مظاهر العقيدة في رمضان


مظاهر العقيدة في رمضان
الحمد لله ر ب العالمين و الصلاة و السلام على رسوله الأمين وبعد :
فها هي صحائف الأيام انطوت وبلغنا شهر الخير والبركة ، شهر القرآن والغفران ؛ شهر رمضان الفضيل ، وهو الشهر الذي فضّل الله تعالى ليلة واحدة منه وجعلها خيراً من ألف شهر ، فلله الحمد والمنة .
و تتنوع العبادات والطاعات في شهر رمضان ليستطيع المسلم التزود في كل الأوقات منها ، وليزداد ارتباطه بخالقه جل في علاه ويتعرض لنفحاته .
وتوحيد الله تعالى – وهو أهم العبادات – يتجلى بمظاهر متعددة في شهر رمضان ،أحببت أن أوردها لك أيها القارئ الكريم فيما يلي بإيجاز .

1. الملة الواحدة

رغم البعد الزمني الشاسع بين الأمم على مر التاريخ إلا أنه في شهر رمضان الكريم يظهر الترابط العقدي بين جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والأمم الموحدة، وهذا ما أكده المولى عز وجل بقوله : (يأيها الذين آمنوا كتب يأيها الذين آمنوا عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) البقرة: ١٨٣ .
وجاء هذا البيان في معرض الأمر بصيام رمضان الذي اتفقت الأمم على تعظيمه وصيامه – على اختلاف في طبيعة ومقدار الصيام – .
وفي هذا إعزاز للمسلم ، وتقوية لآصرة الأخوة الإنسانية المدعمة بالعقيدة الحنيفية السمحة ، وتأكيد على أهمية تصحيح العقيدة في هذا الشهر الفضيل ، والتمسك بالمنهج الرباني لاسيما في ظلل الدعوات المنافية له ، والساعية لخلخة ثوابت العقيدة الإسلامية .

2. التقوى :

وهي ببساطة : أن تجعل بينك وبين عذاب الله وقاية بفعل الطاعات واجتناب المحرمات ، ولا يشك مسلم بأن تحديد الطاعات والمحرمات أمر موقوف على الحكم الشرعي عليها ، وتوصيفها من قبل علماء الشريعة الناهلين من نبع الدين الحنيف الذي لا ينضب ألا وهو القرآن الكريم والسنة المطهرة .
وإذا ألزم المسلم نفسه بتقوى الله ــــ الذي هو هدف عملي جلي من آثار صيام شهر رمضان ـــ فإنه يكون بذلك قد حقق جانباً مهماً في التوحيد وهو خشية الله تعالى ومراقبته ، ومن هنا يتضح ارتباط التقوى بالعقيدة في رمضان .

3. القرآن :

ارتبط عند عموم المسلمين شهر رمضان بتلاوة القرآن الكريم ، وترى إقبالهم على قراءته وسماعه ، والتنافس على ختمه في صلاة التراويح والقيام ؛ إقتداءً بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي كان يتدارس القرآن مع جبريل في شهر رمضان .
ولكن ما هي علاقة القرآن بالعقيدة في رمضان ؟!
(شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) البقرة: ١٨٥إذا علمنا ذلك ، بانت لنا علاقة القرآن بالعقيدة في رمضان ، وأن مصدر عقيدة المسلم هو من هذا القرآن الكريم ، ومن سنة من أُنزل عليه القرآن في رمضان وهو رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم
فينبغي على العاقل من المسلمين أن يربط قلبه بكلام ربه طيلة أيام العام فإذا بلغ شهر القرآن زاد تعلقه به وأنس به .

4 . الصيام :

وهو أحد أركان الإسلام التي لا يصح إيمان الشخص إلا به – مع توفر الشروط – ، وقد ألزم الله به عباده لمدة شهر كامل في العام على ما فيه من المشقة والنصب ، ورتب على فعله الأجر العظيم فقد جاء في الحديث الصحيح عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليهوسلم قَالَ اللَّهُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ ، فَإِنَّهُ لي ، وَأَنَا أَجْزِى بِهِ . وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ ، فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ ، أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّى امْرُؤٌ صَائِمٌ . والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ ، وَإِذَا لَقِىَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ » رواه البخاري .

5. الجهاد في سيبل الله :

وهو قتال الكفار من أجل إعلاء راية لا إله إلا الله ونشر العقيدة الإسلامية الصحيحة في أرجاء المعمورة .
والقارئ للتاريخ الإسلامي يجد كماً مهماً من الانتصارات والفتوحات الإسلامية الكبيرة والتي حصلت في شهر رمضان المبارك ، وأعظمها الغزوات التي كانت بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي : غزوة بدر الكبرى في شهر رمضان من السنة الثانية من الهجرة والتي جعلها الله تعالى فرقاناً بين أصحاب العقيدة القويمة وبين أهل الشرك والكفر (واعلموا انما غنمتم من شيء قإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم آمنتم بالله وما انزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شيء قدير )الأنفال: ٤١ .
ويلي ذلك فتح مكة في رمضان من السنة الثامنة من الهجرة والذي كان يوماً دخل الناس فيه في دين الله أفواجاً (اذا جاء نصر الله والفتح* ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا* فسبح بحمد ربك واستغفره* انه كان توابا )النصر: ١ – ٣ .

6. الدعاء :

لقد أمر الله تعالى بدعائه وتكفل بالإجابة ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (الدعاء هو العبادة ) صحيح الجامع 3407 .
والدعاء من العبادات في رمضان والتي يحرص عليها كثير المسلمين ، وتتضح في صلاة الوتر وعند ختم القرآن ، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن للصائم دعوة لا ترد .
وإذا صرف المسلم شيئاً من الدعاء لغير الله فقد وقع الشرك ، فلزاماً علينا جميعاً أن نذكر بعضنا البعض بضرورة إخلاص الدعاء لله وتنقيته من شوائب الشرك والبدع لاسيما في شهر رمضان .

و بعد .. أيها القارئ الفاضل :

من خلال الإشارات الماضية لبعض مظاهر التوحيد في شهر رمضان ، والتي يمارسها كثير من المسلمين ـــ ولله الحمد ـــ؛ إلا أنه ينبغي علينا التأكيد الدائم على ربطها بالتوحيد ، وتنقية ما قد يشوبها من قوادح تقدح في كمال التوحيد ؛ وتوضيح ذلك لعامة الناس ، وإحياء معاني التوحيد في النفوس … لنفوز بغنائم هذا الشهر العظيم ، ولنحقق العبادة الصحيحة التي طلبها الله من الثقلين (وما خلقت الجن والنس الا ليعبدون) الذاريات: ٥٦ .
منقوووووووووووول

عن ilyasking

شاهد أيضاً

(_.·´¯`·«¤° الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية (_.·´¯`·«¤°

بسم الله والصلاة والسلام على خير الآنام السلام عليكم سؤال: ما رأيكم في أمر التميمة …