لن نتطور !
حين نتحدّث عن التطوّر
ونبحث في أسباب التخلّف
نلقي باللوم على الحكومات
والقوانين والقرارات
وأشياء أخرى لا نستطيع فعل شيء حيالها
لننسى هؤلاء
ونتحدث عنّا نحن
بصفتنا أفراد
لن نتطور !
مادام مصدر ثقافتنا
هو الصندوق الوارد في البريد الالكتروني
المليء برسائل مذيّلة بكلمة “أُنشر”
ونحن ننشر دون أدنى تفكير
ولا نعرف لتلك المعلومات مصدراً
وإن كانت المعلومة دينية
تتطوّر كلمة انشر لتصبح
“أستحلفك أن تنشر هذه الرسالة لكل من تعرف”
“تخيل لو انك نشرت هذه الرسالة بين عشرة من أصدقائك على الأقل؟؟
وكل صديق منهم فعل
كما فعلت أنت وهكذا؟؟
ولكل واحد منهم حسنة
والحسنة بعشر أمثالها
أنظر كم كسبت من الحسنات في دقيقة واحدة أو
دقيقتين !!
أنشرها ولا تبخل على نفسك بالحسنات؟؟”
في المقابل
لا أحد يفكّر في التحقق من صحة المعلومة
وإعادة إرسال الرسالة بعد تصحيح المعلومة
حتّى وإن كان الموضوع مليء بأحاديث ضعيفة أو موضوعة
أو صور ومقاطع فيديو مُفبركة
لا أدري من ينشرها وما غايته من ذلك؟
وكأن حصولك على الأجر والثواب
ودخولك للجنة متوقّف على نشر هذا البريد الإلكتروني!!
المجهول المصدر.
لن نتطور !
مادام الجميع يهنئ بيوم الجمعة
ويصرّون على قول “جمعة مباركة”
ولا تتوقّف رسائل التهنئة بهذا اليوم
وكأنهم يثبتون إسلامهم بهذا الشيء.
في المقابل
يجهلون أو ربّما يتجاهلون أن هذه الأمور بدعة
” وكلّ بدعة ضلالة وكلّ ضلالة في النار”
يحرصون على قول “جمعة مباركة”
وفي المقابل
لا أحد يحفظ دعاء الخروج من المنزل
والدخول إليه
ودعاء الركوب
وأذكار قبل النوم وأذكار الصباح والمساء
لن نتطور !
مادام المسلمون
يحتفلون بمولد النبي صلى الله عليه وسلم
وليلة الإسراء والمعراج
في الثاني عشر من ربيع الأول
والسابع والعشرون من رجب
بطرق لم نسمع عنها في القرآن ولا السنة
الرسول بنفسه لم يقم بذلك
ولا صحابته ولا تابعيه
يعتبرون ذلك تقديراً للرسول عليه الصلاة والسلام
.
في المقابل
لم يكلّف أحدهم نفسه
ويقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم
ليقتدي به ويقدّره حقّ تقدير
لأنّه لو فعل ذلك لعلم أنّ لا شيء مؤكد
عن تاريخ مولده سوى
أنه في عام الفيل وفي يوم الإثنين
وأنّ حادثة الإسراء والمعراج تاريخها غير مؤكد
لا يومها ولا شهرها ولا عامها
وتوجد ستّة أقوال مختلفة عن تاريخ هذه الليلة
وقول أنّها حدثت
في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب
أحد الأقوال المردودة
و
ليتهم يتّعظون فعلاً
مما حدث في ليلة الإسراء والمعراج
لن نتطور !
مادام الطلاب والطالبات
يذهبون إلى المدارس رغماً عنهم
وفضولهم يدفعهم لمعرفة
ذلك الذي اخترع فكرة المدرسة
والواجبات والامتحانات
“لشتمه فقط”
ويتذمّرون من كل شيء
ويتفنّون في الدعاء على وزير التربية
“أيّاً كان”
ويطلقون الألقاب على كل من يهتمّ بدراسته
وكأنّه يرتكب جرماً ما
ويتأفف كل منهم ألف مرّة
قبل أن يبدأ في المذاكرة
في المقابل
ينسون أن التعليم الذي يحصلون عليه
بكلّ سلبياته نعمة
يتمنى الكثير الحصول عليها
وينسون أنّ تعلمهم واجتهادهم في الدراسة سيفيدهم هم
وأنّه وسيلتهم للوصول إلى التطوّر المنشود
ويندر أن ترى أحد الطلاب أو الطالبات
يقرأ عن المادة التي يحب
من مصادر خارجية في غير أوقات الدراسة
لثقيف نفسه
والأهم أن لا أحد يتذكّر
أن الاجتهاد في الدراسة جزء من كونه مسلماً
لأنّ “الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه”
لن نتطور !
مادام طلاّب وطالبات الجامعات
يتذمّرون من الحاسب الآلي المحمول
الذي يشترونه من الجامعة
ويجعلونه أكثر الأجهزة سوءاً في العالم
ويتذمّرون من كثرة المشاريع والامتحانات
ولا يحرصون على أن يكون عملهم متقناً
ولا يحاولون الإبداع
في المجال الذي اختاروه بأنفسهم
فقط أي شيء ليجتازوا المادة
في المقابل
طلاب وطالبات الجامعات في دول الغرب
يقدمون للعالم اختراعات
وأبحاث وأشياء جديدة
طلاّبنا لا يعلمون
أن هناك من يكافح للحصول
على فرصة دراسة جامعية
لأن عليه أن يدفع
ولا يعلمون
أنّ مستخدمي الانترنت في العالم
لا تتجاوز نسبتهم 23%
وهم يصلون إلى الانترنت مجاناُ
في مؤسساتهم التعليمية
ولا يحمدون الله بأنّهم من ضمن هؤلاء الـ 23%
ولا يفكّرون في استغلال هذه الوسيلة
استخداماً سليماً
ولا يعتبرونها جزءاً من التطور المنشود
الذي يساهم في زيادة علمهم
طلابّنا هكذا
ويقال أننا من أمّة ” اقرأ”
كيف هي القراءة بالضبط
في المقابل
ينسون تماماً أنّهم
من أمّة محمد صلى الله عليه وسلم
ولا يكلّف أحدهم نفسه
بالتزام سنّة النبي صلى الله عليه وسلم
في أفعاله وأقواله
والظهور بصورةٍ تليق
بأفراد أمّة محمد صلى الله عليه وسلم
.
لن نتطور !
مادام الشباب المسلم
يصاب بأزمة نفسية
وانتكاسة مزاجية
بسبب خسارة فريقه
أو منتخبه الوطني في أحد المباريات
ويتطوّر الأمر أحياناً
إلى أن تستيقظ فيه الحميّة
ويذهب مع أصدقائه
لبدء معركة مع جمهور الفريق الفائز
في المقابل
لا تهتّز في شعرة حين يقرأ القرآن
ويقرأ عن العذاب في الآخرة
ولا تتحرّك أعصابه
حين يرى الحرام
يُرتكب أمامه
وتبقى حميّته في سبات عميق ربّما لأنه من ضمن من يرتكبون
ذلك الحرام!
.
لن نتطور !
مادام الناس عندنا
ينتقدون هذا وذاك
في غيابهم
ويسكت الجميع في حضورهم.
في المقابل
ينسى الجميع أن “الدين نصيحة”
ولا أحد يفكّر في نصح هذا أو ذاك
ولا أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر
لن نتطور !
مادام..
ومادام..
ومادام..
.
.
.
تنهيدة عميقة
.
.
.
سنُدفن تحت أكوام التخلّف أحياء
ونحن لم نتطور بعد
.
منقول