سلا مدينة أزلية تضرب في عمق التاريخ، وقد وجدها الفينيقيون قبل ثلاثة آلاف سنة تقريباً مأهولة بعنصر الجيتول الأمازيغ الدين كانوا منتشرين في جل ربوع شمال افريقيا. وقد اشتملت من كلمة جيتول كلمة جيزولن والتي تم نطقها جزولة باللسان العربي.
وقد أكد الرحالة الإدريسي أن جزولة في القرن الثاني عشر ميلادي كانت تعمر منطقة تمتد من مراكش إلى سلا حيث كان دورها هاما جدا إلى الحياة السياسية المغربية إلى عهد العلويين بالقرن السابع عشر.
وقبل ظهور الإسلام بالمغرب كانت مصمودة برغواطة تشكل أكبر قوة بشرية بالمنطقة وبسواحل الأطلسي. وقد كان الرومان يولون اهتماما خاصا لصفتي أبي رقراق وعملوا على اقتلاع عنصر الجيتول من الناحية في زمن غير محدد حسب الكاتب والمؤرخ الأستاذ إدريس المريني في كتابه، SALE MILLI NAIRE بإدارة الأستاذ مولاي اسماعيل العلوي وهو نفس الكتاب الذي نقتيس منه هذه المعلومات القيمة عن مدينة سلا التاريخية.
وقد قاوم برغواطة الإسلام والفتوحات العربية ووقفوا لمدة أربعة قرون ونصف ضد كل دخيل على سلطتهم.
كما أن الأدارسة عملوا على تضييق الخناق على برغواطة بسلا مما جعل هؤلاء ينقلون عاصمتهم إلى مدينة أزمور بدكالة وبقيت سلا مع ذلك غير مأهولة بسس المحتة على نعرض لها الأدارسة على يد موسى بن أبي العافية 920 ميلادية.
أما بنو يفرن الزناتيون الذي مروا بدورهم من سلا حسب ابن خلدون فإنهم لم يتركوا آثارا بها. فقد حكموا فاس إلى جانب مغراوة وقاموا بمناوشات ضد برغواطة لمدة طويلة دونما طائل.
ورغم تواجد برغواطة بسلا، فإن الأندلسيين الأوائل الذي قدموا إلى المغرب تساكنوا في سلا في ظل العنصر البرغواطي ونذكر هنا عائلات مثل ابن خيرون وابن عشرة الذي كانوا يعرفون أيضا باسم بني قاسم.
وهكذا بدأت النواة الرئيسية لسلا تشكل، كما أن الطبقة الأرستقراطية بسلا بدأت تظهر بقدوم الأندلسيين منذ القرن الثاني عشر.
وقد دخل الموحدون مدينة سلا سنة 1145 ولبثوا فيها لمدة 90 سنة تاركين بعض آثارهم بها كمسجد الشهباء، وأصبحث المدينة عامرة بالسكان وبشكل مكتف ومتعدد الثقافات.
ويعتبر الموحدون هم أول من سمح للعنصر العربي من بين هلال بدخول المغرب قدوما من تونس بعد أن استوطنوا صعيد مصر قدوما من أرض الحجاز وقد حل الهيلاليون بالأراضي الزراعية بأحواز سلا (شمال وجنوبا وشرقا) وخاصة في منطقة السهول باتجاه وادي بهت حيث كانت توجد القبيلة الأمازيغية فنزازة، وامتد هذا التوسع إلى ضواحي الخميسات.
ونظرا للجمال الطبيعي الخلاب لسلا وضواحيها ولتوفرها على ساحل بحري عظيم وعلى ميناء تجاري مشهور وأراضي خصبة وطقس معتدل، فقد وفدت على سلا مجموعات سكنية هامة من سبتة وتطوان وتلمسان ووهران وبجاية والقسطنطينية وطرابلس وحتى من سورية وتركيا.
كما أن عناصر أوربية أخرى استوطنت سلا وأغنت تراتها وتعدديتها وقد كانت سلا في وئام مع ضاحيتها وسمح هذا الوئام للتكاثر الهجرة من البادية نحو سلا دونما إخلال بالتركيبة الاجتماعية. بل أن قبائل أخرى بعيدة عن سلا هاجرت منها عائلات كثيرة لتعيش بين أحضان السلاويين الأوائل ولتذوب في وسطهم وتصبح بدورها من صناع تاريخ سلا قديما وحديثا.
وهكذا أصبحث بدورها سلا تعرف عائلات باسم الزموري والدكالي والعوني والسهلي و الحسناوي والحصايني … بل إن من بين هذه العائلات من كانت تتوفر على احياء أو حومات بكاملها .. كحي القساطلة وسانية الحسناوي إلخ … ومنهم من كان لهم باع طويل من العلم كالعالم الكبير أحمد بن موسى والقاضي الطفراوي الحسناوي والمؤرخ محمد بن على الدكالي والعالم الزموري الشهير.
وقد انبهر لسان الدين ابن الخطيب بجمال سلا ورعتها ووصفها وصفا جميلا في كتابه مقامات البلدان، وهناك كتب أخرى عديدة ومتنوعة تؤرخ لمدينة سلا ورجالاتها ومشاهيرها من علماء ومحسنين وباشوات وقضاة وتجار وبحارة ومجاهدين من أل فنيش وزنيبر وشماعو وعواد والصبيحي والمريني وغيرهم كثير لا يمكن حصره في هذا الموجز بالإضافة إلى عائلات من سلالة الشرفاء كالعلوي والإدريسي والمصلوحي والعلمي والجوهري والقادري والفاسي وغيرهم مما سياتي ذكرهم بنوع من التفصيل في الجزء الثاني من هذا الموجز.