23 رمضان, بقي من رمضان 7 أيَّام .
بسم الله الرحمن الرحيم
قالَ الله تعالى :
قالَ اللهُ تعالى :
( إنا أنزلناه في ليلة القدر ( 1 ) وما أدراك ما ليلة القدر ( 2 ) ليلة القدر خير من ألف شهر ( 3 )
تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ( 4 ) سلام هي حتى مطلع الفجر ( 5 ) )
يخبر الله تعالى أنه أنزل القرآن ليلة القدر ،
وهي الليلة المباركة التي قال الله عز وجل :
( إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) [ الدخان : 3 ] وهي ليلة القدر،
وهي من شهر رمضان ، كما قال تعالى :
( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) [ البقرة : 185 ] .
قال ابن عباس وغيره :
أنزل الله القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة
من السماء الدنيا ، ثم نزل مفصلا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة
على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثم قال تعالى معظما لشأن ليلة القدر،
التي اختصها بإنزال القرآن العظيم فيها ، فقال :
( وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر )
قال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الآية :
حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا أبو داود الطيالسي ،
حدثنا القاسم بن الفضل الحداني ، عن يوسف بن سعد قال :
قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية فقال :
سودت وجوه المؤمنين – أو : يا مسود وجوه المؤمنين – فقال :
لا تؤنبني ، رحمك الله ;
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أري بني أمية على منبره ، فساءه ذلك ، فنزلت :
( إنا أعطيناك الكوثر ) يا محمد يعني نهرا في الجنة ،
ونزلت :
( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر )
يملكها بعدك بنو أمية يا محمد .
قال القاسم : فعددنا فإذا هي ألف شهر ، لا تزيد يوما ولا تنقص يوما .
ثم قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه
من حديث القاسم بن الفضل ، وهو ثقة وثقه يحيى القطان وابن مهدي .
قال : وشيخه يوسف بن سعد – ويقال :
يوسف بن مازن – رجل مجهول ، ولا نعرف هذا الحديث ،
على هذا اللفظ إلا من هذا الوجه .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ،
أخبرنا مسلم – يعني ابن خالد – ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في [ ص: 443 ]
سبيل الله ألف شهر ،
قال : فعجب المسلمون من ذلك ، قال : فأنزل الله عز وجل :
( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر )
التي لبس ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف شهر .
وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا حكام بن سلم ،
عن المثنى بن الصباح عن مجاهد قال :
كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح ،
ثم يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي ، ففعل ذلك ألف شهر ،
فأنزل الله هذه الآية : ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) .
قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل .
وقال ابن أبي حاتم : أخبرنا يونس ، أخبرنا ابن وهب ،
حدثني مسلمة بن علي ، عن علي بن عروة قال :
ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أربعة من بني إسرائيل ،
عبدوا الله ثمانين عاما ، لم يعصوه طرفة عين :
فذكر أيوب وزكريا وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون – قال :
فعجب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ،
فأتاه جبريل فقال : يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة ،
لم يعصوه طرفة عين ; فقد أنزل الله خيرا من ذلك . فقرأ عليه :
( إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر ) .
هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك .
قال : فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه .
وقال سفيان الثوري : بلغني عن مجاهد : ليلة القدر خير من ألف شهر .
قال : عملها ، صيامها وقيامها خير من ألف شهر . رواه ابن جرير .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو زرعة ، حدثنا إبراهيم بن موسى ،
أخبرنا ابن أبي زائدة ، عن ابن جريج عن مجاهد :
ليلة القدر خير من ألف شهر ، ليس في تلك الشهور ليلة القدر .
وهكذا قال قتادة بن دعامة والشافعي وغير واحد .
وقال عمرو بن قيس الملائي : عمل فيها خير من عمل ألف شهر .
وقوله : ( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ) أي :
يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ،
والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة ،
كما يتنزلون عند تلاوة القرآن ويحيطون بحلق الذكر ،
ويضعون أجنحتهم لطالب العلم بصدق تعظيما له .
وأما الروح فقيل : المراد به هاهنا جبريل عليه السلام ،
فيكون من باب عطف الخاص على العام .
وقيل : هم ضرب من الملائكة . كما تقدم في سورة ” النبأ ” . والله أعلم .
وقوله : ( من كل أمر ) قال مجاهد : سلام هي من كل أمر .
وقال سعيد بن منصور : حدثنا عيسى بن يونس ،
حدثنا الأعمش عن مجاهد في قوله : ( سلام هي ) قال :
هي سالمة ، لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى .
وقال قتادة وغيره : تقضى فيها الأمور ، وتقدر الآجال والأرزاق ،
كما قال تعالى : ( فيها يفرق كل أمر حكيم ).
وقوله : ( سلام هي حتى مطلع الفجر ) قال سعيد بن منصور :
حدثنا هشيم ، عن أبي إسحاق عن الشعبي في قوله تعالى :
( من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ) قال :
تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد ، حتى يطلع الفجر .
وروى ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ :
“ من كل امرئ سلام هي حتى مطلع الفجر ” .
تفسير ابن كثير .
منقول .