لاشك أن كل إنسان معرَّض في هذه الحياة الدنيا للابتلاء، الإنسان من حيث هو إنسان لابد أن يُبتلَى،
حياته نفسها قائمة على الابتلاء (إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه)
والله تعالى يقول (لقد خلقنا الإنسان في كبد) أي في مكابدة ومعاناة منذ يولد الإنسان ….
منذ يولد الإنسان يولد باكياً فهذه الحياة الإنسانية قائمة على هذا الابتلاء
“ما كل ما يتمناه المرء يدركه” والحياة فيها مفاجآت كثيرة،
يفقد عزيزاً
يصاب بشيء كثير لديه،
يفقد مالاً،
يفقد أهلاً،
يفارق وطناً،
طبيعة الحياة الدنيا كطبيعة الإنسان أيضاً،
هي بالبلاء محفوفة وبالكَدَرِ موصوفة،
كما قال الشاعر أبو الحسن التهامي:
صفواً من الآلام والأكدار
جبلت على كدر وأنت تريدها
متطلب في الماء جذوة نار
ومكلِّف الأيام ضد طباعهـا
هذه هي الدنيا،
قيل للإمام علي رضي الله عنه: صف لنا الدنيا، فقال للسائل: وماذا أصف لك من دار أولها بكاء وأوسطها عناء وآخرها فناء.
هذه هي الدنيا، فطبيعة الإنسان أنه معرض للابتلاء، طبيعة الدنيا أنها لا تخلو من الآفات، الإنسان المؤمن أشد بلاءاً من غيره لأنه صاحب رسالة،
وهذه الرسالة تعرضه للأذى، ومن هنا أقسم الله في هذه الآيات وكان الخطاب للمؤمنين لأنه تعالى قبلها يقول: (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)
ثم قال بعد ذلك (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات) وعلماء اللغة يقولون (لنبلونكم) اللام للقسم والنون للتوكيد
كما قال تعالى (لتبلوُن في أموالكم وأنفسكم ولتسمعُون من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أدنى كثيراً، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور)
فإذا كان الإنسان معرضاً للابتلاء فإن المؤمن أكثر عرضةً للابتلاء
ولذلك جاء في الحديث الشريف “أشرُّ الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يُبتلى الرجل على قدر دينه فإن كان دينه صلباً اشتد بلاءً وإن كان في دينه رقَّة ـ يعني ضعف ـ
ابتُلي على قدر دينه وما يزال البلاء ينـزل بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة”
ومن هنا القرآن المكي حينما استكثر المؤمنون ما نزل بهم من بلاء وتعذيب وتشديد من الكفار عليهم نزلت أوائل سورة العنكبوت،
يقول الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
(ألم، أحَسِبَ الذين آمنوا أن يُترَكوا أن يقولوا آمنا وهم لا يُفتنون)
أهناك إيمان بلا فتنة وابتلاء
(ولقد فتـنَّا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)
أحاطة بك ظروف الحياة من كل جانب
لم تتزوجي !!
طلقتي !!
فقدتي والديك!!
تعثرت دراستك!!
جرحتي!!
اهنتي!!
أصابتك الامراض!!
حرمتي من نعمة الأمومة!!
ظروفك المادية صعبه!!
***
قولي الحمد لله على كل حال
قدر الله وماشاء فعل سبحانه…
حتماً ليس بيدك منع أمور قد قدرها الله من فوق سبع سماوات
ومنذ نفخت فيك الروح قد قدر الله لكِ حياتك…
لم الضيق والهم والكدر
هل بيدك ان تتزوجي!!
هل بيدك أن تعودي لطليقك!!
هل ستكملين دراستك!!
هل ستشفين نفسك!!
هل ستعيدين والديك او عزيز للحياه!!
ام تستطيعين تغيير ظروفك الماديه!!
او انجاب طفل!!!
**
مالم يقدر الله ذالك لن يحدث..
اذن اشغلتي نفسك بهم وغم وضعيتي اوقاتك في لا شيء
لأن حرمتي من نعم كثيره فنصيبك في جنات عدن ينتظرك…
جعلني الله وأياكم من اهلها..
إنسى الماضي مهما كان أمره ، انسيه بأحزانه وأتراحه ، فتذكره لا يفيد في
علاج الأوجاع شيئاً وإنما ينكد عليك يومك ، ويزيدك هموماً على همومك ..
فلا تحطمي فؤادك بأحزان ولت .. ولا تتشاءمي بأفكار ماوجدت!
