من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أما بعد فحب الإستطلاع غريزة في الإنسان جبل عليها ولكن هذه الغريزة يجب أن تكون منطلقة من حدود شرع الله تعالى وأن تكون في إطار الدين والأخلاق .
فاخترت هذا الحديث لأكتب في معانيه وأنقب في أسراره وهو ضابط لسعي الإنسان الدائب والمستمر في البحث عن أمور لا تعنيه وقد تعنيه لكنها لا تضيف إليه شيء، ولكنها وللأسف الشديد على الرغم من هامشيتها إلا أنها تحوز على اهتمام الكثير وتشغل أوقاتهم ، وتبدد طاقاتهم ولكم حري بالمسلم أن يأخذ بتلك الجواهر النقية المتمثلة في نصائح رسول الله لأمته حين قال عليه الصلاة والسلام ( من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ).

وأسأل الله تعالى أن يكون ما كتبنا خالصا لوجهه الكريم ، فإن أصبنا فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وإن أخطأنا فمن أنفسنا والشيطان.

نص الحديث:

عن أبي هريرة – رضي الله عنه- قال:
(من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــ

تخريج الحديث:

1- أخرجه الترمذي في السنن ، كتاب الزهد (37) ، باب من حسن إسلام المرء (1) ، رقم الحديث (2317) ، ج3، ص291، رواه أبو هريرة.

2- أخرجه ابن ماجه في السنن ،كتاب الفتن ،باب كف اللسان في الفتنة (12) رقم الحديث(3976) ، ج2، ص1315-1316 ، رواه أبو هريرة .

3- أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده ،ج1 ، ص201، والشاهد حسين بن علي .

4- أخرجه مالك في الموطأ ، كتاب حسن الخلق (47) ،باب ما جاء في حسن الخلق (1) ، رقم الحديث (3) ، ج2 ، ص707 ، والشاهد حسين بن عل

التعريف براوي الحديث

كان من أكثر الناس حفظا ، واتقانا للإصغاء ، واختزانا للكلام ، من أجل ذلك كان من أكثر الصحابة الذين رووا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
يقول عن نفسه ( نشأت يتيما ، وهاجرت مسكينا ، وكنت أسيرا لبسرة بنت غزوان بطعام بطني !!
كنت أخدمهم إذا نزلوا، وأحدوا لهم إذا ركبوا، وها أنا ذا وقد زوجنيها الله ، فالحمد لله الذي جعل الدين قواما ، وجعل أبا هريرة إماما.

قدم على النبي عليه الصلاة والسلام سنة (7) هـ وهو بخيبر فأسلم راغبا مشتاقا ، عاشر النبي وصاحبه لمدة أربع سنوات ، وبعد وفاة النبي بدأ يحدث بكل ما سمعه وما شاهده عن الرسول عليه الصلاة والسلام حتى ساورت الشكوك بعض الصحابة !!!
أنى لأبي هريرة كل هذه الأحاديث ؟؟؟
ولكنه قال مدافعا عن نفسه …:
(إنكم لتقولون أكثر أبو هريرة في حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم وتقولون إن المهاجرين الذين سبقوه إلى الإسلام لا يحدثون هذه الأحاديث
إلا أن أصحابي من المهاجرين كانت تشغلهم صفقاتهم بالسوق، وإن أصحابي من الأنصار كانت تشغلهم أرضهم، وإني كنت امرئ مسكينا أكثر مجالسة رسول الله فأحضر إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا…

وكان أبو هريرة من العابدين الأوابين يتناوب مع زوجته وابنته قيام الليل كله فيقوم هو ثلثه، وتقوم ابنته ثلثه، و زوجته الثلث الآخر وهكذا لا تمر ساعة من الليل إلا وفي بيت أبي هريرة عبادة وذكر وصلاة …
عاش أبو هريرة عابدا مجاهدا، لا يتخلف عن غزوة ولا عن طاعة، وفي خلافة عمر بن الخطاب ولاه إمارة البحرين فادخر أبو هريرة مالا من مصادره الحلال وعلم عمر فدعاه إلى المدينة فسأله من أين لك عشرة آلاف ؟؟؟
فقال : خيل لي توالدت وعطايا تلاحقت …فقال له عمر :ادفعها إلى بيت مال المسلمين .
مات أبو هريرة في العام (59) هـ ، عن سن يناهز(78) سنة،وبينما كان مشيعوه عائدين من جنازته كانت ألسنتهم تردد أحاديث رسول الله التي حفظوها من أبي هريرة …
ولعل واحدا من المسلمين الجدد كان يميل على صاحبه ويسأله :
لماذا كني شيخنا الراحل بأبي هريرة ؟؟؟
فيجيبه صاحبه وهو بالأمر خبير:
لقد كان اسمه في الجاهلية عبد شمس ولما أسلم سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن…
ولقد كان عطوفا على الحيوان وكانت له هرة يطعمها ويحملها وينظفها ويؤويها وكانت تلازمه كظله ….وهكذا دعي أبا هريرة رضي الله عنه وأرضاه

يتبع ….

عن saeed77

شاهد أيضاً

للتفاؤل طــاقه عجيبه وغـــداً مشرق…!