{بعت الجســـــــــــــــد} اروووع روايــــــــــه…. كاملـــــه لعيون الحبايب ..

لخاطر فراشاتنا الغالياااات …
بعت الجسد
فيكتوريا الحكيم
مايو 2006

الإهداء

اكتب اسمك يسار النقطة
.
وأهدها أنت
ملكك
هي مني لك
ومنك لمن تحب

إن الأشخاص والأسماء والأحداث بهذه القصة من وحي الخيال وأي تشابهه أو موافقة للواقع هو من محض الصدفة

الفصل الأول
بين العليا والنسيم

طريق العودة من الأقسام الأدبية لجامعة الملك سعود في عليشه إلى حي النسيم طويل مزدحم يستغرق أكثر من ساعة يمتد من غرب الرياض إلى شرقها
آه يا الرياض
لاح لي وجهك المترهل
الموشوم بخطوط من طول وعرض
طرق تقسمك أحياء

وين تسكن فيه
في الرياض
إجابة خاطئة
وين في الرياض

تشفير يقرئه أهلها فقط
هذا المشوار اليومي عذاب زميلاتي
هو خلوتي الجميلة وزادي من السعادة
فركوب اللكزس الجديدة بمقاعدها الجلدية المتشربة روائح خليطه من دهن العود والعطور الباريسية
والجلوس متخفية خلف زجاج نوافذها المعتمة مستمتعة بالاستيريو الحديث بسماعاته الضخمة يصدح بما اشتهي
هو جنتي الموعدة
يزيد من نعيمها السائق رشيد الأسود البشرة بلباسه السعودي وأناقته المفرطة حاملا رسالة صارخة للجميع :
أنتبه سيارة شيوخ
هل تعرف هذه العيون المشدوهة عند الإشارات المرورية علاقة الظل الأسود القابع بالجهة اليسرى خلف السائق بهذه المشيخة
علاقة يغنيها عبد الحليم الآن
مصيرك أن تبقى مسجونا بين الماء وبين النار
لو تعلم يا نزار لأكملت
قدرك أن تتأرجح يا ولدي بين العليا و النسيم
هنا ضحكت لتسمعني ميساء بنت عمي الظل الآخر المسترخي بالجهة اليمنى من السيارة :
تكفين حبوو ايش اللي ضحكي
رديت متوارية خلف ما تحب أن تسمع :
تذكرت فولار هيرمس اللي لابسه خلود ايش هذا هي ما عندها في بيتهم مرايا
بلاش بيتهم
طيب ما تشوف بعيونها حلاوة الفولارات عليك
تعرفي كان نفسي أقولها العبي بعيد يا ماما
الرزة ها هنا

تضحك ميساء وتخدرها هذه الأكاذيب التي أغذيها بها بلهجة بيتهم
لهجة هجين حجازية و نجدية مطعمة بألفاظ انجليزية
كلام الكلاس
التي أغلف بها تفاهات تسعدها وأحدث نفسي :
وينك يا يمه .. يا صيته الصاقود تسمعين بنتك تلغوى .. تعوج لسانها
كما تكرهين
فأنت لا تريدين أن أحضر من بيت عمي الوزير إلا ما يجودون به من الأرزاق
أما ما يعلق بروحي
اتركه عند باب دارنا
كعباية الكتف المطرزة الغالية التي البسها الآن
لزوم الشغل كما تسميها أختي منيرة وهي تتوعدني بعذاب النار :
عمر بيت عمي ما عطوك هدمة سنعه تلبسينها أش معنى العباية
وعباية حرام
وإلا لزوم الشغل لا تفشلينهم

واستفزها ساخرة :
هيه .. يا جزاك الله خيرا
عبايه حرام
و شلون حجاب وحرام

وتبحث عيني في وجهه أمي عن انفعال
أي تعبير ضد القادم من بيت الوزير
ولكنه كالعادة يملك حصانة حكوميه لتتمتم :
منيرة الله يهديك يبون البني مثل بعض
يا بنيتي احرصي عليها ترى ما لنا حيلها إن صار لها شيء
بس افصيخها عند الباب
لا تخرب

يا صيته متى تعرفين عمر البني ما صاروا مثل بعض

تودعني ميساء بعد دخول السيارة بوابة القصر:
باي
بليز لا تنسي البحث بكرا
أش رأيك تنزلي شويه
يتجه نظري إلى السيارات المصطفة بعيدا بينها سيارة أيمن البي ام دبليو الزرقاء مما يفقد العرض إغرائه ويرجح كفة جريشة بيتنا أمام مشاركة أيمن البغيض مائدة من أصناف عم عزيز اللذيذة أرد بسرعة :
معليش حياتي وقت ثاني

تقف السيارة في مدخل خاص أمام مصعد داخلي تحيط به شلالات مياه منسابة على زجاج معشق
ويسرع رشيد بفتح الباب لتحمل الشغالة حقيبتها وتمسك مربيتها بيدها لتساعدها على النزول
فرجل ميساء معابة
ما بها
لا أدري
اعرف انه الرباط المقدس الذي جعلني ادخل بيت الوزير منذ أن كنت طفلة في الرابعة
وهذا يكفيني

مرافقة ميساء منذ الطفولة كان بطاقة الدخول لعالمهم المختلف المثير
بهذا أشار عليهم كبير العائلة عمي عبد الرحمن الذي كفلنا بعد وفاة أبي في بيته سكن الإمام في احد مساجد السويدي
كل ما راني يذكرني برأيه السديد بصوت يحمل إيقاع خطابي مضحك :
احمدي الله يا بنت اخوي
ترى أنا اللي قلت لأخوي عثمان
خلوا ميثى بنت عبد الله تخاوي ميساء
وضفوك مع بنيتهم
اكسبوا فيك اجر
أو أثم
لا احد يحاسب الأئمة في بلادي
أيها البغيض
ميثى بنت عبد الله إذا رضيت
ميثى بنت البدوية إن غضبت
ميثى اسم شعبي
أمهل القدر أبي عمرا ليزيد من نصيبي من الإرث الوحيد الذي تركه لي أنا وأخوتي الاختيارات السيئة
ليموت بعد ولادتي بشهرين وأعيش عمري أداء واجب
أما ميساء فنجت من اسم الجدة بحيلة من عمي ترفع عنه الحرج والعتب من أمه بأن الكاتب المصري لشهادة الميلاد كتبه بلهجتهم وكان اسمها عصري راقي مثل كل ما حولها
الأسماء هل هي حقا مفاتيح القدر
تتعطل ورقة تسجيل الحضور بالمحاضرات كثيرا عند توقيعي
يتلاعب خيالي بها
فأنتقم من ميساء الصق بها اسم أبي واسرق اسم أبيها
للحظات
أصبح فيها بنت عثمان القادر وأعيش حلم يقظة توقظني منه فطومه ساخرة :
ترى صاحب المعالي عمتس يا الأخت مهوب أنتي
أهوه و راي ناس لازم أحضرهم
تواقيع مهب توقيع واحد
وكل واحد بقلم وبسرعة
مهب مثلتس يا الميتة

أحب فطومه زميلتي بمرحها قالت لي مرة :
العبودية جديدة عليتس .. على وراثتس
حنا وان حررنا فيصل سكنتنا العبودية
حالتس صعبة يا بعدي عبده بيضاء
لازم أمد لتس سلك
عشان تكيفين مع بنت عمتس وتعرفين انتس دايم عين وهي حاجب

الآن أنا سيدة السيارة يا فطومه في رحلة عكس التيار متجهة بها اللكزس إلى النسيم من العليا
مسار غريب لسيارة فارهة
اقرأ هذا بعيون رفاق الطريق من سيارات العمال المكتظة بالأسيويين
حتى انتم بدأتم تفكون تشفير الرياض
بلهجة آمرة مرتعشة غير واثقة أقول :
رشيد حط سي دي جوليا.. يا ائصص
يا ائصص عم تكتب اسامينا
عا زمان الماضي وتمحينا
طريق بيتنا الجديد لم اعتاده بعد بعكس الطريق الذي الفته وأنا طفلة بين بيت عمي عبد الرحمن في السويدي و قصر عمي عثمان في العليا
كان السائق يأخذني يوميا مع المربية تودعنا تلك الأيدي الصغيرة وأحيانا سباب حانق من أطفال يتسابقون على إغلاق باب السيارة
نصيبهم من رحلة قدرت لي وحدي
وكانت طفولة التناقضات
الوحيدة في بيت الإمام التي ذهبت للحضانة والروضة ودرست بمدارس الرياض وعرفت حفلات عيد الميلاد والمهرج و دروس الفروسية والبيجاما بارتي
طلاسم كانت لأخوتي وأولاد عمي
وإذا عدت بعد التاسعة تجاهلني الجميع انتقاما
فادخل بهدوء إلى غرفتنا المبنية بمخالفة لقانون البلدية بالارتداد الخلفي لبيت عمي مساحتها مترين بأربعة متر وسقف من صفيح و حمام صغير فعمي يردد دائما في خطبه :
إن الله أكرمني بان صرت كافل يتيم
قليلا ما أجد أمي أو أختي منيرة في بيتنا الغرفة
أما أخي عبد العزيز فدائما منكب على كتبه يدرس باجتهاد الفقير
لا ينتظرني إلا يوسف أخي من الرضاع وابن عمي
مختبئا بظل باب الحديد ليخيفني ويضحكني ويقسم معي غنائمه من الحلوى وأخبار النهار
ولا ينتظر مني بديل
يعرف إن بيت الوزير كريم بأكياس الرز وصناديق الفاكهة التي تحملها سيارة العودة وينقلها رشيد لمطبخ البيت
أما أنا فثمن بقاء رباطي ألا احضر من هناك إلا نفسي فقط
لا كلمة أو لعبه
فمنذ أن عرفت الذاكرة ومراسيم وداعي محفورة فيها
تفتش المربية جيوبي وحقيبتي و تطمئن من براءتي
إلا من الذل
تدس الجوهرة زوجة عمي بيدي ريال وتقول :
ميثى لا تحكين أسرار البيت لأهل السويدي
إذا عرفت كلمة طلعت
ما راح تجي هنا ثاني
كانت تحمي التناقض الفاضح في حياتهم مع طبيعة المجتمع النجدي المحافظ
فهي تأمن أسوار القصر و ولاء الخدم و تذاكر السفر التي تأخذها للبعيد الغريب
وتهابني
أنا الدخيل القريب
كان يوسف هو أخي
أما منيرة وعبد العزيز ابتلعت أخوتهم زحمة الأطفال في بيت عمي المتزوج من امرأتين وله تسعة أولاد وأربع بنات
زحام ضاعت فيه حتى أمي
التي انتمت لهذا البيت وشاركت زوجات عمي هموم الأطفال والطبخ والتنظيف كل شيء
إلا هو
رفضت أن يضمها لحريمه
فكسبت حب زوجاته وأظنها قللت من عدد أولاده
كان يوسف يسميهم أولاد الحكومة يسخر من أبيه :
هو لو ها الشايب تكلف فينا بريال كان ما جابنا
ولدونا بمستشفيات الحكومة
و درسونا بمدارسها
لا وتحفيظ قران عشان المكافأة
والجامعات حكوميه
إلا الجهاد والسجن مساعدات أمريكية
مصعب و انس وأسامة هذولا دوليين أخواني
مرح يوسف ووسيم بشعر البني الناعم الكثيف وعيونه الواسعة متميز
بعشقه للزين
يهوي بطبعه أغلى العطور وأشهر ماركات الملابس والأحذية
يهتم بالجلديات الرجالية والجولات الجديدة لذلك كان عمي كثيرا ما يعاتبه على تبذيره واهتمامه بالمظاهر الزائفة ووسخ الدنيا

اليوم الاثنين عند يوسف أوف من الجامعة هل سأجده في بيتنا
يمكن فقد تغير كثيرا هذه الأيام
وقلت زياراته لنا
هل يحب
أغرمت به كل بنات الجيران وما بالى
لماذا تغير الآن
دخلت السيارة لشارع فرعي يقود لبيتنا المحاط بشجرة سدر ضخمة
قديم البيت الذي استأجر لنا أخي عبد العزيز بعد أن عاد مهندسا من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وتوظف في شركة أجنبية
وأعلن بهدوئه المميز زوال أيام غرفة السويدي بلا رجعه
واختارت أمي أن يكون بيتنا بالنسيم
قريبا من بيت زوج أختي منيرة وكل معارفها وأقاربها
فأخيرا عادت صيتة الصاقود لقواعدها سالمة
أمي البدوية
عزيزة هي في قومها
محتقرة من أهل زوجها الحضران
وان تقدموا منها خطابا بعد وفاته
تزوجها أبي عن حب نظمته بقصيد عذب ترويه لنا إلى اليوم
تتغزل به هو الراقد تحت التراب
وخطيئته فوقها
من سمع لقلبه واخرس عقله
واختار أن يعيش أولاده معركة يومية مع الإهانة والانتقاص
طبيعتك أبي أم مهنتك
سوء الاختيار
ما هذه السيارة أمام الباب بي ام دبليو زرقاء
مثل سيارة أيمن أيعقل أن يزورنا ابن الوزير
كانت بمواقف القصر
كيف سبقنا أيمن
أمر غريب

الفصل الثاني
سوادة غيم في شمسه المطله

أسرعت بالنزول
تعلمت ألا أنتظر من رشيد أن يفتح باب السيارة
الخدم يعرفون أعمامهم أو مراكز القوى المؤثرة بحياتهم بحساسية عالية
كما أساتذة الجامعة

