بحث اسلامي عن الطاعة الزوجية
الطاعة الزوجية
مقدمة البحث
إن طاعة الزوجة لزوجها مجلبة للهناء والرخاء ، وأما النشوز فيولد الشحناء والبغضاء ويوجب النفور ويفسد العواطف وينشيء القسوة ويلحق بالمرأة البلاء ، وإن الزوجة كلما أخلصت في طاعة زوجها إزداد الحب والولاء وتوارث ذلك الأبناء فساد جو السعادة وانقشع جو الشحناء ، و أن أفضل عمل للمرأة وينزلها منزلة الجهاد طاعتها لزوجها وحسن تزينها له فيصدق بها قوله صلى الله عليه وسلم عن أفضل النساء (التي تطيع زوجها إذا أمر وتسره إذا نظر) ، ورغم ما تعرضت له الديانات السماوية الأخرى من تحريف إلاّ أن من الأحكام العبرية جاءت لتؤكد على وجوب طاعة الزوجة لزوجها معتبره أن الطاعة حق تام للزوج على الزوجة وليس لها مخالفته بل الإذعان له في كل شيء كما الجاريه لسيدها .
من هنا فإن من لوازم طاعة الزوجة لزوجها إلتزامها بكل ما من شأنه رضاه وجلب السعادة إلى البيت ونشر الحب فيه ، فليس لها أن تقوم بأي عمل من شأنه تعكير صفو الحياة الزوجية ورفض أي مطلب للزوج ما إلتزم حدود الشرع فيه ، وقد ذكر الفقهاء أنه لا يجوز للزوجة الخروج من البيت إلاّ بإذن الزوج وإن عليها القيام بواجباتها إتجاه تربية الأولاد تربيه صالحه وأن تكون حريصه على مال الزوج فلا تبذر ولا تسرف بغير وجه حق ، وإن عليها حسن معاشرة أهل الزوج واحترام مشاعره والوفاء له .
أما معصية الزوجة لزوجها يجعلها مصدر شقاءٍ وبؤس ، وقد قال سيدنا داوود عليه السلام في وصف زوجة السوء : أن المرأة السوء مثل شرك الصياد لا ينجو منها إلاّ من رضي الله تعالى عنه ، وكان يقول عليه السلام في دعائه ( اللهم إني أسألك أربعاً وأعوذ بك من أربع : أسألك لساناً صادقاً وقلباً خاشعاً وبدناً صابراً وزوجةً تعينني على أمر دنيايّ وأمر آخرتي ، وأعوذ بك من ولدٍ يكون عليّ سيداً ومن زوجةٍ تشيبني قبل وقت المشيب ومن مالٍ يكون مشبعةً لغيري بعد موتي ويكون حسابه في قبري ، ومن جار سوءٍ إن رأى حسنةً كتمها وإن رأى سيئةً أذاعها وأفشاها .
إن الطاعة من قبل الزوجة لزوجها إذن هي أساس قوة الحياة الزوجية واستمرارها ، مع التأكيد على أن لفظة الطاعة وإن تضمن معناها الإنقياد والموافقة ، إلاّ أنها ليس فيها إنتقاص لإنسانية المرأة وكرامتها ، بل جاءت الطاعة كثمره واجبه من ثمار عقد الزواج ، وهذا ما يجعلها حقاً للزوج على الزوجة إلاّ أن هذا الحق يجب أن لا يصحبه الإساءة في إستخدامه إذ يتوجب على الزوج صاحب هذا الحق أن يحسن معاملة زوجته ويعاشرها بالمعروف ، فالإسلام صان وحفظ لها كرامتها وكيانها ومشاعرها .
لكن يبدو أن الحياة الزوجية تتعرض أحياناً لهزات تعكر صفوها وتنشيء جواً مشحوناً بين الزوجين ، تثور معه زوبعة الخلافات وتخيم على البيت ضبابية تكون نتيجتها اللجوء إلى القضاء ، فغالباً ما تنشأ بين الزوجين خلافات تضطر الزوج لإستخدام حقه في طلب الزوجة للطاعة من خلال إقامة دعوى الطاعة أمام المحاكم الشرعية والسير بها حسب الإجراءات القانونية والتي تنتهي إن صحت حيثيات دعواه إلى الحكم على الزوجة بالطاعة الزوجية والعيش مع الزوج حيث يسكن في البيت الزوجي الشرعي ، وإننا في هذا البحث سوف نسلط الأضواء على مختلف القضايا والمسائل المتعلقة بالطاعة الزوجية ودعوى الطاعة للوقوف على أسباب هذه الظاهرة ونقصد بذلك : رفض المرأة الطاعة في البيت الشرعي مما يجعلها ناشزاً إن ثبت صحة دعوى المدعي سعياً منا لوضع الحد من إنتشار هذه الظاهره وتقليصها لما لها الأثر السلبي الكبير على المجتمع والحياة الأسرية من خلال عدد من الملاحظات والتعقيبات التي نرى فيها علاجاً لما نراه خللاً وسبباً من أسباب هذه الظاهرة .
