تمر علينا أحداث الدنيا . . حلوها ومرها . . بهجتها وحزنها . . شدتها ويسرها . . ولكن القليل من الناس فقط من يحاولون التأمل في قلب هذا الحدث أو ذاك!!
فطغيان المادة قد أعمى الكثير من العقول عن التأمل في حكمة الله من العواقب المترتبة على تلك الأحداث، وصارت الهيمنة في معظم الأحيان لتحكم الأهواء أو العواطف!! مما ضاعف على الناس سبل الضياع في شتات الحيرة!!
والأصل . . أن يوقن العبد بأنه ضعيف . . عاجز . . فقير . . منعدم الحيلة . . وأنه لولا ستر الله عليه لهلك بضعفه منذ الوهلة الأولى وسط هذه الأمواج الهائجة من طغيان وأنانية البشر!!
فإذا أيقن العبد بذلك . . علم أن له إلهاً (مقاليد الدنيا كلها بيده) فيأوي إليه ليحفظه . . ويرشده . . ويعلمه . . ويعينه . . ويغنيه عن الناس . . ويدبر له أموره . . حيينها فقط سوف يستشعر بحق أنه قد آوى إلى ركن شديد!!
فالعبد في هذه الحياة قد استقل مركباً صغيراً متمثلاً في لحظات أيام عمره المحدودة!! وأمواج بحر الحياة تزداد بمرور الزمن هيجاناً؛ يقذف بمركبه الصغيرة ذات اليمين وذات الشمال!! وليس له سوى اللجوء إلى الله بدعاء المكروب لينقذه من الهلاك!!
وهكذا الأمر يجب أن يكون في علاقة العبد بربه خلال رحلة هذه الحياة . . فالدنيا قصيرة . . سريعة الزوال . . على الرغم من كثرة أحداثها وتنوعها . . إلا أنها تصب في نهاية المطاف في مقصد واحد . . (ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) !!
فمن عاش فيها على غير هدى من الله . . يرشده . . وينور له بصيرته؛ كي يحول كل ما مر به من أحداث، وما صدر عنه فيها من تصرفات أو أقوال أو أفعال إلى موازين أعماله في الآخرة؛ فقد فاتته فرصة الحياة بكل معانيها!!
أما من عاش فيها متأملاً . . وبقضاء ربي راضياً . . وبذكره مستأنساً . . ولرياح الجنة متشوقاً . . فقد نال السعادة في الحياة وبعد الممات بإذن الله . . أو إن شئت فقل:
فقد نظر لهذه الحياة بعين الآخرة!!
مما راق لي … صيد الفوائد