سئل الإمام الألباني: شخص بلغ وعمره خمسة عشره سنة، لكنه لم يصلي إلا عند العشرين، فهل يقضي ما فاته من الصلوات في هذه الخمس سنوات؟
فأجاب – رحمه الله-: الفرائض التي يُخرجها المكلَّف عن وقتها دون عذر النوم والنسيان هذه لا يمكن قضائها؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: {من نسي صلاةً أو نام عنها فلْيصلها حين يذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك} فلو فرضنا أن إنساناً تذكر في هذه الساعة – بعد صلاة الظهر بساعات- إنه لم يصلي الظهر ذهولاً ونسياناً فعليه الآن ساعة التذكر أن يباشر فيقضي الصلاة المنسية، فمن كان ناسياً للصلاة وتذكرها فعليه الآن أن يصليها، فإن لم يفعل وقال الآن -كما يقول العامة- هذه الصلاة الآن راح وقتها- فيما بعد نصليها!
وقت هذه الصلاة المنسية وقتها: التذكر لها أو الاستيقاظ لها، فإذا لم يصلها في وقت التذكر راحت عليه.
وكما نعلم جميعاً كل صلاة من الصلوات الخمس لها وقت متسع، أضيق الأوقات هو صلاة المغرب، فإذا إلتهى المصلي عن هذه الصلاة حتى خرج وقتها دون عذر شرعي فحينئذ لا كفارة لها؛ لأنه لم يصلها في وقت التذكر.
إذا كانت الصلاة المنسية والتي نام عنها حين تذكرها قال عليه السلام فهذا وقتها، فإذا لم يصلها عند التذكر فلا كفارة لها، فما بالك بالصلاة التي وقتها ساعة من الزمن وهو لا يصليها في هذا الوقت، فهذا لا يمكنه أن يقضي هذه الصلاة إلى الأبد، لأن الله عز وجل يقول:{إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا} موقوتاً: أي مؤقت الأول والآخر، فلو تُرك الأمر لرغبة المصلين خاصة الذين غلبت عليهم حب الدنيا والإنشغال بها والإنكباب على مفاتنها تعطلت هذه الآية {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا}.
لذلك فيجب على المسلم أن يتذكر بالغ إثم إضاعة الصلاة وإخراجها عن وقتها، كما قال عليه السلام:{من فاتته صلاة العصر فكأنما وُتِر أهله وماله} كأنه احترق بيته وأهله؛ لأنه ضيع صلاة واحدة؛ فليس هناك قضاء إلا بعذر النوم والنسيان، ثم هذا العذر حين التذكر لا بد من الإتيان بالعبادة فإذا تمهل ذهب وقتها.
سلسلة الهدى والنور/ للإمام الألباني/ شريط رقم/(488).
فإذا تركت صلاتك لعذر شرعي ثم تذكرتها كان عليك فورا أن تقضيها، فإن لم تقضي فلا تقبل، فكيف بمن ترك الصلاة عمداً.
سئل الإمام العثيمين: هل يجوز قضاء الصلاة إذا فاتت ؟
فأجاب– رحمه الله-: إذا فاتتك الصلاة لعذر كالنسيان والنوم فإنه يقضيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {من نسي صلاةً أو نام عنها فلْيصلها حين يذكرها لا كفارة لها إلا ذلك}
وأما إذا تركها عمداً حتى خرج وقتها بلا عذر فإنه لو قضاها ألف مرة لم تنفعه، لأنه إذا أخرها عمداً بلا عذر وصلاها بعد الوقت فقد عمل عملا ليس عليه أمر الله ولا رسوله فيكون مردوداً لقول النبي صلى الله عليه وسلم:{من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد} وحينئذ لا يقضي ما فاته عمداً، ولكن يصلح العمل ويستقيم، ويكثر من الأعمال الصالحة، ولعل الله أن يتوب عليه.
فإذا كان لا يجوز لمن ترك الصلاة عمداً أن يقضيها فماذا عليه ؟
الجواب: يتوب إلى الله؛ فإن توبتك من الذنوب تـجُبُّ ما قبلها، وتوبتك من ترك الصلاة تجب ما قبلها، ويعفو الله عنك بهذه التوبة؛ لقول الله تبارك وتعالى:{قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم} وبناء على ذلك فإنه لا يلزمه قضاء ما تركه من الصلاة والصيام فيما مضى، لكن يكثر من العمل الصالح والاستغفار والتوبة، ويتوب الله على من تاب.
قال الإمام الألباني– رحمه الله-: قال عليه الصلاة والسلام:{أول ما يحاسب العبد يوم القيامة الصلاة، فإن تمت فقد أفلح وأنجح، وإن نقصت فقد خاب وخسر} وحديث آخر:{وإن نقصت قال الله لملائكته: انظروا هل لعبدي من تطوع فتتموا له به فريضته}.
والنقص نوعان: نقص كم، ونقص كيف.
وسواء كان النقص كماً أو كان كيفاً فالإتمام يكون من التطوع، لذلك فمعالجة خطأ التاركين للصلاة والتائبين عن الترك ليس بأن نأمرهم بأن يتعبدوا لله بما لم يشرع.
سلسلة الهدى والنور/ للإمام الألباني/ شريط رقم/(146).
منقول
للاستفادة