أظهرت تقارير منظمة الصحة العالمية أن الأداء البدني للصائم منذ فترة طلوع الفجر وحتى الغروب، أفضل من أداء غير الصائم، نظرا لتحسن درجة تحمله للمجهود العضلي ولأداء كل من القلب والجهاز الدوري والهضمي والتنفسي وغيرها في أثناء الصيام. يقول د. احمد منصور وكيل كلية طب المنصورة إنه بشكل عام تعتبر الحركة أثناء الصيام أفضل كثيرا من السكون والراحة من الناحية الفسيولوجية. حيث تؤدي الحركة العضلية في فترة ما بعد الامتصاص الغذائي (فترة الانقطاع عن الطعام) إلى أكسدة أنواع معينة من الأحماض الأمينية للاستفادة من الطاقة الناتجة عن الأكسدة، وبعد استفادة العضلات من هذه الطاقة يتكون حمض أساسي من هذه الأكسدة يدخل في تصنيع الجلوكوز الجديد في الكبد ويسمى هذا الحمض بالألأنين، وبذلك فإن عملية تصنيع جلوكوز جديد في الكبد تزداد بازدياد الحركة العضلية.
وبعد استهلاك الجهاز العضلي الجلوكوز القادم من الكبد للحصول على الطاقة يتجه الجسم إلى الدهون (المخزون منها) حيث يقوم بأكسدة الأحماض الدهنية وتحليل وحرق الدهون في الأنسجة الشحمية، وبهذا فإن الحركة أثناء الصيام تعتبر بمثابة عمل إيجابي وحيوي يزيد من كفاءة ونشاط عمل الكبد والعضلات وتخليص الجسم من السموم والشحوم، وهذا ما يسمى بعملية الهدم، حيث إنه بدون هذه العملية أثناء الصيام لا تتم عملية التخلص من السموم والشحوم في الجسم.
ويضيف د. احمد منصور أن في الحركة العضلية أيضا تنشيط لصنع البروتينات في الكبد والعضلات وهو ما يسمى بعملية (البناء) وهذا بدوره يوفر طاقة هائلة كانت سوف تستخدم في تكوين البروتينات لو أن الصائم كان قد قضى يومه نائما أو ساكنا والصائم في حاجة إلى هذه الطاقة في أثناء صيامه.
وبشكل عام فإن الحركة خلال يوم الصيام تقوم بدور تنشيط آليات الهدم خلال النهار، حيث تتحرك الطاقات المختزنة وتنظف أعضاء الجسم من السموم المتراكمة في الأنسجة الدهنية، أما النوم والكسل والخمول أثناء النهار فيعطل هذه الفوائد، ويعطي الجسم إشارات خاطئة تؤدي إلى استهلاك الطاقة في صناعة البروتينات بدلا من بقائها في صورة قابلة للاستخدام السريع وتكون متاحة للصائم للاستفادة بها خلال فترة الصوم.
ويضيف أنه بالإضافة إلى ذلك فإن النوم أثناء النهار والسهر طوال الليل خلال شهر رمضان كما يفعل البعض يؤديان إلى اضطراب عمل الساعة البيولوجية في الجسم، حيث إن هناك هرمونات محددة تقوم بدور تحفيز أعضاء الجسم على الحركة والنشاط وتكون في أعلى مستوياتها في الفترة الصباحية وأقلها في الليل مثل هرمون الكورتيزون، وهناك هرمونات أخرى تساعد على الارتخاء والنوم فتعلم الجسم أن وقت النوم والراحة قد حان وتكون في أعلى مستوياتها في الفترة المسائية مثل هرمون الميلاتونين.
ولذلك فإن انقلاب الليل إلى النهار والعكس النهار إلى الليل لدى الأشخاص يعطل عمل هذه الهرمونات ويضطرب الجسم بشكل عام.
ويدلل د. منصور على ذلك بالأسوة الحسنة، وخير دليل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الذين لم يكونوا يفرقون بين شهر رمضان وغيره من الشهور الأخرى من حيث العمل والحركة، بل يقول إن الصحابة والتابعين كانوا يخوضون المعارك الكثيرة وهم صائمون وأبلوا فيها بلاء حسنا، ولذلك فعلى الصائم المؤمن أن يتحرر من أوهام مخاوف العمل الجاد المثمر والحركة الدائبة البناءة أثناء الصيام، وعليه أن يستفيد من هذه الشعيرة العظيمة بالالتزام بآدابها وممارستها بصدق، وبالأسوة الحسنة بالرسول الكريم.
كما ينبه دكتور منصور الصائمين إلى ضرورة عدم الإكثار من تناول الأطعمة وقت الإفطار، والبعد عن حد الامتلاء والإشباع، وعلى الصائم أيضا أن ينتقي الغذاء الصحيح والمفيد وبطريقة معتدلة ومتوازنة، فمن الخطأ أن تبدأ الإفطار يتناول الوجبة الكاملة مباشرة، حيث ينبغي أن تهيئ المعدة لاستقبال الطعام، وأحدث أساليب تناول الطعام بعد فترة انقطاع طويلة تقضي بأن نقسم وجبة الإفطار إلى مرحلتين.
الأولى بعد أذان المغرب مباشرة وتكون عبارة عن تمر أو عصير فاكهة أو ماء أو لبن خال من الدسم، ويفضل لبن الماعز، أما الجزء الثاني من الإفطار أو الوجبة الأساسية يجب تناولها بعد ساعة على الأقل من تناول الفاكهة أو التمر.
تحيه طيبه ((( م ن ق و ل )))