وصف نار جهنم أعاذنا الله والمسلمين منها
وأسباب دخولها وما ينجي منها
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد: فقد وصفت النار في الكتاب العزيز والسنة المطهرة تحذيرا منها ومن الأعمال والأقوال الموصلة إليها، وألفت في وصفها المؤلفات الكثيرة، ومن أجمعها كتاب “التخويف من النار” للحافظ الشيخ عبد الرحمن بن رجب.
(1) وفي الحديث الصحيح “ناركم هذه جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم” متفق عليه.
(2) وفيه “يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل سبعون ألف ملك يجرونها” رواه مسلم. نعوذ بالله من النار ومما يقرب إليها من قول وعمل.
(3) وفيه “منهم من تأخذه النار إلى كعبيه، ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه إلى حجزته، ومنهم من تأخذه إلى ترقوته” رواه مسلم. والحجزة معقد الإزار. والترقوة العظم الذي عند ثغرة النحر وللإنسان ترقوتان جانبي النحر.
(4) وفيه “إن أهون أهل النار عذابًا من له نعلان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل (القدر) ما يرى أنَّ أحداً أشد منه عذابًا وإنه لأهونهم عذابًا” متفق عليه.
(5) طعام أهل النار (الضريع) وهو شجر قد بلغ غاية الحرارة والمرارة وقبح الرائحة وهو الزقوم، أو غيره، وكذا الغسلين وهو صديد أهل النار، نعوذ بوجه الله منها.
(6) شراب أهل النار (الحميم) الذي بلغ غاية الحرارة إذا قرب من وجوههم شواها، فإذا شربوه قطع أمعاءهم }وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ{والمهل رديء الزيت }وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ{ [سورة محمد، آية: 15].
(7) لباس أهل النار القطران والحديد ولهم ثياب من نار نعوذ بالله من النار ومما يقرب إليها.
(8) وقد أنذرنا ربنا منها بقوله }فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى{ وبقوله }وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ{ [سورة آل عمران: 131].
(9) ولعذاب النار سببان رئيسيان أحدهما تكذيب القلب بخبر الله ورسوله، والثاني إعراض البدن عن طاعة الله ورسوله }إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى{[سورة طه: 48].
(10) ومما ينجي من النار التعوذ بالله منها والبكاء من خشية الله واجتناب الأعمال الموصلة إليها.
(11) وكان النبي r كثيراً ما يستعيذ من النار ويأمر بذلك في الصلاة وغيرها.
(12) وكان أكثر دعاء الرسول r “ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار” رواه البخاري عن أنس رضي الله عنه.
(13) ولم يزل الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون يخافون من النار ويخوفون منها.
(14) والقدر الواجب من الخوف ما حمل على أداء الفرائض واجتناب المحارم.
(15) وكان من السلف من إذا رأى النار اضطرب وتغيرت حاله وقد قال تعالى }نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً{ [سورة الواقعة: 73].
(16) ومن الخائفين من منعه خوف جهنم من النوم وقد قال بعض السلف: عجبت للجنة كيف نام طالبها! وعجبت للنار كيف نام هاربها؟.
(17) ومن الخائفين من منعه خوف جهنم من الضحك، وكان جماعة من السلف قد عاهدوا الله أن لا يضحكوا أبدا. قال سعيد بن جبير رحمه الله: كيف أضحك وجهنم قد سعرت، والأغلال قد نصبت، والزبانية قد أعدت!
(18) ومن السلف من حدث له من خوفه من النار مرض ومنهم من مات من ذلك.
(19) وقال الله تعالى }وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ{ [سورة الرحمن: 46].
(20) وقال عليه الصلاة والسلام “لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا” فغطى أصحاب رسول الله r وجوههم ولهم خنين وهو البكاء مع غنة.
(21) وعنه r أنه قال: “لا تنسوا العظيمتين الجنة والنار، ثم بكى حتى جرت دموعه” رواه أبو يعلى الموصلي وغيره.
(22) النار خلقها الله لعصاة الجن والإنس وبهما تمتلئ قال تعالى }وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ{ وقال تعالى }وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ{[سورة هود، آية: 119].
(23) والبكاء من خشية النار ينجي منها، والتعوذ بالله من النار يوجب الإعاذة منها كما تقدم، وفي الحديث “لا يلج النار أحد بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع” رواه النسائي والترمذي وقال: صحيح. وفيه: “عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله” رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
(24) مكان النار الأرض السابعة السفلى في سجين أسفل مكان وأضيقه، كما أن الجنة فوق العرش، فالمخلوقات كلما ارتفعت اتسعت، وكلما هبطت تضايقت، فالجنة في أوسع مكان وأعلاه، والنار في أسفل مكان وأضيقه، نعوذ بوجه الله منها ومما يقرب إليها.
(25) لجهنم سبعة أطباق وهي: جهنم، ولظى، والحطمة، والسعير، وسقر، والجحيم، والهاوية,
(26) قعر جهنم مسافة سبعين عاما، كما في الأحاديث التي رواها مسلم وغيره.
(27) أبواب جهنم مغلقة على أهلها كما قال تعالى}عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ{[البلد 20].
(28) أبواب جهنم مغلقة قبل دخول أهلها إليها }حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا{ في وجوههم.
(29) إحاطة سرادق جهنم بالكافرين قال الله تعالى: }إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا{[الكهف 29] وهو كل ما أحاط بشيء نحو الحائط.
(30) جهنم سوداء، وأهلها سود، وكل شيء فيها أسود، وقد دل على سواد أهلها قوله تعالى: }كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{ [يونس 27] وقوله تعالى }يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ{ [آل عمران 106]، وقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن من عصاة الموحدين من يخترق في النار حتى يصير فحما.
(31) شدة حرها قال الله تعالى }وَقَالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ{[التوبة 81] وفي الصحيحين “اشتكت النار إلى ربها فقالت: أكل بعضي بعضا. فأذن لها بنفسين: نفس في الشتاء، ونفس في الصيف. فأشد ما تجدون من الحر من سمومها، وأشد ما تجدون من البرد من زمهريرها”. وفيهما أيضا “ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم”.
يتبع >>>>>>