(1) مفهوم عقد الزواج وما ينشأ عنه من حقوق وواجبات:
إن عقد الزواج كغيره من العقود فيه حقوق وواجبات متبادله عملاً بمبدأ التوازن والتكافؤ وتساوي الأطراف ، إلاّ أن عقد الزواج عقد يبنى على التابيد اساساً, ولكون عقد الزواج قائم اساساً لينظم علاقه الزوجين على اصول وقواعد فان الإسلام نظم حقوق كل من الزوجين والحقوق المشتركه بينهما كما يلي :-
(اولاً) حقوق الزوجة :
(1) الحقوق المالية
أ) المهر : ويعتبر حقاً خاصاً للمراة بالقرآن والسنة وعليه فلا يجوز ان يعقد زواج بلا مهر لأن القرآن الكريم صريح بنصه” وآتوا النساء صدقاتهن نحله” .
ب) النفقة :- وهي حق ثابت في القرآن والسنة ، ففيسورة البقرة ” وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ” وفي الحديث الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم ساله رجل ما حق المراة على الزوج قال ( تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا إكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلاّ في البيت ) رواه احمد وأبو داوود وابن ماجه .
(ثانيا) الحقوق غير المالية:
أ) حق المعاشرة والعشرة : قال تعالى ” وعاشروهن بالمعروف “
ب) إعفاف الزوجة او الإستمتاع :- فالنكاح مشروع لمصلحة الزوجين دفعاً للضرر عنهما ولهذا فالجماع واجب على الرجل للمراة إذا إنتفى العذر على ان يكون في القبل لا الدبر .
ج) العدل بين النسوة في المبيت والنفقة :- فعلى الزوج ان يجعل لكل واحدة يوماً وليلة سواء اكان صحيحاً أم مريضاً وسواءً أكانت المرأة صحيحة او مريضة أم حائضاً ام نفساء , ولكن للزوجة الجديدة عند الجمهور سبع ليال إذا كانت بكراً وثلاث ليال إذا كانت ثيباً .
ثانياً :- حقوق الزوج:
(1) طاعة الزوجة لزوجها” وتكون الطاعة في الإستمتاع والخروج من المنزل فلا تعصيه إن طلبها إلى الفراش ولو كانت في التنور أو على ظهر دابه ما لم يشغلها ذلك عن الفرائض إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ومن الطاعة القرار في البيت متى قبضت معجل مهرها ، ونعني بالقرار في البيت تفرغها لشؤون الزوجية والبيت ورعاية الأولاد.
ومن الطاعة كذلك التزام الستر الشرعي في حال الخروج من البيت فلا تظهر شيئاً من جسدها غير الوجه والكفين ، ومن الطاعة كذلك عدم جواز صومها تطوعاً وزوجها شاهد إلاّ باذنه ، ومن الطاعة كذلك ألا تأذن لأحد في بيته إلاّ باذنه .
(2) الأمانه :- أي أن تكون الزوجة حافظة على غيبة زوجها في نفسها وبيته وماله وولده لقوله صلى الله عليه وسلم ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والأمير راع والرجل راع على اهل بيته والمراة راعية على بيت زوجها وولده فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)
(3) المعاشرة بالمعروف :- كما ان للزوجة حق على زوجها بالمعاشرة بالمعروف ، فكذلك للزوج حق على زوجته في ان تعاشره بالمعروف فلا تؤذيه لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا تؤذي إمراة زوجها في الدنيا إلاّ قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فانما هو عندك دخيل يوشك ان يفارقك إلينا ) رواه الترمذي .
(4) حق التأديب :- للزوج حق تاديب زوجته عند عصيانا بالهجر والضرب غير المبرح وولاية التأديب للزوج لا تكون إلاّ إذا كانت الزوجة ناشزاً إما بالفعل كالأعراض والعبوس والتثاقل وأما بالقول كأن تجيبه بكلام خشن ” والتأديب يكون على مراحل “-
أولاً :- الوعظ والإرشاد :- وذلك بالكلام والنصيحة دون هجر ولا ضرب .