ماذا يخدم الدكتور في الجامعة
الطالب
إجابة خاطئة
يخدم أي شيء إلا الطالب

كانت أمي وأختي منيرة في الصالة أمامهن كومة من الكراث
يتحدثان بصوت عالي
عادة رافقتنا من بيت السويدي المسكون بالضجيج
سألت متعجبة :
ترى اللى تأكلونه نوع من الخضار
يا ناس ارحموا لونه الأخضر ليه انتم مصرين انه حلى
لمين السيارة اللي عند الباب

قالت أمي بصوتها العالي ذاته :
أي سيارة .. ما عندنا إلا يوسف

ومن أين ليوسف هذه السيارة
وأين أم الجمايل
سيارته الكامري التي تعاقب عليها اثنين من أخوانه حتى وصلت له بموديلها القديم ونقوش خالدة من أثر حبات البرد الذي أصاب الرياض من سنوات

كثيرا ما يتحسر على حاله ويقول :
كل سيارات الرياض تعافت من ها الجدري ألا سيارة يوسف القادر
أكملت أمي :
تراه عند المشب ينتظر عبد العزيز يجي نتغدى
وجهت حديثي لمنيرة :
تبين تتغدين معنا اليوم بعد
لم ترد
لم أسلم حين دخلت
وهذا يغضبها
والسؤال الشامت بحال زوجة ليوم واحد و ثلاثة أيام على لائحة الانتظار يحرر هذا الغضب لتقول :
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

بخبث واستفزاز قلت :
أولا أنا ما سلمت
أنا سألتك اليوم أنتي أوف من أبو ناصر
بعدين السلام سنة و الرد هو اللي واجب

هنا لم تتمالك نفسها وبدأت موعظتها :
واحدة تدرس بجامعة العلمانين وش ترجين منها
الكل عندكم يفتي
الكلام بالدين له ناسه الثقات
يا أختي
مهب كل من درس حرفين يبي يزاحم أهل العلم ويسير الدين على هواه

بمتعة من وصل لمبتغاه رديت:
على الأقل أنا أدرس
غيري جامعتها زوجها خريج المتوسطة شيخ الأشرطة
تعمدت أن اجرح منيرة الحاصلة على الثانوية العامة ولم تكمل تعليمها العالي فالمقاعد في الجامعات محدودة
لأبناء المقام العالي
وما يفيض عن حاجتهم يتلقفه المحظوظين من أصحاب المعدلات العالية
ومنيرة معدل متوسط وعم نزيهه لا يتوسط لأحد
أقصد أحد لا يخضع لقانون الواسطة الضمني ( المنفعة المتبادلة)
لماذا أهوى أن أعذبهــا
أ غيرة من قربها من أمي
التي سلمتني لتلك المشاوير جارية
وأبقتها لها ابنة
تعنفني أمي مدافعة عنها :
يا الملسونه
باكر تخرجين وتجلسين بالبيت
اللي درسها عمها عشان بنته مثل اللي ما درست

هذا المصير من البطالة
يرعبني وأنا أرى من يتعمد حذف الفصول الدراسية ليحافظ على صفة الطالبة
فإذا سأل الخاطب قالوا له :
توها صغيرة تدرس بالجامعة
بما توحي به من أمل بالوظيفة المطمع أكثر من العروس
بدلا من أن يهمسوا بتردد :
كبيرة والله
متخرجة وقاعدة بالبيت
ففي قاموس الحياة هنا لا أحد ينظر لشهادة الميلاد
أو عطاء غير الريال
حتى الشباب

قلت متعمدة الاستهتار:
يا صيته قولي خير
وحتى لو جلست
لا يمكن أعرس على رجل حريم

أدركت هول ما قلت من وجه أمي الغاضب وبكاء منيرة بصوت مخنوق
لأهرب إلى مجلس الرجال
مستجيرة بيوسف
المتربع أمام المشب و شماغه الأنيق ملفوف حول رأسه بشكل عملي يحرك النار بالملقاط لينعكس ضوئها على وجهه المبتسم ويقول:
ولعت الضو يا ميثى بالصالة
تعالى تبردي بضو المشب

جلست بقربه بعد أن عبثت بشماغه :
جاسوس السويدي .. تتسمع علينا

تسأل يوسف بمرارة :
إلا ممكن اعرف متى تسامحين أمك
وتحترمين اختيار منيره
قلت مندفعة :
أي اختيار
هذا وئد عصري
فقبل عدة سنوات
كان بيت السويدي مشحون بأشرطة دينيه ومحاضرات وجمع تبرعات لجهاد من خيال
الكل كان يسير باتجاه إجباري إلى ما يصفونه بالالتزام
قادهم إليه الإحباط والخيبة
من كل شيء
لا دراسة
لا مال
لا حب
لا قيمة بالمجتمع
كل شيء محجوز لأهله
وما كانوا من أهله
التأهيل ملكه بيت الوزير
وأمثالهم
والزاهد من يكتفي بالفتات
وجد عمي عبد الرحمن قيادة المجتمع بالإثارة والدعوة بباطل حياتنا وفسادها وزيغ كل الرموز الوطنية وخضوعهم للمستعمر الأجنبي
فكان أمثاله بثقافتهم الضحلة وشهادتهم المتواضعة وتتلمذهم على بعض دروس لكبار المشايخ ملوك زمن المطوع
فصار مجلس عمي معلما في الحي
ليس من اجل طلب الوسائط عند أخيه الوزير
بل لسماع دروسه المستوحاة من ثلاثة عشر كتاب مصفوفة فوق رف خشبي في مجلس الرجال
أصابها الغرور كيف ألهمت هذا الجاهل كل هذا الكلام
هي العتيقة المتخلفة عن العصر
فتمزقت أغلفتها زهوا
إما صلاة الجمعة في مسجده أصبحت مزارا أسبوعيا
تحاصرنا بسببه السيارات على بعد شارعين ليستحيل الخروج من البيت ذلك اليوم إلا بعد الصلاة بساعة إذا أنفض جمع المصلون القادمون حتى من خارج الرياض ليسمعوا خطبة من سباب وأشعار حماسية قادمة من أشرطة مسجلة مليئة بصراخ مفتعل واقتراب حذر من خطوط الدولة الحمراء
ليصفونه بالجرأة
وما أراه إلا جبان
وحصاد موسمه المثمر
كان الحصرم
إذ صدق الكذبة ثلاثة من أولاده
فذهبوا لأفغانستان تاركين له زوجاتهم وأطفالهم
ملبين نداء لا يسمعه إلا هم
الآن لم يعد يردد بخطبه:
أن الله أكرمني بأن صرت كافل يتيم
لأنه محتار هل أحفاده أيتام مثلنا وإبائهم أحياء مطلوبون من الدولة

