الحب الحقيقي والحب من طرف واحد

الحب من طرف واحد …

من المعروف ان علم النفس يتناول المواضيع المتعلقة بالانسان وفق نظرية يتبناها تحاول

أن تشرح وتوضح بشكل مفصل لماهية الموضوع وكيف ينشئ ؟ وكيف نعامل معه وفق تلك

النظرة ؟

والحب هو جزء من العاطفة التي تسمى في علم النفس الانفعال ، والانفعال هو جزء من

السلوك الانساني الذي هو مادة علم النفس وموضوعه الرئيسي.

ولو حاولنا استعراض نظريات علم النفس الكبرى مثل نظرية التحليل النفسي لفرويد

والنظرية السلوكية والنظرية المعرفية لوجدنا اختلافا في وجهات النظر حول السلوك ومن

ثم حول موضوعنا اليوم وهو الحب .

فنظرية التحليل النفسي تقول بأن الحب ناشئ عن الكره الذي يسبق الحب …كيف ؟

يقول فرويد ان اول ما ينشأ عند الانسان هو الكره ومنه يتولد الحب ، ويعطي مثالا على ذلك

للطفل والطفله ، فالطفل يحب امه ويكره اباه غيرة على امه ، والطفلة تكره امها وتحب

اباها غيرة من امها على ابيها . ومنطلق فرويد في هذه النظرة وهذا التفسير مبني على

الجنس ، وهذا اعتبر فيما بعد لعلماء النفس قبل غيرهم هلوسة من هلاوس فرويد يصدقها

الانسان الغير متخصص لانه لا يدرك الكثير من ابعاد الانسان ولا يعرف حقيقة ما توصل

اليه العلم من حقائق اخرى في حق الانسان .

ولكن نحن لا نستبعد ان مادة الجنس والدافع الجنسي الذي هو جزء من الانسان أن يكون

سببا في الحب ولكن ليس الحب السوي هو ناشئ عن الكره ، ولو نشئ حب عن كره وقد

يحدث نقول بأن هذا الحب غير سوي وبالتالي فلانسان يجر على نفسه الاضطراب

والمصائب .

من هنا نأخذ فوائد وهي

1- ان الحب السوي والجيد والمفيد الذي يليق بالانسان وكرامته لا ينشأ عن كره أو غيره .

2- ان الحب السوي والجيد والمفيد للانسان الذي يليق بكرامته لا ينشأ فقط عن الدافع

الجنسي

وفي المقابل نجد النظرية السلوكية تحدد لنا أن السلوك ينشأ نتيجة الارتباط ، ومن السلوك

الانساني الحب فهو كذلك ينتج نتيجة الارتباط .

فالشخص الذي يخاف من السلم الكهربائي ، يخافه لانه في يوم من الايام سقط منه أو راي

شخصا اخر يسقط منه فولد هذا السقوط الخوف ، وهو بذلك صار يربط بين السلم وبين

السقوط فصار يخاف منه .

وكذلك الحب ينشأ لانه يربط بينه وبين معنا يجده من الشخص الذي يحبه ، فقد يحب الانسان

شخصا ما لأنه رأى هذا الشخص وهو يعمل عملا يحبه ، مثل الشخص المولع بكرة القدم

فيشاهد لاعبا فنانا في الكورة فيحب هذا الشخص ، فحبه للاعب انما هو عملية ربط بين ما

يهواه ويحب وهي هنا كرة القدم وبين حبه للاعب نفسه .

ومثله لما تسمع أو تقرأ لشخص يكتب عن شئ تهواه وتحبه ، فانت تحب العمل وتربطه

بحب يصل الى الشخص .

وعند تكرار مشاهدتك وسماعك يزداد الحب فتجد نفسك معلقة بهذا الشخص الذي يجذبك

يوما بعد يوم .

ان هذا الحب لا يعدوا عن ان يكون هو الاعجاب وليس الحب ولكن الانسان لا يفرق جيدا

بينهما ويدع نفسه تغوص في اعماق الشخص الآخر وتذوب فيه .

هذا يحدث كثيرا خصوصا في المكالمات التلفونية (الغزل) ، فقد يجد أو تجد الشاب أو البنت

نوعا من الدفئ والكلام الحلو والمعسول ،بل والتفنن في ذلك ، والنفس تبحث عن هذه

المشاعر ، فيربط الواحد ما بين هذه المشاعر وبين حب الآخر ، لكن هذا الربط وهذا الحب

يفتقد لبعض الأمور الهامة ومنها

– اننا ربطنا وحبينا من خلال شئ واحد وهو تلاقي الجانب الوجداني

– اننا نفتقد الجانب المعرفي حيث لا يمكن للانسان ان يجمع معلومات عن

الآخر بمجرد ما يعرفنا هو عن نفسه فهذا لايكفي لمعرفته ، فمعرفة الانسان تحتاج لرؤيته

في مواقف مختلفة . ومعرفة كل شئ عن الآخر تجعلنا نتصرف معه وفق ما لدينا من

معلومات ، فنزيد من حبنا ، وهو لا يحدث في هذه العلاقات . واذا قلت بأنك تعرف عنه كل

شئ فهو ربما لا يعرف عنك كل شئ وهذا ربما ادى الى انه ينهي هذه العلاقة بعد ما

يكتشفم اكثر ، فالمعلومة الواضحة والحقيقية مهمة لاقامة الحب الحقيقي .