ثانياً :- الهجر في الفراش والأعراض : قال تعالى ” واهجروهن في المضاجع ” والهجر يكون بلا ضرب .
ثالثاً :- الضرب غير المبرح إن أصرت على النشوز ، قال تعالى “واهجروهن في المضاجع واضربوهن ” على ان لا يطال الضرب الوجه والبطن وأماكن الجمال ومواضع الضعف لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يجلد احدكم فوق عشرة أشواط إلاّ في حد من حدود الله .
رابعاً :- طلب إرسال الحكمين :- تأتي هذه الخطوة إذا لم تجد المراحل السابقة وفيها يرفع الأمر للقاضي لتوجيه حكمين إلى الزوجين حكماً من اهله وحكماً من اهلها للإصلاح ، قال تعالى ” وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من اهله وحكماً من اهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما .
(5) الإغتسال من الحيض والنفاس والجنابه :- فالزوج له الحق في إجبار الزوجة ولو كانت ذمية على الغسل من الحيض والنفاس لأنه يمنع الإستمتاع الذي هو حق له وله إجبار المسلمة على غسل الجنابة لأن الصلاة واجبه عليها.
(6) السفر بالزوجة :- فللزوج بعد أن يدفع المهر المعجل ان يسافر بزوجته إذا كان مأموناً عليها .
((الحقوق المشتركة ))
إن اغلب الحقوق السابقة وخاصة حق الإستمتاع وما يتبعه هي حقوق مشتركه بين الزوجين لكن حق الزوج على الزوجة أعظم من حقها عليه لقوله تعالى ” وللرجال عليهن درجه “.
وقد قال الرسول حول ذلك في الحديث ( ألا واستوصوا بالنساء خيراً فانما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلاّ ان يأتين بفاحشة بينه فان فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا أن على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقا فحقكم عليهن ان لا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون ألا وحقهن عليكم ان تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) رواه ابن ماجه والترمذي .
“طاعة الزوجة لزوجها ليست إنتقاصاً لإنسانيتها “
لقد نظم الإسلام الحياة الزوجية على أسس سليمة وقوية ومعقوله فيها كل مقومات بناء المجتمع السوي السليم الذي تحفه السعادة والإطمئنان والود, وإذا كان الإسلام قد حدد للزوجين حقوقاً وواجبات فان ذلك إنطلاقاً نحو توضيح اللغة التي تجمع بين الأزواج بشكل يكون فيه طرف عارفاً بحقوقه وواجباته حتى لا تصبح الحياة فوضى لا صراط لها وتعم العلاقة الزوجية والحياة الأسرية التشنجات وكل عناصر الخلاف والمنازعة ، ومن هنا فان الإسلام وهو يلزم الزوجة بطاعة زوجها بما ليس فيه معصية لله وشرعه لا ينتقص من النظر إلى الزوجة او المراة بشكل عام على أنها إنسان له حقوقه وكرامته كما فعلت الشرائع والأقوام الأخرى غير الإسلامية ، فعند الإغريق مثلاً : يقول أرسطو ان المرأة كائن ناقص ضعيف الإرادة وليس في وسعها الرقي إلى مراتب الإستقلال .
وأما عند اليهود :- فإن للأب حق بيع إبنته وهي قاصر وليس لها حق في الميراث إلاّ إذا كانت وحيده .
وأما الصينيون :- فيحتقرون المراة حتى في أمثالهم الشعبية حيث يقولون ( أنصت لزوجتك ولا تصدقها ) .
وأما الإسبان :- فيقولون ( إحذر المراة الفاسدة ولا تركن إلى المراة الفاضله ) .
وأما الهنود :- فانهم يعتبرون أن ( الموت والمرض والجحيم والسم والأفاعي والنار خير من المرأ).
إلاّ أن الإسلام جاء بتعاليمه العظيمة يدعو إلى حسن عشرة الزوجة والنظر إليها بعين الحب والعطف والمسامحة والإعراض عن الهفوات وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( إستوصوا بالنساء خيراً
علة الداء ومصل الدواء
(( نشوز الزوجه والزوج ))
إن ظاهرة النشوز عادة ينظر إليها على انها مرض يصيب الزوجة وحدها وبسبب النشوز وعدم الطاعة تنشا الخلافات الزوجية التي تنتهي في كثير من حالاتها إلى إحتكام للقضاء حيث يلجأ الزوج الى المحكمة طالباً زوجته إلى بيت الطاعة بقرار صادر عن المحكمة ، ولكن نقول وبقول صراحه أن هذا المنظور لمفهوم النشوز قاصر إذ أن الرجل قد يكون ناشزاً قبل زوجته وعليه تعود كل اسباب فشل الحياة الزوجية وهنا تكون الزوجة ضحيه ، ولكن على كل حال فان النشوز كظاهره سائده في مجتمعنا الذي اصبح يعاني من تراكمات سلبية كثيره كان لها أثرها الواضح في زعزعة أركان الحياة الزوجية لا بد وان ننظر إليها من زاوية السعي إلى علاجها ، وبداية نقول ان الرسول صلى الله عليه وسلم حدد للنشوز عند الزوجة طبعاً علاجاً فقال ( فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع .
وفي السنة النبوية الكثير من الأحاديث التي تذكر بالله التي يجب على الزوج أن يسمعها لزوجته :-
1- إذا دعا الرجل إمراته إلى فراشه فلم تاته فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح ..
2- ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبراً : رجل أم قوماً وهم له كارهون وإمراه باتت وزوجها عليها ساخط واخوان منصرمان ) .
3- إذا صلت المراة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ) .
4- عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي الناس أعظم حقاً على المرأة ، قال زوجها قلت : فأي الناس أعظم حقاً على الرجل قال أمه ) رواه البزار والحاكم .
وبعد التذكير والوعظ يكون الهجر بالمضاجع والهدف من الهجران حتى تريها أنك مع توفر الدواعي باستقرارك معها على فراش واحد تستطيع بقوة إرادتك أن تتغلب على غريزتك مع قربك منها وعلى فراش واحد وخاصة ان الهجر لا يعني هجر الفراش والحجرة دائماً وإنما هجر الزوجة وهي في مضجعها وانت معها على فراش واحد وذلك بان توليها ظهرك ولا تكلمها ولاتحدثها والغاية من هذا الإجراء :-
أولاً :- بيان موقف الزوج بالنسبة لداعي الغريزة
.
ثانياً :- تهيئة المجال لفض النزاع إذ أن وجود الرجل بجانب المراة معرضاً يكون حافزاً للزوجة إلى أن تساله عن أسباب نفوره فيجيبها ومن ثم يبدآن في تعرف الدوافع وتصفية الحساب فلا يغمض لهما جفن حتىيحل الوئام محل الخصام .
إن كل المساعي التي ذكرت للإصلاح بين الزوجين ما هي إلاّ تأكيداً على أن العلاقة الزوجية هي رابطة من نوع مختلف فلا يكون القضاء على هذه العلاقة لمجرد هبوب رياح الكراهية او الجفاء ، ومن هنا فان على الزوجين ان يفهما أن الزواج ليس مجرد وسيلة لإرضاء او إشباع شهوة او غريزة جسدية وليست علاقة آنية تنتهي بانتهاء السبب بل أن الزواج علاقة إنسانية دائمه تجمع بين الغرائز الجسدية والنوازع النفسية رأس مالها الحب والوفاء والإيثار والرعاية والثقة وهدفها السكون النفسي والجنسي وتقاسم المسؤولية الحياتية وشعارها التعاون . وهذه كلها امور تدعو الأزواج الذين عصفت بعلاقتهم الزوجية رياح الكراهية والجفاء إلى تحكيم العقل وعدم الإستسلام والرضوخ لحبائل الشيطان إدراكاً منهم بان الزواج ليس صفقة تجارية يبتاع الزوج شيئاً من الجمال بشيء من المال .
“نشوز الزوجة يحطم جدار المحبة بين الزوجين”
إن دوام العلاقة الزوجية مرهون بمدى قدرة الزوجين على تقليص نقاط الخلاف وتضييق أسبابه وهذا كله امر يتوقف على مدى إدراك وفهم كل من الزوجين للحقوق والواجبات والحدود الضامنه لسلامة الحياة الزوجية ولكن إذا ما عجز الزوجان معاً او لم يتفهم هذه الحقوق أي منهما تكون بذور الشقاق والخلاف قد غزت عشهما الزوجي وتعتبر الزوجة الخارجة عن طاعة زوجها ناشزاً بمعنى انها أصبحت متمرده على واجباتها كزوجة ومخالفه للنصوص الشرعية الداعية إلى طاعة الزوج باعتبارها حقاً أكبر من حق طاعة الوالدين وفي قوله عليه الصلاة والسلام ( لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها فوالذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها عز وجل حتى تؤدي حق زوجها كله حتى إن لو سألها نفسها وهي على قتب اعطته او قال لم تمنع.
والنشوز يعني هي الزوجة التي تترك بيت الزوجيه بلا مسوغ شرعي أو تمنع الزوج من دخول بيتها قبل طلبها النقله إلى بيت آخر .
