حبيباتي في الله … سوف انزل لكم تفسير سورة البقرة على اجزاء
وهو من كتاب تفسير الكريم المنان
للشيخ ابن السعدي
تفسير سورة البقرة
من 1 الى 24
بسم الله الرحمن الرحيم
(الـــم) الحروف المتقطعه بدايه السور فالاسلم فيها السكوت عن التعرض لمعناها مع الجزم بان الله لم ينزلها عبثا وانما لحكمه لانعلمها
(ذلك الكتب ) أي هذا الكتاب العظيم الذي هو على الحقيقه ,المشتمل على مالم تشمله الكتب الاخرى من العلم العظيم والحق المبين
(لاريب فيه) لاشك بوجه من الوجوه فهذا الكتاب مشتمل على علم اليقين المزيل للشك والريب فلما اشتمل على اليقين وكانت الهدايه لاتحصل الاباليقين قال
(هدى للمتقين) الهدى: ماتحصل به الهدايه من الضلال والشبه ومابه الهداية الى سلوك الطرق النافعه وقال (هدى ) وحذف المعمول فلم يقل هدى للمصلحه الفلانيه ولاللشيء الفلاني لارادة العموم وانه هدى لجميع مصالح الدارين فهو مرشد للعباد في المسائل الاصوليه والفروعيه ومبين للحق من الباطل والصحيح من الضعيف ومبين لهم كيف يسلكون الطرق النافعه لهم في دنياهم واخراهم وقال في موضع اخر (هدى للناس) فعمم وفي هذا الموضع وغيره (هدى للمتقين) لانه في نفسه هدى لجميع الخلق فالاشقياء لم يرفعوا به راسا ولم يقبلوا هدى الله فقامت عليهم به الحجه ولم ينتفعوا به لشقائهم واما المتقون الذين اتوا بالسبب الاكبر لحصول الهدايه وهو التقوى التي حقيقتها : اتخاذ مايقي سخط الله وعذابه بامتثال اوامره واجتناب نواهيه فاهتدوابه وانتفعوا غايه الانتفاع
ثم وصف المتقين بالاعمال والعقائد الباطنه والاعمال الظاهره لتضمن التقوى لذلك فقال
(الذين يؤمنون بالغيب ) حقيقه الايمان :هو التصديق التام بما اخبرت به الرسل المتضمن لانقياد الجوارح وليس الشان في الايمان بالاشياء المشاهده بالحس فانه لايتميز بها الكافر من المسلم انما الشان في الايمان بالغيب الذي لم نره ولم نشاهده انما نؤمن به لخبر الله وخبر رسوله فهذا الايمان الذي يميز الكافر من المسلم فالمؤمن يؤمن بكل مااخبر به رسوله سواء شاهده ام لم يشاهده سواء فهمه وعقله ام لم يهتد اليه فهمه وعقله ويدخل في الايمان بالغيب ..الايمان بجميع مااخبر به الله من الغيوب الماضيه والمستقبله واحوال الاخره وحقائق اوصاف الله وكيفيتها فيؤمنون بصفات الله ووجودها ويتيقنونها وان لم يفهموا كيفيتها ثم قال
(ويقيمون الصلاة) لم يقل : يفعلون الصلاة اوياتون بالصلاة لانه لايكفي فيها مجرد الاتيان بصورتها الظاهره فاقامة الصلاة اقامتها ظاهرا باتمام اركانها وواجباتها وشروطها واقامتها باطنا باقامة روحها وهو حضور القلب فيها وتدبر مايقوله ويفعله منها فهذه الصلاة هي التي قال الله فيها (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) وهي التي تترتب عليها الثواب ,فلا ثواب للانسان من صلاته الاماعقل منها ويدخل في الصلاة فرائضها ونوافـلها ثم قال سبحانه
