.
في أي وقت نتعامل فيه مع أخبار سيئة ، أو شخص صعب المراس
أو خيبة أمل من نوع ما ، فإن معظمنا ينغمس في بعض العادات خاصة
تلك التي لا تكون في صالحنا على الإطلاق . فنحن نبالغ في تصرفاتنا
ونضخم من الأمور ، ونصر على مواقفنا ، ونركز على الجوانب السلبية.
فعندما تُحركنا بعض الأمور الصغيرة – نغضب ، نقلق ،
وننزعج بسهولة – فعادةً ما ما نندفع هنا وهناك في إنشغال ، وكأنها
حالة من الطوارئ ! ولأن كل شيئ يبدو لنا على هذه الدرجة من
الضخامة ، فإن الأمر ينتهي بنا إلى تضييع حياتنا في التعامل مع مأساة
تلو الأخرى .
هنا أموراً نستطيع البدء في تطبيقها من اليوم ، والتي ستساعدنا
على التجاوب مع مجريات الحياة بدرجة أكبر من الكياسة والهدوء .
.
~ سلٌمي بالحقيقة القائلة : أنّ الحياة ليست مثالية ~
إحدى صديقاتي سألتني أثناء حوارنا عن مظالم الحياة سؤالاً
” من قال أن الحياة سوف تصبح مثالية أو أنها كانت مثالية من قبل ؟”
بالفعل إن الحياة ليست مثالية ؛ إنها رديئة ولكنها حقيقة !
من الأخطاء التي يقع فيها الكثير منا أننا نشعر بالأسى على أنفسنا أو
على الآخرين واضعين في إعتقادنا أن الحياة يجب أن تكون مثالية
أو لا بد أن تكون كذلك في يومٍ من الأيام .
والحقيقة أنها لم تكن ولن تكون كذلك أبداً . وعندما نقع في هذا
الخطأ ، فإننا نقضي الكثير من الوقت نشكو من الحياة ومظالمها
ونُواسي الآخرين بالتحدث معهم عن تلك المظالم ونردد ” لماذا “؟
إن فوائد التسليم بحقيقة أن الحياة ليست مثالية أننا لا نشعر
دائماً بالأسى على أنفسنا وذلك بتشجيع أنفسنا على بذل أقصى جهد
فيما نقوم يعمله . ويجب أن نعلم أنه ليس من وظائف الحياة أن
تجعل كل شيئ يتسم بالكمال ، بل إن ذلك هو التحدي الذي نقف أمامه.
والتسليم بهذه الحقيقة يُجنبنا الشعور بالأسى على الآخرين لأننا دائماً
نتذكر أن كل شخص له قدراته وقواه وتحدياته التي تخصه .
هذا التصور يساعدكِ أن لا تشعري بأنك دوماً الضحية أو أنك
لا تُعاملين من بعضهم بطريقة عادلة .
عندما تجدين نفسكِ تفكرين في مظالم الحياة مرة أخرى
حاولي أن تُذكري نفسك بهذه الحقيقة الأساسية . وقد تندهشين
عندما تجدين أن هذه الحقيقة سوف تخلصكِ من الشعور بالشفقة
وتقودك الى المساعدة بالفعل الإيجابي .
.
~ لا تسمحي بتعكر المزاج أن يخدعكِ ~
يمكن لتقلباتك المزاجية أن تكون خداعة للغاية ، فيمكنها وهي
تفعل ذلك فعلاً ، أن تقودكِ إلى الإعتقاد أن حياتك أسوأ مما هي عليه بالفعل .
فعندما يكون مزاجكِ صافياً تبدو الحياة رائعة . حيث تنظرين للأمور
بمنظور صائب وتتمتعين بالفطنة والحكمة ، ويتبدو المشكلات أقل صعوبة
وأكثر طواعية للحل ، وتنساب العلاقات والمحادثات مع الغير بكل يُسر
وإذا حدث وإنتقدكِ شخص ما ، فإنكِ تتقبلين منه بصدر رحب.