إن لنشوز الزوجة وجوهاً كثيره نذكر منها :-
(1) خروج الزوجة من بيت زوجها بغير إذنه من غير حاجه ماسه ، إلاّ أن خروج الزوجة من بيت زوجها في غيبته لزيارة أقارب او جيران لعيادتهم او لتعزيتهم لا يعتبر نشوزاً عرفاً ما لم ينهها عن ذلك .
(2) عدم تمكينها الزوج من وطئها .
(3) تقصير الزوجة في واجباتها نحو اولادها وزوجها .
(4) عدم طاعة الزوج في مطالبه الزوجية بالقيام بالواجبات الدينية كالصلاة .
إن النشوز وإن لم ينته بالطلاق فإنه يضع على صفحات العلاقة الزوجية نقاطاً سوداء لها كبير الأثر في زعزعة الحياة الزوجية واستقرارها بعكس الطاعة نجدها تطفي على الحياة الزوجية كل حيوية وعلى المشاعر كل تجديد ودفيء ، والزوجة السعيدة هي التي فجر الحب الإنساني في أعماقها ينبوعاً أزلياً فأضاء نفسها وأشرق على عالمها نوراً وجمالاً ورقة وانوثه وحناناً وربيعاً دائماً وحباً وطاعه وحفظاً لحدود الله ، وأما الزوجة التعيسة فهي التي تتخلى عن الأنوثه وتظن ان الطلاق والتحرر والتبرج هو اقصر الطرق إلى قلب الرجل بينما هذه الحرية تشوه صورتها وتزلزل مكانتها عنده فلا تفوز بقلبه ولا تحظى بإعجابه
وهذا يقودنا إلى التأكيد على أن حفاظ الزوجة على زوجها له أسباب نذكر منها :-
1- طاعة الله فيما أمر .
2- الإقلاع عن المعاصي .
3- تربية الأطفال تربية إسلامية .
4- عبادة الله والتقرب إليه بخدمة زوجها وطاعته .
5- إشعار الزوج بالحب والإحترام .
الوصية الجامعة
لقد أوصت امامه بنت الحارث التغلبيه إبنتها وهي تزفها إلى زوجها الحارث بن عمرو ملك كنده فقالت ( أي بنية لو إستغنت إمرأة عن زوج بفضل مال أبيها لكنت أغنى الناس عن ذلك ولكن للرجال خلقنا كما خلقوا لنا . بنيه إنك قد فارقت الحمى الذي منه خرجت والعش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه . أصبح بملكه لك مليكاً فكوني له أمه يكن لك عبداً وشيكاً . واحفظي عني خلالآ عشره يكن ذكراً وذخراً . أما الأولى والثانيه فالصحبة بالقناعه والمعاشره بحسن السمع والطاعه ، فإن في القناعه راحة القلب وفي حسن المعاشرة مرضاة الرب وأما الثالثه والرابعه فالمعاهده لموضع عينه والتفقد لموضع آنفه فلا تقع عيناه منك على قبيح ولا يشم أنفه منك إلاّ طيب ريح واعلمي يا بنيه ان الكحل أحسن الحسن الموجود والماء أطيب المفقود والخامسة والسادسة التعاهد لوقت طعامه والتفقد لحين منامه فإن حرارة الجوع ملهبه وتنغيص حاله مكر به وأما السابعه والثامنه فالإحتفاظ ببيته وماله والرعاية للحشم والعيال من حسن التدبير ، وأما التاسعة والعاشرة فلا تفشين له سراً ولا تعصين له أمراً فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره وإن عصيت أمره أوغرت صدره واتقي مع ذلك قلة الفرح إذا كان ترحاً والإكتئاب إذا كان فرحاً فإن الأول من التقصير والثانية من التكدير وأشد ما تكونين له إعظاماً أشد ما يكون لك إكراماً وأشد ما تكونين له موافقة أطول ما يكون لك موافقة ، واعلمي يا بنيه أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاك وتقدمي هواه على هواك فيما أحببت أو كرهت .
أي بنيه لا تغفلي عن نظافة بدنك فإن نظافته تضيء وجهك وتحبب فيك زوجك وتبعد عنك الأمراض والعلل وتقوي جسمك على العمل ، فالمرأة التفله تمجها الطباع وتنبو عنها العيوب والسماع . وإذا قابلت زوجك فقابليه فرحه مستبشره فإن المودة جسم روحه بشاشة الوجه .
أتمنى ان ينال البحث على رضاكم مع تمنياتي لكم بحياة زوجية سعيده ومستقره