الله سبحانه وتعالي لهم بالمرصاد وهو وحده كاشف زيفهم وبهتانهم وأسأله بعظيم أسمائه أن يرد
كيدهم إلى نحورهم وأن يشلَ أيديهم ويعمي أعينهم ويبتليهم في المال والأهل وأسأله بعزته وجلاله أن
يجعل دائرة السوء عليهم لما اقترفوه من عمل يخجل الشيطان من القيام به والعياذ بالله …