من صفحه الدكتور والقاضي في محاكم تبوكـ عيسى الغيث
مجرد تأملات .. قابلة للخطأ والصواب :
لاحظ المعادلة واستفت قلبك :
الخيار الأول :
منع قيادة المرأة للسيارة بهذا الشكل العام والمطلق فيه مفاسد (واقعة) أي من فقه (الواقع) المشاهد، وذلك مثل اختلاء السائق بالنساء في المنازل والسيارات، وفيه منكرات كبيرة شاهدناها وشهد عليها الهيئة من السائقين الخصوصيين والعموميين، وفي منع قيادة المرأة المستوفية للشروط والمنتفية الموانع تفويت لمصالح وجلب لمفاسد.
الخيار الثاني :
السماح للمرأة بقيادة السيارة (ربما) فيه مفاسد (متوقعة) أي من فقه (التوقع) القابل للوقوع وعدم الوقوع.
وهنا سؤالان :
1- هل نستمر على منكر (واقع) دفعاً لمنكر (متوقع) وقد لا يقع ؟
2- هل نجزم بأن مفاسد القيادة أكثر من مصالحها قبل أن نجرب ؟
إذن :
فلنجرب القيادة في مدينة واحدة وبضوابط مقننة وحينئذ سنعرف الحق:
فإن كانت المفاسد للقيادة أرجح فنحن مع المحرمين.
وإن كانت المصالح للقيادة أرجح فنحن مع المبيحين.
مع ملاحظة :
أنه لا يجوز تحريم القيادة على المرأة المستوفية للضوابط بسبب وجود امرأة تقود غير مستوفية للضوابط.
وهذا له مثال:
لو فرضنا أن هناك مدينة يكثر فيها قيادة السيارات من رجال بلا رخصة، فهل يجوز منع القيادة على الجميع بمن فيهم الحاملين للرخص بسبب أن هناك غيرهم لا يحملونها، أم أن العدل هو السماح لمستوفي شروط القيادة ومنع ما سواهم، ولا تزر وازرة وزر أخرى، وهذه حقوق شخصية وخاصة ولا يجوز حرمان الفرد منها بسبب أن آخر قصر في القيام بالواجب أو الحق.
ولذا :
فالمنع للقيادة بشكل مطلق غير عادل، والسماح بشكل مطلق غير عادل كذلك، ولكن العدل هو وضع ضوابط شرعية وقانونية وأخلاقية للقيادة ومن ثم تجرب ثم تعمم بتدرج، وحينئذ سنعرف كم كنا نعيش في خطأ بالغ طول عشرات السنين، وأن المعروف السائد بمنع القيادة صار هو المنكر حيث ظهر أنه باب من أبواب الشر على النساء المنضبطات، وظهر كذلك أن المنكر السائد وهو القيادة صار هو المعروف كما هو الحال اليوم في كثير من البوادي والقرى حيث يستنكرون بفطرتهم أن يكون في بيتهم سائق أجنبي ويرون أن قيادتها هي الحشمة ومنعها هو المنكر، ووجدت في بعض قرى القصيم حتى اليوم مديرات ووكيلات ومعلمات يقدن السيارات بحشمة وانضباط ولا يقبلن بأن يختلين بالأجنبي في بيوتهن أو سياراتهن وأن قيادتهن للسيارة مباحة من باب أولى تجاه قيادتهن للإبل والخيل والبغال والحمير لأنهن محتشمات في السيارات المؤمَّنة وفي أمن وأمان وإيمان.
وهذه الحالة مثل واقع حالة منع المرأة من أن تبيع في المحل المحتشم مع أنه سمح لها بأن تبيع في البسطة والشارع وأمام الرجال وعرضة للتحرشات.
وكذلك مثله واقع حالة منع المرأة من أن تبيع في المتاجر على النساء ملابسهن الداخلية في حين أنه سمح للرجل الأجنبي ذلك وبلا نكير!.
فبالله عليهم:
كيف انتكست الفطرة عند بعض الناس فصار المنكر معروفاً والمعروف منكراً ؟!.
والله أعلم ،، وهو سبحانه من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل .