لا تحكم إلا بما أنزل الله

السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
سؤال وجواب
نقلا من كتاب مصارع العشاق لعائض القرنى
السؤال الثاني : ما سبب نزول قوله سبحانه وتعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَاشَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(النساء:65) ، وما هي ظلال الآية في واقعنا المعاصر ؟؟
الجواب : سبب نزول الآية :كما في حديث ابن الزبير ، أن الزبير بن العوام حواري الرسول عليه أفضل الصلاةوالسلام ، اختصم هو ورجل من الأنصار في مزرعة ، فأتى ( صلى الله عليه وسلم ) إلى صاحب المزرعة ، ومزرعة الزبير فوق مزرعة الأنصاري ، فقال ( صلى الله عليه وسلم )للزبير : ( اترك الماء قليلاً حتى يعود إلى الجدر ثم اتركه للأنصاري ) (22) .
فقال الأنصاري للرسول عليه الصلاة والسلام : أإن كان ابن عمتك قضيت له .
لا إله إلا الله !يعني يقول أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) جار في الحكم ؛ لأن الزبير ابن عمته صفية بنت عبد المطلب ، وهي عمة الرسول عليه الصلاة والسلام .
فغضب ، عليه الصلاة والسلام ، فقال : ( اترك الماء ) .
قال بعض العلماء :حتى يصل إلى الجدر : وهذا هو الحكم ، فنزل قوله : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65) .

ولها ظلال ثلاثة :
الأول : يقول بعض العلماء :معنى الآية : لا يؤمنوا حتى يحكموك ، أي يرضوا ، ويرضون بك إماماً (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21) فيحكموك في معتقداتهم، وعباداتهم ، وأخلاقهم وسلوكهم .
فمن رضي بإمامة الرسول عليه الصلاة والسلام جعله إماماً في المعتقد والأخلاق والسلوك وفي السنن ،كاللحية والثوب ، وهي من السنن ، وإماطة الأذى عن الطريق ، وقص الشارب ، والسواك ،وكل دقيقة وجليلة يحكم فيها محمد ، عليه الصلاة والسلام .

يا مدعي حب الرسول لاتخالفه الخلف يحرم في دنيا المحبينا
أراك تأخذ شيئاً من شريعته وتترك البعض تدويناً وتهوينا
خذها جميعاً تجد فوزاً تفوز به أو فاطرحها وخذ رجس الشياطينا

وإنما أقول هذا لتعلق بعض الناس ببعض المغرضين ، ك … وله أتباع رأيناهم يأخذون صورته ، ويقبلونه ،ويقولون : من أجل عينيك ! ولكن ( وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ )(البقرة: من الآية165) ، فأولياء الله عز وجل وأولياء الرسول عليه الصلاة والسلام، أشد ، وأحسن ، وأقوى ، وأعظم حباً من هؤلاء ، ولكن أين هم على الساحة ؟

تعال يا من حاله فيوبال ونفسه محبوسة فيعقال
يا راقداً لم يستفق عندما أذن في صبح الليالي بلال
روض النبي المصطفى وارف أزهاره فاحت بريا الشمال

يقول ( صلى الله عليه وسلم ) في صحيح مسلم : ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بما أرسلت به إلا دخل النار ) (23) .
والظلال الثاني : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ ) (النساء: من الآية65) وهو تحكيم الدستورالإسلامي ( الكتاب والسنة ) في حياة الأمم والشعوب ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَاأَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة : من الآية44) ، (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(المائدة: من الآية45) ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (المائدة: من الآية47) .
فمن حكم بغير ما أنزل الله ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفاً ، ولا عدلاً ، ولا كلاماً ، ولا يزكيه وله عذاب أليم ، يقول تعالى : ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50) .
ذكر الإمام محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد رحمة الله قصة مشهورة عند أهل السنة ، أن رجلاً يهودياً ، ومنافقاً اختصما في قضية ، فقال اليهودي للمنافق : نذهب إلى محمدوالمنافق يقول لا .
لأن اليهودي يعلم أن الرسول، عليه الصلاة والسلام، سوف يحكم بالحق ، والمنافق خائف لأن الحق عليه .
فلما ذهبا إلى الرسول( صلى الله عليه وسلم ) حكم بالحق ، فقال المنافق : ما رأيك نأتي أبا بكر لعله أن يسهل لنا .
فذهبا إلى أبي بكر ،فحكم كما حكم الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، لكن أبا بكر سهل ، رحيم فما سألهم هل حكم قبله أحد .
فذهبا إلى عمر ، وكان في البيت فقالا : نعرض عليك قضية .
قال : ما هي ؟
قالا : كيت وكيت ،فقصا عليه القصة .
قال : أحكم فيها قبلي أحد ؟
قالا : نعم .
قال : من ؟
قالا : الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأبو بكر .
قال : فهل رضيتم ؟
قالا : أردنا أن نسمع حكمك .
قال : انتظرا قليلاً؛ لأخرج شيئاً حتى تريا الحكم ، فذهب في طرف بيته ، وأخرج السيف مسلولاً ، فضرب به رأس المنافق ، لأنه لم يرض حكم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ، ومع ذلك هو يدعي الإسلام .
الظلال الثالث : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجا ً) (النساء : من الآية65) ؛ لأن بعض الناس يحكم الرسول عليه الصلاة والسلام ، ولكنه يجد حرجاً من حكمه ، وهذا دليل على النفاق .
مثلاً من يحمل السنة، وفي قلبه حرج من الناس ، وهو متضايق منها ، وإنما يفعل ذلك مجاملة ، كمن يحضرصلاة الجماعة ، لكن كالمجامل ، ويعرف أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) حث عليها ،لكن في قلبه حرجاً .
وبعض الناس يقول :ليت الرسول ، عليه الصلاة والسلام ، ما أتى بالحجاب ، ومع ذلك هو يحجب بناته ،فهذا لا يعد مؤمناً كامل الإيمان ، بل في قلبه مرض ، وفي قلبه شبهة .

(22) أخرجه البخاري في (65) كتاب التفسير (12) باب : (( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65) رقم (4585) ، ومسلم في (43) كتاب الفضائل (36)باب : وجب أتباعه صلى الله عليه وسلم رقم (2357)(129) .

(23) أخرجه مسلم في (1) كتاب الإيمان (7) باب : وجوب الإيمان برسالة نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) ، رقم (153 ) (240) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .

عن BlackBone35

شاهد أيضاً

(_.·´¯`·«¤° الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية (_.·´¯`·«¤°

بسم الله والصلاة والسلام على خير الآنام السلام عليكم سؤال: ما رأيكم في أمر التميمة …