عند بلوغ الطفل للعمر المتوقع معه التعلم والتحكم تدريجياً في التبرز إرادياً في المكان والزمان المناسبان فإن هناك مقومات لذلك منها وجود إحساس طبيعي في المستقيم (نهاية الأمعاء الغليظة) بالامتلاء ووجود سلسلة انقباضات طبيعية بالأمعاء الغليظة والمستقيم مع سلامة صمامات التحكم بالتبرز (الصمام الشرجي الداخلي والخارجي) عضوياً ووظيفياً.
تتأثر الأمعاء الغليظة وصمامات التحكم بالتبرز لدى الأطفال لأسباب خلقية في الغالبية ممن لديهم عدم تحكم في التبرز ومن تلك الأسباب تشوهات الحبل الشوكي (فتق الحبل الشوكي) ونقص الفقرات العجزية بينما تأتي إصابات العمود الفقري وأورام الحبل الشوكي كأسباب مكتسبة مسببة لنفس الأعراض وإن كانت بدرجات متفاوتة كما أن البعض ممن ولدوا بعدم اكتمال نزول فتحة الشرج إلى خارج الجسم قد يعانون من اختلال في وظائف صمامات التحكم بالتبرز مما يسبب عدم السيطرة على التبرز بشكل كامل.
حيث أن الأولوية هي في تقييم وعلاج المتلازمات المصاحبة الجهاز العصبي المركزي (مثل الاستسقاء بالرأس)، العظام، الأطراف السفلية، والمسالك البولية. ولأن علاج الإمساك يستغرق جهود كبيرة ووقت طويل إضافة إلى أن الطرق الفعالة للتحكم في مكان وزمان التبرز (بيت القصيد) حديثة نسبيا فإن تقييم وعلاج هذه الجزئية لدى هؤلاء الأطفال لم تبرز إلا بعد أن وضعت المعايير الطبية لتأمين طرق علاج الأولويات الأخرى مما يضمن بإذن الله صحة الطفل علماً بأنه من المعروف طبياً أن الإمساك (يوجد لدى حوالي 85% ممن ولدوا بفتق الحبل الشوكي أو نقص الفقرات العجزية) هو عامل مهم مسبب للالتهابات البولية المتكررة وانقباضات المثانة البولية اللاإرادية (سبب من أسباب عدم التحكم في التبول).
الخطوة الأولى في علاج هذه المشكلة الطبية والاجتماعية بنفس الوقت هي في التعرف على وجودها والسؤال عنها بالذات مثلها مثل غيرها من الأعضاء عند زيارة الطفل للمختصين علماً بأنه يجب التنبيه على أن البعض من الأطفال قد تكون لديه أعراض خادعة بوجود إسهال وليس إمساك (وربما يكون قد أخذ أدوية مضادة للإسهال) في حين أن حقيقة الأمر هي أن لدى الطفل إمساك شديد ومزمن بحيث أن محتويات الأمعاء الدقيقة (عند وصولها إلى الأمعاء الغليظة) لم يكن بالإمكان استيعابها وبالتالي غادرت الجسم مبكراً في حالتها السائلة قبل تحولها إلى براز صلب على شكل إسهال.
الخطوة الثانية وإن لم تكن “إلزامية” هي في أن يكون الطفل غير محتاج لاستخدام طرق وقاية (حفاظات) وذلك لكونه غير قادر على التحكم في التبول أو في أن يكون جافاً اجتماعياً من ناحية التبول لدى الأطفال ممن هم على قساطر بولية يومية متكررة لإفراغ المثانة البولية.
وجد أن الكثير من الأشخاص اللذين تأثرت لديهم الأمعاء الغليظة والصمام الشرجي يفضلون أن يكونوا على جانب الإمساك وذلك للبقاء جافين أكثر ولذلك تعتمد الطرق الطبية التقليدية لعلاج الإمساك والتحكم الاجتماعي بالتبرز في آن واحد على أن يكون الإمساك موجود لفترة زمنية متبوعاً بإفراغ لمحتويات المستقيم بصفة دورية.بينت دراسة علمية تم فيها استفتاء 180مريضاً (أعمارهم من 15إلى 25سنة ومصابين بفتق الحبل الشوكي) عام 2005في هولندا أن 35% منهم لم يكن لديهم تحكم في مكان وزمان خروج البراز بغض النظر عن الطرق المستخدمة علاجياً وأن 77% منهم اعتبروا ذلك إشكالية نفسية واجتماعية.
من البديهي أن تكون هذه المعضلة كذلك وأن تكون سبباً مباشراً لامتناع بعض الأطفال من الالتحاق بالمدارس إن لم يكن بالإمكان إيجاد علاج ناجع لها.
البعض من أمهات هؤلاء الأطفال قادر على معرفة أفضل السبل للتحكم في مكان وزمان التبرز من واقع خبرتها بطفلها وبعدة طرق علاجية سبق لها تجربتها واختبارها ومن ثم اختيار الأفضل منها وبذلك يصل الطفل إلى درجة “تحكم” اجتماعية.
عند بلوغ الطفل للعمر المفترض به الالتحاق بالمدارس فإن الحاجة تكون أكثر إلحاحاً لأن يكون قادراً على أن يكون جافاً مما يمكنه من الاندماج اجتماعياً بشكل طبيعي وفي نفس الوقت واثقاً من نفسه ومن قدرته مجاراة أقرانه.
نظراً لأن الغالبية العظمى من الأطفال المصابين بفتق الحبل الشوكي ونقص الفقرات العجزية (يشكلون النسبة العظمى من المتأثرين بعدم التحكم بالتبرز) أذكياء ومتفوقين ونظراً لحرص ودعم أمهات وآباء هؤلاء الأطفال فقد كان ذلك سبباً رئيساً للتفكير في طرق طبية أكثر فعالية لحل معضلة متلازمة الإمساك وعدم التحكم بالتبرز وقد تم ذلك بنجاح بإدخال “قسطرة” فغر القولون الأعور (باستخدام الزائدة الدودية “من دون حاجة لكيس لجمع البراز على جدار البطن”) لإفراغ محتويات الأمعاء الغليظة تماماً من قبل الجراح الإنجليزي مالون عام 1990م مما كان له الأثر السحري في تغيير مجرى حياة الكثيرين بحيث أصبحوا قادرين تماماً على التحكم بمكان وزمان إفراغ محتويات الأمعاء الغليظة والمستقيم ومن ثم تطورت الطريقة من قبل آخرين لاستخدام أنبوب صغير في جدار البطن يتم عن طريقة حقن كميات من الماء بحيث يتم إدخالها في بداية الأمعاء الغليظة مما يسمح بإفراغ محتويات الأمعاء الغليظة والمستقيم عن طريق فتحة الشرج.