– اننا نفتقد للسلوك ، والمقصد انني لم اتعامل معه سلوكيا وبالتالي لا يمكن ان

اجزم بوجود الحب الحقيقي المبني على الثلاثة امور الاساسية وهي

الوجدان………المعرفة…………..السلوك

وكون أن الجانب الوجاني هو السائد في مسئلة الحب فهذا يعني ان العقل ربما يكون مختفي

وبالتالي فالكثير من تصرفاتنا ربما تفتقر للحكمة وللصحة . لان الانفعال يطغى على العقل .

ومن النظرية السلوكية نكتشف اننا ربما نخرج بفوائد منها :

1- ان الحب يجب ان لا يكون مجرد اعجاب فقط ، وان علينا ان نحدد ما اذا كان حب حقيقي

أو هو مجرد اعجاب .

2- ان الحب الحقيقي هو الحب الناشئ من المعرفة والوجدان والسلوك .

وهذا لا يحدث الا بعد الزواج فقط لتوافر تمام الامور السابقة وامكانيتها .

والحب من طرف واحد هو الذي يفتقد للطرف الآخر أي انه يفتقد لجزء كبير يذهب معه كل

ما ذكرناه سابقا من تلاقي المشاعر والسلوك والمعرفة لان الطرف الآخر لم يشارك بشئ

في ذلك ، ولذلك لم يبقى لنا الا الطرف الذي يحب .

وكتطبق عملي لما ذكرناه يمكن ان الشخص يحب لان لديه معلومات عن الآخر جمعها حوله

من السماع عنه او شاهده او تعرف عليه من خلال القراءة في افكاره ، ومن خلال المعرفة

التي كوناها عنه نشئت العاطفة تجاهه على الرغم من اننا لم نتفاعل معه في علاقة

وجدانيه او سلوكية ، ولانه لم يشاركنا فلا يمكن ان نعتبره حب حقيقي لانتفاء اهم اركانه

وهو الطرف الآخر ومشاعر الطرف الآخر .

لكن الانسان يبقي على هذا النوع من الحب لانه يعتبر نوعا من الامل الذي ربما

تحقق ، وقد يبقي عليه لانه ربما شعر بان الطرف الآخر يشعر به لكنه لا يرغب الدخول في

علاقة حب معه .

ومع اني من مؤيدي ان الحب الحقيقي لا يكون الا بعد الزواج وما قبله هو نوعا من

الاعجاب ، الا اني لا انفي ان يكون هذا الاعجاب مشروع حب ، واذا تمكنت من اقناعك بأنه

ما هو الا مشروع ، فان اكتمال بناءه ليس بالامر اليسير ، ومشروع الحب ليس الحب.

وعند وجود الحب من طرف واحد فان علينا استعراض تلك الاسباب التي تنشئ هذا النوع

من الحب :

1- الغيره ، علينا تبيان ما اذا كان حبنا هو بسبب غيرتنا من احد اصدقائنا او صديقاتنا ، فقد

تغار البنت من صديقتها التي تعيش قصة حب ، فتبحث عن رجل تقيم معه علاقة حب ، وهنا

تنسى السبب الذي دعاها لاقامة العلاقة فتحب الرجل واما الرجل فهو لا يشعر بأن هناك

مشاعر صادقة وان كان يبادلها الكلام احيانا .

واذا تغلغل حبه في قلبها سئلت لماذا لا يحبني مثل ما احبه ؟ وتجيب نفسها بان حبها من

طرف واحد . وكان عليها أن تسئل عن السبب الاول في اقامة العلاقة .

2- التنافس ، قد يتنافس الرجال على امراءه وقد تتنافس النساء على رجل ، وفي هذه

الحالة دائما الطرف الآخر لا تكون مشاعره طبيعيه الى حد التمام لأنه لم يكن له قدر من

الأختيار.

3- حب الظهور ، بعض الشباب من البنات والاولاد يحبون يظهرون امام زملائهم بانهم

غارقين في الحب ، وفي هذا يكون الهدف ليس اقامة واستمرارية العلاقة لاجل الحب وانما

لاهداف خارج اطار الحب، وعندها سوف يكتشف الطرف الآخر انه دخل في علاقة غير

صادقة وربما يبدأ في الانسحاب أو انه لن يتبادل رسائل الحب الحقيقي ..ثم بعد ذلك يقول

من اقام هذه العلاقة لهدف الظهور ان حبه كان من طرف واحد .

4- التلذذ بالم الفراق ، بعض الناس خصوصا الفتيات يحبون ان يشعروا من حولهم بأنهم

يتعرضون لنكسة الحب وتهميش الحبيب وتطنيشه ، فيبحثون عن الحب من طرف واحد

لاستجرار اللذة من الألم .

الملخص :
الحب الحقيقي هو :

1- لا يكون نابعا من الغيره

2- لا يكون مصدره التنافس أو حب الظهور أو التلذذ بالألم .

3- لا يكون هدفه الوحيد اشباع الدافع الجنسي .

4- يكون فيه مشاركة وجدانية وسلوكية

5- كلا الطرفين لديهم معلومات كافية عن الآخر.

6- ان توافر احدى هذه الصفات قد يكون مشروعا للحب اذا عملنا على توافر الصفات

الاساسية الأخرى وتأكدنا من دوافعه الحقيقية ونقيناها من الدوافع المشبوهة

ودمتم في رعاية الله .

للدكتور /ابراهيم الحسينان
جزاه الله خيرا

عن ahmetiraq

شاهد أيضاً

يابنات انا مشكلتي مشكله عويصه ساعدوني الله يخلي لكم اللي تحبونه ويحقق لكم امنايتكم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف حالكم ان شاء الله طيبين يابنات انا مشكلتي مشكله …