وعلى العكس ، إذا كان مزاجكِ غير صاف ، تبدو الحياة
صعبة ومًضجرة لا تُحتمل ، وتكون نظرتكِ للأمور ضيقة ، كما تأخذين
الأمور على محمل شخصي ، وغالباً ما تسيئين الظن بمن حولكِ ، حيث
تنسب إلى تصرفاتهم دوافع شريرة .
وهنا بيت القصيد . إن الناس لا تدرك أن أمزجتهم دائمة التقلب
وبدلاً من ذلك يعتقدون أن حياتهم قد إنقلبت إلى الأسوأ من اليوم
المنصرم ، أو حتى من الساعة المنصرمة .
قد تبدو هذه التناقضات السريعة والجذرية ضربٌ من الغرابة
إلا أننا جميعاً سواء في هذا . وواقع الحال ، أن حياتنا لا تكون على
نفس درجة السوء التي تبدو عليها عنما يتعكر مزاجنا . ولذا
فبدلاً من الإستمرار في تعكر المزاج مُعتقدةً أنكِ ترين الحياة على واقعها
عليكِ أن تتعلمي التشكيك في هذا الحكم ، وتذكري نفسك بالآتي
” إنني في موقف غاضب ، متوتر ، أو أشعر بالضغط يبدو
واضحاً أن مزاجي متعكر ” .
فعندما يتعكر مزاجك ، تعلمي أن تنظري إليه على أنه حالة إنسانية
لابد منها وستختفي مع مرور الوقت ، إذا ما تركتها وشأنها .
إن المزاج المتعكر لا يُعد الوقت المناسب لتحليل حياتك ، وفعلكِ
لهذا يُعد بمثابة إنتحار عاطفي . فإن كان لديك مشكلة لها ما يبررها
فإنها ستبقى حتى يتحسن مزاجك .
.
~ تــــــخـــــيّــــــــري معاركــــــــــــكِ بحِكمـــــــــــة ~
إذا كان هدفك ِ , بوعي أو غير وعي , أن يكون كل شيئ
في صالحك ، فإن أقل تضارب أو خلل في خططكِ سوف تحوله إلى أمر
ذي بال كبير . وهذا لا يعد سوى وصفة للتعاسة والإحباط .
والحقيقة أن الحياة نادراً ما تكون على الحال التي نريدها
كما أن الآخرين لا يتصرفون بالطريقة التي نرغبها . وبين لحظة وأخرى
تكون هناك جوانب من الحياة نرغبها ولا يرغبها الآخرين ، وسوف يكون
هناك من يختلف معكِ ، أو من ينجز الأمور بطريقة مختلفة عنكِ
وكذلك أمور لا تنجح . وإذا ما ناضلتِ ضد مبادئ الحياة تلك ، فستقضين
مُعظم حياتكِ وأنتي تخوضين المعارك .
أما لكي تحيين حياة أكثر سكينة ، فعليكِ أن تقرري عن وعي
أي المعارك تستحق الدخول فيها وأيها يُفضل تَجنبه .
هل من المهم حقاً أن تثبتي في كل مرة لزوجكِ أنك على حق وهو
على خطأ ؟ ، أو أن تصطدمين بشخص ما لأنه إرتكب خطأً طفيفاً ؟
هل يهم تفضيلكِ لمطعم أو فيلم ما للدرجة التي تستحق أن تُجادلين بشأنها ؟
هل يُبرر خدش بالسيارة أن نرفع دعوى على من تسبب فيه بالمحكمة ؟
هل يجب أن تُناقشين صديقتكِ أو قربيتكِ مسألة مُعينة على مائدة العشاء
مع عائلتك ؟ . إن هذه الامور والألآف غيرها من الأمور الصغيرة ما
يقضي الناس حياتهم في التطاحن بشأنها . تأملي قائمتك التي تضم مثل
هذه الأمور ، وإذا كنتي لا ترغبين في ” القلق بشأن صغائر الأمور “
فمن المهم أن تختارين معارككِ بحكمة ، أما إذا وُجد العكس فسيأتي
يوم يندر فيه أن ترغبين في الدخول في معارك على الإطلاق .
.
~ كوني مُمتنة عنما تكونين في حالة طيبة
وكوني مُتقبلة للأمورعندما تكونين في حالة سيئة ~
إن أسعد إنسان على وجه البسيطة لن يظل سعيداً مدى الدهر !
فجميع السعداء لهم نصيبهم من تدهور حالتهم النفسية ، المشكلات
خيبة الأمل ، والحزن .
عند ملاحظتكِ للأفراد الذين يتمتعون بالسكينة ومن هم على شاكلتهم
ستجد أنهم يشعرون بالإمتنان عندما يكونون في حالة طيبة .
لأنهم يدركون أن المشاعر الطيبة والسيئة تأتي وتذهب ، إنه سيأتي
وقت لا يشعرون فيه بأنهم على خير حال . وهذا الأمر بالنسبة للأفراد
الذين يشعرون بالسعادة أمر لا بأس به ، فهكذا طبيعة الأمور ، فهم
يتقبلون تماماً حتمية وقوع المشاعر العابرة .
وهكذا نجد أن الفرق بين الشخص السعيد والشخص التعيس
لا يكمن في مدى شعورهما بالتعاسة ، ولكن بالأحرى في طريقة
تصرفهم حيال تعاستهم .
في المرة التالية التي تشعرين فيها بالإكتئاب ، حاولي الإسترخاء
بدلاً من محاربة هذا الشعور ، وأنظري إن كان بإمكانكِ أن تكوني
هادئة ومتقبلة للأمور بدلاً من الذعر ، ولتعلمي أنه إذا لم تُحاربي
مشاعرك السلبية وكنتي كيسةً ومتقبلة لها ، فإن ذهاب تلك المشاعر
حتمي كحتمية غروب الشمس في المساء .
.
~ فكري فيما تملكينه بدلاً من التفكير فيما تريدين إمتلاكه ~
لحُسن حظنا ، فإن هناك طريقة يمكننا أن نصبح بها سعداء
وهذه الطريقة هي مجرد تحويل تركيزنا على التفكير فيما نريد
ونفكر فيما نمتلكه بالفعل . فبدلاً من التفكير في تغيير شخصية زوجكِ
حاولي أن تفكري بخصاله الطيبة ، وبدلاً من التفكير في مقدرتكِ على
قضاء الإجازة في تركيا أو حتى على البحر في بلدتكِ ، أنظري إلى المتعة
التي من الممكن أن تجدينها بالقرب من بيتك .
إن باب الإحتمالات لا ينتهي ، وعندما تجدين أنكِ تقتربين من الوقوع
في فخ رغباتك في حياة مختلفة ، وقتها إرجعي وحاولي البدء
من جديد.
خذي نفساً عميقاً ، وحاولي تذكر كل ما تملكينه ويجب عليكِ
أن تكوني مُمتنه وشاكرة لأنكي تمتلكينه . فعندما تُركزين تفكيرك
على الخصال الطيبة لشريك حياتكِ فسوف يُحبكِ أكثر ، وإذا فكرتِ
في وسائل الترفيه عن نفسكِ في نطاق منزلكِ ، فسوف تحصلين
على أكبر قدر من اللإستمتاع ، وإن كُتب لكِ وذهبتِ إلى مكان آخر
فإنكِ تستمتعين بحياة رائعة في جميع الأحوال .
والآن لاحظي نفسكِ وأنت تبدأين التفكير فيما تمتلكينه أكثر من
تفكيركِ بما تريدن . وتأكدي من أنكِ إذا فعلتِ هذا فسوف تدركين
لأول مرة في حياتك معنى الشعور بالرضا والقناعة .
.
~ تجاهلـــــــــي أفكــــــــــــــارك السلبيــــــــــــــــة ~
إن التعاسة لم ولن ينبغي لها أن توجد بنفسها
فالتعاسة هو الشعور الذي يصاحب الأفكار السلبية عن حياتكِ .
