ليكن لديك هدف من خلال الشعر
ما هو هدفك ؟
وكيف تعبرين عنه
هيا لنبدأ الرحلة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين، وبعد:
الشعر موهبة، يهبها الله من يشاء، منه ماهو حسن ومنه ما هو قبيح، وحسنه حسن وقبيحه قبيح، كما جاء عن نبينا صلى الله عليه وسلم، ولأهميته سمى الله سورة في كتابه بسورة الشعراء، وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: إن من الشعر لحكمة، وإن من البيان لسحرا ،
وروي أن حسان بن ثابت رضي الله عنه كان ينشد الشعر في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما سمعت بشيء من الشعر أحسن من شعر حسان، وما تمثلت به إلا رجوت له الجنة.
(والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل وادٍ يهيمون، وأنهم يقولون مالا يفعلون) يقول العلامة ابن سعدي في تفسيره عند تفسيره لهذه الآيات: والشعراء: أي هل أنبئكم أيضاً عن حالة الشعراء، ووصفهم الثابت، انهم يتبعهم الغاوون عن طريق الهدى المقبلون على طريق الغي والردي، فهم في أنفسهم غاوون، وتجد تباعهم كل غاو ضال فاسد، ثم قال رحمه الله : (ألم تر) غوايتهم وشدة ضلالهم (انهم في كل واد) من أودية الشعر (يهيمون) فتارة في مدح، وتارة في قدح، وتارة يتغزلون، وأخرى يسخرون، ومرة يمرحون، وآونة يحزنون، فلا يستقر لهم قرار ولا يثبتون على حال من الأحوال (وأنهم يقولون مالا يفعلون) أي هذا وصف الشعراء، أنهم تخالف أقوالهم أفعالهم فإذا سمعت الشاعر يتغزل الغزل الرقيق، قلت هذا أشد الناس غراما، وقلبه فارغ من ذاك، وإذا سمعته يمدح أو يذم قلت: هذا صدق وهو كذب، وتارة يمتدح بأفعال لم يفعلها وتروك لم يتركها وكرم لم يحم حول ساحته،
وقد ذكر ابن كثير في تفسيره، عند تفسير قوله تعالى: (في كل واد يهيمون) ذكر قول الحسن البصري، حيث قال : قد والله رأينا أوديتهم التي يخوضون فيها، مرة في شتيمة فلان، ومرة في مديحة فلان.
وهذا النوع من الشعراء، نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الانشغال بشعرهم فقال صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد قال: بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج إذ عرض لنا شاعر ينشد فقال: أمسكو الشيطان، لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا .
نسأل الله سداد الأقوال، والبعد عن الزيغ والضلال، إنه سميع مجيب، وصلى الله على نبينا محمد.
* امام وخطيب جامع موقق الثاني في منطقة حائل
(ألَمْ تَر أنـّهُم فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُون) أي أنـهم يهملون المعنى والمحتوى والموضوع ويضعونه جانباً ويهيمون الأودية المختلفة للنظم وللنثر تحت اسم وشعار الرومانسية مرة والواقعية مرة والفعلية مرة أخرى.
(إلاّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَات)… هؤلاء مؤمنون بجانب كونهم شعراء. لذا فالذين يتبعون هؤلاء يشاركونهم نفس الشعور ونفس الإيمان. ولكون هؤلاء قد اتخذوا الخط القرآني منهاجاً لحياتهم، لذا لا ينحرفون ولا يهيمون في كل واد. ولكونهم يعدون قول ما لم يفعلوه من اكبر الذنوب عند الله تعالى لا يكذبون أبداً، ولا يضحون بالقيم التي يؤمنون بها على مذبح الأدب أو الشعر أو الرواية، لسبب كونهم مؤمنين. أي يمثلون الأمن والأمان في الدنيا، ويوحدون بالثقة على الدوام لان القول والعمل عندهم ضمن إطار واحد ولا تناقض بينهما. ولم يكن ينتظر شيء آخر من هؤلاء الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، والذين إذا ما تعرضوا للظلم هم ينتصرون، ويستعملون حقهم في الدفاع عن أنفسهم.
وكما رأينا فان من أهم شروط الاستفادة من القرآن قبوله رسالة عالمية لكل العصور، وقراءة كل إنسان له وكأنه يخاطبه. في هذه الحالة فقط يستطيع القرآن التعبير عن نفسه. ونستطيع نحن الاستفادة منه.
دمتن بخير
اللهم بلغت اللهم فأشهد