قصة اختطاف الجابريه
——————————————————————————–
“الشعب” تعيد التاريخ الأسود ذا العتمة المظلمة لأيام القتل والتنكيل والتدمير والخطف والدمار الماحق
لكم يا شعب الكويت قصة اختطاف “الجابرية” وتداعيات قتل الشهيدين الخالدي وأيوب بدم بارد من على سلمها!
الخاطفون على درجة عالية من التدريب والدهاء وبرود الأعصاب والعدوانية يتمتعون بعوامل الانفعال والصمود والقسوة والتأثر
تركيا ولبنان وسورية ترفض استقبال الطائرة.. الوقود ينفد… حيرة وقلق… الخيارات تضيق وحبل النجاة يبتعد
202 دقيقة من التحليق المتواصل فوق مطار بيروت بارتفاع منخفض تخللتها محاولتان خطيرتان للهبوط بالقوة دون جدوى
الوضع يزداد خطورة والعملية تصبح أكثر دموية وعقارب الساعة تمضي في تثاقل بانتظار ما ستؤول إليه الأحداث
المجرمون الخاطفون بعد يأس مطلق يطلقون على الطائرة »طائرة الشهادة الكبرى« بدعوى أن الموت في العز أفضل من الحياة مع الذل
هل استقل الخاطفون طائرة إلى مكان مجهول أم مكثوا في الجزائر حتى تهدأ ضجة أطول عملية اختطاف استمرت 16 يوماً?
الغموض يكتنف مصير الطائرة على أرض مطار مشهد بتواتر أنباء متضاربة من الكويت ولبنان وبريطانيا
ما علاقة زوجة مغنية بخبير المتفجرات يوسف بدر الدين المسجون تحت اسم مسيحي مستعار ضمن ال¯ 17 المحكومين بالاعدام?
ثلاث ساعات من الهدوء التام كانت قد مضت على بداية الرحلة.. وكانت مناخات الشرق الاسيوي لا تزال تسيطر على مخيلة ركاب طائرة الخطوط الجوية الكويتية »الجابرية« المتجهة من بانكوك في طريقها عائدة الى الكويت في يوم الثلاثاء الخامس من ابريل 1988 وعلى متنها 96 راكبا فضلا عن طاقمها المؤلف من خمسة عشر شخصا.
البوينغ 747 تحلق على ارتفاع 32 الف قدم فوق سطح البحر.. الركاب في حالة استرخاء فيما الطائرة تقترب من الاجواء العمانية.. حتى ان بعضهم ذهبت به »الذاكرة« الى تلك الرحلات القديمة عبر جانبي المحيط الهندي حيث سيطر العرب والمسلمون على الملاحة – البحرية بالطبع وليس الجوية انذاك – عدة قرون من الزمن.. الى ان جاءت الغزوات البرتغالية وغيرها وانتزعت منهم معظم خطوط التجارة بين العالم العربي وبلاد »السند والهند« وصولا الى الصين.
كان الجميع اذن في هدوء واسترخاء باستثناء راكب كان قد صعد الى متن الطائرة مخمورا مما جعل الكثير من الركاب يحدقون في اتجاهه بعيون ملؤها الشفقة والاستغراب في آن واحد.
وفجأة يقطع الهدوء وقوف اشخاص احدهم في مقدمة الطائرة والثاني في الوسط والثالث في المؤخرة وقيام اخرين بالاتجاه الى كابينة القيادة حيث صرخ احدهم في وجه الطيار: »اتجه نحو الشمس!«.
ماذا?!
– اسمعني جيدا.. اتجه نحو الشمس!
الطيار التفت بقليل من الاكتراث وبكثير من الدهشة معتقدا ان كل ما في الامر ان هناك راكبا مخمورا.. ولم يلبث الطيار ان افصح عن سبب دهشته:
– أمازلت مخمورا حتى هذا الوقت?!
فوقعت الكلمات في الشاب نفسه وقعا غير واضح لكنها اعادته الى رؤيته في البداية فتوقف عن الصراخ ثم عاد الى اطلاق صوته بأعلى ما يستطيع.. مكررا الاوامر »اتجه نحو الشمس« شاهرا هذه المرة مسدسا في يده وقنبلة يدوية في اليد الاخرى.
وفي لحظة من اللحظات ظن احد الحاضرين نفسه في حلم – او في خضم كابوس – فربما تكون المعابد التايلندية الموجهة نحو الشمس قد انتقلت الى الاجواء وخيمت بقبابها المذهبة على الطائرة!
وفجأة يقطع لحظات »الحلم« سؤال وجهه مهندس الطائرة الى الخاطف: »لماذا نتجه نحو الشمس?«
– وعلى الفور دوت صرخات الخاطفين معممين اوامرهم هذه المرة:
– انبطحوا على الأرض! انبطحوا! الطائرة مخطوفة.
احد مضيفي الطائرة حاول التصدي لهم الا انه جوبه بضربة على رأسه بعقب احد المسدسات – وما اكثرها في تلك اللحظة! وطرحه »الضارب« أرضا وراح يركله برجليه.. ربما بمعاونة الاخرين وربما لا.. فالمضيف لم يعد يعي شيئا وصار يتلوى من الالم.
(نجيب الوقيان – صباح الشمري)
الأيدي فوق الرؤوس
وطالب الخاطفون الركاب بأن يضعوا أيديهم فوق رؤوسهم ويجثموا بين المقاعد.. وذلك بعدما تأكدوا من خلو الطائرة من رجال الامن.
وقال احد الخاطفين: من يتحرك او حتى يبكي سأقتله في الحال.
وانتابت الركاب انفعالات نفسية عصبية متداخلة متناقضة متضاربة.. فشعروا بالضياع وفقدوا القدرة على التمييز وحساب الامور وتقييم المواقف لدرجة ان بعضهم اصبح شبه غائب عن الوعي. فمكثوا في مقاعدهم في قلق وترقب وذهول. وراح كل منهم يفكر في اسرته التي تنتظره في مطار الكويت فيما هو يتعرض لتجربة لا يعرف الا الله العلي القدير ما ستؤول اليه وكيف ستنتهي! ثم ان هؤلاء الخاطفين يصعب التنبؤ بسلوكياتهم ومقاصدهم وقد يكونون من الشخصيات العدوانية والاجرامية.. وفي كل حال فلا مناص من القبول بالامر الواقع من غير حراك!
واجبر الخاطفون قائد الطائرة العراقي صبحي نعيم ومساعده الكويتي عيد راشد العازمي ومهندس الطيران الكويتي عايد عيد الشملان على التوجه بالطائرة الى مطار مشهد الذي يقع شمال شرقي ايران. واجرى مركز تحكم العمليات وسلطات المراقبة الجوية في مطار الكويت عدة محاولات للاتصال بقيادة الطائرة ولكن دون جدوى.
واراد الطيار استخدام الرادار بوضع اشارة تدل على ان الطائرة مختطفة فلم يسمح له زعيم الخاطفين بذلك وقال له: »لا تلمس اي شيء«.. ثم نظر الشاب المسلح الى سقف الكابينة وسأل عن وجود مسجل الرحلة »الصندوق الاسود« فقال الطيار: نعم… موجود وحاول الطيار اخراج خارطة ليوضح مسار الرحلة الى مشهد لكن الخاطف شك بالامر.. ثم وافق.. ودله قائد الطائرة على المسار الذي يجب سلوكه الى مشهد, موضحا له ان الجهاز ملاحي فقط ولا علاقة له باجهزة الرادار.