(وممارزقناهم ينفقون ) يدخل فيه النفقات الواجبه كالزكاة والنفقه على الزوجات والاقارب والمماليك ونحو ذلك والنفقات المستحبه بجميع طرق الخير ولم يذكرالمنفق عليه لكثره اسبابه وتنوع اهله ولان النفقه من حيث هي قربة الى الله وفي قوله (رزقناهم) اشارة الى ان هذه الاموال التي بين ايديكم ليست حاصله بقوتكم وملككم وانما هي رزق الله الذي خولكم وانعم به عليكم فكلما انعم عليكم وفضلكم على كثير من عباده فاشكروه باخراج بعض ماانعم به عليكم وواسوا اخوانكم المعدمين وكثيرا مايجمع تعالى بين الصلاة والزكاة في القران لان الصلاة متضمنه للاخلاص للمعبود والزكاة والنفقه متضمنه للاحسان على عبيده فعنوان سعادة العبد اخلاصه للمعبود وسعيه في نفع الخلق كما ان عنوان شقاوة العبد عدم هذين الامرين منه فلا اخلاص ولا احسان ثم قال
(والذين يؤمنون بما انزل اليك ) وهو القران والسنه فالمتقون يؤمنون بجميع ماجاء به الرسول ولايفرقون بين بعض ما انزل اليه فهم ليس ممن يؤمنون ببعضه ويتركون بعضه بحجده او تاويله على غير مراد الله ورسوله
( ومااانزل من قبلك) يشمل الايمان بالكتب السابقه ويتضمن الايمان بالكتب الايمان بالرسل وبما اشتملت عليه خصوصا التوراة والانجيل والزبور فيؤمنون بها كلها ولايفرقون بينها ولا بين الرسل
(وبالاخره هم يوقنون) والاخره : اسم يكون لما بعد الموت وخصه بالذكر بعد العموم لان الايمان باليوم الاخر احد اركان الايمان ولانه اعظم باعث على الرغبه والرهبه والعمل واليقين هو العمل التام الذي ليس فيه ادنى شك الموجب للعمل
(اولئك ) أي الموصوفون بتلك الصفات الحميده (على هدى من ربهم ) أي على هدى عظيم لان التنكير للتعظيم واي هدايه اعظم من تلك الصفات المذكورة المتضمنه للعقيده الصحيحه والاعمال المستقيمه وهل الهدايه الحقيقيه الا هدايتهم ومايخالفها فهو ضلالة
(واولئك هم المفلحون) والفلاح هو الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب حصر الفلاح فيهم لانه لاسبيل الى الفلاح الا بسلوك سبيلهم وماعدا تلك السبيل فهي سبل الشقاء والهلاك والخسار التي تفضي بسالكها الى الهلاك فلهذا لما ذكر صفات المؤمنين حقا ذكر صفات الكفار المظهرين لكفرهم المعادين للرسول فقال سبحانه
(ان الذين كفروا سواء عليهم اانذرتهم ام لم تنذرهم لايؤمنون) يخبر الله تعالى ان الذين كفروا أي اتصفوا بالكفر وانصبغوا به وصار وصفا لهم لازما لايردعهم عنه رادع ولاينجع فيهم وعظ انهم مستمرون على كفرهم فسواء عليهم أأنذرتهم ام لم تنذرهم لايؤمنون وحقيقه الكفر هو الحجود لما جاء به الرسول او جحد بعضه فهؤلاء الكفار لاتفيدهم الدعوة لاقامة الحجه عليهم وكأن في هذا قطعا لطمع الرسول في ايمانهم وانك لاتاس عليهم ولاتذهب نفسك عليهم حسرات ثم ذكر الموانع المانعه لهم من الايمان فقال
(ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم) أي طبع عليها بطابع لايدخلها الايمان ولاينفذ فيها فلايعون ماينفعهم ولايسمعون مايفيدهم
(وعلى ابصارهم غشاوة) أي غشاء وغطاء واكنه تمنعها عن النظر الذي ينفعهم وهذه طرق العلم والخير قد سدت عليهم فلامطمع فيهم ولاخير يرجى عندهم وانما منعوا ذلك وسدت عنهم ابواب الايمان بسبب كفرهم بعد ماتبين لهم الحق ثم ذكر العقاب الاجل فقال
(ولهم عذاب عظيم) وهو عذاب النار وسخط الجبار المستمر الدائم ثم قال تعالى في وصف المنافقين الذين ظاهرهم الاسلام وباطنهم الكفر فقال تعالى
(ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وماهم بمؤمنين) فانهم يقولون بالسنتهم ماليس في قلوبهم فاكذبهم الله بقوله (وماهم بمؤمنين) لان الايمان الحقيقي ماتواطأ عليه القلب واللسان وانما هذه مخادعه لله ولعباده المؤمنين والمخادع هان يظهر المخادع لمن يخادعه شيئا ويبطن خلافه والله سبحانه لايتضرر بخداعهم ومكرهم شيئا وهم لهم في الاخره العذاب الاليم الموجع المفجعبسبب كذبهم وكفرهم وفجورهم والحال انم نجهلهم وحماقتهم لايشعرون بذلك
(في قلوبهم مرض) المراد بالمرض هنا: مرض الشك والشبهات والنفاق لان القلب يعرض له مرضان يخرجانه من صحته واعتداله : مرض الشبهات الباطله كالكفر والبدع والنفاق والشكوك ومرض الشهوات المرديه مثل الزنا ومحبه الفواحش والمعاصي
(في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا) بيان لحكمته تعالى في تقدير المعاصي على العاصين وانه سبب ذنوبهم السابقه يبتليهم بالمعاصي اللاحقه الموجبه لعقوباتها كما قال تعالى( فلما ازاغوا ازاغ الله قلوبهم ) فعقوبة المعصيه المعصيه بعدها كما ان من ثواب الحسنه الحسنه بعدها
(واذا قيل لهم لاتفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون)واذا نهوا المنافقون عن الافساد في الارض وهو العمل بالكفر والمعاصي ومنه اظهار سرائر المؤمنين لعدوهم وموالاتهم للكافرين (قالوا انما نحن مصلحون) فقلب الله عليهم دعواهم بقوله (الا انهم هم المفسدون) فانه لا اعظم فسادا ممن يكفر بايات الله وصد عن سبيل الله وخادع الله واولياءه وزعم مع ذلك انه اصلاح فهل بعد هذا الفساد فســاد؟ !! ولكن لايعلمون علما ينفعهم وان كانوا قد علموا بذلك علما تقوم به عليهم حجه الله وانما كان العمل بالمعاصي في الارض افسادا لانه يتضمن فساد ماعلى وجه الارض من الحبوب والثمار والاشجار والنباتات بما يحصل فيها من الافات بسبب المعاصي ولان الاصلاح في الارض ان تعمر بطاعة الله والايمان به لهذا خلق الله الخلق واسكنهم الارض
(واذا قيل لهم آمنوا كما امن الناس قالوا انؤمن كما امن السفهاء الا انهم هم السفهاء ولاكن لايعلمون) أي اذا قيل للمنافقين آمنوا كما امن الناس أي كايمان الصحابه رضي الله عنهم وهو الايمان بالقلب واللسان قالوا بزعمهم الباطل : انؤمن كما امن السفهاء؟ يقصدون قبحهم الله بذلك الصحابه رضي الله عنهم بزعمهم ان سفههم اوجب لهم الايمان وترك الاوطان ومعاداة الكفار والعقل عندهم يقتضي ضد ذلك فنسبوهم الى السفه وفي ضمنه انهم هم العقلاء ارباب الحجى والنهى فرد الله عليهم واخبر انهم هم السفهاء لان السفه جهل الانسان بمصالح نفسه وسعيه فيما يضره وهذه الصفة منطبقه عليهم
(واذا لقوا الذين امنوا قالوا امنا واذا خلوا الى شياطينهم قالوا انا معكم انما نحن مستهزئون ) هذا من قولهم بالسنتهم ماليس في قلوبهم وذلك انه ماذا اجتمعوا بالمؤمنين اظهروا انهم على طريقتهم وانهم معهم فاذا خلوا الى شياطينهم أي رؤسائهم وكبرائهم في الشر قالوا انا معكم في الحقيقه وانما نحن مستهزئون بالمؤمنين باظهارنا لهم انا على طريقتهم فهذه حالهم الباطنه والظاهره ولايحيق المكر السيئ الا باهله
(الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون) وهذا جزاء لهم على استهزائهم بعباده فمن استهزائه بهم ان زين لهم ماكانوا فيه من الشقاء والحالة الخبيثه حتى ظنوا انهم مع المؤمنون لما لم يسلط الله المؤمنين عليهم ومن استهزائه بهم يوم القيامه انه يعطيهم مع المؤمنون نورا ظاهرا فاذا مشى المؤمنون بنورهم طفئ نور المنافقين وبقوا في الظلمه بعد النور متحيرين فما اعظم الياس بعد الطمع
(ويمدهم) أي يزيدهم
(في طغيانهم) أي فجورهم وكفرهم
(يعمهون) أي حائرون مترددون وهذا من استهزائه تعالى بهم ثم قال كاشفا عن حقيقة احوالهم
(اولئك) أي المنافقون
(الذين اشتروا الضلاله بالهدى) أي رغبوا في الضلاله رغبة المشتري بالسلعه التي من رغبته فيها يبذل فيها الاثمان النفيسه وهذا من احسن الامثله فانه جعل الضلاله التي هي غاية الشر كالسلعه وجعل الهدى الذي هو غاية الصلاح بمنزله الثمن فبذلوا الهدى رغبة عنه بالضلاله رغبة فيها فهذه تجارتهم فبئس التجاره وبئس الصفقه صفقتهم
(فماربحت تجارتهم) أي خسروا فيها اعظم خسارة
(وماكانوا مهتدين) تحقيق لضلالهم وانهم لم يحصل لهم من الهدايه شيء فهذه اوصافهم القبيحه
(مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما اضاءت ماحوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لايبصرون )أي مثلهم كمثل الذي استوقد نارا أي كان في ظلمه عظيمه وحاجه الى النار شديدة فاستوقدها من غيره ولم تكن عنده معده بل هي خارجه عنه فلما اضاءت ماحوله ونظر المحل الذي هو فيه ومافيه من المخاوف وامنها وانتفع بتلك النار وقرت بها عينه فبينما هو كذلك اذ ذهب الله بنوره فذهب عنه النور وذهب معه السرور وبقي في الظلمه العظيمه والنار المحرقه فذهب مافيها من الاشراق وبقي مافيها من الاحراق فبقي في ظلمات متعدده : ظلمه الليل , وظلمة السحاب , وظلمة الحاصله بعد النور فكيف يكون حال هذا الموصوف؟ فكذلك المنافقون استوقدوا نار الايمان من المؤمنين ولم تكن صفة لهم فانتفعوا بها وسلمت اموالهم وحصل لهم نوع من الامن في الدنيا فبينما هم على ذلك اذ هجم عليهم الموت فسلبهم الانتفاع بذلك النور وحصل لهم كل هم وغم وعذاب وحصل لهم ظلمة القبر وظلمه الكفر وظلمة النفاق وظلم المعاصي بانواعها وظلمه النار وبئس المصير
(صم) أي عن سماع الخير
(بكم) أي عن النطق بها
(عمي) عن رؤيه الحق
(فهم لايرجعون) لايرجعون الى الحق بعد ان تركوه
(اوكصيب من السماء) أي كصاحب صيب من السماء .. وهو المطر الذي يصوب أي ينزل بكثره
( فيه ظلمات) أي ظلمه الليل وظلمه السماء وظلمه المطر
(ورعد وبرق ) الرعد :صوت يسمع من السماء والبرق: الضوء الامع في السماء