حاولي أن تشعري بالغضب أولاً دون أن تساوركِ أفكاراً عن الغضب !
والآن جربي الشعور بالتوتر دون أفكار باعثة على التوتر
أو الشعور بالحزن دون أفكار باعثة عليه – أو الغيرة دون أفكار باعثة عليها
إن ذلك لن يكون في مقدوركِ ، فهو أمر مستحيل
كي تتعرضين لشعور ما يجب أولاً أن تساوك أفكار تؤدي إلى هذا الشعور .
وهكذا فإن التعاسة والحزن والتوتر والغيرة لا يمكن أن
يكتب لها الوجود ، إذن فلا شيئ يؤدي إلى إيجاد مشاعركِ السلبية
سوى أفكاركي أنتي .
في المرة القادمة التي تُساوركِ أفكاراً سلبية ، ذكري
نفسكِ بأن تفكيركِ هو السبب ، وليست حياتكِ هي السلبية .
إن هذا الإدراك سيكون الخطوة الأولى لوضعك مرة ثانية على
طريق السعادة . إن ذلك يتطلب تمريناً عليه ، ولكنكِ يمكنكِ
أن تصلين إلى النقطة التي تتخلصين فيها من التفكير السلبي
بنفس الطريقة التي تتخلصين بها من الذباب في نزهة خلوية
حيث تبعدينهم بيدكِ بطريقة سريعة وتستكملين نُزهتك ! .
.
~ إبـــــتـهـــــــجــــــي أينمــــــــــا كنتــــــــــــي 😥 ~
من المؤسف أن الكثيرين منا يؤجلون سعادتهم
بإستمرار عن غير قصد لأنهم لا يخططون لذلك ، ولكنهم دائماً
يحاولون إقناع أنفسهم أنهم سوف يكونون سعداء ذات يوم .
فمثلاً يمكن للبعض منا أن يقول : أنهم سوف يكونون سعداء
عندما يدفعون فواتيرهم ، أو عندما ينهون دراستهم ، أو عند
حصولهم على وظيفة أو ترقية ، ويقنعون أنفسهم أن الحياة سوف
تصبح أفضل عندما يتزوجون ويصبح لديهم أطفال ، وبعد ذلك
يحزن هؤلاء لأن أطفالهم لم يكبروا بعد . وبع ذلك يصابون بالإحباط
عندما يصبح لديهم مراهقون لا يعرفون كيف يتعاملون معهم .
نقول لأنفسنا :إن حياتنا ستكون رائعة عنما يتعاونون أزواجنا
وعندما نحصل على سيارة جديدة أو نقضي إجازة أو حتى عندما
نحال على المعاش وهكذا .
في نفس هذا الوقت فإن الحياة تتواصل ، والحقيقة
أنه ليس هناك وقت يجدر بنا أن نكون فيه سعداء الآن فمتى ؟
إن حياتكِ ستكون دائماً مليئة بالتحديات ، ومن الأفضل لنا أن
ندرك ذلك الآن ونقرر أن نكون سعداء بأي طريقة .
ومن أكثر الأقوال التي أفضلها ما قاله ” الفريد دى سوازا” :
” لقد ظللت أعتقد لوقت طويل أن الحياة الحقيقية لم تبدأ بعد
ولكن لا يزال هناك بعض العوائق التي يجب تخطيها أولاً
كعمل لم أكمله مثلاً ، أو وقت لا يزال في حاجة لقضائه ، أو
دين يجب أن أدفعه ، بعد كل هذا كله يمكن أن تبدأ الحياة الحقيقية
وفي النهاية ، أدركت أن كل هذه العوائق ما هي إلا حياتي نفسها ” .
إن هذا الرأي ساعدني كي أدرك أنه لا توجد
طريقة تقودك للسعادة ، وإنما السعادة هي نفسها الطريقة !
.
للكاتب > ريتشارد كارلسون