ماذا تفعلين إذا تأخر طفللك .. في الكلام؟
يقوم الآباء بمتابعة حثيثة لنمو مهارات أطفالهم اللغوية من خلال الملاحظة الدقيقة لمواقف الحوار بين أطفالهم والأطفال الآخرين بل ومع من هم أكبر منهم عمرا، ثم تبدأ المقارنة بين مستوى لغة الطفل ومن هم في نفس فئته العمرية أو من خبرة الوالدين مع أطفالهم السابقين.
ومن هنا يبدأ الآباء بتكوين وجهة نظر مفادها: هل يعاني طفلي من تأخر في نمو مهارات اللغة والكلام أم لا؟
وتبدأ مناقشة المشكلة في محيط العائلة أو مع الأصدقاء وفي الغالب يتلقى الآباء ردوداً تحمل شعار الطمأنينة والصبر مثل: «لا تقلق سوف يتكلم قريباً»، «لا يزال هناك وقت»، «ابني كان مثل ابنك بالضبط وفجأة تكلم وعمره يناهز الخمس سنوات والآن لا أستطيع أن أوقفه عن الكلام».
فما مدى صحة ذلك؟
وهل من أساس علمي يضمن أن يتكلم هذا الطفل، من دون تدخل متخصص، عند بلوغه الرابعة أو الخامسة؟
تطور مهارات الكلام
لا داعي للقلق فزيارة لأخصائي أمراض النطق واللغة المؤهل والمتخصص يتم فيها تقييم المهارات اللغوية والكلامية للطفل حسب فئته العمرية ويتم تحديد ما إذا كانت مهارات اللغة والكلام تنمو بطريقة طبيعية ومدى الاحتياج لتدخل علاجي متخصص.
إلى متى يمكن للأهل تأجيل زيارة أخصائي أمراض النطق واللغة؟
بكل تأكيد تتعاظم المشاكل عند تجاهلها، وهو ما يمكن تفاديه بمجرد زيارة تساعد الأهل على فهم حالة الطفل وتحديد وجوب التدخل من عدمه.
ولكن من المؤكد أن التشخيص المبكر والتدخل العلاجي المناسب في سن مبكرة يساعدنا في الحصول على معدلات تقدم عالية حيث أن معالجة مشكلات اللغة والكلام مبكرا تمكننا من تقليل فرصة الإصابة بالاضطرابات السلوكية ومشكلات التعلم ومشكلات القراءة بالإضافة لصعوبات التفاعل الاجتماعي.
لقد أظهرت الدراسات التتبعية أن وجود أخطاء نطقية متوسطة وبقاءها حتى سن المدرسة يؤثر سلبا بشكل كبير على مستوى التحصيل الأكاديمي ونمط التفاعل الاجتماعي مع أقرانه وهو ما يلقي بظلاله على شخصية الطفل بشكل كبير.
كما أظهرت دراسات أخرى نتائج إيجابية على مستوى التحصيل الأكاديمي والتفاعل الاجتماعي عند الأطفال الذين كانوا يعانون من وجود أخطاء نطقية متوسطة ولكن خضعوا لبرامج تأهيلية.
الوالدان والبرنامج العلاجي
حينما يولد الطفل، فأول ما يرى في الوجود هو والداه، حيث يبدأ في النمو والتطور، وتبدأ حركاته الأولى وابتساماته وانفعالاته واستجاباته لما حوله داخل منزله ومع والديه، فالمنزل والوالدان هما البيئة الأولى التي يعيش ويتعلم وينشأ فيها الطفل، فيكتسب من خلال هذه البيئة ويتعلم المهارات المختلفة مثل القدرة على تناول الطعام بنفسه والمشي بنفسه واللبس بنفسه وكذلك القدرة على الحوار والتواصل مع من حوله. وهنا تكمن أهمية الوالدين في حياة الطفل.
ولكن في بعض الأحيان قد يعتري إحدى هذه المهارات التي يكتسبها الطفل تلقائيا، بعض الخلل مما قد يؤثر في تطورها بشكل سليم، وهنا يحتار الوالدان في الطريقة المثلى لمواجهة وتقويم هذا الخلل فيلجأون للمتخصصين في هذا المجال لمساعدتهم وتوجيههم لعلهم يجدون الحل المناسب.
إن القدرة على التواصل اللفظي السليم هي أحد المهارات التي قد يعتريها الخلل أو الاضطراب وفي هذه الحالة يطلق عليها «اضطرابات تواصلية»، وهو مصطلح عام يطلق على مجموعة من الاضطرابات الأكثر تحديدا والتي قد تؤثر على عملية التواصل.