(يجعلون اصابعهم في اذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين* يكاد البرق يخطف ابصارهم كلما اضاء لهم مشوا فيه واذا اظلم عليهم قاموا) أي كلما اضاء لهم البرق مشوا فيه واذا اظلم وقفوا عن المشي .. فهكذا حال المنافقين اذا سمعوا القران واوامره ونواهيه ووعده ووعيده جعلوا اصابعهم في اذانهم واعرضوا عن نواهييه واوامره فيروعهم وعيده ويزعجهم وعوده فهم يعرضون عنها غايه مايمكنهم ويكرهونها كراهة صاحب الصيب الذي يسمع الرعد ويجعل اصابعه في اذنيه خشية الموت فهذا تمكن له السلام هواما المنافقون فانى لهم السلامه وهو تعالى محيط بهم قدرة وعلما فلايفوتونه ولا يعجزونه ةبل يحفظ عليهم اعمالهم ويجازيهم عليها اتم الجزاء ولما كانوا مبتلين بالصمم والبكم والعمى المعنوي ومسدودة عليهم طرق الايمان قال تعالى
(ولو شاء الله لذهب بسمعهم وابصارهم) أي الحسية ففيه تحذير لهم وتخويف بالعقوبه الدنيويه ليحذروا فيرتدعوا عن بعض شرهم ونفاقهم
(ان الله على كل شيء قدير) فلايعجزه شيء ومن قدرته انه اذا شاء شيئا فعله من غير مانع ولامعارض سبحاانه
(ياايها الناس اعبدواربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون)هنا امر عام لكل الناس بامر عام وهو العباده الجامعه لامتثال اوامر الله واجتناب نواهيه وتصديق خبره ثم استدل على وجوب عبادته بانه هو ربكم الذي رباكم باصناف النعم فخلقكم بعد العدم وخلق الذين من قبلكم وانعم عليكم بالنعم الظاهره والباطنه وجعل لكم الارض فراشا تستقرون عليها وتنتفعون بالابنيه والزراعه والسلوك من محل الى محل وجعل السماء بناء لمسكنكم واودع فيها من المنافع ماهو من ضرورياتكم وحاجاتكم
(وانزل من السماء ماء) والسماء هو كل ماعلا فوقك فهو سماء ولهذا قال المفسرون بان السماء هنا هو السحاب فانزل منها سبحانه الماء
(فاخرج به من الثمرات رزقا لكم) كالحبوب والثمار من فواكه ونخيل بها ترتزقون وتعيشون وتتفكهون
(فلاتجعلوا لله اندادا) أي نظراء واشباه من المخلوقين فتعبدونهم كما تعبدون الله وتحبونهم كما تحبون الله وهم مثلكم مخلوقون لايملكون مثقال ذره ولاينفعونكم ولايضرون
(وانتم تعلمون) ان الله ليس له شريك ولانظير ولافي الخلق والرزق والتدبير
(وان كنتم ) أي معشر المعاندين للرسول
(في ريب ممانزلنا على عبدنا ) أي على رسولنا الذي تعرفونه حق المعرفه فقد نشأ بينكم وترعرع وتعرفون صدقه واخلاقه
(فاتوا بسورة من مثله وادعوا شهدائكم من دون الله ان كنتم صادقين) أي انكم قلتم انه تقوله وافتراه فان كان الامر كما تقولون فاتوا بسوره من مثله واستعينوا بمن تقدرون عليه من اعوانكم وشهدائكم فان هذا امر يسير عليكم وخصوصا وانتم اهل الفصاحه والخطابه والعداوة العظيمه للرسول فان جئتم بسوره من مثله فهو كما زعمتم وان لم تاتوا وعجزتم غايه العجر فهذا دليل واضح وايه كبرى على صدقه وصدق ماجاء به فيتعين عليكم اتباعه
(فان لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجاره اعدت للكافرين) أي فيتعين عليكم اتباعه وتصديقه اتقاء النار التي بلغت في الحراره العظيمه والشدة فان كانت وقودها الناس والحجاره ليست كالنار التي في الدنيا التي انما تتقد بالحطب فهذه النار معده للكافرين ومهيأه لهم