وقع الفراق بينك وبين زوجك ؛ فكان وقعه أليماً على نفسك، انهمرت بسببه دموعك، وعلا نحيبك، وغار جرحك، وعظمت همومك، وهو أمر مقدر عند الخلق، ومكتوب من الذي بيده كل أمر.
حدث الطلاق؛ فجاءت الآلام ، واستوطن السواد، غرقت في ظلمات من الكرب والأسى ، وسكنت في صومعة العزلة ، وكهف الانزواء، ظننت أن الرجال حالهم كحال زوجك، وتخيلت أن الحياة لا طعم فيها، ولا لون، ولا رائحة، واتخذت من الكآبة وسيلة لبقائك، وحيلة لهروبك.
هي تجربة مريرة مررت بها؛ مع زوج متهور غير رحيم، عشت معه الليالي الموحشة، والأيام المظلمة، أذاقك فيها طعم الظلم، وألم الفاقة، ونار القهر، وحياة الكدر، ومعيشة النكد، صبرت على طيشه وبطشه، وبذاءة لسانه، وسوء خلقه، ولم يعاملك بمعروف وإكرام، ولم يعاشرك بتقدير وإحسان.
حالة الطلاق أيتها المرأة الجليلة ؛ ليست وصمة عار على جبينك، ولن تكون سبباً في شقائك، ولن تؤدي إلى ضياعك، ولن تكون عقبة في طريقك، بل هي مرحلة مضت ، وصفحة قد انتهت، ما مضى فات، وما فات فقد مات، اعزمي الآن على نسيان الماضي، ولا تبكين على عمر مضى، وأطلال وذكريات، فمن تخلى عنك؛ دعيه ولا تذكريه، ولا تكثري عليه التأسف، ولا تلقي على النفس اللوم ، أو تشعرينها بالذنب ، أو تحملينها الخطيئة.
خلق الله الضراء، وأوجد السراء؛ فقليل من الأمل، يجعل للحياة طعماً آخر، فارفعي رأسك واخلعي عنه لباس الحزن ، ورداء اليأس، انطلقي في مضمار الحياة ، وابتسمي للغد القادم ، “وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته” (النساء: 130)، أي يرزق المرأة بزوج آخر، والزوج بامرأة أخرى.
حياتك بزوج، أو نصفه، أو ثلثه، أو ربعه؛ خير من بقائك تصارعين أعباء الحياة لوحدك؛ فأحسني النظر، ولا تترددي في الاختيار.
احفظي كتاب ربك، وارتشفي رحيق الأمان، والاستقرار في ظله، واصلي دراساتك، واستمتعي بهـواياتك، واجتهدي في عملك، ومارسي حياتك بهدوء واطمئنان، ولا تلتفتي خلفك، ولا إلى ما يقولـه عنك الذي حولك.
جرحك سيندمل؛ إذا تجاهلت الماضي وصفحاته، ففي تقليبه تنغيص وتكدير، ولن يفيدك في علاج حالك، ولا في إصلاح وضعك، فامسحي من صفحات ذكرياتك ما مضى وما حدث، وتفاءلي خيراً بما سيحدث لك في القادم من الزمان.
إذا كنت مع الله تعالى؛ اعلمي أن معـك كل شئ ، وسيعوضك خيراً مما أخذ منك، فإن الله تعالى قريبٌ منك، يعلم مصابك وبلواك، ويسمع دعاءك ونجواك، فأرسلي له حاجتك، وبثي إليه شكواك، فإنه لن يردك خائبة، وتفاءلي بالنصر، وتعزي بالصبر، ولا تقنطي من رحمة الله تعالى، انتظري الأيام القادمة ، والتي سوف تكون ممتلئة بالبهجة والمسرّة.
لا يوجد كرب؛ إلا ومعه فرج، ولا يوجد صبر إلا ومعه نصر، مهما طال البلاء، ومهما عظمت الآلام، فهي إلى زوال، وسوف تتحول الكآبة إلى فرحة، والمحنة إلى منحة.
أبشري بفرج الله تعالى القريب العاجل؛ ” فإن مع العسر يسراً ، إن مع العسر يسراً “، “ومن يتق الله يجعل له مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب”، و(من أكثر من الاستغفار؛ جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب).
د.عبدالله سافر الغامدي ـ جده.