ومن أمثلة الاضطرابات التواصلية: التأخر اللغوي، اضطرابات النطق والعمليات الفونولوجية، اضطرابات الطلاقة، وغيرها من الاضطرابات.
وأيا كان نوع الاضطراب التواصلي فلابد من التدخل من قبل أخصائي النطق واللغة. ومع الأهمية الكبيرة لمثل هذا التدخل العلاجي فلا يمكن أبدا أن نقلل من شأن دور أولياء أمر الطفل وبيئته في علاج الاضطراب.
فللدور الذي يلعبه والدا الطفل ومشاركتهم في البرنامج العلاجي بالغ الأثر الإيجابي في تطور هذه المهارات بشكل فعال أكثر، وبالتالي فمن الضروري إعطاء الوالدين المعلومات والنصح والتوجيه والأساليب والاستراتيجيات المناسبة الخاصة باضطراب طفلهم والذي سيساعد بشكل كبير في تطور المهارات المناسبة لهذا الطفل.
إن أفضل علاقة تربط بين أخصائي النطق واللغة كمتخصص في تشخيص وعلاج الاضطرابات التواصلية وبين الوالدين كخبراء بطفلهم ومعرفتهم ببيئته الطبيعية وحياته اليومية والخبرات المختلفة التي يتعرض لها واحتياجاته الخاصة وطباعه هي علاقة الشراكة وذلك للوصول لأفضل طريقة للتدخل لعلاج مشكلة الطفل.
والخطوة الأولى في تطبيق هذه الشراكة تكون في تدريب الوالدين وإعطائهم الأدوات المناسبة والتي ستساعدهم في تطوير مهارات الطفل. ويعتبر تدريب الوالدين وخصوصا أثناء المراحل المبكرة لحياة الطفل عنصرا مهما في أي برنامج علاجي فعال.
إرشادات وتوصيات تساعد في دعم التطور اللغوي للطفل
– التأكد من تجاوب الطفل للأصوات العالية في شهره الأول.
– التحدث عن الأشياء الظاهرة أمام الطفل، ليربط بين ما يراه ويسمعه، حيث أن الطفل يكتسب، تطوريا، الأسماء قبل أي مفردات أخرى.
– الاستماع: اجعل محادثة الطفل متعة لك وله فاستمع له يستمع لك.
– النظر في العين: حاول أن تكون دائما في مستوى نظر طفلك عند محادثته ليشعر بالاتصال المباشر.
– التحدث مع الطفل منذ لحظة الولادة أثناء تلبية احتياجاته وبلغة الكبار ليس بلغة الأطفال.
– الاستجابة لمناغاة الطفل بترديدها.
– تقديم الألعاب والكتب والقصص ذات الصور الملونة المتوافقة مع مستوى أداء الطفل.
– التحدث مع الطفل وترديد الكلمات بوضوح وهدوء، مع التأكيد على مخارج الأحرف، واستعمال جمل قصيرة.
– تعريف الطفل على موجودات البيت، وعلى أعضاء جسمه.
– عدم الاعتماد على الأسئلة بشكل أساسي كوسيلة وحيدة لتنمية مهارات الطفل اللغوية حيث أن الأسئلة المتكررة لا تعلم الطفل شيئا بل قد تسبب ضجر الطفل وابتعاده عنك.
– التنويع بين الأسئلة والتعليقات.
– المحاولة المستمرة لفهم كلمات الطفل، فهذا يشجعه ويعزز محاولاته للتكلم.
– جعل القراءة للطفل عادة يومية، لأن تطوره اللغوي أساس تطوره العقلي والانفعالي والاجتماعي. ففي القصص قيم وعادات ومفاهيم وأفكار يكتسبها الطفل منذ الصغر.
– عدم تصحيح أخطاء الطفل اللغوية، حتى لا يطور سلوكا انسحابيا أو تلعثما فهو يصحح نفسه بنفسه إذا سمع ترديدنا لكلامه بشكل صحيح.
– إجابة أسئلة الطفل باستمرار بإجابات واضحة وصادقة لتوسيع مداركه وإشعاره بأهميته.
– إشراك الطفل في ألعاب لغوية تزيد من محصوله اللغوي (تسمية أشياء حمراء، تسمية الألعاب).
– عدم استعمال مترادفات للتعبير عن شيء ما، مثلا المائدة، فلا نقول مرة مائدة ومرة طاولة ومرة ماسة.
خصائص ومظاهر التطور اللغوي للطفل حتى عمر 3 سنوات
التطور اللغوي يتأثر بالجنس والذكاء، فاللغة مظهر من مظاهر القدرة العقلية العامة كما يتأثر التطور اللغوي بسلامة الجهاز العصبي وبسلامة جهاز الكلام والأذن وسقف الحلق والحنجرة، وتلعب الخبرات وكمية ونوع المثيرات الاجتماعية واختلاط الطفل بالراشدين دورا مهما في إثراء المحصول اللغوي للطفل.
– السنة الأولى
– في الشهر الأول، يعبر الطفل عن حاجته بالبكاء والصراخ ويستجيب للأصوات العالية.
– في الشهر الثاني، يصدر الطفل أصواتا من مقطع واحد مع تعبيرات في الوجه.
– في الشهر الثالث، يبدأ بالابتسام وإصدار أصوات تدل على السرور، بدايةً لمرحلة المناغاة والاستجابة للمحادثة.
– في الشهر الرابع، يضحك بصوت عالٍ ويناغي استجابة لمحادثة ومداعبة الكبار.
– في الشهر السادس، تظهر أصوات بسيطة ويعبر عن سعادته بالصياح كما يصدر مقاطع وأصواتا متعددة.
– في الشهر الثامن، يصدر مقاطع مفردة «دا» ـ «كا».
– في الشهر التاسع، يبدأ في استخدام كلمات متكررة المقاطع «دادا ـ تاتا ـ بابا».
– في نهاية السنة الأولى، ينطق الكلمة الأولى التي لها معنى ويربط بين الكلمات والإيماءات ويفهم معاني بعض الكلمات ويستجيب للأوامر البسيطة والتي يصاحبها الإشارة. الحصيلة اللغوية للطفل في نهاية العام الأول نحو 5 كلمات وهناك حالات قد تتخطى هذا المعدل.
– السنة الثانية
– يردد أسماء الأشياء المألوفة وأسماء بعض الحيوانات والأشخاص بلغة غير واضحة أحيانا كما يفهم التعليمات البسيطة والمختصرة.
– يكتسب كلمات جديدة تصل إلى نحو 20 كلمة بمعدل 2ـ3 كلمات شهريا.
– في منتصف العام الثاني يبدأ باستعمال جمل مختصرة من كلمة أو كلمتين: بابا باي.
– تزداد فترة الإصغاء عند الطفل حيث يستطيع فهم أكثر من 200 كلمة.
– يقلد الإيقاع الصوتي لبعض الأغاني.
– يقلب الأحرف ويغير أصواتها ويحذف بعض الأحرف.
– يتعلم كلمات جديدة إذا ارتبطت بالفعل والدلالة (خاصة الأسماء).
– يعبر عن حاجاته ورغباته بإصدار الأصوات بشكل متنام.
– يستجيب للأوامر ويفهمها بشكل أفضل.
– يستمع وينصت للحديث بهدف سماع الأحاديث أو القصص.
– يسمي أعضاء جسمه، ويسمي أكثر من خمسة أجزاء.
– وفي نهاية العام الثاني تصل كلماته لأكثر من 50 كلمة، ويستخدم الجمل المكونة من كلمتين أو ثلاثة.
– تزداد أسئلة الطفل عن الأسماء والأشخاص.
– يقلب صفحات الكتاب ويحادث الألعاب والصور.
– يحادث نفسه وألعابه بجمل قصيرة تشتمل على بعض حروف العطف والضمائر.
– يبدأ بتصحيح لغته وحده.
– السنة الثالثة
– تطول جمل الطفل وتحتوي على عدد أكبر من الكلمات.
– يزداد محصوله اللغوي ليصل لنحو 200 كلمة.
– يبدأ باستخدام قواعد اللغة بشكل أفضل (جمع ـ ضمائر ـ مذكر ـ مؤنث).
– يستمر في السؤال عن الأشياء.
– يعبر عن أفكاره ومشاعره لغوياً.
– يقلد الكبار في استعمال بعض الكلمات (يعني).
– يستمع ويصغي إصغاء هادفا خاصة للقصص.
– يعرف اسمه وكنيته.
– يعرف بأنه ولد أو بنت.
– يغني بشكل أكبر كأغاني الدعايات أو مقدمة المسلسلات.
– ينزع التعبير اللغوي نحو الوضوح والدقة في التعبير والفهم.
– يتناقص الكلام الطفولي والجمل الناقصة وإبدال الأحرف.
– تزداد قدرته على فهم كلام الآخرين.
مراض النطق واللغة المتخصص والذي يمكنة تقييم مهارات اللغة والكلام لطفلك وتحديد إذا كانإحدى هذة المهارات.