{ اللّهـم إنّي عبـدان من عبـيـدك ،
نواصينا بيـدك ، تعلـم مستقـرّنا ومستودعنا ،
وتعلم منقلبنا ومثوانا، وسرّنا وعلانيتنا ، وتطلع على نيّاتنا ، وتحـيط بضمائـرنا ،
علمك بما نبـديه كعلمك بما نخفيه ، ومعـرفتك بما نبطنه كمعـرفتك بما نظهـره ،
ولا ينطوي عليك شيء من أمورنا ، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا ،
ولا لنا منك معقل يحصننا ، ولا حرز يحرزنا ، ولا هارب يفوتك منّا .
ولا يمتنع الظالم منك بسلطانه ، ولا يجاهدك عنه جنوده ، ولا يغالبك مغالب بمنعة ،
ولا يعازّك متعزّز بكثرة أنت مدركه أينما سلك ، وقادر عليه أينما لجأ ، فمعاذ المظلوم منّا بك ،
وتوكّل المقهور منّا عليك ، ورجوعه إليك ، ويستغيث بك إذا خذله المغيث ،
ويستصرخك إذا قعد عنه النصير ، ويلوذ بك إذا نفته الأفنية ،
ويطرق بابك إذا أغلقت دونه الأبواب المرتجة ، ويصل إليك إذا احتجبت عنه الملوك الغافلة ،
تعلم ما حلّ به قبل أن يشكوه إليك ، وتعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له ،
فلك الحمد سميعاً بصيراً لطيفاً قديراً .
اللّهم إنّه قد كان في سابق علمك ، ومحكم قضائك ، وجاري قدرك ، وماضي حكمك ،
ونافذ مشيّتك في خلقك أجمعين ، سعيدهم وشقيّهم وبرّهم وفاجرهم
أن جعلت زوجة اخي عليّ قدرة فظلمني بها ، وبغى عليّ لمكانها ،
وتعزّز عليّ بسلطانه الذي خوّلته إيّاه ، وتجبّر عليّ بعلوّ حاله التي جعلتها له ،
وغرّه إملاؤك له ، وأطغاه حلمك عنه .
فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه ، وتعمّدني بشرّ ضعفت عن احتماله ،
ولم أقدر على الانتصار منه لضعفي ، والانتصاف منه لذلّي ،
فوكلته إليك وتوكّلت في أمره عليك ، وتوعدته بعقوبتك ، وحذّرته سطوتك ،
وخوّفته نقمتك ، فظنّ أن حلمك عنه من ضعف ، وحسب أنّ إملاءك له من عجز ،
ولم تنهه واحدة عن أخرى ، ولا انزجر عن ثانية بأولى ، ولكنّه تمادى في غيّه ،
وتتابع في ظلمه ، ولجّ في عدوانه ، واستشرى في طغيانه جرأة عليك يا رب ،
وتعرّضاً لسخطك الذي ﻻ تردّه عن القوم الظالمين ،
وقلّة اكتراث ببأسك الذي ﻻ تحبسه عن الباغين .
فها أنا ذا يا ربي مستضعف في يديه ، مستضام تحت سلطانه ، مستذلّ بعنائه ،
مغلوب مبغيّ عليّ مغضوب وجل خائف مروّع مقهور ، قد قلّ صبري وضاقت حيلتي ،
وانغلقت عليّ المذاهب إلاّ إليك ، وانسدّت عليّ الجهات إلاّ جهتك ،
والتبست عليّ أموري في دفع مكروهه عنّي ، واشتبهت عليّ الآراء في إزالة ظلمه ،
وخذلني من استنصرته من عبادك ، وأسلمني من تعلّقت به من خلقك طرّاً ،
واستشرت نصيحي فأشار عليّ بالرغبة إليك ، واسترشدت دليلي فلم يدلّني إلاّ عليك .
فرجعت إليك يا مولاي صاغراً راغماً مستكيناً ، عالماً أنّه ﻻ فرج إلاّ عندك ،
ولا خلاص لي إلاّ بك ، انتجز وعدك في نصرتي ، وإجابة دعائي ،
فإنّك قلت وقولك الحق الذي ﻻ يـردّ ولا يبـدل :
{ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللهُ }
وقلت جـلّ جـلالك وتقدّست أسماؤك :
{ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ، وأنا فاعل ما أمرتني به لا منّاً عليك ،
وكيف أمن به وأنت عليه دللتني ، فصلّ على محمّد وآل محمّد ،
واستجب لي كما وعدتني يا من ﻻ يخلف الميعاد .
