ينتاب سكان المملكة العربية السعودية حالة من الرعب والفزع جراء ظهور حالات عدة لمرض “حمى الضنك” الفيروسي المعد بين المواطنين في مدينة جدة والرياض، بينما تشهد الأطقم الصحية والأجهزة الحكومية حالة استنفار تام عبر اتخاذ التدابير الوقائية اللازمة تحسبا لانتشار متوقع للمرض بين المواطنين في عدد من الأحياء السكنية. فقد كشفت مصادر طبية حكومية لوكالة الأنباء الرسمية (واس) الإثنين 13/4/2009، أن محافظة جدة سجلت 33 حالة إصابة بالمرض، فيما سجلت العاصمة الرياض 103 حالات منذ بدايات أبريل 2009. وقضت “حمى الضنك” على شاب سعودي (20 عاما)، وفتاة (22 عاما) السبت 11/4/2009، في مستشفى الملك فيصل في مكة المكرمة؛ بعد إصابتهما بتكسر في الصفائح الدموية لم يفلح معه تدخل الأطباء؛ حيث دخل الشاب إلى العناية المركزة قبل وفاته بثلاثة أيام، ولحقته الفتاة في اليوم نفسه، وذلك بحسب صحيفة “عكاظ”.
وقالت مصادر طبية لجريدة “المدينة” السعودية الإثنين 13/4/2009: إن مستشفيات مكة المكرمة استقبلت أكثر من مائة حالة إصابة بحمى الضنك أكثرها غادرت المستشفى بعد أخذ العلاج اللازم، وبقيت حالات قليلة في مستشفيات النور والملك فيصل بالششة، والملك عبد العزيز بالزاهر، وهناك حالات في بعض المستشفيات الأهلية من غير السعوديين. وكانت أكثر الإصابات بحمى الضنك من أهالي أحياء (أم قضب، والرصيفة، والمسفلة، ودحلة الولايا، وشارع المنصور، والهنداوية، والطندباوي، والمعيصم، وجبل النور، والخانسة، وحي الزهارين). واستنجدت وزارة الصحة بأمانة محافظة جدة لمكافحة حمى الضنك، ورش المواقع التي يشتبه في انتشار الحمى فيها في عدد من أحياء مكة، بينما انطلقت عشرات الآليات المجهزة طبيا التابعة لأمانة محافظة جدة تجوب أحياء مكة على مدار الساعة. وأضافت الصحيفة أن مستشفى الملك فيصل بمكة المكرمة جهز عيادات وعدد 50 سريرا لاستقبال حالات حمى الضنك في حالة صدور توجيه باستقباله الحالات المصابة، وسيطلب دعم الكادر الطبي بأجهزة وكفاءات إضافية متخصصة في علاج الحمى.
وتحسبا لانتشار متوقع للمرض، بدأت الجهات الحكومية في المملكة في تنفيذ برنامج يعتمد على مكافحة البعوض الناقل للمرض والتي تتم من خلال الأمانات عن طريق الرش داخل الأحياء والمنازل، والرش الجوي الذي تقوم به مديريات الزراعة بالمناطق، أما دور وزارة الصحة فيتلخص في التوعية الصحية، والتشخيص المخبري، وتقديم العناية الطبية اللازمة للمرضى. وأكد المهندس عبد السلام بن سليمان أمين العاصمة المقدسة للخدمات لجريدة “المدينة” أنه تم تجنيد أكثر من 300 عامل ومشرف ومراقب فني مجهزين بأكثر من 380 معدة متنوعة من أجهزة الرش الآلي واليدوي والضبابات الحرارية والسيارات وغيرها . وتنفذ مديريات الشئون الصحية بكل من العاصمة الرياض ومحافظة جدة برنامجا مكثفا للتوعية الصحية في المنازل التي سجلت بها إصابات، وكذا الأماكن المجاورة لها باستخدام العديد من المطبوعات التوعوية، وجارٍ العمل على استخدام وسائل الإعلام المختلفة لرفع الوعي الصحي للمواطنين والمقيمين عن كيفية التخلص من البعوض داخل المنازل، ومراجعة المرافق الصحية في حالة ظهور أي علامات للمرض، إضافة إلى تجهيز المختبرات في كل من العاصمة المقدسة ومحافظة جدة لتشخيص الحالات المرضية. وقامت وزارة الصحة السعودية باستشارة منظمة الصحة العالمية عبر فريق قام بزيارة المملكة لتقييم الوضع الوبائي، وتقديم المشورة الفنية، وسوف تتم زيارة أخرى لفريق من المنظمة خلال الأسابيع القادمة.
وحول ماهية هذا المرض، يعتبر الأطباء أن حمى الضنك من أهم الأمراض التي ينقلها إناث بعوضة “الإيدس إيجبتاي” التي تعيش على تجمعات المياه العذبة ومياه الأمطار حتى لو كانت بكميات قليلة، مثل تجمعها في إطارات السيارات، والتي تفضل العيش داخل المنازل حيث الأماكن الرطبة والظليلة والمعتدلة البرودة، ويمكن للأنثى أن تضع البيض في أقل كمية من المياه الراكدة العذبة. ويتوطن مرض حمى الضنك –وفقا لمنظمة الصحة العالمية– في معظم الدول في المناطق المدارية وتحت المدارية في قارات أمريكا الجنوبية، وإفريقيا، وآسيا، وسجلت تفشيا وبائيا للمرض في العديد من الدول مثل البرازيل في 2008م، ومدغشقر 2006م وإندونيسيا 2004م، والهند 2003م. ويمثّل البشر الفئة الرئيسية التي تحمل الفيروس وتسهم في تكاثره؛ إذ تؤدي دور مصدر الفيروس بالنسبة للبعوض غير الحامل له، ويدور الفيروس في دم المصابين به طيلة يومين إلى سبعة أيام، وذلك يوافق تقريبا ظهور أعراض الحمى عليهم، وقد يكتسب البعوض من جنس الزاعجة الفيروس عندما يمتص دم أحد المصابين به خلال تلك الفترة. وتنتقل فيروسات حمى الضنك إلى الإنسان عن طريق لدغة بعوضة من جنس الزاعجة التي تحمل تلك الفيروسات، ويكتسب البعوض الفيروس عادة عندما يمتص دم أحد المصابين بالعدوى، وبعد مرور فترة الحضانة التي تدوم من 8 إلى 10 أيام يصبح الفيروس قادرا، أثناء لدغ الناس وامتصاص دمائهم، على نقل الفيروس طيلة حياته. وتتميز أعراض المرض بحمى ذات بدء فجائي، وصداع في مقدمة الرأس، وآلام مفصلية وعضلية يشفى منها المريض بعد عدة أيام، ونادرا ما تكون مصحوبة بأعراض نزفية، مع الأخذ في الاعتبار أن علاج المرض يعتمد على معالجة الأعراض، ولا يوجد حاليا تطعيم واق لفيروس حمى الضنك متداول.
ويمكن الوقاية من المرض من خلال اتباع الوسائل التالية:
– إزالة أماكن توالد البعوض الناقل، من خلال تغطية محكمة لخزانات المياه. – عدم تخزين المياه في أوعية مكشوفة. – إزالة بؤر تراكم المياه مثل أواني الزهو، وإطارات السيارات القديمة، وأوعية تخزين المياه. – وضع شبك ضيق المسام على الأبواب والنوافذ للحماية من لدغات البعوض نهارا. – استخدام الناموسيات في حالة النوم خارج المنزل. – استخدام طارد الحشرات. – وضع الكريمات الطاردة للبعوض على أجزاء الجسم المكشوفة.