واثناء وجود الطائرة في الاجواء العمانية تلقت نداء من مركز السيطرة الارضية باعتبار انها غيرت اتجاهها الا ان الخاطف لم يسمح للطيار بالضغط على جهاز الارسال او لمس اي من الاجهزة طالبا ايضا عدم مناداة الطائرة التي كانت تحلق في محاذاتهم. وقال رئيس الخاطفين ان الطائرة تحت سيطرتهم وان الركاب تحت رحمتهم ويجب ان يفعلوا ما يطلب منهم.في مشهد
وعندما وصلت الطائرة الى مجال مشهد نودي عليها (Kuwait 422) لكن الخاطف امر الطيار بعدم الاجابة فقال له الطيار: يجب ان نجيبه حتى نعرف الحالة الجوية او المدرج الذي سنستخدمه للهبوط فتولى الخاطف الاجابة بالجهاز معلنا ان الطائرة تحت سيطرته وانه متجه الى مشهد وطلب السماح بالنزول.
وهبطت الطائرة.. وحطت وسط المطار.. واعتقد الركاب في بداية الامر انها هبطت في مطار الكويت وتم اغلاق المطار امام عمليات الطيران واخذ بعض القناصة مواقعهم حول الطائرة.
واوفدت ايران نائب رئيس وزرائها على رأس وفد رسمي للنظر في موضوع الطائرة المختطفة واعلنت رسميا بدء المفاوضات مع الخاطفين الذين طالبوا بالافراج عن سبعة عشر سجينا سبق وان ادينوا بعمليات انتحارية وتفجيرات ضد سفارتي الولايات المتحدة وفرنسا ومنشآت صناعية اخرى.. وحيث سبق واختطفت طائرة »كاظمة« الكويتية للغرض نفسه عام .1984
وطالب الخاطفون بتزويد الطائرة بالوقود للاقلاع بها الى جهة لم يعلنوا عنها مهددين بنسفها اذا حاول احد الاقتراب منها.
تصنيف الركاب
وترأس ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد العبدالله الصباح اجتماعا طارئا لمجلس الوزراء الكويتي وقرر ايفاد وفد رسمي الى ايران لتسهيل مهمة السلطات الايرانية بالتفاوض مع الخاطفين وطالب السلطات الايرانية بمنع الطائرة من الاقلاع والعمل على انهاء العملية بما يحفظ سلامة الركاب وطاقم الطائرة.
واقامت مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية غرفة عمليات لمتابعة قضية الطائرة على مدار الساعة واستنفر مطار الكويت تحسبا لاقلاع الطائرة في اتجاهه. واوقفت الكويتية رحلاتها الى بانكوك ومانيلا ودلهي وكولومبو ودكا وبومبي, وتم التوقف عن نقل البضائع على كل خطوطها.
بعدها افرج الخاطفون عن احد الركاب الاردنيين لمعاناته من اضطرابات قلبية. وقد صرح للصحافيين فور الافراج عنه بأن الخاطفين قيدوا ايدي الراكبين بعد التحقيق معهم وقسموهم الى ثلاثة اقسام: قسم في مقدمة الطائرة يليه فريق اخر من النساء ثم القسم الاخر من الرجال في مؤخرة الطائرة ثم فصلوا الجنسيات عن بعضها البعض بحيث ابقوا الكويتيين في مقدمة الطائرة وتعمدوا وضع رجل قوي البدن والى جانبه اخر ضعيف البنية… وامروهم بعدم التحدث والالتفات.
لما لا يفعل المختطفين ذلك?! وهناك قصص وبطولات قام بها الركاب واحيانا طواقم الطائرة بالسيطرة على الطائرة المختطفة وتكبيل المختطفين… ربما اكثر من ذلك ففي السبعينات نزع طاقم احدى الطائرات وقد تكون اثيوبية سلاح احد الخاطفين وربطوه بالمقعد وقاموا بتقطيعه امام الركاب الذين تملكهم الرعب من هذا المشهد الفظيع ومن القسوة التي فاقت قسوة المختطف.
و
طلب الخاطفون ماء نقيا ووحدة شحن جديدة للطائرة وكرروا طلبهم بتزويدهم بالوقود.
وبعد مرور عشرين ساعة على الاختطاف اطلقوا سراح 24 امرأة من عدة جنسيات ليس بينهن كويتيات.. حيث نقلن الى فندق قريب من المطار ويبدو ان هدف الخاطفين من ذلك تسهيل عملية التحكم بالطائرة ليس الا. في بانكوك اجرت السلطات التايلندية تحقيقا حول اجراءات الامن في مطار بانكوك.. واتضح ان الخاطفين يحملون جوازات سفر بحرينية وكويتية مزورة.
اليوم الثاني: الاربعاء 6/4/1988
وصل وفد كويتي يضم ثلاثة من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية الى مشهد لتسهيل مهمة المفاوضين الايرانيين واكد الوفد موافقته على مبدأ التفاوض مع الخاطفين مع عدم الرضوخ للابتزاز او اطلاق سراح السجناء السبعة عشر.
وقالت مضيفة اطلق سراحها انه من الصعب تحديد هويات وجنسيات الخاطفين فهم يتحدثون عدة لهجمات ولغات وانهم على ما يبدو في العشرينات من العمر وبدأوا يشعرون بعصبية من قلة النوم والارهاق ولكنهم مدربون تدريبا جيدا ويتفاهمون احيانا بالصفير والتصفيق.
وزودت الطائرة بناء على طلب الخاطفين بطبيب واوكسجين لمعالجة بعض الركاب بالاضافة الى وجبات طعام.. ورفعوا وتيرة لهجتهم بقولهم ان الموعد الذي حددوه يمضي سريعا واضافوا في رسالتهم عبر جهاز اللاسلكي: »انكم لم تفعلوا شيئا لنا وليست لنا ثقة بالمفاوضات التي تجري بصورة سريعة واذا لم نحقق اية نتائج فسنطير الى جهة اخرى«.
واعلنت السلطات الايرانية انها وافقت على تزويد الطائرة بالوقود لتجنب اية كارثة في مطار مشهد وتحدثت بعض الاوساط المتخصصة انه اذا انتقلت الطائرة الى مطار بيروت فسيختفي الركاب كما لو ابتلعتهم الارض كما حدث للرهائن الاجانب.
وتضاربت الانباء حول اخر التطورات في هذا اليوم فذكرت وكالة الانباء الكويتية ان الطائرة مازالت جاثمة على ارض مطار مشهد.. بينما اذاع راديو »صوت لبنان« في بيروت ان فرقة كوماندوز ايرانية اقتحمت الطائرة.. بينما نقلت اذاعة (BBC) البريطانية ان برج المراقبة في مطار مشهد فقد الاتصال اللاسلكي مع الخاطفين.
وانتهى اليوم الثاني من رحلة الاختطاف بغموض مذهل وهي من الحالات النادرة في العمليات الشبيهة بهذه التي يخيم فيها الالتباس والغموض على مصير طائرة مخطوفة.
اليوم الثالث: الخميس 7/4/1988
افرج الخاطفون فجرا عن 32 راكبا. وبذلك ارتفع عدد الذين اطلق سراحهم الى 65 شخصا وبقي في الطائرة 55 اخرون. وطالب الخاطفون بمولد كهربائي لتشغيل اجهزة التكييف.. فيما وفرت السلطات الايرانية خطا هاتفيا مع الكويت ليقدموا مطالبهم مباشرة متجاوزين الوفد الكويتي وذلك بعد اعلان المختطفين ان الوفد لا يملك اية سلطات.
وهدد الخاطفون بجعل الركاب الكويتيين يدفعون ثمنا غاليا اذا لم تلب مطالبهم وانهم سيعتبرونهم اسرى سياسيين وطالبوا بازالة الحواجز من ممر الهبوط وذلك تيسيرا للاقلاع, مشيرين الى ان السلطات الايرانية تحاول كسب الوقت معلنين ان اساليب المماطلة ستشير الى تواطؤ ايراني مع الكويت وان اطلاقهم سراح بعض الركاب ليس ضعفا وانما علامة لحسن النوايا.
واتصل قائد الطائرة ببرج المراقبة قائلا ان الخاطفين هددوه باجباره على الاقلاع بالطائرة رغم نفاد خزانات الوقود وانذروه بالقتل اذا رفض الاقلاع.
وبعد انتهاء المهلة ارغموا احد الركاب الكويتيين على توجيه رسالة عبر اللاسلكي قال فيها ان الركاب يشعرون بالخوف والارهاق وان الخطافين جادون في تهديداتهم وارغموا كذلك راكبة كويتية على توجيه رسالة مماثلة تدعو فيها الى الموافقة على مطالب الخاطفين.
وطالب الشيخ سعد العبدالله الصباح في رسالة بعث بها الى رئيس وزراء ايران بتأمين سلامة الركاب ورفض السماح للطائرة بالاقلاع.. غير ان هذا النداء لم يمنع السلطات الايرانية من تزويد الطائرة بالوقود.
اليوم الرابع: الجمعة 8/4/1988
عاد الى الكويت في الساعةالخامسة فجرا 49 راكبا اطلق سراحهم على متن الطائرة الكويتية »وربة« وفور هبوط الطائرة تم اجراء كشوفات صحية عليهم واتضح انهم بصحة جيدة ولا يعانون سوى من الإرهاق.. وسأل احد الصحافيين – مازحا – احد المفرج عنهم: هل ستذهب الى بانكوك مرة أخرى?
فأجابه: »سأمحوها من الخريطة ولن اذهب اليها على الاطلاق«.
في هذا الوقت ازالت السلطات الايرانية الحواجز على مدرج المطار بعد تهديدات الخاطفين وضرب الركاب وسمحت لها بالاقلاع في الساعة الثانية والربع من بعد الظهر بتوقيت الكويت واعلنت ايران ان الطائرة اتجهت غربا وذكر مطار لارنكا (قبرص) ان الطائرة دخلت المجال الجوي التركي لكن تركيا اعلنت انها لن تسمح لها بالهبوط… ثم صرح مطار بيروت بأن الطائرة تتجه الى اجواء العاصمة اللبنانية واكد كذلك انه لن يسمح لها بالهبوط مهما كلف الامر حيث وضع المطار في حالة تأهب قصوى واتخذ عشرات من جنود الجيش اللبناني وقوات الردع السورية مواقعهم في انحاء مختلفة من المطار الذي تم اغلاقه امام حركة الملاحة الجوية ووضعت الحواجز والعوائق وسيارات كبيرة على مدارج المطار بينما ابقيت سيارات الاسعاف في حالة تأهب.
ورغم محاولات قائد الطائرة الاتصال بمطار بيروت الا ان احدا لم يرد عليه فاتصل بمطار لارنكا وابلغه ان الوقود يكفيه لمدة ثلاث ساعات فقط وسيضطر الى الهبوط في مطار بيروت بالقوة.
وعندما دخلت الطائرة الاجواء اللبنانية تحدث قائد الطائرة مع برج المراقبة:
الطيار: أرجو الموافقة على الهبوط في مطار بيروت لظروف اضطرارية!
البرج: لدينا اوامر بعدم السماح لكم بالهبوط.
الطيار: هناك مسدس موجه الى رأسي.
البرج: نحن ايضا نعيش تحت السلاح منذ 15 سنة.
الطيار: لدينا ركاب يعانون من مرض القلب.
البرج: كل اللبنانيين يعانون من مرض القلب منذ 15 سنة.
وتحدث احد الركاب مع برج المراقبة وهو يبكي قائلا: »انا اتحدث نيابة عن الركاب اسمحوا لنا بالهبوط فالطائرة ليس فيها وقود والركاب على وشك الانهيار«.
البرج: »انكم تضيعون وقتكم«.
الخاطف: ابلغ وزراء الداخلية والعدل والاشغال بأن وقود الطائرة قد نفد.
البرج: الاوامر صريحة وصارمة.. ممنوع النزول.
الطيار: سأهبط اضطراريا وبالقوة.
البرج: لدينا تعليمات بابلاغك بأننا سنطلق النار على الطائرة اذا حاولت الهبوط.
الخاطف: سننزل… وسأقطع لسانك!
البرج: الاوامر امليناها عليكم.
الطيار: سأهبط اضطراريا ولو تحطمت الطائرة.. أو سأسقطها في البحر!
البرج: اسقطها في البحر!
الخاطف: سنهبط وليحدث ما يحدث واننا نحمل وزراء العدل والاشغال والداخلية المسؤولية الكاملة عن ارواح الركاب.
البرج: انتم الخاطفون وانتم تتحملون مسؤولية ارواح ركاب الطائرة.
وبقيت الطائرة فوق بيروت مدة ثلاث ساعات وعشرين دقيقة ودارت 22 دورة فوق المطار بارتفاع منخفض تخللتها محاولتان خطيرتان للهبوط. وصعد المئات من سكان بيروت على اسطح منازلهم لمشاهدة الطائرة وهي تحلق فوق العاصمة على ارتفاع منخفض.
واذا كانت هذه هي حالة الناس »على الارض« في بيروت.. فكيف تكون حالة الركاب المحتجزين داخل الطائرة وهي تدور بهم مرارا وتكرارا فوق مطار لا يسمح بنزولها?!
لعل طاقم الطائرة وحدهم يعرفون معنى وجود مسلحين على متن الطائرة فالراكب قد تنهار اعصابه… اما الطيار وزملاؤه فيجب ان تكون اعصابهم فولاذية… شجعان.. هادئين.. فقد يجن جنون الخاطف والجنون كلمة سحرية تستثني المجرم من الانسانية وطاقم الطائرة في النهاية بشر ولكن على الرغم من كل ذلك عليهم ان يوصلوا المسافرين الى الارض بسلام.