أما البنات تزوجوا رجولة مختصرة في :
ما يدخنون وملتزمين ما شاء الله عليهم

نجا من هذه المحرقة
أنا و يوسف بتمرد لا واعي على المفروض
وأخي عبد العزيز وابن عمي عبد الله بتكريس أنفسهم للخلاص القادم بشهادة علمية
وبنت عمي مزنه المحطة التي مرت بها كل القطارات وما توقفت
وما كانت لتشذ هذه المرة
تابعت ساخرة من حال منيرة :
يوسف
أبو ناصر هذا وش لقيت فيه
غير انه مقرئ وصوته حلو بالقران
طيب اسمعيه بالكاسيت
مو تعرسين عليه ياااااع هذا وشلون تبوسه
بشقاوة و استنكار قال يوسف :
مو مو وتبوسه
أحلى يا أبو حجوز
ميثى الجداوية
يا عقدة النقص عندكم يا الشيوخ
موريين بها الحجز
أنهم فلتة زمانهم
يتعصب يوسف بشكل أعمى لنجد
معشوقته
التي يغار عليها من سكان الساحل غربي أو شرقي
فنجد الأبية
رفضت البحر حدودا لها
واختارت الصحاري المهلكة لتحمي أسرارها الدفينة من الفاتحين
ويجب أن تبقى بعيدة عن هواء البحر العاصف
حتى وان حملته أنفاس أبناء الشواطئ
فهو معري لكل الحصون
قلت ليوسف لأبرئ نفسي من إعجابي بما يكره :
شيوخ
ما لي من المشيخة إلا ها العباة
إلا من غسيل المخ ببيت عمك
تعال هنا
السيارة اللي عند الباب
سارقها
وجيبها تبلانا فيها
رد متهربا من الإجابة :
الفلوس تجي من بيع وشراء
بعت وائبضت
هيك سيارات بدها هيك رجال
يا خد العئل
مهضوم

إذا مستأجرة أكيد
وإلا ماذا يملك ليبيع طالب في كلية الإعلام
فسايرته بالمزاح :
لا تميلح
زينك من الحليب اللي راضعينه سوا
وبعدين لا تغثن بها اللبناني
يكفي مدام نادين

قال بصوت مثقل بالحسرة :
سيارة مثل أيمن وجبت
بس مثل نادين
من وين لي

بسرعة كمن يطارد واقع قد تحققه أمنية بائسة قلت :
والله طموح
من غير شر تصير مثله
بحيرة سألني :
ليش تكرهينه ها الكثر
قد تعرض لك بشي
رغم السنين
يرعبني الحديث عن أسرار العليا
فصوت الجوهرة زوجة عمي المحذر مخيف حتى في الذاكرة
رافضا أن يخرس
بهمس قلت و كأنها تسمعني :
هو داري فيني عشان يتعرضني
احتقار
نظرات غامضة ما دري وش تبي
قرف
إذا مر من مكان أنا فيه
الطريق لو سمحتي
لما ننزل للجيم أنا و ميساء ويكون موجود ينهي الإكسرسايز
وعن أذنكم
إذا جلست آكل يقوم
خذو راحتكم
تقول مرض معدي
اسعد أيامي لمن كان يدرس بأمريكا
والحين لمن يروح لاستراحة عرقه وإلا يسافر
غير فهد الطيوب
اللي ما يدخل إلا ويمزح معنا
وإذا وقع عقد أدانا الحلاوة
لمن نرجع من حفلة
يسأل ها ما خطبتوا لي
تصدق
أحيانا يوزع علينا سقاير
خسارته انه يسافر كثير

بمهارة من يعرف أسرارك ويتلاعب بكتمانها قال يوسف :
انتبهي كنه جايز لك
اعلم عليك عبد الله
فجأة أصبح الهواء كثيف
واشتعل وجهي حرائق
وصارت نبضاتي طبول
فرميت بنفسي إلى الخلف كالمصابة بطلقة قاتلة بالصميم من حروف بريئة
قلت بدلال :
كم مرة قلت لك ما تقول اسمه كذا من غير مقدمات
أموت أنا
يدخل أخي عبد العزيز وبصوت معاتب يكمل أخر ما قلت:
من سوايك اليوم بمنيرة أكيد تبين تموتين
بتذبحك أمي
عرفت أن كل الأحاديث انتهت
وبدا الحساب
نهضت من مشهد موت جولييت المسرحي هاربة
قبل أن تحضر أمي غداء الرجال
وتنهاني أن أكل معهم
هنا
الرجال أولا
من هشاشتهم لا يحتملون الانتظارأو المشاركة

ذهبت لغرفتي مسرعة وأنا تحت تأثير إصابة حب
أبي منها الخبر
وتقول لله لله لله
خذاها اللي على خده علامة
سوادة غيم بشمسه المطلة
سمعت هذه الأغنية وأنا طالبة في المرحلة الثانوية
بليلة أمطرت فيه الرياض بوحشية
فخافت الجوهرة زوجة عمي أن يوصلنا السائق لسباق السباحة
وأمام دموع ميساء المشاركة بالسباق
تبرع بإيصالنا فهد الثلاثيني بذوقه الكلاسيك العاشق لأغاني محمد عبده القديمة تعجب كيف لا نعرف هذه الأغنية
قلت له :
صراع أجيال يا الشايب
ضحك
ودعاء للمقرود اللي يبي يتزوجني
وعندما سمعت كلمات الأغنية
غابت قطرات المطر من على زجاج السيارة
ليظهر وجهه عبد الله بخاله الأسود على خده
أغمضت عيني مذعورة
من اكتشاف أن روحي تنجست بالحب
عرفت أن تلك الطفلة التي كنت المتخفية تحت البطانية الصوفية الخشنة مدعية النوم لتراقب عبد الله يدرس مع عبد العزيز و يديه الجذابة تتحرك مع كلمات لا افهمها بصوت عميق
ليست بالبراءة التي ظننت
وان الأرق الذي أصابني بعد أن كبرنا وصارت مذاكرة الأولاد بالمسجد سببها توقف بث الجيولوجيا العذب
بعد هذا الاكتشاف بدأت عيوني لا تكتفي بالأبصار
بل تعلمت الحديث بأبجدية من نظرات من خلف الجلال أو شرشف الصلاة الذي كان سجان قاسي
يحبسها خلف قماش قطني سميك فلا تصل لعبد الله
ومحرر مغوار يهبها الزمن لتتعلق بملامحه وتمرح كما تريد
عرفت أن كل هذا ليس لعبة شقيه
انه الذنب .. الحب
طهره عبد الله باعترافه انه شعور متبادل
فقبل خمس سنوات
بعد تخرجي من الثانوية العامة
في تلك السنة كان عبد الله و أخي في سنتهم الثالثة بالجامعة قد وصلا من المنطقة الشرقية
ليدخل غرفتنا حاملا حقيبة عبد العزيز الذي كان ينقل جمبري القطيف للمطبخ فتفاجأ بوجودي
أأسرعت التقط الجلال أم تباطأت
ابن عمي هو
أأتغطى بالسويدي
وأكشف بالعليا
هل هو تأثير الجغرافيا على كون اسمه الرياض
سلم متعبا
وحبات العرق على جبهته تتسابق كاللؤلؤ لتفوز بظل الغيمة السوداء على خده :
هلا
ما دريت انك هنا مبروك النجاح

