تذكرون عندما تحدثت عن ذلك اليوناني المبتسم الذي يؤمن بأنه (لا يكنس) بل (يحمي أهل بلده من الأمراض) …
في حارتنا شخصٌ مثله …
لم أره يوماً متذمراً من أكوام الأوساخ أمام أحد البيوت … ولا متذمراً من (شهريته القليلة) …
لم أره يوماً إلا ومبتسماً خجولاً …
أراه في مسجدنا يتبرع كما نتبرع بل وأكثر…
يغادره ويذهب لإكمال عمله … مبتسماً …
ينظف أطراف الشارع …
يحاول إبقاء الحيّ ناصعاً رغم أوساخ من يسكنوه …
وأجزم أنه أنظف من أغلبهم …
يعيش حياته مبتسماً …
في كل من ذكرت … لم يتجاوز مستواه الاجتماعي الحد الأدنى … ولا من الفقر خطه الأسفل … ومع ذلك يبقى مبتسماً رغم الدنيا …
أما نحن؟ … لدينا كل ما نملك … ومع ذلك نرتدي العبوس …
نعبس لضياع صفقة بمئات الألوف … يبتسم ل”25″ ليرة أبقاها من أمامه كإكرامية …
نعبس لضياع فرصة صغيرة في ترقية… يبتسم في عمله المتواضع …
نعبس من الدنيا … يبتسم للدنيا …
هذا حالهم وهذا حالنا …
لنبتسم قليلاً … 😀 …قليلاً فقط …
مابين فيضٍ من العبوس المحيط بنا … تبرز هيَ …
بابتسامتها وخديّن ورداوين …
بلهجة محببة …مابين كلامها المنمق وكلمات من لغات مختلفة وتعطي رونقها …
تبرز مالديها من أنواع الشاي … الأخضر غالباً … وتقوم بتوزيع الأدوار لشرب الشاي والخروج من فوضى العمل …
من يعرفها … يبتسم دوماً …
تنشر مرحاً دائماً فيما بيننا …
صوت ضحكاتها يرنّ في الأرجاء, ونعلم … أنها هنا … نبتسم أيضاً …
حروف اسمها مستمدة من الابتسامة …
بالنسبة لنا, نعتبرها مصدراً للإلهام والتفاؤل… وابتسامتها عنوان لمقر عملنا …
ترتديها دوماً … وفي الأيام الصعبة التي لا تجد ابتسامتها مكاناً للظهور … نرتديها نحن عوضاً عنها … لكن لم نحلّ يوماً محلها …
…
هيَ شخص يستحق الابتسامة عند ذكره …
رغم صعوبة المهمات الموكلة إليه …
رغم تواضع العمل الذي يقوم به …
رغم أن عائلته لا تعلم ماهية عمله …
رغم جلوسه مستمعاً لهموم الموظفين , ومشاكلهم … مشاكله وهمومه أكثر …
يبقى أبو حسن, مبتسماً… نهاراً … وتعلوه ابتسامةٌٌ ليلاً …
لم أذكر يوماً أنني جاوزت باب الشركة دون أن يرافقني بابتسامته ويقول ملوحاً “صباح الخير أستاذ” …
ومن ثم يقدم لي مشروبي اليومي مبتسماً …
يقوم بالأعمال المكتبية مبتسماً …
ينفذ أعماله ما بين مسح وشطف مبتسماً …
…
وعندما أذكره … أذكر معه ابتسامته …
دامت ابتسامتك أبا حسن …
رغم كل ما ذكرت … بقيَ مبتسماً …
ربّاه … أعطنا القوة على الابتسامة …
{عوقب أحدهم في اليونان, بعد أن كان مديراً أصبح (يكنس الشوارع) … وكان بشكل دائم مبتسماً … سُئل: “كيف لك الابتسام وأنت تكنس الشوارع؟ “رد بابتسامة أكبر : “ومن قال أنني أكنس الشوارع؟إنني أحمي الناس من الأمراض …”}
بين الساعة التي أغادر بها منزلي … واللحظة التي أتجاوز بها عتبة البيت …
تمرّ بي أحداث كثيرة … وددت أن أكتبها … وتفكير كثير بأن أدونها … واليوم خاصةً, ما حدث يستحق …
…
ضمن وسيلة النقل التي تقلّنا … وبالهدوء الذي يسود المنطقة التي تقطعها … كلٌ مشغول بما في يديه أو بما في عقله …
على تقاطع كبير … وضجة تبدد كل أمل في لحظة أخرى من الهدوء المسفوح بين السيارات التي تتسارع للوصول لغاياتها …
يقترب من سائقنا …مبتسماً … وبعد التحية … سأله بمنتهى اللباقة التي جعلت عيناي تفارق كتاباً بين يديّ … وجلست أرقب الموقف …
يقول له “هل من الممكن أن أسألك أن تحضر لي “صندويشة” في طريق عودتك من هنا؟” “وأرجوك إن كان في الأمر صعوبة أو إحراج لك … قل لي … “
ردّ سائقنا ,قائلاً … “تكرم عينك … ” “نصف ساعة … والصندويشة ستكون بين يديك …”
عاود ابتسامته وبشكل أوسع… وبيدٍ رفعها تقديراً لسائقنا … وبالأخرى “يصبّ” القهوة لسائق شاحنة توقفت بجانبه …
نظرت للموجودين … ابتسامته … جعلتنا نرتدي ابتساماتنا …لباقته عززتها (رغم عمله بصبّ القهوة)… وهوَ … جعلني متفائلاً بالخير …
…
…
…
…
…
هل ارتديت ابتسامتك بعد القراءة؟
ارتديتها الآن …
لا, بقيت عابساً !!
منقووووووووووووووووووووووووول
اتمنى ان ينال اعجابكم
اتمنى تتدخلو هنا وتشوفو النتائج
V
V
V
V
V