و
رفض الخاطفون محاولة النزول في مطار دمشق على ان تستمر محاولات الهبوط في بيروت.. وعندما تأزمت الاحوال طلب الخاطفون من قائد الطائرة انزالها في البحر بقرب الساحل القديم.. فأجابهم بالقول: »اذا هبطنا في البحر فستكون اول طائرة »جامبو« تنزل في البحر ولن يتمكن احد من النجاة«!
فسأل الخاطف مهندس الطائرة عن نسبة النجاة.. فقال: لا يوجد.. وسأل مساعد الطيار.. فقال له: مستحيل واخيرا سأل الطيار.. فقال له: اذا لم تصدقني انتظر دقيقتين لترى النتيجة بنفسك!
حيرة ما بعدها حيرة وقلق لم يسبقه مثيل والخيارات تضيق وحبل النجاة يبتعد والى غير رجعة والقابعون في الطائرة وجدوا انفسهم قاب قوسين من الموت او ادنى.
الخاطفون تباحثوا فيما بينهم وقرروا الاتجاه الى دمشق.. الا ان مطار العاصمة السورية رفض السماح للطائرة بالهبوط.. وبدا اليأس واضحا على الخاطفين.. فقالوا للطيار: اذهب الى اي مطار فاتصل قائد الطائرة مجددا بمطار لارنكا فسمح باستقبال الطائرة. وبعث الخاطفون اليهم برسالة شكر عبر جهاز اللاسلكي.
واتجهت الطائرة الى قبرص بعد ان اشرف الوقود على النفاد تماما.. واخذت المضيفات يشرحن للركاب الذين انتابهم الخوف والهلع.. كيفية الهبوط الاضطراري وضرورة القاء كل ما هو حاد وحني الرأس الى الركبتين ووضع اليدين عليه. ويبدو ان الخاطفين على الرغم من تمثيلهم دور الشجعان الا انهم فقدوا اعصابهم واخذ العرق يتصبب من جباههم.. ساعتها تمنوا ترك اماكنهم والجلوس مع الركاب.. بل ويحنون رؤوسهم تماما كما طلبت المضيفات من الركاب.. فهم لم يختطفوا طائرة مليئة بالركاب لكي يموتوا بل لكي يحرروا رفاقهم.
وهبطت الطائرة بسلام في مطار لارنكا بعد سبع ساعات من اقلاعها من مطار مشهد ولو تأخر هبوطها لثوان معدودة لانفجرت في الجو.
وضربت قوات الامن طوقا امنيا مشددا حول الطائرة… فيما كان الركاب وطاقم الطائرة يحمدون الله سبحانه وتعالى على نجاتهم بعد هذا »الفصل« المرعب والطويل والمرهق الذي شهدوه فوق بيروت او فوق المياه »المتوسطية« الفاصلة بين لبنان وقبرص.
وطلب الخاطفون تزويد الطائرة بمولد كهربائي لتشغيل التكييف والكهرباء.
الخاطف: ارجو تزويدنا بمولد كهربائي.
البرج: نحاول العثور على مهندس لتركيب المولد على الطائرة.
الخاطف: دعني اكن صريحا معك, نحن نعلم انه باستطاعة اي شخص تركيب المولد وهو ليس بحاجة الى مهندس.
البرج: المطلوب منكم قبل كل شيء الافراج عن بعض الركاب كمبادرة حسن نية.
الخاطف: لا استطيع تقديم اكثر ومن المفترض ان نخاف نحن منكم وليس العكس!
البرج: سائق السيارة التي تنقل المولد الكهربائي يخشى الاقتراب من الطائرة.
الخاطف: سنكون لطفاء معكم كما كنتم لطفاء معنا واعدك بأننا لن نمس العمال بأذى.
وبعد فترة اقتربت سيارة تنقل المولد الكهربائي من الطائرة وزودت بالطاقة الكهربائية.
وغادر وفد كويتي في طائرة خاصة الى مطار لارنكا لمتابعة قضية الاختطاف.
اليوم الخامس: السبت 9/4/1988
كل ما يدور على متن الطائرة يشير الى »استعدادات« للاقلاع او لمحاولة الاقلاع.
ولكن كيف ومتى والى اين?
لا اجوبة واضحة ولكن.. يبدو أن الخاطفين على عجلة من امرهم تصرفاتهم كلها توحي بذلك.. ها هم يطالبون بالوقود تسهيلا للاقلاع بالطائرة ويطالبون ايضا بارسال صحف اجنبية.. ووجبات افطار.. ومياه معدنية وكميات من الثلج في اكياس بلاستيك… على ان توضع كلها في صندوق يرفع بالحبل الى داخل الطائرة.
اما الوافد الكويتي فقد طالب المسؤولين في مطار لارنكا بالابقاء على الطائرة حيث هي وعدم السماح لها بمغادرة المطار وكان الوفد يتخوف من تعقيدات اضافية في حال الانتقال الى مطارات اخرى.. او في حال تعريض الركاب لعمليات تحليق »دائرية« مرعبة وطويلة الامد فوق احدى العواصم الاخرى كما حصل فوق مدينة بيروت!
لخاطفون من جهتهم بادروا الى اطلاق سراح الراكب الكويتي فاضل عبدالرسول وهو في الثانية والثلاثين من العمر وكان قد توجه الى بانكوك ضمن وفد يمثل الشركة التي يعمل فيها لشراء بعض الاجهزة.
وتقدم الخاطفون بعرض جديد للافراج عن خمسة ركاب مقابل تزويدهم بالوقود.. ثم عرضوا اطلاق سراح نصف الركاب ومبادلتهم بثلاثة من زملائهم المسجونين والمحكومين بالاعدام وقوبلت هذه العروض بالرفض القاطع من الحكومة الكويتية.. ودار الحوار »الساخن« التالي:
الخاطف: اذا لم تملأ الخزانات مئة في المئة بحلول الساعة العاشرة صباحا فسنقتل احد الركاب لقد هبطنا هنا مع وعد بالحصول على الوقود للاقلاع.
البرج: ارجو تأكيد رسالتكم.. هل الرسالة صحيحة?
الخاطف: هذا صحيح.. وسيكون الوقت 10.30 صباحا.
البرج: علم.. اي بعد 62 دقيقة من الان.. ولكن تهديداتكم بقتل الركاب لن تخدم قضيتكم وستؤثر سلبا على جهودنا لمساعدتكم الافراج عن الركاب قد يؤدي الى تزويد الطائرة بالوقود اننا نأمل ان تعيدوا النظر في موقفكم.
وصارت الدقائق تمر وكأنها ايام بكاملها.. وجميع المعنيين يتابعون ما سيؤول موقف الخاطفين ويبدو انهم مصممون على تنفيذ ما انذروا به التهديد يؤخذ على محمل الجدية والخطورة والحوار »الساخن« يتصاعد في حلقاته:
الخاطف (قبل انتهاء المهلة بخمس عشرة دقيقة): لقد اخرتم تنفيذ طلبنا. وليس لدينا سوى القول: الساعة 11 جهزوا نعشا وسيارة اسعاف!!
البرج: ارجو ان تعيدوا النظر في موقفكم.
الخاطف: لقد قتلنا احد الركاب الكويتيين.
البرج: نرجو التأكد من عملية القتل.