وقبل أن أرد تهنئته أكمل:
في كلام من زمان ودي أقوله وما جات فرصة
ميثى أنا احبك
أحب عيونك

سكت ليتذكر مكوناتي ليكمل بخيبة :
اسمعي أنا يخونني التعبير احبك
كلك
أتمنى أن يكون لي عندك نفس الشعور

وبنظرة عميقة من عينيه الضيقة بأهدابها الكثيفة قال :
أوعديني
تنتظريني لمن التخرج
بس أبي وعد

همست مذهولة :
أنا لك

وخرج راكضا فرحا و خائفا من أن يراه أحد
التفت ليقول محذرا :
ميثى تكفين لا يدري أحد

تلك الكلمات المرتبكة غيرت حياتي
انقلبت الأدوار
أول مرة
املك شيء تفقده ميساء
حب عبد الله
تخرج عبد الله منذ عام وتوظف بالحكومة رافضا العمل بالقطاع الخاص مثل أخي
وهو ما يتناقض مع طموحه وذكائه
ما رأيته إلا لمحات
تغيب عن وداعنا من السويدي الذي بكى فيه حتى الجيران
هل صعب عليه الفراق
أم تغير شعوره
لا ادري
هو كتوم بطبعه
الم يقترن اعترافه بالتحذير
لكن كل هذا الوقت
مرت سنة يا عبد الله على الموعد
كل هذه الذكريات تصعب علي إيجاد مفتاح غرفتي
ليحاصر أولاد أختي الثلاثة باب فردوس خالة ميثى
سفارة الكفار بالبيت
فيها كل محرم عند أبيهم
العرائس والأغاني والتلفزيون والأخطر الكنتوتر
كما يسمون اللاب توب
نتنافس أنا وإياهم على حب هذا الحبل السري الذي يصلني بالعالم أو يفصلني عنه
اتصل بالنت قبل أن أغير ملابسي
وأوزع عليهم بقايا من اللبان إكسير الصبر في المحاضرات
لأنعم بالسلام وبقبلهم الشهية
مودعين راضين بما نهبوا
شبك النت
منتدى الرحالة للشعر الشعبي أعضائه كبار الشعراء والنقاد
فالهوس بالقصيد رمتني به صيتة وانسلت
ورعته مزنة بنت عمي بمكتبتها السرية على سطح بيت الإمام
لأكتب حبي قصائد
يا خوفي يا صيته أن يكون حظي من الرجل مثلك
كلمات
شاركت برابع قصيدة بالمنتدى أمس
متشوقة لتعليقات الأعضاء
ما هذا
رسالة خاصة
العنوان : بكم ؟
المرسل كاش مني
اقرأ
إذا كن لديك شعر للبيع هنك مشتري مستعد للتفاوض .
لحظة
يا ويلي
الرسالة بالخطأ الإملائي نفسه
خطأ العضو المميز الساري
وينك يا فطومه تشوفين
صدقتي أخر سكة المنتديات الندامة

الفصل الثالث
ان بروبر واي

جلست أنا و فطومه في المحاضرة لنتحدث
كتابة
كراسات البنات
مليئة بالأحاديث الفاضحة المكتومة
فن أتقناه من أيام المدرسة
أردنا أن ننساه في الجامعة
لكننا اكتشفنا الكذبة
لا شيء يستحق أن يكتب هنا
إلا تاريخ اليوم وكلمة بسم الله

ماذا تكتب المرأة
ما يقال
إجابة خاطئة
تكتب ما لا يجرؤ احد أن يقوله

اكتب بقلمي الأسود :
فطومه عندي لك سالفة

فانا لا أحب القلم الأزرق
أظنه لون للخضوع
يكررون لا تقبل الإجابة إلا بالقلم الأزرق
واتحدي أن يرفضوا الصواب بسواد قلمي
ودائما ما أكسب الرهان
ترد فطومه بقلمها الأزرق:
وشي

اطمئن أن الدكتورة منشغلة عني لأكتب :
لا كايده
بعد المحاضرة أبيك

ترسم وجها باسما لترد :
أو تسي
بس زحلقي بنت عمتس
كشختها تجيب لي التكه

ارسم وجه حزين وأكتب :
هي والشلة طالعين يفطرون بالعزيزية
ودها تمرجحني مهب تزحلقني بس

تعلق بلؤم :
عادي لو تسفرك لدزني لاند
كشتة العزيزية مهب جوع بس
مآرب أخرى
وأنت أملحهم بالعباة
تصدقين
تذكريني بسندريلا ولين وصاحب الظل الطويل

انتبهت الدكتورة لضحكاتنا فكتبت:
اسكتي ها الحين
أخاف دكتور نامق تطردنا

اعتدلت في جلستي محاولة متابعة المحاضرة المملة
أمامي ميساء وشلتها
بعيد مقعدك عني
المسافات أهي مقياس لعمق العلاقات
أين هذا المقعد من طاولتنا في مدارس الرياض الثابتة في كل مراحلنا الأولية الصف الثاني بجوار باب الفصل المحجوزة دائما لبنات العم
دخلت الأنوثة من الباب لتخرج الألفة من الشباك
لا ليست الأنوثة تلك الكريمة بهباتها الساحرة
بل الغيرة
في الطفولة كنا
بنت الوزير البيضاء البشرة بفساتينها المزركشة بالدانتيل وشعرها الأجعد وعيونها البنية ووجهها المكتنز بالبراءة
واليتيمة النحيلة السمراء وثيابها الرثة وعيون واسعة سكنها الحرمان لولا شعرها الأسود طويل لما رأيت فيها إلا الشفقة
وكبرنا
وصار ما يجمل الطفلة هو قبح للمرأة
جسدي النحيل
أزهرت عليه تفاصيل فاتنة
فشلت إن تجد لها ربيعا عند ميساء
والملامح العربية الحادة
انتشت على وجهي جاذبية صارخة
لتعلن هزيمة فقر الفستان في طرد نظرات الإعجاب وآهات الدهشة
كيف لبنات العم هذا الاختلاف
أثار هذا الاختلاف الجديد الذي لا يباع غيرة ميساء
فنبذتني
تردد الجوهرة زوجة عمي :
الحلى خسارة عليك يا ميثى
جمالك راقي وذوقك شعبي
يعني تناقض
كونتراست
أوفر كونتراست
نعم كان الجمال عبئا على فقري
في المتوسطة
بدأت ميساء تسخر مني
وكثيرا ما سكن وجهي كفوفي ستارة لتخفي دموعي في حصص الفراغ
فكنت بتسريحة شعري واكسسواراته الفقيرة هدايا ابنة عمي مزنة البسيطة الذوق طرفتها اليومية
صارت تسميني ميثى شو
وفي أيام الشتاء
تحلف أمي علي بجعلي أفقدها أن ما لبست جاكيت منيرة
ذلك القديم الطويل ببطانته الممزقة
فأخبئه بحقيبتي المهترئه
لتكتشفه ميساء و تصر أن ارتديه
لتضحك مع البنات على ميثى شابلن
عندها مسحت دموعي
وتعلمت أن لا تسعد الآخرين بمتعة السخرية منك
اهزأ من نفسك بنفسك
فصرت المشاغبة والمهرجة للصف كله
أنا النكتة والراوي
فكسبت قلوب الزميلات والمعلمات
ومزيد من نفور ميساء
فأحاطت نفسها ببنات المنتفعين من الأصول الشامية المتطفلين على الطبقة الراقية في المجتمع المتقربون لها بالحديث الشافي لكل المواجع
واو شفايفك غليظة زي انجلينا
جسمك مليان بس حلو مارلين مونرو سحرها جسم متلك
عيونك زغار لونن بني خطير
كم يجيدون الرياضيات ويبدعون في حساب المصالح
تعلمت أيضا هذه الرياضيات
في البداية
كان هدفي استعادة ميساء
فكل حياتي هي محورها
فحاولت استرجع قربها مني
فأخبرتها بالسر الذي لا يعرفه إلا يوسف
حب عبد الله واعترافه الهزيل
فقد تجمعنا الأسرار

