,’« [• القَوْل عَلَى الله بِغَيِرِ عِلْمْ •] »,’


إن المتأمل بعين الإنصاف في مجالس الناس في هذا الزمان …


ليرى في بعضها آفات مؤذية مفسدة…


لا تؤذن بخير ولا صلاح..


وإن من هذه الآفات التي تنتشر في بعض الجلسات واللقاءات…


آفة القول على الله بغير علم..


الجرأة على الفتوى من غير نقل .. من غير دليل ولا أصل ..


وقد حرم الله سبحانه وتعالى القول عليه بغير علم في الفتيا والقضاء …



وجعله من أعظم المحرمات بل جعله في المرتبة العليا منها
فقال تعالى



: ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق
وأن تشركوا بالله ما لم ينـزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ).

وقال ايضا تبارك وتعالى

..( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون )..

قال الإمام ابن القيم رحمه الله ..

” مراتب المحرمات أربع مراتب وقد بدأ بأسهلها وهو الفواحش


ثم ثنى بما هو أشد تحريماً منه وهو الإثم والظلم..


ثم ثلث بما هو أعظم تحريماً منهما وهو الشرك بالله سبحانه


ثم ربع بما هو أشد تحريماً من ذلك كله وهو القول عليه بغير علم ..


وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله وفي دينه وشرعه “.

وقال رحمه الله:…


وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله ولا يجهل قدره


وهو من أعلى المراتب السنيات فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسموات ؟


فحقيق بمن أقيم في هذا المنصب أن يعِدَّ له عدته وأن يتأهب له أهبته



وأن يعلم قدر المقام الذي أقيم فيه ولا يكون في صدوره حرج من قول الحق والصدع به


فإن الله ناصره وهاديه …



وكيف وهو المنصب الذي تولاه بنفسه رب الأرباب فقال تعالى:


(ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب )


وكفى بما تولاه الله بنفسه شرفاً وجلالة إذ يقول في كتابه:


(يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة )


وليعلم المفتي عمن ينوب في فتواه وليوقن أنه مسئول غداً وموقوف بين يدي الله” الأعلام 1/11.


قال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
يُسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول..


وقال سفيان بن عيينة: أجسر الناس على الفتيا أقلهم علماً.
وإن الواحد منا عند ما يدخل في بعض المجالس ليَسْمَعُ من الفتاوى والأقاويل والأحكام في دين الله عز جل ما لم يقم عليه دليل ولا برهان..
وإذا نظر إلى مظهر هذا المتكلم المصدر المفتي رآه على غير السبيل…


وذكر أبو عمر بن عبد البر عن مالك قال: “أخبرني رجل دخل على ربيعة فوجده يبكي؟ فقال: ما يبكيك؟ أمصيبة دخلت عليك؟ وارتاع لبكائه، ..
فقال: لا، ولكن استفتي من لا علم له، وظهر في الإسلام أمر عظيم”.

فكم ترتعد الفرائص، وتوجل القلوب وترى قسمات الخوف عندما يرتكب الانسان ذنباً ..


لآنهاذنوب توعد الله عليها وعيداً شديداً في الدنيا والآخرة…



ولكن اشد من ذلك واغلظ وانكى ..حينما يكون قول على الله بغير علم
.
يقول سبحانه🙁 قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً
وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ )

ارأيتم كيف قرن الله سبحانه القول عليه بلا علم بالشرك به، والبغي والإثم والفواحش..


لقد جاءت هذه المحرمات الأربع في كل الشرائع مرتبة على حسب مراتب الشدة فيها، على سبيل الترقي، فأهونها أولها، وأخطرها آخرها..


ولا عجب فما الشرك بالله إلا ضرب من القول على الله بغير علم.


وإن من أكبر الجنايات ..أن يتصدر المرء للخوض في دين الله تحريماً وتحليلاً، من غير علم ولا بصيرة..


وهذا مع كونه جناية عظمى ففيه سوء أدب مع الله تبارك وتعالى…


وتلك والله أمارة ضعف الإيمان وقلة الديانة، بل ونقص العقل والمروءة..



عن ابي بكر الصديق قال :أي سماء تظلني ؟ وأي أرض تقلني إن قلت في كتاب الله برأي
الراوي: – المحدث: ابن القيم – المصدر: أعلام الموقعين – الصفحة أو الرقم: 1/87
خلاصة الدرجة: صحيح


وقد سئل الشعبي عن شيء فقال: لا أدري فقيل له: ألا تستحي من قولك لا أدري وأنت فقيه أهل العراق فقال:

” لكن الملائكة لم تستح حين قالت: لا علم لنا إلا ما علمتنا..”

واعلم أن القول على الله بلا علم ضرب من الكذب عليه سبحانه: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ ..

ومن ذلك الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترويج الأحاديث الموضوعة ..


سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن كذبا علي ليس ككذب على أحد ، من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ،



سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من نيح عليه يعذب بما نيح عليه .
الراوي: المغيرة بن شعبة المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 1291
خلاصة الدرجة: [صحيح]

والله إنه ليحرم على من لا يهتدي لدلالة القرآن، ولا يعرف السنة والآثار والبرهان أن يتسلم جانب العلم،..


ويتصدر في مجال الإفتاء ونحوه، فيضل ويُضل؛ فتغرق سفينة الأمة…


وقد قيل لـسفيان الثوري رحمه الله في ذلك فقال: إذا كثر الملاحون غرقت السفينة. …


أن الفتاوى نار تضطرم، وكم سمعنا ونسمع من فتاوى فجة لا زمام لها ولا خطام…


تبنى على التجري لا على التحري، لا تقوم على قدم الحق فتعنت الخلق، وتُشجي الحَلْق…

وحق على هؤلاء أن تسلم الأمة من لأوائهم وتحذر من غلوائهم.


وإن رغمت أنوف من أناس … فقل يا رب لا ترغم سواها

ووجب علينا التحري عند نقل الفتوى والرجوع للكتاب والسنه ..

فهي سفينه النجاه من تيارات البدع والخرافات ..


للشيخ/ عبدالرحمن السديس
بتصرف ..



عن amal imma

شاهد أيضاً

للتفاؤل طــاقه عجيبه وغـــداً مشرق…!