منذ زمن بعيد أشتهرت النساء السودانيات بعمل العطور وأنواع البخور المحلية التي تعد من الموروثات والعادات السودانية، لكن الأجيال الجديدة أضاعت معظمها، ومع ذلك لا يخلو البيت السوداني من وجود هذه الأنواع من العطور لما لها من دلالة تراثية وشعبية جعلت الاحتفاظ بها وصناعتها ملمحاً للتمسك بالعادات والتقاليد، وقد عرفت هذه العطور وأنواع البخور الأخرى برائحة طيبة ومميزة عن بقية العطور الصناعية الأخرى، وتستخدم في أغلب الأحيان في مناسبات الزواج والختان والأعياد وغيرها من المناسبات.
ومن العطور الأكثر شيوعاً في السودان عطر (الخُمرة) وهي عبارة عن مسحوق خشب الصندل مضاف إليه مسحوق (المحلب) ويضاف إليه أيضا المسك الأبيض ويرش بعدد من العطور الباريسية و(الفلوردمور) وتخلط هذه العطور وتضع في النار قليلاً حتى يصير لونها أكثر أحمراراً بعدها تعبأ في زجاجات للاستعمال، وتستخدم هذا النوع من العطور (العروس) بشكل واضح يميزها عن الأخريات وتستخدمها النساء المتزوجات في الأفراح كشكل من أشكال الزينة.
أما (البخور) السوداني فهو يصنع من خشب الصندل والطلح حيث تقوم النساء بإطلاقه في أيام معينة خاصة أثناء مراسم الزواج في يومي الحنة والجرتق، وتأتي (الدلكة) كثالث أهم خصائص المرأة السودانية وهي عبارة عن عجين من الذرة أو الدخن يسخن بالماء وتضاف إليه العطور ومسحوقا الصندل والمحلب وقشر البرتقال المهروس وتخلط هذه المجموعات حتى تصير عجينة ناعمة الملمس بعدها وتستعمل للتدليك ومن فوائدها تفتح البشرة وتضيف لها ملمساً ناعماً ورطباً بجانب ذلك تعطي الجسم نضارة ورائحة طيبة تبقى بالجسم طويلاً.
ولكن في الآونة الأخيرة اختفت معظم تلك الخصائص، وأصبحت العروس العصرية ورفيقتها التي سبقتها بالزواج لا تحفلان بهذه الأشياء وسط شكوى الرجال الذين يرون في تلك الأشياء أهم حقوقهم.
ويقول يوسف خيري “منذ أن تزوجت قبل سبع سنوات لم أحظ بالدلكة وزوجتي لا تستخدم (الخمرة) ولا البخور، ومثل غيري كثيرون من أزواج القرن العشرين الذين لم يحظوا بتلك التقاليد، وفي المقابل تدافع الزوجات الصغيرات عن موقفهن (العصري)، حيث تقول سماح أبو الناس متزوجة أن هذه عادات نسائية سودانية جميلة جداً ولا بد من المحافظة عليها وتعتبر من ضروريات المرأة المتزوجة.
أما شيراز الطيب طالبة جامعية فترى أن (الحنة والدخان) ممارسة غير حضارية وإنما لا تطيق الدخان على وجه الخصوص ولا تعجبها رائحته، وعن العطور المحلية تقول: (هناك بدائل موجودة وأجمل مثل العطور المستوردة وأيضاً هناك كريمات أسهل في طريقة استعمالها من (الدلكة) وتضيف لوناً جميلاً.
وتضيف آلاء معتصم طالبة جامعية وهي تتحدث عن هذه العادات التراثية، أنها غير مرضية لشباب اليوم وإن الدخان له تأثير في الجهاز التنفسي بشكل عام، أما الحنة فهي جميلة لكن لها مناسبات معينة وعملها متعب جداً ومكلف أما العطر المحلي فهو بالطبع ضد التحضر، ولا أحبه على الإطلاق، وتتفق معها ريم منصور محمد (متزوجة) قائلة “نعم الحنة جميلة في المناسبات ولكنني لا أجد زمناً كافياً لعملها، أما الدخان فأنا لا أحبه لأن رائحته تضايقني ويضيف لي لوناً غير محبب، واكتفي باستعمال الكريمات لتنظيف البشرة أما عطر (الخمرة) فأنا لا أضعه أبداً لأن المستورد أجمل بكثير.