لمشكل نزيف العادة الشهرية
سؤال:
تعاني الكثير من السيدات من زيادة النزيف خلال العادة الشهرية. نريد منكم في البداية أن تشرحوا لنا اسباب هذه الحالة المرضية. وماهي نسبة انتشارها بين السيدات؟ جواب:
قبل التطرق لهذا المشكلة الصحية أحبذ أولا وباختصار شديد أن أشرح كيفية حدوث العادة الشهرية. ذلك أنه في الفترة الواقعة في وسط الدورة الشهرية يقوم أحد المبيضين بتحرير بويضة جاهزة للتلقيح بالحيوان المنوي للرجل او الحيمن Spermut ozoide.
وفي كل شهر يتحضر الرحم عند المرأة ويستعد لاحتضان هذه البويضة الملقحة القادمة إليه من قناة فالوب. وبالتالي استقبال الحمل المحتمل. ويأخذ هذا الاستعداد شكل نمو وتكثف لبطانة الرحم. ويتم كل هذا تحت تأثير هرمونين يفرزهما المبيض وهما:
أولا: الأستروجين او الهرمون الأنثوي الذي يحفز نمو الغشاء الداخلي للرحم خلال النصف الأول من الدورة الشهرية.
ثانيا: البروجسترون الذي يحافظ رفقة الأستروجين خلال النصف الثاني من الدورة الشهرية على تماسك وترابط هذا الغشاء.
وفي حالة ما إذا لم يتم التلقيح يتقشر هذا الغشاء الرحمي ويهوى أو يسقط عبر المهبل مكونا ما نسميه بالعادة الشهرية أو دم الحيض او الطمث.
وأشير بهذا الخصوص بأن مدة العادة الشهرية تتراوح لدى السيدات ما بين 3 الى 7 أيام وأن كمية النزيف في الحالة العادي هي 35 ميليلتر فقط.
كما لابد من التنبيه الى أن الدورة الشهرية او ما نسميه بالفرنسية Cycle menstruel توجد تحت تحكم عدد من الغدد الباطنية وهي:
المبيضان Les ovaire كما اشرت الى ذلك.
ـ الغدة النخامية L’hypcplyse
ـ الغدة الصئوبرية او غدة تحت المهاد Hypotholamus
وكما ذكرتم فإن العديد من السيدات تشتكين بالفعل من زيادة النزيف في فترة العادة الشهرية ويأخذ هذا العارض لوحتين فقد تصرح لك السيدة التي تفحصها بأن مدة العادة ا لشهرية قد امتدت لديها اكثر من المعتاد اي فاقت أسبوعا. او قد تشتكي لك من ازدياد كمية النزيف خلال العادة الشهرية للشهور الأخيرة. وفي أغلب الأحيان تتداخل هاتان العلامات المرضيتان فتعاني المرأة من طول مدة النزيف وزيادة حجمه في آن واحد )Les menomètrorragies( ان النزيف الطمثي أو نزيف العادة الشهرية مشكل شائع الانتشار حيث تعاني منه مابين 5 الى 10? من النساء اما بصورة منتظمة او متقطعة. وهو يحدث بنسبة أكبر عند النساء اللواتي بدأن يقتربن من سن اليأس. لكنه يصيب ايضا الفتيات في مرحلة بداية البلوغ. وقد تعاني منه أي سيدة في طور الإنجاب في مرحلة ما من مراحل عمرها.
يفسر هذا النزيف في كل الحالات بتقشر مبالغ فيه لبطانة الرحم الناتج عن نمو مفرط للغشاء الداخلي للرحم الذي يسقط عبر المهبل بصورة صاخبة وفوضوية.
سؤال:
ما الذي ينبغي فعله من قبل هؤلاء النساء. وهل هناك فحوص أو اختبارات طبية معينة ينبغي إنجازها؟
جواب:
اولا لاينبغي الاستهانة بهذا النزيف ففضلا عن كونه يشكل مصدر ازعاج للمرأة.فمن المحتمل أن يسبب لها مضاعفات صحية أخرى من بينها خطر التعرض لفقر الدم الشديد الناتج عن نقص الحديد في الدم. ويؤدي فقر الدم هذا الى شحوب وزرقة وتعب وإرهاق. ولهذا ينبغي بعد اجراء التحاليل الدموية اللازمة إمداد هذه المرأة بأقراص الحديد لمدة شهر او اكثر لذلك فإنه لامناص من استشارة الطبيب اذا عانت المرأة من دورات غزيرة عند نهاية كل شهر، فما الذي يقوم به الطبيب؟ اولا لابد من استجواب المرأة لتسجيل سنها لأن توجه الطبيب وتخمينه يختلف امام هذا الحالة المرضية. بحسب سن كل امرأة. ثم لابد من معرفة مدى تقادم هذا العارض وظروف حدوثه وتقدير كمية النزيف والبحث عن المدة العادية للعادة الشهيرة ووتيرتها عند تلك المرأة.
كما يكتشف الطبيب من خلال معاينته لمريضته بعض العلامات الأخرى المصاحبة للنزيف والتي يمكن أن تساعده في ترتيب الفحوص التكميلية التي سيطلبها او سينجزها كالشعور بالألم أثناء العادة الشهرية واحتقان الثديين. الخ.
كما يسأل عن سوابق المريضة وبالخصوص هل سبق لها أن قامت بإجهاض عمدي او تعرضت لإجهاض تلقائي أعقبه كحت للرحم curtage . وهل تعاني من مرض مجموعي Molodiegenerale وفي الأخير لابد من استجواب المرأة عن الطريقة التي تتبعها لمنع الحمل.
وبعد ذلك يقوم الطبيب بفحص جهازها التناسلي بحثا عن سبب النزيف. ولكن وفي أغلب الحالات لايكون هناك بد من إجراء فحوص تكميلية أهمها.
ـ فحص الجهاز التناسلي الداخلي بالصدى Echographie ويمكن لهذا الفحص أن يتم الآن عبر المهبل ولا حاجة للمرأة الى تضييع الوقت بشرب الماء وملء مثانتها.
ـ وهناك التصوير الاشعاعي للرحم Hysterosalpingographie الذي يعطينا فكرة موثقة عن جوف الرحم وقناتي فالوب.
ـ وكذا تنظير الرحم Hysteroscopie الذي يمكن أحيانا من تحديد سبب وموضع النزيف بدقة متناهية. وفي نهاية الاستشارة نكون أمام 3 حالات.
الحالة الأولى: يكون سبب النزيف هو وجود مرض عضوي يهم الجهاز التناسلي الداخلي للمرأة. الحالة الثانية يكون النزيف ناجما عن اختلال وظيفي يهم توازن هرموني الأستروجين والبروجسترون. الحالة الثالثة: يعكس النزيف وجود مرض مجموعي وفي بعض الأحيان يكون السبب نفسيا وعاطفيا..
سؤال:
لنبدأ بالأسباب العضوية للنزيف، هل يمكنكم أن تفصلوا لنا أكثر هذه الأسباب.
جواب:
هناك أولا الورم الليفي )FILORME UTERIN( وهو الأكثر شيوعا ويصيب حوالي 20? من النساء اللواتي تجاوزن سن الثلاثين وهو ينشأ ضمن الجدار العضلي للرحم وإما خارج هذا الجدار وفي هذه الحالة ينمو في اتجاه البطن والأمعاء وفي الحالة الثالثة يبرز هذا الورم على الجانب الداخلي لعضلة الرحم وينمو آنذاك في اتجاه جوف الرحم وهذا النوع من الورم الليفي هو الذي يتسبب أكثر في نزيف العادة الشهرية التشخيص يكون واضحا وبالعين المجردة حين يكون حكم هذا الورم كبير. الذي يمكن أيضا تحسسه عبر لمسة المهبل (TOUCHER VAGINAL) لكن يمكن الاستعانة بالفحوص التكملية التي ذكرت الفحص بالصدى والتصوير الإشعاعي للرحم، لكن تنظير الرحم (L’Hstoroscpie) مهم جد في رصد الأورام الليفية التي تنمو في اتجاه جوف الرحم (FIDRONES INTRACAVITAIRES). العلاج يختلف حسب كل حالة: ففي الحالات البسيطة نقوم بوصف مستحضرات البروجسترون خلال النصف الثاني من الدورة الشهرية وفي حالة عدم الاستجابة يمكن وصف مدة 20 يوما عن كل دورة شهرية وتكون لها في هذه الحالة فائدة أخرى هي منع الحمل ويمكن متابعة العلاج مدة 3 إلى 6 أشهر. عندما يفشل هذا العلاج يمكن اللجوء عبر المهبل إذا كان الورم داخليا الاستئصال الورم الليفي أو تدميره بأشعة ليزر.
وفي بعض الأحيان يكون الحل هو اللجوء إلى الجراحة لاستئصال الورم أو استئصال الرحم برمته حسب الأحوال ويمكن أن يتم هذا بالطرق الجراحية التقليدية أو بطرق أخرى كاستئصال الرحم عبر المهبل وفي هذه الحالة لانخلف أية آثار أو ندوب لدى المرأة.
هناك سبب عضوي آخر هو الورم المخاطي لبطانة الرحم الذي ينمو داخل جوف الرحم وعلاجه يتم بكحت الرحم (LURTAGE) أو من خلال استئصاله بمنظار يتم إدخاله عبر المهبل.
كذلك قد يشخص الطبيب وخصوصا من خلال التصوير الإشعاعي للرحم حالة منتبذة الرحم: أو مانسميه بالفرنسيةAdenmyuse وهو مرض يعني توغل وتسرب نثف من الغشاء الداخلي للرحم داخل عضلة الرحم وتوجد في غير مكانها الطبيعي نتيجة الضغط عليها خلال عملية إجهاض عمدي. وهناك عدة علاجات لهذا المرض يقوم بها الطبيب المختص وأخيرا قد يكون سبب النزيف هو وجود لولب لمنع الحمل داخل الرحم وفي هذه الحالة قد يقرر الطبيب وصف بعض الأدوية لمساعدة مريضته على تقبل اللولب وقد يقرر نزعه وتعويضه بلولب آخر مصنوع من مادة البروجسترون التي تقلل كمية نزيف العادة الشهرية بـ 40? وقد يشير عليها بطريقة أخرى من طرق منع الحمل؟
سؤال : ماهي الاختلالات الوظيفية التي تسبب زيادة نزيف العادة الشهرية وهل لها علاقة بالاضطرابات الهرمونية لسن اليأس أو مرحلة المراهقة؟ جواب :
هناك ملاحظة أساسية: أن الدورة الشهرية تتعثر في بدايتها وتتعثر في نهايتها أي عند بداية البلوغ وفي السنتين اللتين تسبقان سن اليأس.
ففي هاتين المرحلتين من العمر تكون عملية الإباضة أو التبويض غير منتظمة والدورات الشهرية خالية من البويضة مما يتسبب في اختلال التوازن الطبيعي بين هرمون الاستروجين وهرمون البروجسترون حيث ترجح كفة الأستروجين في مرحلة ماقبل سن اليأس تؤدي زيادة الأستروجين هذا إلى النزيف وإلى عوامل عدوانية وعصبية وإلى تأزم العلاقات الاجتماعية مع الآخرين لذلك يقوم الطبيب بتقديم علاج هرموني يعيد بواسطته التوازن الهرموني والدورة الشهرية إلى الانتظام.
لكن في بعض الحالات يكون الأمر أكثر تعقيدا حيث تنمو بطانة الرحم بشكل مفرط وهذا قد يمهد للإصابة بسرطان الرحم في هذه الحالة وعند فشل العلاج الطبي نقترح تدمير بطانة الرحم من خلال إدخال منظار عبر المهبل ويؤدي هذا بالطبع إلى توقف العادة الشهرية:
كذلك قد نلجأ إلى استئصال الرحم عبر المهبل أي دون شق البطن إذا لم يستجب هذا النزيف لمستحضرات البروجسترون:
سؤال:
هل هناك خصوصيات لنزيف العادة الشهرية عند الفتاة في مرحلة البلوغ؟
جواب :
في مرحلة المراهقة وعند بداية ظهور العادة الشهرية يكون الجهاز الهرموني المتحكم في الدورة الشهرية أي الغدة الصنوبرية والنحامية والمبيضان غير ناضج تماما من ناحية تأمين وظائفه فتكون الدورات الشهرية خالية من الإباضة بمعنى أن المبيض لايحرر البويضة في اليوم 14 من الدورة، ويقع هذا لمدة سنة إلى 3 سنوات فيؤدي ذلك إلى سقوط بطانة الرحم غير المشبعة بالبروجسترون بشكل فوضوي مما يسبب زيادة النزيف وقد يكون هذا النزيف شديدا بحيث يجبر الفتاة على إيقاف كل نشاط ويؤثر على دراستها في بعض الأحيان وقد يضطرها إلى الرقود في المستشفى وفي حالات استثنائية إلى الخضوع لعملية نقل الدم العلاج يكون بوصف مستحضرات البروجسترون لـ 3 إلى 6 أشهر وإذا عاود النزيف الظهور نقوم بتحفيز المبيض على التبويض من خلال استثارته بالأدوية المحفزة للتبويض.
في الأخير أود أن أقول أن فيسيولوجيا الدورة الشهرية جد معقدة لدى المرأة حيث تتداخل فيها عوامل عضوية ووظيفية ووراثية وحتى نفسية والحالة الصحية العامة للمرأة فأحيانا قد يكون نزيف العادة الشهرية ناتجا عن مرض مجموعي كمرض فيلبران (wiledrand) الذي يترافق مع فقر دم شديد كذلك قد تؤدي أحيانا الى الانفعالات النفسية والعاطفية كالشعور بالذنب إلى الإصابة بنزيف العادة الشهرية.
بقي أن أشير أن نزيف العادة الشهرية المفاجئ الذي يعقب دورات جد منتظمة يكون مؤشرا إلى وجود حالة إجهاض تلقائي كلما صادف موعدها موعد العادة الشهرية.
وفي هذه الحالة لابد من فحص الرحم بالصدى للتيقن من خلوه من بقايا الحمل. سؤال:
هل هناك تدابير وقائية للحد من طاهرة نزيف العادة الشهرية كالرياضة مثلا أو أي شيء من هذا القبيل.
جواب:
ليست هناك تدابير وقائية لتجنب هذا النزيف. ما نلاحظه هو أن الخجل والحياء يمنع الفتيات وحتى السيدات من مصارحة العائلة والطبيب بهذا العارض المرضي مما يؤخر الاستشارة الطبية إلى حين استقرار مضاعفة فقر الدم مع كل مايترتب عنها في حين أن فحصا طبيا بسيطا كان سيمكن من وضع حد لمشكلتهن إذ غالبا مايكون النزيف ناجما عن اضطراب في توازن الهرمونات وبعلاج هرموني بسيط تنتظم الدورة الشهرية ويزول هذا النزيف.