——————————————————————————–
ما هو الختان؟
الختان في اللغة معناه: قطع القُلْفَة ‘أي الجلدة’ التي على رأس الذكر.
وفي الاصطلاح الشرعي: هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة, أي موضع القطع من الذكر, وهو الذي تترتب عليه الأحكام الشرعية, كما روى الإمام أحمد والترمذي والنسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم: ‘إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسْل’.
وهو بالنسبة للذكر: قطع الجلدة التي فوق الحشفة.
وبالنسبة للأنثى: قطع لحمة زائدة فوق محل الإيلاج.
قال الفقهاء رحمهم الله: إنها تشبه عرف الديك.
الأحاديث التي تدل على مشروعية الختان:
هي كثيرة نجتزئ منها ما يلي:
ـ روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عمار بن ياسر قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ‘من الفطرة: المضمضة, والاستنشاق, وقص الشارب, والسواك, وتقليم الأظافر, ونتف الإبط, والاستحداد, والاختتان’.
ـ وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ‘الفطرة خمس: الختان, والاستحداد, وقص الشارب, وتقليم الأظافر, ونتف الإبط’.
هل الختان واجب أم سنة؟
اختلف العلماء اختلافًا واسعًا في هذا الشأن وقد أطال ابن القيم رحمه الله في ‘تحفة المولود’ في حجج الفريقين ولم يرجح شيئًا, وكأنه والله أعلم لم يترجح عنده شيء في هذه المسألة.
وأقرب الأقوال: إنه واجب في حق الرجال, سنة في حق النساء.
ووجه التفريق بينهما: أنه في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلى شرط من شروط الصلاة وهي الطهارة؛ لأنه إذا بقيت هذه الجلدة فإن البول إذا خرج من ثقب الحشفة بقي وتجمع, وصار سببًا في الاحتراق والالتهاب كلما تحرك, أو عصر هذه الجلدة خرج البول وتنجس بذلك.
وأما في حق المرأة: فغاية فائدته أنه يقلل من غلمتها أي: شهوتها, وهذا طلب كمال, وليس من باب إزالة الأذى.
ولابد من وجود طبيب حاذق يعرف كيف يختن, فإن لم يوجد فإنه يختن نفسه إذا كان يحسن, وإبراهيم عليه السلام ختن نفسه, ويشترط ألا يخاف على نفسه, فإن خاف على نفسه الهلاك أو المرض فإنه لا يجب, وهذا شرط في جميع الواجبات فلا تجب مع العجز أو مع خوف التلف أو الضرر.
ويجوز للخاتن أن ينظر إلى عورة المختون ولو بلغ عشر سنين وذلك للحاجة.
والدليل على وجوبه في حق الرجال:
1ـ قوله صلى الله عليه وسلم: ‘خمس من الفطرة’ وذكر منها الختان.
2ـ أمر صلى الله عليه وسلم أن يختتن وهذا يدل على الوجوب.
3ـ أن الختان ميزة بين المسلمين والنصارى, حتى كان المسلمون يعرفون قتلاهم في المعارك بالختان, فالمسلمون والعرب قبل الإسلام واليهود كانوا يختتنون, والنصارى لا يختتون, وإذا كان ميزة فهو واجب.
4ـ أنه قطع شيء من البدن وهذا لا يجوز, والحرام لا يُستباح إلا بالواجب.
5ـ أنه يقوم به ولي اليتيم وهو اعتداء عليه واعتداء على ماله؛ لأنه سيعطي الخاتن أجرة من ماله, فلولا أنه واجب لم يجز الاعتداء على ماله وبدنه.
وأما بالنسبة للمرأة:
فأقوى الأقوال أنها سنة, ويدل له قوله صلى الله عليه وسلم: ‘الختان سنة في حق الرجال مكرمة في حق النساء’ وهو ضعيف ولو صحّ لكان فاصلاً. ويدل على السُّنية قوله صلى الله عليه وسلم: ‘خمس من الفطرة’ وذكر منها الختان ولم يُفصِّل.
متى يجب الاختتان؟
ذهب كثير من أهل العلم أن الاختتان يجب عند مشارفة الولد سن البلوغ, باعتبار أنه سيصبح مكلفًا في امتثال الأحكام الشرعية, والأوامر الإلهية. حتى إذا بلغ سن البلوغ كان مختونًا, لتكون عبادته على الوجه الصحيح الذي رسمه الإسلام, وبيّنه الشرع الحنيف, ولكن الأفضل في حق الولي أن يقوم بعملية الاختتان في الأيام الأولى من ولادة الولد, حتى إذا عقل وتفهم الأمور وأصبح في مرحلة التمييز وجد نفسه مختونًا, فلا يحسب له في المستقبل حسابًا, ولا يجد له في نفسه همًا, فما أهنأ قلب الولد لما بدأ يعقل, ويدرك حقائق الأشياء, وجد نفسه أنه مر على مرحلة الاختتان.
ودليل الأفضلية ما رواه البيهقي عن جابر رضي الله عنه أنه قال: ‘عقّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام’.
وأخيرًا .. ما الحكمة من الختان؟
للختان حكم دينية عظيمة وفوائد صحية جليلة, قد أبان عنها العلماء, وكشف عن آثارها الأطباء, وإليكم ما ذكروه وأهم ما قرروه:
فمن الحكم الدينية العظيمة:
ـ أنه رأس الفطرة, وشعار الإسلام, وعنوان الشريعة.
ـ أنه من تمام الحنفية التي شرعها الله على لسان إبراهيم عليه السلام, فهي التي صبغت القلوب على التوحيد والإيمان وهي التي صبغت الأبدان بخصال الفطرة من الختان وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط.. قال تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً} [النحل: 123], {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} [البقرة:138].
ـ أنه يميز المسلم من غيره من أتباع الديانات والملل الأخرى.
ـ أنه إقرار بالعبودية لله, والامتثال لأوامره والخضوع لحكمه وسلطانه.
ومن الفوائد الصحية الجليلة ما يلي:
ـ أنه يجلب النظافة والتزيين, وتحسين الخلقة, وتعديل الشهوة.
ـ أنه تدبير صحي عظيم يقي صاحبه كثيرًا من الأمراض والاختلاطات.
يقول الدكتور صبري القباني في كتابه حياتنا الجنسية:
‘وفي الختان بعض الفوائد نذكر منها:
1ـ بقطع القُلْفة يتخلص المرء من المفرزات الدهنية, ويتخلص من السيلان الشحمي المقزز للنفس ويحال دون إمكان التفسخ والانتان.
2ـ بقطع القلفة يتخلص المرء من خطر انحباس الحشفة أثناء التمدد.
3ـ يقلل الختان إمكان الإصابة بالسرطان, وقد ثبت أن هذا السرطان كثير الحدوث في الأشخاص المتضيقة قلفتهم, بيد أنه نادر جدًا في الشعوب التي توجب عليهم شرائعهم الختان.
4ـ إذا شرعنا في ختان الطفل أمكننا تجنيبه الإصابة بسلس البول الليلي.
5ـ يخفف الختان من كثرة استعمال العادة السرية لدى البالغين.. إلى غير ذلك من هذه الفوائد. اهـ. [تربية الأولاد].
فتأدبوا بآداب الإسلام ففيها النجاة والسلام والسلامة لمن كان عنده عقل وبصيرة