http://www.middle-east-online.com/pictures/biga/_33157_forest_3-9-2005.jpg
تعتبر منطقة الغابة السوداء او كما يطلق عليها الالمان “شفارتز فالد” احدى اجمل مناطق المانيا الريفية الهادئة اذ حباها الله طبيعة خلابة ساحرة.
والغابة السوداء من الامكنة السياحية الاوروبية الشهيرة حيث يقصدها السياح من داخل المانيا وخارجها صيفا لطقسها الجميل وطبيعتها الغنية وغاباتها الكثيفة المتناثرة وبحيراتها الصافية وقممها الجبلية وشتاء لممارسة هواية التزلج على الجليد بعد ان تكسوها الثلوج الغزيرة لاشهر طويلة ويطغى عليها اللون الابيض ليشكل لوحة متناهية الجمال.
وتقع الغابة السوداء وهي منطقة غابات جبلية تمتد الى مئات الكيلومترات في ولاية “بادن فورتمبيرغ” وتحيط بها كل من ولاية بافاريا الالمانية من الشرق وفرنسا ”اقليم الالزاس” من الغرب وسويسرا “بازل” من الجنوب وسميت بهذا الاسم نظرا لغاباتها المهيبة المتشحة بالسواد وبخاصة في فترة المساء بسبب كثافة اشجارها الصنوبرية المخضرة طوال العام.
وتتميز هذه المنطقة التي تضم الكثير من المدن الكبرى ابرزها شتوتغارت وبادن بادن في الشمال واوفنبورغ وفرايبورغ في الوسط اضافة الى مئات القرى الصغيرة والمزارع والحقول بوجود بحيرات وشلالات وجداول مائية ومراعي خضراء واسعة تتداخل مع الغابات خاصة في الركن الجنوبي من الغابة السوداء المحاذي لسويسرا.
وخلال الصيف يخترق الضباب والغيوم منازلها التقليدية ذات الطابع المعماري الجميل والواقعة على الهضاب كما ان السحب والامطار لاتغيب عنها في هذا الوقت من السنة وهي تتبادل المواقع مع اشعة الشمس الدافئة.
وتنتشر في تلك المنطقة تربية الماشية من ابقار واغنام اضافة الى انتاج العسل كما تشتهر بالصناعات الحرفية والمشغولات الخشبية والزجاجية وصناعة ساعات الحائط الجميلة المعروفة هنا بـ”كوكو كلوك” المزودة بطائر خشبي يخرج من الساعة في اوقات محددة ليطلق صيحاته المعهودة ثم يعود الى داخلها وهكذا.
ولهواة المشي والدراجات الهوائية او مشاهدة الطبيعة نصيب كبير في الغابة السوداء اذ حرصت السلطات المعنية في تلك المنطقة على توفير الطرقات البرية الطبيعية “فالد فيغ” التى تخترق الغابات والمراعي مرورا بسفوح وقمم الجبال التي يمكن الوصول اليها عبر المقاعد والعربات المعلقة “تلي فريك” ثم هبوط الجبال لمن يرغب سيرا على الاقدام.
ومن المشاهدات الملفتة للنظر حرص سكان الغابة السوداء على تخزين كميات كبيرة من الحطب المقطع والمرصوص بطريقة هندسية جميلة حول بيوتهم لاستخدامه في مواقد التدفئة وعند حرقه ينفث ادخنة ذات رائحة طيبة تشعرك بمدى قدم الاشجار التي جلب منها.
ومن ابرز بحيرات الغابة السوداء بحيرتا ” تيتيزيه ” و”شلوخبيرغ” اللتان يتجاوز ارتفاعهما الف متر عن مستوى سطح البحر وتوجد حولهما الفنادق والمنتجعات السياحية والمطاعم والمقاهي اضافة الى توافر قوارب النزهة وشواطئ السباحة كما لا يبعد عنهما شلالات “تريبيرغ” وقمة جبل “فيلدبيرغ” لهواة التزلج على الجليد او ركوب المناطيد والطيران الشراعي والهبوط بالمظلات.
وفي اعماق الغابة السوداء حيث الطبيعة البديعة الجمال والهواء النقي البارد والسكون الذي لا يقطعه سوى رنين الاجراس المعلقة على رقاب الابقار عندما تتحرك في مراعيها يمكن للسائح الاقامة في بيوت الضيافة “غست هاوس” او “بنسيون” وهي منازل ريفية كبيرة ذات زخرفة بديعة تحوي غرفا وشققا مؤثثة بالكامل تملكها وتديرها اسر المانية من زوج وزوجة فقط في معظم الاحيان.
وتقع تلك المنازل غير المتجاورة على مرتفعات وهضاب مختلفة الارتفاعات والمستويات وتطل على اودية او سفوح جبال او مراع خضراء وتحيط بها الغابات والبرك المائية كما في المنطقة المحيطة بقرى “سانت ميرغن” و “سانت بيتر” و ” هنترزارتن”.
ومن الانشطة التي يمكن ان يقوم بها زوار الغابة السوداء زيارة المتاحف المتناثرة الصغيرة التي تتحدث عن تاريخ الغابة السوداء واساطيرها في القرون الماضية والمناجم ومصانع الزجاج والاخشاب والكنائس الاثرية المبني بعضها على الطراز الباروكي.
كما ان التجول في وسط البلدات الالمانية القديمة والجلوس في مقاهيها وزيارة الحصون والقلاع التاريخية والجسور المعلقة يمنح الزائر متعة واثارة.
وفي المدن الكبرى القريبة تتوافر الاسواق الحديثة اضافة الى امكانية زيارة مدينة الالعاب الترفيهية “يورب بارك” والتي صممت بطريقة لتعكس وحدة الدول الاوروبية ولا تبعد سوى 40 كيلومترا عن مدينة فرايبورغ التي تعتبر عاصمة الغابة السوداء.
ويمكن لزائر الغابة السوداء وبسبب موقعها الجغرافي ان يتنقل في غضون يوم واحد بين المدن والبلدات الحدودية في المانيا وفرنسا وسويسرا وكل منها يقدم طبيعة وثقافة مختلفة.
ومن أبرز المدن القريبة التي يمكن زيارتها ستراسبورغ العاصمة الثانية للاتحاد الاوروبي بعد بروكسل بمبانيها التاريخية البديعة وقنواتها النهرية الفريدة وكولمار في فرنسا في قلب اقليم الالزاس الذي تناوبت المانيا وفرنسا على حيازته الى ان سيطرت عليه فرنسا بعد خسارة المانيا في الحرب العالمية الثانية والذي يشتهر بزراعة العنب وشافهاوزن في سويسرا حيث توجد شلالات مصب نهر الراين الهادرة او انترلاكن السويسرية ببحيراتها وجبالها البديعة.