بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا موضوع اتمنى كل وحدة تتمعن فيه زين وتحاول تحلل وتناقش بعد وتفيدنا
في الأعراس وحفلات الزفاف تعرض الفتيات الراغبات في الزواج أنفسهن أمام الأمهات الباحثات عن زوجات لأبنائهن، ويكون النموذج المطروح في حلبة الرقص فتاة قد دفنت بشرتها بطبقات من مساحيق التجميل التي تخفي حقيقة لونها، وعدسات ملونة وشعر طويل مصبوغ وثياب مثيرة تحاول فيها إبراز مفاتنها ولفت الأنظار حتى أن بعضهن يرقصن كمحترفات ويبدعن في التمايل والهزّ، وتأتي الأم الساذجة لتختار من بينهن الأجمل والتي أعجبتها رقصاً وغنجاً فتذهب وهي مبهورة بالصورة التي شاهدتها لتصفها إلى ابنها الشاب القليل الخبرة، (بيضاء، طويلة، رشيقة، شعرها طويل، مثل القمر!) وبذلك أجازت مرور هذه الفتاة إلى دنيا ابنها وأحلامه.
وتتم الخطبة ثم عقد القِران وتكتشف ما تحت قناع الألوان، أن هذه المخلوقة خاوية، سطحية، جاءت لتأخذ (المال والكشخة والبرستيج) ولم تفكر أن تعطي شيئاً، لم تفهم حتى أبجدية الزواج، تتحدث بغرور وتطالب بغطرسة وكأنها تمنّ عليهم موافقتها، وأمها قد برمجت ذهنها على أن الزواج صفقة لا مشوار حياة وكفاح.
وفي بداية الزواج تحدث مشادة بين العروسين وبمنتهى البساطة تأخذ العروس حقيبة ثيابها وتفرّ إلى بيت أهلها وتطلب الطلاق وتبدأ أمها بالمفاوضات المرهقة والتعجيزية للشاب، وأم العريس تثرثر غاضبة مع صويحباتها النمامات أن عروس ابنها عديمة الأخلاق، لم تتربى على الأصول، وحتى جمالها كان صناعي وشعرها مستعار وأن ابنها مظلوم!
هذا مشهد يحدث في الواقع ويتكرر كل يوم وحالات الطلاق تصرخ في المحاكم وكل فريق يتهم الآخر ويطالبه بحقوقه المغصوبة!
والموقف بمجمله يدل على حماقة الأمهات وجهلهن بأصول الحياة الزوجية، فهن للأسف بحاجة إلى توعية حول مفهوم الزواج وأسس هذه العلاقة، فالأم التي تبني حياة ابنها على طول شعر الفتاة ولونها ورقصها هي أم ساذجة تحتاج أن تعيد النظر في ثقافتها الخاطئة، من حق الشاب أن يختار الفتاة التي تتفق وذوقه في الجمال، لكن ماذا عن الشخصية، الجوهر، الكيان، الروح التي ستعاشره في رحلة العمر الطويلة؟!
هناك جوانب تحتاج إلى دراسة ومتابعة وقراءة متأنية أولها شخصية أمها التي ربتها، بيئتها، أسرتها، مزاجها، أخلاقها، دينها، التزامها، ثقافتها، حديثها، اهتماماتها.
الزواج ليس التحام غرئزي بين الأنوثة والذكورة فقط، بل أسرة وأولاد ورحلة كفاح تتطلب عقل وإرادة وصبر ومبادئ وقرار.
وإذا كان الابن قليل الخبرة بمكن للأم الواعية أن تنصحه وتوجهه بحيث يجعل قراره أقرب إلى الواقعية والاعتدال لأنه لن يظل يعاشر دمية ملونة بل إنسانة سيحدثها ويفكر معها ويتفاعل ويتجاوب، هناك الخطبة إذ يمكن للشابين المحادثة واللقاء في ظل الأهل حيث يستطيعان قبل اتخاذ قرار الزواج استكشاف أحدهما للآخر وتقييم التوافق حتى لا يتورطان بقرار الطلاق لاحقاً والذي يعرقل التجربة الثانية لأن المطلق والمطلقة دائماً في موضع شك وخوف من الطرف الآخر، غالباً يسأل الرجل الخاطب عن المطلقة في خوف، ما سبب الطلاق؟ أو المرأة تسأل عن الرجل المطلق الذي تقدم لها، ما سبب طلاقه؟ وكأن الطلاق تهمة لصيقة بالإنسان فرضتها ثقافة خاطئة.
إذن رحلة الزواج تتطلب كفاحاً وصبراً وعقلاً وإيماناً، فهل ربت الأمهات بناتهن على هذه القيم الأصيلة حتى نصفهن (ببنات الأصول) فقد نشأنا على هذه الفكرة منذ زمن بعيد وهي أن بنت الأصول والحسب والنسب ليست هي بنت الأغنياء والأسر المعروفة بالثراء، بل هي التي تصبر على أذى زوجها وتحتمله في السرَّاء والضرَّاء وتحفظه في ماله وعرضه وتصمد معه أمام تقلبات الزمن بحب وجَلَد.
مؤسف أن تدخل الفتاة بيت الزوجية وأمها تزن في رأسها بالنصائح الفاسدة (ضعيه خاتم في إصبعك، افرضي عليه شخصيتك، اعرفي مصادر أمواله) وكأن ابنتها داخلة في حرب مع فريق آخر، هذه الأم تعرض ابنتها وتجملها في الأعراس لتصطاد العريس اللقطة والذي يكون غنياً كما تحلم ولكي تملي عليه شروطها.
فعلاً نحن بحاجة إلى غربلة جديدة لثقافتنا الاجتماعية الهزيلة والهشة ونستعيد الثقافة التي وضع رسول الله (ص) أساسيتها في الشراكة الزوجية وهي:
(اظفر بذات الدين تربت يداك) و (إذا جاءكم من ترضون دينه وخُلقه فزوجوه).
ترى من يلتزم بهذه النصيحة؟!
ياريت الاقي اجوبة وردود
منقول