بسم الله الرحمن الرحيم
قالت محدثتي أنه طرق باب شقتها طارق، فذهبت لتنظر من العين السحرية للباب، فإذا هي والدته، فطفقت راجعة لغرفته بسرعة خاطفة، تفاجأت طفلتها ذات الأربع سنوات، و قالت بلهجتها الطفولية: (ماما ماما، أيش فيه)، لم ترد عليها، و غيرت ملابسها، و بدلته بملابس أكثر حشمة!!
اتنهى الموقف…
هذا الموقف أكثر من عادي لدى كثير من النساء.
لكن صاحبة الموقف امرأة مستقيمة (أحسبها كذلك)، و لو كانت غير ذلك لقلت أصلاً ضعف إيمانها لم يدفعا لهذا فحسب، بل لذنوب أعظم من هذا.
أتوقف قليلاً فأقول: هل أنت تلبسين هذه الملابس أمام أطفالك!!؟
ألم تسألي نفسكِ يوماً من الأيام: أي طفل سأخرج عندما يتعود على رؤية هذه الملابس (المخزية)!!؟
بعض النساء رفعت الكلفة بينها و بين أولادها (من ذكور وإناث) حتى أنهم ليرونها بملابس (غرفة النوم)!!
ثم تقول بعد ذلك: لا زالوا صغاراً… أطفال لا يفهمون شيئاً و لا ينتبهون!!
أو تقول: أنا أمهم!! و لا أعتقد أن هذه الملابس ستؤثر على نفسياتهم أو سلوكياتهم.
قفي معي أختي قليلاً و تأملي:
قال سبحانه: {يا أيّهَا الذِينَ آمَنُوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانك و الذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر و حين تضعون ثيابكم من الظهيرة و من بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم و لا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات و الله عليم حكيم* و إذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته و الله عليم حكيم} النور (58-59).
قال القرطبي –رحمه الله-: (قال أبو إسحاق الفزاري: قلنا للأوزاعي: ما حدّ الطفل الذي يستأذن؟ قال: أربع سنوات. و قال: لا يدخل على امرأة حتى يستأذن. و قال الزهري: أي يستأذن الرجل على أمه، و في هذا المعنى نزلت الآية) (الجامع لأحكام القرآن).
و قال الشيخ السعدي –رحمه الله-: (..فهذا –في الغالب- أن النائم يستعمل للنوم في الليل، ثوباً غير ثوبه المعتاد…) ثم قال: (أن الحكم المذكور المفصل إنما هو لما دون البلوغ، أما بعد البلوغ فليس إلاّ الاستئذان) (تيسير الكريم الرحمن).
الشاهد من هذا كله: أن الله عندما أمرنا أن نعلم صبياننا و هم من دون سن البلوغ الاستئذان في الأوقات الثلاثة المذكور لأن الإنسان قد يكون في حالة لا يجوز أن يراه الطفل عليها كأن يكون مع أهله، أو نائماً بملابس غير ساترة.
ثم لما ينشأ الطفل أو الطفلة على رؤية والدتهم بهذه الثياب، لا شك أنه سيزول من قلوبهم إنكار مثل هذه الثياب،فلا يريان غضاضةً من رؤية مثل هذه المناظر بعد ذلك، و لا يريا بأساً من لبسها، بل الأخطر أن يظنا جواز مثل هذه الملابس (غير الزوجين)، رغم أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)). رواه مسلم
و قد بين العلماء أن المرأة لا يجوز أن تبدي لنسائها و محارمها إلاّ ما جرت العادة بكشفة و يشق سترة كالرأس و العنق و اليدان و القدمان، و لا ينبغي لها التوسع في التكشف لعدم وروود الأدلة المجيزة له، ولأنه ليس من هدي أمهات المؤمنين، و الصحابيات اللاتي عرفن بالمبادة لأمر الله و رسوله، و هذا هو الذي عليه فتوى (اللجنة الدائمة).
*** منقول للفائدة ***