مر قرن و لازال أهل الحجاز يؤرخون بحادثة
سيل الربوع – يوم الأربعاء –
الذي فاضت فيه أودية مكة وماحولها حتى
غمرت المسجد الحرام و المطاف وتبللت ثياب الكعبة
وهي سابقة لازال الأجداد يحكوها لنا
ثم
وقبل سنوات قليلة لازال العالم يتذكر
حادثة تسونامي التي ضربت الشرق الاقصى
كسابقة عالمية
لكل ماجاء أعلاه علاقة وثيقة بمدينة جدة الساحلية
المصنفة من اكبر وأغنى عشرة مدن في الشرق الاوسط
وصمام امان الاقتصاد الوطني
وميناء مكة المكرمة الرئيسي المهيأ ل استقبال وتفويج الحجاج
ماحدث كان اكبر بكثير من كونه كارثة طبيعية نؤمن أن لا حول لنا فيها ولا قوة !!!
الاربعاء الموافق يوم التروية من شهر ذي الحجة
.. غرق سكانها ..
بعد 6 ساعات متواصلة من المطر الغزيرررر
جاءت الساعة الواحدة ظهرا وقد تغيرت معالم المدينة
واكتشف الجميع المفاجأة
جدة ليست مدينة
إنما بالّون مثقوب يطفو فوق الماء !!!
والثقوب اتسعت لـ أبنائها
فـ أودت السيول بحياة 143 مواطن حسب آخر حصيلة رسمية – ولازال العدد مرشح لتراكم بلاغات المفقودين- وعلى ذمة قناة الحرة أنه تضاعف ل 600 شهيد غريق !
واكثر من 700 ناجي مصاب من السيول بينهم قلة من الحجاج قطع السيل عليهم الطريق إلى مكة
فعامت حافلاتهم البرمائية !
ابتلعت السيول اربع احياء بشكل كامل – قويزة ، الحرازات ، الجامعة ، النخيل –
تشهق أنفاس العتاب بالصدور
تزفر الكلمات .. الخوف .. وتوجه أصابعها لكل مهمل مقصر بالشكر :
شكـــرا يـا أمانة جدة
على مشروع تصريف السيول الوهمي كالكذبة الانتخابية
أتتخيل مدينة بدون تصريف للمياه
لا يكون هذا إلا في جدة .. !
شكـــرا لمعالي وزير النقل والمواصلات
وصاحب السمو الأمير الشاعر ،
لأنكما كنتما أول من واسى أسر الضحايا بالقول بعد ابتسامة عريضة في المؤتمر الصحفي :
” اغلب الضحايا والمفقودين كانوا ممن يسكنون الاحياء العشوائية غير المرخص لها “
نعم غير المرخص لهم بالحيـــاة !!!
سموك اسمح لي ب اقتباس أحد ابياتكم بتصرف
” يامطر ، خبرني عن أمر المعاناة …” !!
شكـــرا لجهود الانقاذ
التي ما أن افاقت على الكارثة و تعالت فيها صفارات انذار السيارات الحكومية
إلا وقد اثبتت لنا بما لا يدع مجالا للشك
أننا ” مجرد ظاهرة صوتية “
معالي مدير الدفاع المدني أكتشف فجأة أن طائرات الانقاذ المجهزة للتعامل مع الحدث
كانت ثلاث فقط
شكرا بحجم الخوف المتلالأ في عيون اطفال حي الحرازات الذين كانو يلوحون للطائرات الثلاث من فوق الاساطيح دون وعي أنها لن تستوعبهم جميعا !!!
شكــرا لكل الدعم المعنوي الذي حظى به الفقراء والمنكوبين من أهل جدة
فكل ماكانت قلوبهم تهفو لسماعه
العظــــــــات من أهل النصح والارشاد
وتثبيت قلوبهم بأن ماحصل هو ” غضب رباني” عليهم !!!
عذرا ، امانة جدة .. صاحب السمو سيدي المحافظ
وزير النقل ..
اعود لشكركم مرة ثانية وثالثة والف
فـ انجازاتكم طال عمركم تحجب الشمس !
معالي وزير النقل ، أن كانت الاحياء السكنية التي لفظت أنفاسها
قد إقيمت في مجرى وادي عظيم – كما بررت –
فماذا عن نفق الملك عبد الله بعمق 8 أمتار والذي غاص هو ومن داخله في الماء
ولم يشفع له أسمه ولا حبر العقد المبرم مع شركة الانشاءات الذي لم يجف بعد !
شكـرا لأنكم نسيتم تزويده بشبكة صرف !
شكرا لأن أحدهم قد سد مجرى الوادي ” بمشروع مخطط ” ، وشاليهات
فتؤاطأ السيل معكم .. كظم غيظه عنكم
وتنفس في ثقوب الاحياء والشوراع الفقيرة
وعاث هدما وسحقا وجرفا بمنازل الابرياء
فليهنأ لـ ال أحدهم بموقعه المميز على البحر .. عملا بمبدأ ” أنا .. والطوفان من بعدي ” !
الشكر الأكبر للأحساس العالي بالمسؤلية
وقرارات صرف المعونات وإيواء المتضررين
ودفع التعويضات
أظن أنه كان علينا الموت أولا
لنعرف مدى الاهتمام بنا ونحصل على كل هذه الرعاية !!
شكــرا باسم المواطن ” السلمي “
الذي فقد 6 من أبنائه النائمين فجرا حينما غرق الطابق الارضي بمنزله بحي قويزة
وطفت جثثهم !
شكرا بأسم المواطن ” العتيبي “
الذي دفن 4 من أسرته في أول أيام العيد على اصداء احتفالات فئة ال vip في التلفزيون الرسمي بموائد اللحم ومالذ وأسمن !
شكرا بأسم عائلة الداعية ” سناء أبو الغيث ” الذين توفوا جميعهم
خرجت مع زوجها وبناتها وولديها لإيصالها الى مكان انتظار الباص لتذهب للحج علما بأن الداعية مشرفة في وزارة التربيه والتعليم في قسم الدرسات الإسلامية وداعية معروفه وكانت ذاهبة كداعية لحملة العباسي
شكـــرا ، باسم الغرقى
وكل مواطن مخلص
إذ منحتمونا .. أمنية الموت شهداء … !
حسبي الله ونعم الوكيل
ولا حول ولاقوة إلا بالله
مابين غمضة عين والتفاتتها*** يغير الله من حال الى حال