الخاطف: نؤكد ذلك وهو يعمل بالأمن.. وستتلقون هدايا مماثلة اذا لم يتم تزويد الطائرة بالوقود!
وبالفعل قتلوا الراكب الكويتي عبدالله الخالدي الذي يعمل في حرس الحدود بوزارة الداخلية ثم رموا بجثمانه على ارض المطار مع معرفتهم بأنه بريء لا ذنب له سوى حظه العاثر الذي جعله ضمن الركاب!
مساعد الطيار سمع صوت الارتطام الا انه لم يستغرب ذلك بادئ الامر فقد كانوا يرمون الكثير من الاشياء من الباب ومن فتحة الطائرة وهو لم يعلم بمقتل الراكب.
وسرعان ما حضرت سيارة اسعاف لنقل الجثمان فيما كان الموقف يزداد توترا والاعصاب تشنجا.. والله وحده يعلم بما يخبئه الغد بعدما انتهى هذا اليوم الخامس على هذا النحو الدموي!
اليوم السادس: الأحد 10/4/1988
المفاوضات تصل الى طريق مسدود. الكويت تتمسك بشروطها في حين لم يتراجع الخاطفون عن مطالبهم.. وعبر جهاز اللاسلكي يسمع صوت مهندس الطائرة وكانت »نبرة« صوته واضحة وتدل في حد ذاتها على خطورة الوضع: »انهم جادون في ما يقولونه.. سيبدأون في ايذاءالركاب في حال عدم حصولهم على رد ايجابي في غضون ساعة من الان«.
عقارب الساعة تمضي في تثاقل. الاعصاب مشدودة اكثر مما حصل في الايام السابقة ماذا سيحصل في نهاية هذه الدقائق العصيبة?
وعندما انتهت مهلة الساعة وافق الخاطفون على تمديد فترة الانذار معلنين في الوقت نفسه انهم في حال تزويد الطائرة بالوقود فسيتوجهون الى مطار الكويت الدولي.
لكنها كانت في الحقيقة مجرد خدعة فهم يعلمون تماما ان مطار الكويت الدولي لن يكون مكانا امنا لهم. وسرعان ما طالبوا باذاعة بيان لهم على موجة الاذاعة القبرصية. وبالفعل فقد اذاع راديو قبرص الحكومي البيان.
وانتهجت الحكومة القبرصية خطوات واضحة في معالجة اختطاف الطائر تتمثل فيما يلي:
1 – ابقاء الطائرة على الارض.
2 – مواصلة المفاوضات.
3 – محاولة ارهاق الخاطفين ودفعهم للانهيار.
4 – عدم التوصل الى اتفاقات.
5 – مراقبة »لهجة« وتقارير الخاطفين بعناية لمعرفة مدى جديتهم ودرجة اليأس لديهم.
6 – عدم اقتحام الطائرة الا بعد ان يبدأ الخاطفون باهدار دم الركاب بمعدلات كبيرة.
اليوم السابع: الاثنين 11/4/1988
الوضع يزداد خطورة.. والعملية تصبح اكثر »دموية«
لقد ارتكب الخاطفون جريمة قتل ثانية راح ضحيتها الراكب الكويتي خالد اسماعيل (20 عاما) والقوا بجثمان هذا الشاب الذي لا يزال في مقتبل العمر على ارض المطار. كان ذلك بعد اربع دقائق من انتهاء انذارهم.
وتوقف الاتصال لمدة ساعتين وما لبث الخاطفون ان عاودوا الاتصال مطالبين من جديد بتزويد الطائرة بالوقود. وفي السادسة مساء اصدروا بيانا وصفوه بأنه سيكون نهائيا وهددوا بتفجير الطائرة بمن فيها اذا لم يتم تزويدها بالوقود والسماح لها بالاقلاع الى الجزائر.. على ان يتم هناك اطلاق سراح الركاب مقابل الافراج عن السجناء الثلاثة في الكويت.
اليوم الثامن: الثلاثاء 12/4/1988
دخلت مأساة الطائرة منعطفا خطيرا عندما اطلق الخاطفون عليها تسمية »طائرة الشهادة الكبرى«.. وقرأ احدهم بيانا جاء فيه: »نحن اجتمعنا في مجلس وزراء الطائرة وتدارسنا عدة امور منها اصرار الكويت على رفض مطالبنا واتخذنا عدة قرارات منها تسمية طائرتنا الشهادة الكبرى والموت في العز افضل من الحياة مع الذل توجيه رسالة شكر لركاب الطائرة لبقائهم معنا.. تذكير سكرتير عام الامم المتحدة ان امتنا مخطوفة
وعلينا تحريرها وقررنا لبس الاكفان تحت ثيابنا«!
وما ان انتهى الخاطفون من بيانهم حتى هبطت طائرة عسكرية على مقربة مما اثار الذعر في ما بينهم فاتصل احدهم ببرج المراقبة مستفسرا بعصبية عن الطائرة العسكرية فطمأنه البرج بأن مهمتها احضار امدادات للقوات البريطانية المتمركزة في الجزيرة.
وهذا يدل على حالة من التوتر المصحوب بالقلق.. فيما لم يكن في الامكان معرفة اي شيء عما سيؤول اليه مصير الطائرة وركابها فإذا كان الخاطفون مستعدين »للشهادة« كما يعلنون فما ذنب كل هؤلاء الركاب الذين مضى اسبوع ونيف وهم معلقون بين الموت والحياة وجاء من »يبشرهم« بالموت الداهم تحت عنوان الشهادة?!
و
لقد تبين للسلطات القبرصية ان المسألة وصلت الى نقطة اللارجوع فلا فائدة من مزيد من الانتظار او »الامتحان« لاعصاب الخاطفين ومدى يأسهم من الوصول الى نتيجة! اذ يبدو ان اليأس سيدفعهم وفي هنيهات قليلة الى »التضحية« بالركاب.. وليس بالمطالب! واذا كانوا قد لبسوا الاكفان كما يعلنون فإن الركاب واعضاء طاقم الطائرة يبدو انهم ذاهبون الى المصير القاتم بأكفان او بلا اكفان ولسوف يحزن عليهم الاهل والاحباب الى اخر الزمان وهذا كله بسبب »ضيق« الخاطفين واعصابهم السائرة الى الانهيار!
الحكومة القبرصية التي كانت تتدارس الوضع لحظة بلحظة عادت واضطرت لتزويد الطائرة بالوقود.. فيما افرج الخاطفون عن اثني عشر راكبا من بينهم اربعة كويتيين واوضحوا للركاب انكم انما اعتقلتم لكي تعرفوا مدى مرارة الاعتقال ومشاعر نزلاء السجون.
ولم يكن الركاب يعرفون بأي مطار كانت الطائرة متوقفة او بنبأ اغتيال الراكبين الكويتيين الا بعد مغادرة الطائرة. بل ان راكبا مصريا سأل من حوله بعد نزوله من الطائرة »احنا فين«.
الاقتحام كان مستحيلا
كانت الساعة تشير الى الحادية عشرة ليلا عندما اقلعت الطائرة من مطار لارنكا متجهة الى العاصمة الجزائرية.
