لعل أقسى ما يمكن أن تواجهه الفتاة خلال فترة مراهقتها غياب الدعم المعنوي والاهتمام بتفاصيل يومياتها المعقدة والاستماع لمشاكلها ومبعث همومها وأفراحها من قبل المقربين منها، خصوصا الوالدين.
والانفصال أو الطلاق الذي قد يشكل مصدر راحة للزوجين، قد يكون عاملاً مدمراً خصوصا خلال هذه المرحلة الدقيقة المليئة بالاضطرابات وعلامات الاستفهام بالنسبة للفتيات، فهو يهدد شعورهن بالأمان والاستقرار..
وكثيرات ممن عشن هذه التجربة وتذوقن هذا الألم حاولن ممارسة التجاهل لكن أخريات عبرن عن ذلك بسخط فماذا قلن؟.
رويدا تقول: «أحيانا يتصرف الكبار بأنانية وجهل يفوق جهل الصغار فيبحثون عما يزيح عنهم بعض المسؤوليات والاهتمامات العائلية ويمنحهم الشعور بالاستقلالية والراحة وإن أتى ذلك على حساب الآخرين، فما بالك إذا كان هؤلاء هم الأهل… نعم، أهلي تخلوا عني ليكونا سعيدين».
أما نجوان فترفض تسمية «أهل» وتقول: «نسيت مرح ومتعة المراهقة، فالفترة التي ابتعدا فيها عني أمنا خلالها لنفسيهما كل مصادر السعادة دون أن يأبها لأمري، أبي تزوج من أخرى وكذلك أمي، أما أنا فأعيش مع جدتي لأبي الذي لم أره منذ ستة أشهر أو ربما أكثر».
جبين تبدي الرأي نفسه لكنها تقول: «صحيح أن طلاق أهلي أرهق مشاعري وحطم معنوياتي لكن أمي تداركت الوضع وجعلتني أتأقلم مع الوضع وأستعيد حالتي الطبيعية واهتمامي بنفسي ومدرستي خصوصا أنني على أبواب الجامعة»
رجاء تظهر موقفاً إيجابياً من المسألة وتؤكد: «حين كنت أستمع لمشاجرات أهلي كنت أتمنى لو أنهما ينفصلان ،فقد تعبت من مشاهدة فيلم الرعب نفسه يومياً، أما اليوم حين يلتقيان يلقيان التحية باحترام دون الصراخ والشتم الذي كنت أسمعه دوماً منهما.بكل بساطة أنا اليوم أكثر راحة وسعادة وأنتقب بيتهما كلما سنحت لي الفرصة ، والحال نفسه بالنسبة لشقيقتي وأخي وقد حرصت على إفهامهما ذلك..».
تصف الأخصائية في علم النفس ليلى علي وهبة شخصية المراهقة بأنها «شخصية مضطربة وضائعة بين مرحلة الطفولة ومرحلة النضوج وينعكس ذلك تفاوتاً في تصرفاتها التي تكون طفولية تارة وناضجة وراشدة تارة أخرى ولكن ما قد يختلف من مراهقة لأخرى هي القيم والأسس التي تأخذها من الأهل والبيئة التي تعيش فيها والتربية التي تتلقاها..».
وطلاق الوالدين الذي يعتبر من أصعب المشاكل التي قد تتعرض لها الفتاة خلال فترة المراهقة تقول عنه الأخصائية «إنه يشعرها بالضياع وعدم الأمان خصوصاً إذا لم يتوفر من يدعمها ويرشدها ويقف بجانبها، كما يفقدها الثقة بالعائلة والأهل الذين تعتبر أنها لا يمكنها اللجوء إليهم حين تتعرض لمشكلة لأنهم غير قادرين على حل مشاكلهم الخاصة وقد يوصلها ذلك للدمار نتيجة التعاطي مع مشاكلها بطريقة خاطئة…وأخطر ما في الأمر أن ذلك قد يثير لديها التردد والتخوف من الزواج..».
أما عن النتائج المستقبلية لذلك، فتؤكد أن له نتائج سلبية كثيرة خصوصا في حياتها الزوجية وتقول: «سيصبح لديها ناموس داخلي أنها لا تريد لنفسها نفس مصير والدتها، وشعور دائم بالتهديد وقد يؤدي بها ذلك إلى استباق الأمور والقيام بردات فعل على أفعال لم تحدث فعلا…».
وتضيف: «الأهل هم وحدهم المخولون بتخفيف وطأة هذه الأزمة على الفتاة، عبر إفهامها أسباب لجوئهم للطلاق الذي قد يكون أحيانا الحل الأسلم والأفضل للمشاكل الزوجية الكبرى التي لا حل لها…». منقوول:036: