أسرار الرضاعة الطبيعية
لم تحظ الرضاعة الطبيعية من قبل باهتمام كبير كما حظيت به الآن في تاريخنا المعاصر, فقد أصبحت محل اهتمام الأطباء وذلك للاعتقاد المتزايد بأهمية فوائد حليب الأم و قيمته الغذائية والروحية , ولقد أدركت كثير من الدول المتقدمة أهمية هذا الأمر مما جعلها تفرض ضرائب باهظة بمجرد الدعاية للحليب الصناعي, وهذا ما حدث لإحدى اكبر الشركات العالمية (SMA Nutrition) حيث تواجه عقوبات صارمة نتيجة لهذه الدعاية. وان ما نعانيه الآن من مفاهيم خاطئة وما يشاع عند كثير من الأمهات عن الرضاعة الطبيعية والتي ساعدت في الترويج لها الشركات المصنعة للحليب الصناعي, هذا كله ومما تقدم سالفا دفعني للكتابة في هذا الموضوع المهم, والذي اعتبره هبة ربانية لأبنائنا ينبغي ألا يحرموا منها
انه من الطبيعي أن أستهل مقالي هذا بسؤالين مهمين هما:
1-لماذا تعتبر الرضاعة الطبيعية مهمة بالنسبة للطفل و الأم؟
2- وهل الرضاعة الطبيعية كافية لتغذية الطفل ؟
الحقيقة إن حليب الأم يختلف اختلافا تاما عن الحليب الصناعي ليس فقط انه يعطي ما يحتاجه الطفل من بروتين و سكر ودهن وفيتامينات, ليبقى في صحة جيدة, ولكن عنده من المقاومات والفوائد الخاصة والمميزة التي لا وجه للمقارنة بها مع الحليب الصناعي, حيث انه يحمي الطفل من بعض الأمراض والالتهابات لكونه يحتوي على مواد دفاعية , فالأطفال ذوو الرضاعة ال-طبيعية اقل عرضة لالتهابات الأذن , الحساسية , التقيء, الإسهال , الالتهاب الرئوي , التهاب سحايا الدماغ
بجانب هذا كله الرضاعة الطبيعية تزيد من نسبة الذكاء في مرحلة البلوغ وتقلل من إصابة الأطفال بالسمنة وتخفف من آلام المواليد
ومن جهة أخرى أثبتت الأبحاث أن الحليب الطبيعي يحمي الأطفال من ظاهرة الموت المفاجئ للأطفال (SIDS) والذي هو متفش في معظم الدول الغربية
كذلك هناك أسباب عديدة تدعم أهمية حليب الأم نذكر منها :
-أن حليب الأم سهل الهضم
-انه لا يحتاج إلى تجهيز
-انه غير مكلف اقتصاديا
-وان حليب الأم يدعم عدم تلوث البيئة حيث لا حاجة للمعلبات و الزجاجات و الصناديق لتوضع في القمامة
وفوق هذا كله إن حليب الأم يعطي الدفء و القرب الطبيعي الذي يساعد على خلق رابطة خاصة وقوية بين الأم و رضيعها
من ناحية أخرى هناك فوائد جمة للأم نتيجة إرضاعها لطفلها نلخصها فيما يلي:
– تساعد على حرق اكثر للسعرات الحرارية , بالتالي تساعدها في العودة السريعة لوزنها الطبيعي ماقبل الحمل
-تقلل من خطر أمراض سرطان المبيض و أعراض اليأس المبكرة و سرطان الثدي
-تساعد على بناء العظام و تقويها وتحميها من التكسير في الكبر
-يؤخر عودة الطمث الشهري الذي يعمل كمانع طبيعي للحمل (ولكن ضعي في بالك انه ليس مانعا كافيا وحده)
-يساعد على عودة الرحم بسرعة إلى حجمه الطبيعي
إشارات مهمة
-حجم الثديين لا يشكل عائق أو عامل على كمية إنتاج الحليب, فطفلك هو وحده يتحكم في كمية إنتاج الحليب, بكلمات أخرى كلما أكثرت من إرضاع طفلك كلما زاد إنتاج جسمك للحليب اكثر
-من المميزات الخاصة للحليب الطبيعي انه يتغير بتغير نمو الطفل, ليقابل احتياجاته و نموه, لهذا خلال فترة الرضاعة الطبيعية ينصح بعدم إعطاء الطفل أي شيء” حتى الماء” , إلا إذا كان هناك دواعي طبية لهذا.
-شرب القهوة و الكولا خلال فترة الرضاعة تجعل الطفل عصبيا , كثير الهيجان , قليل الأكل وقليل النوم, بسبب مادة “caffeine” الكافيين الموجودة في القهوة والكولا فهي تتراكم في أجهزة الطفل مما يجعله يصعب عليه التخلص منها بسهولة بسبب عدم نضوج أجهزته
-أهم نقطة في الرضاعة الناجحة هي الوضع الصحيح للطفل أو ما يسمى “correct latch on” حيث انه يجعل الحليب يتدفق اكثر, يمنع تشقق الحلمة , ويجعل الطفل مكتفيا, ويحد من الامتلاء المفرط للثديين (احتقان الثدي)
-أثبتت الأبحاث أن حبة البركة تساعد على إدرار الحليب , كذلك تعد مصدرا غذائيا مهما للأم و الطفل على السواء
وهنالك دراسات جديدة أشارت إلى أهمية تثقيف الأمهات بدور الرضاعة الطبيعية بل وتدريبهن الى فترات أطول على منافع الرضاعة
كما أشار تقرير منظمة الصحة العالمية 2003 إلى العودة السريعة للرضاعة الطبيعية لأطول فترة ممكنة تمتد من سنة أو اكثر لأنه كلما امتدت فترة الرضاعة كلما زادت الفوائد العائدة على الأم والطفل معا
وتعقيبا على ما سلف نجد أن ديننا الحنيف قد أوجز أهمية هذا الأمر منذ اكثر من أربعة عشر قرنا في قوله تعالى : (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) ومن هنا أريد أن أشير إلى توعية أنفسنا و بناتنا بالأخص حول هذه القضية و تربيتهن و إعدادهن فترة المراهقة , وعند الكبر بشكل حسن حتى لا يقعن فريسة الحياة المادية التي جعلت حياتنا سريعة ولكنها عديمة الروح والحيوية, ولأن الفتاة الناضجة التي تمتلك الرؤية السليمة للحياة وعلى درجة جيدة من الثقافة, سوف تدخل العش الزوجي بمتانة وقوة و نجاح و تربي أجيالا جديرة بالاحترام
منقول للأهمية