واعرب مسؤولون كبار في الخطوط الجوية البريطانية عن اعتقادهم بأن القبارصة قدموا للخاطفين تنازلا مدمرا عندما سمحوا للطائرة بالاقلاع.. ولكن في الواقع فإن دولة قبرص تعتمد على السياحة ولا تملك امكانيات القوة لتبديها كما تفعل دولة كبرى مثل اميركا او المانيا او بريطانيا… بل ان كبار المسؤولين في مجال مكافحة خطف الطائرات قرروا ان طائرة الجامبو (747) هي من اصعب الطائرات في العالم على الاقتحام فمداخلها ترتفع كثيرا عن الارض ويتحتم التسلق اليها بحذر وتحت جنح الظلام للوصول الى ابوابها ومن ثم تفجير هذا الابواب بمتفجرات بلاستيكية وسيكون من الضروري الدخول اليها عبر ستة من المخارج الثمانية في الوقت نفسه بما في ذلك مخرج كابينة القيادة.
واتفق معظم الخبراء انه لابد في هذه الحالة من استعمال قنابل شبيهة بتلك التي استعملت في مقديشو عام 1977 عندما قام تسعة من عناصر الفرقة الالمانية لمكافحة الارهاب واثنان من الفرقة البريطانية بتحرير 86 رهينة على متن طائرة لوفتهانزا من نوع 737 وكانت هذه هي العملية الوحيدة الناجحة لاقتحام طائرة مختطفة كونها ذات حجم صغير.. وحيث امكان قتل اربعة من الفدائيين ولم يبق سوى واحد منهم على قيد الحياة.. اما في حالة الجامبو 747 فإن الشحن يستوعب ثلث جسم الطائرة وهي اكبر واوسع ولذا فإن تأثير انفجار القنابل سيكون اقل مما هو مطلوب ووحدة مكافحة الاختطاف القبرصية تدربت على مداهمة طائرات قبرصية نفاثة ولم تتدرب على طائرة جامبو لان الخطوط الجوية القبرصية لا تمتلكها.. ورغم ذلك قيل ان هذه الفرقة قد جهزت لاقتحام الطائرة فيما اذا صعد الخاطفون عملية قتل الركاب ومن دلائل ذلك انه قبل مغادرة الطائرة الى الجزائر سمع انفجار بسيط في مستودع الطائرات واوضح الناطق بلسان الحكومة القبرصية ان الانفجار ناجم عن استعمال العاب نارية في عيد الفصيح لكن بعض المصادر اوضحت انه انفجار قنبلة بلاستيكية عن طريق الخطأ وهي مخصصة لفتح ابواب الطائرة.
خاطفون غير عاديين!
ولاحظ المراقبون والمفاوضون في مطار لارنكا ان هؤلاء الخاطفين هم من طينة جديدة فهم على درجة كبيرة من التدريب والدهاء ويتصفون ببرودة الاعصاب… اناس غير عاديين يقومون بمهمات غير عادية فلاشك انهم متخصصون وخضعوا لاختبارات نفسية.. لان هذه الاعمال لا يمكن ان يقدم عليها اي شخص الا اذا تمتع بشخصية عدوانية.. بالاضافة الى عوامل الانفال والصمود والتأثر والقسوة.
فبعضهم يتحدث الانكليزية بطلاقة وبدون اي لكنة ولديهم فكرة كاملة عن اجهزة الطائرة فعند تسليمهم احدى قطع الغيار لجهاز التكييف قالوا انهم ليسوا بحاجة لتعليمات حول كيفية تركيبها. وعندما ارسل المصل »دريب« قالوا انهم ليسوا بحاجة الى ممرض – والمعروف ان الدريب يحتاج الى متخصص في التمريض لادخاله شرايين الدم.. ولديهم غرفة عمليات لرصد وتحليل ما يكتب في الصحف وما يذاع في الاذاعات.. حتى ان احدهم علق على رئيسة وزراء بريطانيا »انذاك« مارغريت تاتشر بأنه يجب وضعها في ملجأ للعجزة وذلك بعد ان تحدثت الصحافة اللندنية عن نية الحكومة البريطانية ارسال فريق مكافحة الارهاب الى لارنكا وشعروا بالغضب عندما شبهتهم الصحافة العالمية بالقراصنة وقطاع الطرق.
وكانت بعض النظريات تذهب الى ان »رج« الطائرة والقاء كل واقف فيها على الارض يعطي الفرصة للتغلب على الخاطف.. وذلك على افتراض ان الخاطفين لا يعرفون شيئا عن الطائرات فمثلا لو ان الطيار اجرى نزولا ثقيلا لادى ذلك الى انفجار بعض الاطارات.. او ان رفع جهاز النزول بعد ملامسة الطائرة للارض لاستقرت الطائرة على بطنها وامتنعت عن الطيرن مرة اخرى. ولكن هل سيصدق الخاطفون المعاصرون الملمون بأمور الطائرة ان ذلك كان مجرد خلل في الجهاز الهدروليكي?!
لقد كان خاطفو »الجابرية« يراقبون تزويد الطائرة بالوقود للتأكد من استعمال النوع الصحيح من الوقود! والحقيقة ان اغلب الطيارين ليسوا على استعداد لاي عمل يؤدي الى اطلاق النار في الطائرة التي يقدر ثمنها عشرات الملايين من الدولارات وتعريض حياة الركاب والطاقم للخطر.
اليوم التاسع: الأربعاء 13/4/1988
وصلت الطائرة الى مطار هواري بومدين في العاصمة الجزائرية.. واجرى وزير الداخلية الجزائري اتصالين بالخاطفين عن طريق جهاز اللاسلكي.. ثم التقى مباشرة معهم داخل الطائرة. وانتزع منهم تأكيدا بعدم تعذيب الركاب أو استخدام العنف معهم. وبعد ذلك زودت الطائرة بوجبة طعام وبوقود لتشغيل جهاز التكييف.
هذا في حين وصلت طائرة »بوينغ« كويتية »وربة« الى مطار الكويت قادمة من لارنكا وهي تقل الركاب الاثني عشر بالاضافة الى جثماني القتيلين.
}
اليوم العاشر: الخميس 14/4/1988
شيعت الكويت صباحا جثمان عبدالله الخالدي وجثمان خالد ايوب في جنازة شارك فيها الاف المواطنين على رأسهم الشيخ سعد العبدالله الصباح.
واذا تركنا الكويت الحزينة والمنشغلة على مصير باقي الركاب وعدنا الى الطائرة في مطار الجزائر فماذا نرى?
لقد اتصل برج المراقبة بالطائرة طالبا تغيير مكانها استعدادا لاستقبال طائرة رئيس جمهورية زامبيا.
وصعد بعد ذلك طبيب جزائري الى الطائرة وشرع في فحص الركاب ومداواتهم بينما جرت جولتان من المفاوضات قام بهما مسؤولون جزائريون. واضطر الخاطفون لاطلاق سراح الراكب الكويتي جمعة عبدالله (70 عاما) بسبب ظروفه الصحية وايضا بسبب ازعاجه للخاطفين وعدم التزامه بأوامرهم وكثرة تذمره لعدم تمكنه من النوم على الكرسي ودائما يرفع يديه المربوطين طالبا الذهاب الى الحمام ودائما يصيح متذمرا: ما هذه الحالة?! مربطوين جوعانين وغير مرتاحين طيلة المدة وتمنعوننا حتى من التبول?! راح اروح الحمام واللي يصير يصير« واشتبك عدة مرات مع احد الخاطفين الذي كان يجبره على الجلوس وقال له ذات مرة »اقتلني ما يهمني فأنا لست خائفا ساشتري مسدسا واقتلك مهما طال الزمن!« لذلك رأى الخاطفون انزاله من الطائرة.. وقالت عائلته »اننا لم نعلم انه اصلا بالطائرة وفجأة خرج علينا بالتلفزيون وهو قد زار بانكوك اكثر من 13 مرة وبمعدل اربع مرات كل سنة«.
وسأل الخاطفون قائد الطائرة عن حمولة الفواكه التالفة التي انبعثت منها رائحة تعفنها ومدى امكانية انزالها فاجابهم انه بالامكان انزالها ولكن بعد معرفة مكانها.
وبعد ذلك جددوا مطالبهم باطلاق سراح السجناء وارغموا احد الركاب الكويتيين على توجيه رسالة »نداء« الى الحكومة الكويتية بهذا الصدد.
وترددت انباء مفادها ان زوجة عماد مغنية هي شقيقة خبير المتفجرات يوسف بدر الدين المسجون ضمن السبعة عشر تحت اسم مسيحي مستعار وهو »الياس صعب« وانه واحد من ثلاثة حكم عليهم بالاعدام.
واقامت السلطات الجزائرية خياما في المطار للصحافيين ومراسلي الوكالات العالمية الذين حضروا لتغطية وقائع اختطاف الطائرة.
اليوم الحادي عشر: الجمعة 15/4/1988
في الثامنة صباحا طالب الخاطفون بخمسين وجبة افطار وبصحف جزائرية وفرنسية لكن برج المطار اخبرهم ان الصحف الجزائرية لا تصدر يوم الجمعة.. واستلم الخاطفون الفطور بواسطة الحبل.. وبعد ان ملأوا معدتهم كرروا مطالبهم.. واجبروا راكبين كويتيين على توجيه رسالة اخرى الى الحكومة الكويتية.
ولوظح ان المسؤولين الجزائريين وضعوا شرطين اساسيين للمفاوضات هما: عدم القيام باعمال عنف على الاراضي الجزائرية وعدم اقلاع الطائرة الى مكان اخر واتباع المفاوضون الجزائريون اسلوب العمل على تأمين راحة الخاطفين لتهدئة اعصابهم من خلال تزويدهم بجميع مطالبهم من مأكل ومشرب ووقود لتشغيل الطائرة وارسال سيارات نظافة.. وذلك من اجل التمكن من تحقيق تقدم في المفاوضات… فكلما اطلق الخاطفون تهديدا جديدا صعد مفاوض جزائري لتهدئة الامور قدر الامكان.
اليوم الثاني عشر: السبت 16/4/1988
في الواحدة ظهرا طلب المسؤولون الجزائريون من الصحافيين الذين تجمعوا في المطار ترشيح اثنين منهم بالاضافة الى صحافي جزائري للتحدث مع الخاطفين بناء على طلبهم. واختير في البداية مراسل وكالة الانباء الجزائرية سيد علي وبعد مشادة كلامية بين مئتي صحافي استقر الرأي على اجراء عملية اقتراع فيما بينهم ففاز مراسل »نيويورك تايمز« في الشرق الاوسط »يوسف ابراهيم« ومراسلة الانباء الفرنسية »ماري فرانس«. وتوجه الصحافيون الثلاثة مع مفاوض جزائري حتى سلم الطائرة حيث صعد المفاوض وقدم الى الخاطفين بطاقات الصحافيين. وما لبث هؤلاء ان صعدوا سلم الطائرة ومعهم اجهزة تسجيل. فخرج احد الخاطفين وقام بتفتيشهم باستثناء الفرنسية كما فحص اجهزة التسجيل ثم اخذ يقرأ بيانه مجددا المطالب السابقة.. وسمح بعد ذلك لكل صحافي بتوجيه سؤالين.
الصحافي الجزائري: هل سمعتم باغتيال ابو جهاد? وما رأيكم?
الخاطف: نحن نستنكر هذا العمل الذي قامت به الصهيونية?
الصحافي الجزائري: بمناسبة حلول شهر رمضان هل هناك امكانية للافراج عن الركاب?
(الخاطف تجاهل السؤال ورد بتكرار المطالب).
مراسل نيويورك تايمز: ما مدى احتمال الافراج عن ركاب الطائرة مقابل تأمين رحيلكم?
الخاطف: ابدا… لن نترك الطائرة وسنعمل مجزرة.
مراسل نيويورك تايمز: لقد تم الافراج عن ركاب الطائرة الكويتية »كاظمة« في عام.. (قاطعه الخاطف).
الخاطف: نحن ليس لنا دعوى بحادث 1984 ونحن الان على استعداد لبحث اي حل شامل يقدمه لنا الاخوان الجزائريون.
اما مراسلة وكالة الانباء الفرنسية فقد كررت الاسئلة نفسها لعدم معرفتها اللغة العربية.
وبعد انتهاء المؤتمر الصحافي الذي استغرق ربع ساعة طلب زعيم الخاطفين من الصحافيين نقل مادار من حديث »دون تحريف«.
في هذا الوقت اجرى امير الكويت جابر الاحمد الصباح اتصالا هاتفيا مع الرئيس الجزائري لاجل اتخاذ الاجراءات اللازمة للحفاظ على ارواح الركاب والطاقم.
اليوم الثالث عشر: الأحد 17/4/1988
تخلل اليوم اربعة اتصالات بين المفاوضين الجزائريين والخاطفين.
اليوم الرابع عشر: الاثنين 18/4/1988
شهر رمضان المبارك.. وطالب الخاطفون بعدة نسخ من القرآن الكريم ووجبات سحور للركاب.
امير البلاد وولي العهد لم يستقبلا المهنئين بحلول شهر رمضان وذلك مشاركة لمأساة الطائرة كما أمر سمو الامير بمنح اسرتي عبدالله الخالدي وخالد اسماعيل الدية الكاملة مع اسقاطه جميع الديون المتعلقة بهما وبذويهما تجاه الدولة.
اليوم الخامس عشر: الثلاثاء 19/4/1988
طلب الخاطفون الماء وكذلك صحفا يومية وعمال نظافة لتنظيف الطائرة واستؤنفت المفاوضات بصعود مفاوض جزائري الى الطائرة ودامت المقابلة نحو عشرين دقيقة. وفي فترة الظهيرة طالب الخاطفون بتزويد الطائرة بالقود والطاقة الكهربائية لتشغيل التكييف.. وتخلل هذا اليوم خمسة اتصالات بين المفاوضين الجزائريين والخاطفين. ولوحظ ان هؤلاء بدأوا يعانون من اعباء نفسية وعقلية وبدأوا يستجيبون لكل ما يطلب منهم ويبدو انهم لم يكونوا قد جهزوا انفسهم »لرحلة« تمتد اسبوعين ونيفا بين المطارات والاجواء.. وبكل ما يرافقها ويتخللها من تعقيدات على صعيد. وهناك اشارات الى انهم افترضوا ان لا تستمر العملية اكثر من ثلاثة ايام!
} اليوم السادس عشر: الأربعاء 20/4/1988
الأمور بدأت تأخذ منحى ايجابيا لما فيه مصلحة الابرياء القابعين في مقاعد الطائرة في أسوأ الظروف واقساها.
ا
لخاطفون حصلوا على تعهد من الحكومة الجزائرية بضمان انتقالهم الى اي بلد يختارونه مقابل الافراج عن الركاب فبعد ان كان همهم الشهادة في الايام الاولى من العملية فإن هاجسهم الان هو »النفاد بجلدهم سالمين«.
وبالفعل فعند الساعة السادسة والنصف صباحا نزل الخاطفون من الباب الاخر بعيدا عن انظار الصحافيين.. وركبوا سيارات برفقة رجال امن جزائريين.. وبعد نصف ساعة دخل الجزائريون الطائرة واخبروا الركاب والطاقم بانتهاء عملية الاختطاف.
لم يصدق الرهائن للوهلة الاولى ما تسمعه اذانهم.. لم يصدقوا ان ساعة الفرج قد حلت.. هكذا بهذه »البساطة« وان الذين كانوا يصولون ويجولون امامهم منذ استيلائهم على الطائرة.. قد اختفوا وتبددت ملامحهم وانقشعت قنابلهم وتهاوت مسدساتهم!
ل
م يصدقوا انهم ركابا واعضاء في الطاقم سيعودون احياء الى اهلهم واحبائهم ومعارفهم وانه سيتاح لهم تنشق هواء الحرية.
في هذا الوقت لم يعرف ما اذا كان الخاطفون قد استقلوا طائرة اخرى بعد »تخليهم« عن الطائرة المختطفة او مكثوا في الجزائر بعيدا عن الانظار ليصار الى تمريرهم بعد مدة عندما تهدأ الضجة التي اثارتها عملية الاختطاف.
ولقد اختفى هؤلاء الرجال دون ان يتم الكشف عن هوياتهم وجنسياتهم.. وهكذا فقد اسدل الستار على اطول عملية اختطاف بعد مرور ستة عشر يوما منها ثلاثة ايام في مشهد وخمسة ايام في لارانكا وثمانية في الجزائر.. والغريب في الامر ان الخاطفين احتفظوا بجوازات سفر 94 راكبا.
ولكن لا بأس – وعلى حد تعبير احد الركاب الناجين من طائرة الرعب فقد كنت اتوقع ان اسافر الى العالم الاخر ويبقى جوازي على الارض.. والذي حصل هو ان الجواز قد سافر وبقيت انا على قيد الحياة.
وفي اليوم التالي 21/4/1988 هبطت طائرة »قاروه« الكويتية في الساعة العاشرة ليلا بركاب »الجابرية«.. وسط رقصات السيوف واستقبال الاف من المواطنين وعلى رأس المستقبلين امير الكويت وولي العهد.واصطفت مجموعات من طلاب وطالبات المدارس وهم يحملون بايديهم باقات الزهور والاعلام الكويتية كما عزفت الموسيقى الانغام الوطنية. وكان اول من خرج من الطائرة الشقيقتان ابتسام وانوار الصباح.
وانتهت اكثر عمليات الاختطاف »احترافا« وسجلت الكويت موقفا ثابتا وشجاعا.
التقصير والجهات المسؤولة عنه
لا شك ان هناك تقصيرا واضحا في حق السلطات التايلندية والمسؤولة عن الامن في مطار بانكوك بصفة رئيسية وهو الذي تأكد من تقرير »الاياتا« المتضمن للمسح الامني للمطار المذكور في اعقاب الحادث وكذلك المسح الامني الذي قام به الفريق الكويتي المختص بعد الحادث.
اما تحديد اوجه القصور المنسوبة للجهات الكويتية فالثابت ان مسؤولية الاضطلاع باعباء الاجراءات الامنية اللازمة لحماية الطائرات الكويتية داخل الكويت او في المحطات الخارجية كانت قسمة بين وزارة الداخلية ومؤسسة الخطوط الجوية الكويتية فوزارة الداخلية كان لها القدح المعلى والنصيب الاوفر من هذه الاجراءات بحسبان انها هي المختصة فنيا باجراء المسوحات الامنية للمحطات الخارجية وانها كانت تحمل على عاتقها مهمة توفير الحماية المسلحة على متن الطائرات المتجهة او القادمة من المحطات ذات الخطورة.
ومن ضمن اوجه القصور لمؤسسة الخطوط الجوية الكويتية:
1 – عدم قيام المؤسسة باتخاذ الاجراءات الامنية اللازمة لمواجهة تدني مستوى الاجراءات الامنية في مطار بانكوك مما سهل على الخاطفين النفاذ بسهولة الى الطائرة واختطافها. على الرغم من ان ضابط الامن الكويتي الثابت في مطار بانكوك قد ارسل عدة تقارير الى المؤسسة اشار فيها الى تسيب الاجراءات الامنية في مطار بانكوك.
2 – اعتمدت المؤسسة اعتمادا اساسيا على اجراءات السلطات التايلندية لحماية امن الطائرة في مطار بانكوك. وهو ما يعد فضلا عن كونه تقصيرا في واجب الامن المنوط بها مخالفا للفصل الخامس من الملحق رقم 17 من اتفاقية شيكاغو والخاص بأمن الطيران والذي يوجب عدم الاعتماد على اجراءات السلطات المحلية في مجال حماية امن الطائرات ويوجب على شركات الطيران ان تتخذ من جانبها الاجراءات الكفيلة بحماية امن طائراتها.
3 – تدني الاجراءات الامنية في رحلة الطائرة الكويتية (الجابرية) ومن مظاهر ذلك:
أ – عدم وجود افراد حماية مسلحة على متن الطائرة.
ب – ضعف اجراءات التفتيش الامني في مطار بانكوك.
ج – ضعف جهاز الفحص الامني وعجزه عن كشف بعض الاجسام المعدنية التي كانت بحوزة نفر من الركاب.
د – فتح الطائرة في غيبة ضابط الامن الكويتي الثابت وادخال امتعة الى الطائرة في غيبة مسؤول الشركة الامنية المتعاقد معها.
و – قيام مدير المحطة تنكور رونجارون بادخال اخر راكب كان يحمل حقيبة الى الدرجة الاولى حين كانت الطائرة على وشك الاقلاع دون تدقيق جواز سفره على قائمة الممنوعين او تفتيش حقيبته بمعرفة ضابط الامن المسؤول.
قد قرر غالبية الركاب عدم تفتيش بعضهم وتوقف اجهزة الفحص الآلي عن العمل في بعض الاحيان فقد قررت احدى الراكبات من ان جهاز الفحص الامني لم يكشف عما كانت ترتديه من قلادة وما كان بحوزتها من قداحة في حين ان جهازا مماثلا بمطار بروكسل كان قد كشف عنهما واطلق انذارا