ولكنها رفعت حاجب بكسل وقالت ببرود :
يا حظك لقيت واحد تحبينه ويحبك
عقبال لي يارب
قولى آمين حبووو
وانتهى
وفشل سلاحي الأخير لإبادة البعد
ومع الأيام
حاربت فقدانها من اجل البقاء فقط
لتتحملني بضع سنين أخرى
لأدرس الجامعة بظل بشت الوزير
وكان
بمرافقتي المطورة لميساء المليئة بالمرح المصطنع والمديح الزائف
سأتخرج هذه السنة من إدارة أعمال
انتهت المحاضرة
وتوقفت الذكريات
سلمت الدكتورة بحثي وبحث ميساء المماثل بتنسيق مغاير والأهم اسمان
والطرفة بعد أيام
درجتان مختلفتان

خرجت ميساء من باب القاعة وودعتني :
اوكي حبووو بنروح
يمكن ما نرجع لمحاضرة ثنا عش
اكلم ماما ترسل لك احد يوديكي البيت

أشرت لها مودعة وقلت :
باي
دونت وري حياتي أدبر نفسي
لمن اخلص من الجامعة اقفل الباب
وأحط المفتاح للفيصل تحت المات

بهمهمة قالت فطومه :
واع يالمزح
حومتي تسبدي أنت وبنت عمتس
وشلون أبي افطر الحين

قلت بتشفي :
عز الطلب
انسي الفطور
واسمعي السالفة
تعرفين إني مسجلة بمنتدى الرحالة

بعصبية ردت :
لا ابوتس لا أبو ها المنتدى وحنا لنا سالفة من يوم ما دليتي ها الدرب
إلا كتبت
قالوا
قلت
المهماز هو نفسه الحواس
فلانة مشبكة مع فلانتان
من تكون فيكتوريا الحكيم
أنا وش ذنبي يارب اسمع ها السواليف الخايسه
اكره ما أشوف ها المنتديات

أوقفتها قبل أن تكمل رأيها الطويل المكرر :
الظاهر أبي اترك خلاص

قاطعتني بتأفف :
يا قدمتس
المرة المليون تقولين تسذا
أنت انجربتي خلاص ما بتس رجا

بتأكيد نابع من قناعة قلت :
لا بعد إلي حصل أمس
ماليش اوئعاااااد
جات رسالة خاصة واحد بيوزر كاش مني
يطلب شعر للبيع
تصوري مكتوبة بنفس طريقة و أغلاط الساري العضو المميز
أن صار هو الساري
مصيبة

جذبت اهتمام فطومه بقصتي لتتعجب :
مهب هذا أكثر واحد يحش فيتس
ويقول إن شعرتس من جنبها
لا وزن ولا قافيه
واللي لهرجتي به ذبلتي عيونتس وقلت معه حق شاعر تسبير مستواه عالي
يقولون انه أمير

أجبتها وأنا أفكر أن كان هو الساري كيف يحطمني ثم يستجديني :
وش ها الازدواجية
وين المبادئ
ليش يقلل من مستوى شعري
والغريب كيف يشري تعب غيره وإحساسهم

قالت بنبرة ساخرة :
هذا اللي هامتس
فكري بكم يبي يشري
ما دامه دافي لا تبيعين برخص
وبيعي بالبيت تفريق مهب جملة بالعمارة ما ادري بالقصيدة

رديت باستنكار :
وشلون أبيع شعري صدق أنك مادية
بغضب قالت:
او تسي وأنت برجوازية
وش على الكلام
وبعدين تسفين يا فدوى طوقان
شعرتس هذا فيه أمل تنشرينه يوم بإسمتس

باندفاع رديت :
أنت اتجننتي
واحدة من بنات القادر وتشهر بنفسها
لا وشعر نبطي كله غزل
تبين عيال عمي عبد الرحمن ينسون أمريكا ويحطون حرتهم فيني
حبيبتي حنا فواتير الخياط ما نكتبها بأسمائنا
نكتب دواوين

قالت غير مبالية :
الحمد لله على نعمة العقل
لا ودكاترة ومهندسين و وزراء
اقولتس بيعي وتوكلي على الله
على طاري البيع والشراء
ترا خالتي زينب جاتها الفساتين
خل نروح بعد الجامعة
تختارين
ومن عندها تروحين لأهلتس
تذكرت حفل تخرج ميساء الذي تستعد له الجوهرة زوجة عمي منذ أشهر
أريد أن أكون أنيقة أمام عينيها المنتقدة
يستحق هذا التضحية بما وفرت من مكافأتي الناجية من أقساط اللاب توب
فالخالة زينب تبيع ما تتصدق به الأميرات من فساتين عالمية مستعملة
كجديدة
إلا من اثر البخور
بعد أخر محاضرة ركبت مع فطومه بسيارة معدومة الملامح
قطع ملحمة من التشليح
وداخلها مزخرف بكل أنواع الزينات
نقلتنا مع خمس من قريباتها لأحد الأزقة القريبة من الجامعة
عجيبا جمال رحلتنا بهذه السيارة
أين منها اللكزس التابوت المتحرك
جنتي الوهمية
كم أضحكنا سعد قريب فاطمة بمضايقته للسيارات الفخمة بتعمد سافر ونكات مرحه وسباب مسف
وكانت الشوارع الملتوية الضيقة الترابية مزدحمة لتشارك البيوت قديمة إيواء كل هؤلاء السكان
فالكل أقارب بشبكة من العلاقات يجب أن لا تتهور وتسأل عن ما هيتها
وأنا من ظن أن النسيم هي النار
السلم الاجتماعي هو الترتيب الوحيد الذي لا يمكن أن ترى قمته ولا قاعه
يفاجئك بدرجات لا نهائية
أعلاه وأسفله
وصلنا لبيت خالتها
لندخل لغرف متعددة تقودنا فيها الخالة زينب لغرفة مليئة بالثياب الجميلة تعرض فيها أشهر الماركات التي ميزتها بخبرة سنوات وبأوصاف مضحكة
تمتدح بإصرار فستان ذهبي لفرساتشي:
يخبص العقل
غويلي بس يفداتس
والله العظيم أبو الدريجات أول ما يشرى
معتس علمه