وعيشي حياتك لحظة بلحظة .. وساعة بساعة .. ويوماً بيوم !
تجاهلي الماضي .. وارمي ما وقع فيه في سراب النسيان .. وامسحي
من صفات ذكرياتك الهموم والأحزان .. ثم تجاهلي ما يخبئه الغد ..
وتفائلي فيه بالأفراح .. ولا تعبري جسراً حتى تقفي عليه ..
فالماضي عدم .. والمستقبل غيب !
تأملي كيف استعاذ النبي من الهم والحزن إذ قال :
{ اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ، والجبن
والبخل ، وقهر الدين وغلبة الرجال }
[ رواه البخاري ومسلم ]
في الصلاة .. في ذكر الله .. في قراءة القرآن .. في طلب العلم ..
في التشاغل بالخير ..
في معروف تجديه يوم العرض على الله ..
يومك يومك تسعدي .. أشغلي فيه نفسك بالأعمال النافعة ..
واجتهدي في لحظاته بالصلاح والإصلاح .. استثمري فيه لحظاتك
(يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود
لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا)
اجعلي شعارك عند وقوع البلاء :
إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي ، واخلف لي خيراً منها ..
اهتفي بهذه الكلمات عند أول صدمة .. تنقلب في حقك البلية مزية ..
والمحنة منحة .. والهلكة عطاء وبركة !
تأملي في أدب البلاء في هذه الآية :
{ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات
وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون
أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون }
** افقهي سر البلاء
لا تحزني .. فالبلاء جزء لا يتجزء من الحياة .. لا يخلو منه غني ولا فقير ..
ولا ملك ولا مملوك .. ولا نبي مرسل .. ولا عظيم مبجل .. فالناس
مشتركون في وقوعه .. ومختلفون في كيفياته ودرجاته ..
{لقد خلقنا الإنسان في كبد }
لا تحزني .. واستشعري في كل بلاء أنك رشحت لامتحان من الله !..
تثبتي وتأملي وتمالكِ وهدي الأعصاب .. وكأن منادياً يقول لكِ في خفاء
هامساً ومذكرا ً: أنتِ الآن في إمتحان جديد .. فاحذري الفشل ..
تأملي قوله : { من يرد الله به خيراً يصب منه } [ رواه البخاري ]
** لا تقلقي
فالمريض سيشفى .. والغائب سيعود .. والمحزون سيفرح .. والكرب سيرفع ..
والضائقة ستزول .. وهذا وعد الله إن الله لا يخلف الميعاد ..
(فإن مع العسر يسرا ، إن مع العسر يسرا)
لا تحزن.. فإنما كرر الله اليُسْر في الآية .. ليطمئن قلبك .. وينشرح صدرك ..
وقيل : { لن يغلب عُسر يُسرين }..
** اجعلي همك في الله
.. إذا اشتدت عليك هموم الأرض .. فاجعلي همك في السماء ..
ففي الحديث : { من جعل الهموم هماً واحداً هـمَّ المعاد ، كفاه الله سائر همومه
ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك }
[ صحيح الجامع ]
لا تحزني .. فرزقك مقسوم .. وقدرك محسوم .. وأحوال الدنيا لا تستحق
الهموم .. لأنها كلها إلى زوال .. وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور
إذا آوى إليك الهم .. فأوي به إلى الله .. والهجي بذكره…
( الله الله ربي لا أشرك به أحداً )
( يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث )
( رب إني مغلوب فانتصر )
فكلها أوراد شرعية يُغفر بها الذنب ويَنفرج بها الكرب ..
اطلبي السكينة في كثرة الإستغفار .. استغفري بصدق مرة ومرتين ومائة
ومائتين وألف .. دون تحديد متلذذة بحلاوة الاستغفار ..
ونشوة التوبة والإنابة ..
” إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين “
اطلبي الطمأنينة في الأذكار بالتسبيح ، والتهليل ،
والصلاة على النبي الأمين وتلاوة القرآن ، ألا بذكر الله تطمئن القلوب
لا تحزني .. وافزعي إلى الله بالدعاء ..
تضرعي إلى الله في ظلم الليالي ..
وأدبار الصلوات .. اختلي بنفسك في قعر بيتك شاكيه إليه .. باكيه لديه ..
سائله فَرَجه ونَصره وفتحه .. وألحِّي عليه.. مرة واثنتين وعشراً فهو
يحب المُلحين في الدعاء ..
{وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان} .
@@تم جمعها من مصادر مختلفه والإضافة الشخصيه عليها@@