وإنّي لأعلم يا رب أنّ لك يوماً تنتقم فيه من الظالم للمظلوم ،
وأتيقّن أنّ لك وقتاً تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب ، لأنّك ﻻ يسبقك معاند ،
ولا يخرج عن قبضتك أحد، ولا تخاف فوت فائت ،
ولكن جزعي وهلعي ﻻ يبلغان بي الصبر على أناتك وانتظار حلمك ،
فقدرتك عليّ يا ربي فوق كلّ قدرة ، وسلطانك غالب على كل سلطان ،
ومعاد كلّ أحد إليك وإن أمهلته ، ورجوع كلّ ظالم إليك وإن أنظرته ،
وقد أضرّني يا ربّ حلمك عن زوجة اخي، وطول أناتك له وإمهالك إيّاه ،
وكاد القنوط يستولي عليّ لولا الثقة بك ، واليقين بوعدك .
فإن كان في قضائك النافذ ، وقدرتك الماضية أن ينيب أو يتوب ،
أو يرجع عن ظلمي أو يكفّ مكروهه عنّي ، وينتقل عن عظيم ما ركب منّي ،
فصلّ اللّهم على محمّد وآل محمّد ،
وأوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة قبل إزالته نعمتك التي أنعمت بها عليّ ،
وتكديره معروفك الذي صنعته عندي .
وإن كان في علمك به غير ذلك ، من مقام على ظلمي ،
فأسألك يا ناصر المظلوم المبغى عليه إجابة دعوتي ، فصل على محمّد وآل محمّد ،
وخذه من مأمنه أخـذ عـزيزٍ مقتـدر ، وأفجئه في غفلته ، مفاجأة مليك منتصر ،
واسلبه نعمته وسلطانه ، وأفض عنه جموعه وأعوانه ، ومزّق ملكه كلّ ممزّق ،
وفـرّق أنصاره كلّ مفـرّق ، وأعـره من نعمتك التي لم يقابلها بالشكر ،
وانـزع عنه سربال عزّك الذي لم يجازه بالإحسان ، واقصمه يا قاصم الجبابرة ،
وأهلكه يا مهلك القرون الخالية ، وأبره يا مبير الأمم الظالمة ،
واخذله يا خاذل الفئات الباغية ، وابتر عمره ، وابتزّ ملكه ، وعفّ أثره ، واقطع خبره ،
وأطفئ ناره ، وأظلم نهاره ، وكوّر شمسه ، وأزهق نفسه ، وأهشم شدّته ، وجبّ سنامه ،
وأرغم أنفه ، وعجّل حتفه ، ولا تدع له جُنّة إلاّ هتكتها ، ولا دعامة إلاّ قصمتها ،
ولا كلمة مجتمعة إلاّ فرّقتها ، ولا قائمة علوّ إلاّ وضعتها ،
ولا ركناً إلاّ وهنته ، ولا سبباً إلاّ قطعته .
وأرنا أنصاره وجنده وأحبّاءه وأرحامه عباديد بعد الألفة ، وشتّى بعد اجتماع الكلمة ،
ومقنعي الرؤوس بعد الظهور على الأمّة ، واشف بزوال أمره القلوب المنقلبة الوجلة ،
والأفئدة اللهفة ، والأمّة المتحيّرة ، والبرية الضائعة ، وأدل ببواره الحدود المعطّلة ،
والأحكام المهملة ، والسنن الداثرة ، والمعالم المغيّرة ، والمساجد المهدومة .
وأرح به الأقدام المتعبة ، وأشبع به الخماص الساغبة ، وأرو به اللهوات اللاغبة ،
والأكباد الظامئة ، واطرقه بليلة ﻻ أخت لها ، وساعةٍ ﻻ شفاء منها ، وبنكبة ﻻ انتعاش معها ،
وبعثرةٍ ﻻ إقالة منها ، وأبح حريمه ، ونغّص نعيمه ، وأره بطشتك الكبرى ، ونقمتك المثلى ،
وقدرتك التي هي فوق كل قدرة ، وسلطانك الذي هو أعزّ من سلطانه ،
واغلبه لي بقوّتك القوية ، ومحالك الشديد ، وامنعني منه بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل ،
وابتله بفقرٍ ﻻ تجبره ، وبسوء ﻻ تستره ، وكله إلى نفسه فيما يريد ، إنّك فعّال لما تريد .
وابرأه من حولك وقوّتك ، وأحوجه إلى حوله وقوّته ، وأذلّ مكره بمكرك ،
وادفع مشيّته بمشيّتك ، واسقم جسده ، وأيتم ولده ، وانقص أجله ، وخيّب أمله ،
وأزل دولته ، وأطل عولته ، واجعل شغله في بدنه ، ولا تفكّه من حزنه ،
وصيّر كيده في ضلال ، وأمره إلى زوال ، ونعمته إلى انتقال ، وجدّه في سفال ،
وسلطانه في اضمحلال ، وعافيته إلى شر مآل ، وأمِتْه بغيظه إذا أمتّه ،
وأبقه لحزنه إن أبقيته ، وقني شرّه وهمزه ولمزه ، وسطوته وعداوته ،
والمحه لمحة تدمّر بها عليه ، فإنّك أشدّ بأساً وأشدّ تنكيلاً ،
والحمد لله ربّ العالمين }
بنااااات الله يخليكم ادعو عليها حسبي الله عليها ونعم الوكيل