عرفت فطومه أن بتدخلها المستمر لن نختار شيئا فقالت لها :
خالتي زينب الحين دليلتس معتس
روحي كلمي ها الأرقام اللي يتحرون ها الثياب عشان تبدين شغلتس
وخلينا ننقي بكيفنا

خرجت على مضض
أسرعت أقول لفطومه بحيرة :
اسمعي
أنا ما أبي ماركة مشهورة
لا جفنشي ولا شانيل ولا ها الهوامير
لأنهم راح يعرفون الموديل القديم

صرخت بمرح :
من قل الثياب
طبي وتخيري
مضى الوقت في جنة من الملابس بأذواق ومقاسات مختلفة
حتى وجدته
فستان ايطالي راقي جميل بلون ابيض وزهور وردية طبقات من الشيفون بتطريز رقيق على صدر رفيع القصة
أحببته
كان الفستان ما قبل الأخير في الدولاب العتيق
عندما لبسته وجدت في المرآة المكسورة جميلة حزينة تنظر بعيون سود
تحاول أن تذكرني بأمنية قديمة لطفلة صغيرة :
عمتي الجوهرة أبي ادرس باليه
أردت أن أن أتعلم الرقص مع تلك المدربة الفرنسية الصارمة في معهد العلاج الطبيعي حيث تذهب ميساء كل يوم وأرافقها حتى تنتهي وأنا ملتصقة بزجاج فصل الباليه
مفتونة بتلك ا لخطوات الجميلة و الموسيقى الرائعة
تنتفض روحي بداخلي مع أنغام تشايكوفسكي
وأمد قدمي و ارفعها اثني جسمي مع حركات المدربة
ميثى راقصة باليه
سريالية متناهية
وعندما سمعت زوجة عمي الجوهرة هذا الطلب
غضبت الأم الجريحة بابنة معاقة
وأرسلت ميساء لترتاح في غرفتها
أبعدتها عن مشهد العقاب

وطلبت من الشغالة ماري أن تثني رجلي اليسرى وتقيدها بفخذي برباط الستارة وهي تقول :
أعطاك الله رجلين وما سدك تمشين فيها تقهرين ميساء
تبين تطامرين على رجل
جربي ليوم
وشلون ميساء عايشه
ضحكت ظننتها لعبة
لا يعرف الأطفال الخوف إلا إذا رأوه في عيون الكبار
وعندما سكن خوف حائر عيون ماري
بكيت مرعوبة
وعرفت أن بداخل كل منا شيطان
يطلقه سحر غامض
محكوم بتعويذة سريه
نطقتها بجهالة الطفل
وكان أن انتقمت الجوهرة مني بدلا من القدر
في نهاية اليوم
اختلفت مراسيم وداعي قليلا
بعد أن فتشتني ماري كالعادة
حضنتني
وتمتمت
أنت بيبي مسكين
انت قرو اب
بيكم بيوتفل سوان
بقى اثر الرباط يومين على بشرتي
ولا ادري كم سيبقى على روحي
أما كلمات ماري
عرفت معناها وما فهمت مقصد ها
كيف إذا كبرت أصبح بجعة جميلة
بقيت أحب الباليه
وكان صندوق مجوهرات ميساء براقصة البالية الجميلة بداخلة التي تدور و تدور على موسيقى لوف ستوري أحلى من كل الألعاب في غرفة ملئها الدلال بعطاياه
أقلدها عندما أكون في الغرفة وحدي
حتى كسرته زوجة عمي الجوهرة أمامي
ونقلت المجوهرات لخزنتها
وقالت أنها ترتاب بكثرة فتحي للصندوق
هل تشك أن اسرق
أم تكره أي بنت تقف قدم واحده حتى وان كانت دمية
نعم انه فستاني الأمنية
لم يعجب فطومه ببساطته وانتقدته:
احد يعاف كل ها الشك والتراتر ويلبس ها اللي تقل مناديل
تدرين خل خالتي زينب تشوفه هى دواتس

خرجت من الغرفة لنجدها بالصالة وعندها امرأة ممتلئة الجسم
كأني أعرفها
صلتا على النبي استحسانا
وقالت الخالة زينب :
يهبل عليتس

بغضب قالت فطومه :
وش ذا الذوق

قالت الخالة زينب مستشهدة بالمرأة الأخرى :
انت ياخدوج تطقين بعروس وتشوفين عالم
إلا مهب يهبل

قالت بصوت شجي :
إلا الله يحفظ بس
عرفتها بصوتها المميز
إنها خدوج الطقاقه
صاحبة اكبر فرق الرياض

رأيتها في الأعراس تغني بصوتها الأغاني وتتقن السامريات
أخبرتني فطومة أنها ترافقهم على الأورغ في بعض الأعراس متنقبة لئلا يعرفها احد
يرن جوالي بنغمة ادلع يا كايدهم
ونرقص أنا و فطومه فرحا بانتهاء رحلة البحث بين أكوام الفساتين
تصفق خدوج بيديها بحرفية وتغني حمام جانا مسيان
نغنى معها ونرقص بحفلة خاصة
أنستني الرد على الجوال والسؤال عن السعر
لتوقظنا الخالة زينب بذكاء تاجر لا يدرس بكليتنا الخائبة :
الفستان عشانتس بستة الآف
تدرين إن سعره الأصلي يمكن بثمان تعش

ارتسمت نظرة الفزع والخيبة على وجهي وقالت فطومه :
راعيها يا خالتى
ترا مالها من العز إلا الاسم بس

كانت خدوج تراقبنا بعين علمتها السنين الصيد في الماء العكر هو الأثمن فقالت :
يا بنيتي تسان عليك قاصر
ورا ما تخاويننا مثل فطومه
تنفعينا وننفعتس

قالت فطومه باندفاع :
اعرف إن عندتس بعيونتس مويه بيضاء
بس منتيب عمياء
هذي وشلون تأخذينها معنا
تبخينها بوية

هنا انفجر الجميع بالضحك
لتكمل خدوج بتلميح خبيث:
ما عاد احد يدقق الحين
واللي سامحن له أهلها تجي عندكم
أكيد مهب مخالفين تطق
شوفي ترا الحفلة الجايه حقت رجال
وما يطيعن كل البنات يروحن معي
والدفع مدوبل

بغصة أحسست بالإهانة
أكان دخولي لمكان لا يوجد على خارطة أمانة مدينة الرياض تهور
أنا في بيوت لا تعرف أرقام ولا عنوان
وأنت أيتها الرياض الغامضة
حفلات رجال

بفضول ابتلعت الإهانة وسألت خدوج :
تروحين حفلات رجال ما تخافين

قالت ببرود مصطنع لتبرر تنازل من اجل مزيد من الآلاف :
أنا ما أخاف العيال يروحون معنا
وبعدين هذولا يجبون بلاهم معهم
ما يبون منا إلا الطق للشيبان

قلت لزينب برجاء فما لي ولحياة خدوج :
ايش رأيك احجزي الفستان لمن أدبر الفلوس

بوعد مريب لم تلتقي فيه العيون قالت :
إن شأ الله
إن شأ الله
أفصخيه الحين
ويصير خير
بدلت ملابسي في الغرفة
وإنا أفكر بكم وفرت
وهل سيساعدني أخي عبد العزيز بثمنه
يقاطع تركيزي بهذه الحسابات المحمومة صوت خدوج الذي تغريني بحفلاتها المربحة وعرضها الفرصة
خرجت من الغرفة أودعهم
أعطي زينب الفستان آملة أن لا تعيده مع الفساتين الأخرى
فالتقطته من يدي وتفحصته وقالت :
لا تبطين على ترا ما قدر أطول بحجزه

قلت بتردد وأنا أصافحها :
لا ما راح أتأخر

وكانت المفاجأة عندما ودعت خدوج و سحبتني من يدي لتهمس بإذني :
ترا الحفلة اللي اقولتس عقب أسبوع
ال سكرت ليرة دفعت العربون
وان غيرتي رايتس
حياتس

ولتأكد كلامها أخرجت ورقة وهي تتباهى :
استراحة شيوخ شوفي الوصف

نظرت مجاملة الكروكي الذي يصف طريق الاستراحة
ما هذا
استراحة عمي بعرقة

وبجانب الورقة بخط نسائي جميل اسم نادين ورقم جوالها لتشير له خدوج بتحد:
هذا رقم ام ليرة يا هي قمر مصور
أعدت لها الورقة مذهولة
أيمن
معقول
أيمن بروبر واي
هكذا اسميه
مغتاظة من انتقاده كل شيء بترفع
ات شود بي ان بروبر واي
يريده كما يجب
بمقاييس الكمال
أين لحفلاتك المختلطة من هذا الشرط المهلك الذي لا يرحم
كنت اقفز فرحة وأنا أسير على قدمي إلى الطريق العام لأطلب سيارة ليموزين و ورائي بيت الخالة زينب
لم اخرج منه بفستان
بل بما هو أكثر
بضعف إنسان قاسي

الفصل الرابع
فقارى وتحبون

أخيرا وقف ليموزين بعد انتظار دقائق على الشارع العام
سأل السائق وهو ينظر بالمرآة :
فين يبقا مدام
قلت وأنا مغتاظة من أن أكون مدام :
روح نسيم
يستمع السائق باستهتار لأغاني بلاده
ولما لا والراكب امرأة
ليبقي شريط التلاوة بصوت السديس إذا ركب الرجل
هو القابل للخداع
تعلم أن المرأة هنا اذكي من النفاق

ماذا يفعل الأجانب في بلادنا
يكسبون عيشهم ويمتلكون ما تهبهم
إجابة خاطئة
يسكبون عيشك لتمتلك الهباء

تذكرت أنني لم أقرر بعد ماذا افعل مع المنتدى
كيف أتصرف مع الرسالة الغامضة
الأفضل أن أسال مزنه بنت عمي بثقافتها الواعية و خبرة السنين
أخطأت باستشارتي لفطومه
صححت الاتجاه للسائق بسرعة :
لا
روح سويدي
من يكون المتصل الذي أيقظ نغمة الجوال من سباتها لنرقص عليها في بيت الخالة زينب
انه يوسف
لا اعرف ماذا يريد
حادثته مستفسرة :
قدامك دقيقة قل وش تبي
منب على مالية ابن سعود
بصوته المرح رد :
يا حول يا الشعب
عندي لك شغله فيها فلوس
وبعدين
عبد الله اخذ رقمك مني
تجمدت أطرافي وتسارعت نبضاتي
هل هو فرح أم خوف
كم يتشابهان
أخيرا قرر أن يفي بوعده

صرخ يوسف متعجبا من الصمت الثمين على الجوال :
أمرك اليوم عشان البيزنس
هيه ردي
بصعوبة أجبت
كأني انتشلت نفسي من مكان خيالي نقلتني له خطوة متأخرة من الحبيب :
أنت ما تدري وش يصير لي عند سيرة ما ادري وش اسمه
لا تمر
أنا رايحة بيتكم أبي مزنة بخصوص بحث
لا يعرف يوسف وهو الصديق عن اشتراكي بالمنتدى
يختصر علاقة البنت بالنت بكلمة واحدة
تشبيك وبس
من تكتب بالنت برأيه منحلة أخلاقيا
باحثة عن التجاوزات التي تسهلها تقنية لا تستوعبها رقابة منزلية متخلفة عن التكنولوجيا الحديثة
قد يرسخ هذه الفكرة لديه تصرفات من استحال عليهن الصمود أمام رياح الحرية القادمة من شاشة تفتح بوابة التواصل مع للجانب الأخر
حيث العبور للمحرم
نعم .. يجب أن لا يعرف
قال ليؤكد أهمية لقائنا :
خلاص الوعد هناك
لا تروحين قبل ما أشوفك
فكرت بعد اتصالي بيوسف
ليس من اللائق أن اذهب لبيت عمي عبد الرحمن
يسأل عبد الله عن رقمي ليجدني في بيتهم
اسأل مزنه رأيها عن رسالة المنتدى في يوم آخر
أخبرت السائق بوجهتي الجديدة :
شوف خلاص روح نسيم
أجابته كانت صوت فراميل السيارة القوي
لنقف وسط الشارع وينظر إلى الخلف
ويقول بعصبية وبصوت مرتفع :
أنت ما يعرف ايش يبقا
نسيم ولا سويدي
روه نسيم .. روه سويدي .. روه نسيم
أنا ابقا ودي أنت سويدي
لو سمهت كلاس
أنت ما في كلام
وبعد نوبة الغضب
هذه أكمل الطريق لبيت عمي عبد الرحمن وأنا أحاول أن اكتم صوت ضحكاتي التي أظن أن سماع السائق لها كفيل بطردي من الليموزين
لماذا الخ?

عن rwhe1000000

شاهد أيضاً

وش قصة ابوة…..؟؟؟

يقول صاحب القصة كان والدي من المسلمين المحافظين على صلاته ولكنه كان يفعل كثيراً من …