قال الله تبارك وتعالى:
“الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار”
فما بال أقوام يجعلون من الكبر صفه لهم هي من صفات الله جل وعلا ..
فنازعوه سبحانه جل وعلا في صفة من صفات كماله وجلاله سبحانه وتعالى.
أصروا عليها وهم يعلمون أو لا يعلمون؟
أما علموا أن ذلك يغضبه، وقد يحل عليهم بسبب ذلك نقمته؟
أمّاعذابهم في الدنيا فكائن بالهموم والغموم والبغض من الخلق أجمعين..
ويوم القيامة يحشرون كهيئة الذر على صور الرجال. أذلاء حقراء جزاء وفاقاً.
والقرآن الكريم وضح لنا أقوام نازعوا الله في صفته عز وجل ..
فهذا هو زعيمهم إبليس لعنة الله عليه إذ يقول الله عنه
“وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الكَافِرِينَ”
وهل غاب عنهم أن كفره بربه وإخراجه من الجنة وطُرِده عن رحمه الله وحَقّت عليه
اللعنة إلا بتكبّره وعناده وإعجابه بنفسه؟!
وهكذا تبعه على أثره الملأ المترفون المتكبرون ممن أزاغ الله قلوبهم وطبع عليها فهم لا يفقهون..
إن قدوة المتكبرين فرعون فحينما جاءه الحق من موسى عليه وعلى نبينا وعلى جميع
الأنبياء والمرسلين أفضل الصلاة وأتم التسليم.
قال متكبراً: وما رب العالمين، وقال للناس: أنا ربكم الأعلى. وجمع السحرة فحينما آمنوا
واتبعوا موسى قال عنهم إن هُم، إلا شرذمة قليلون..
وهددهم بالقتل والتعذيب، لقد بلغ فرعون في تكبره، والعياذ بالله، احتقاره للخالق والمخلوقين قال
تعالى:
“ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم أن أدوا إلى عباد الله إني لكم
رسول أمين وأن لا تعلوا على الله إني آتيكم بسلطان مبين”
قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: وأن لا تعلوا على الله أي لا تستكبروا عن إتباع
آياته والانقياد لحججه والإيمان ببراهينه.
…..
قارون، وما أدراك ما قارون؟
إنه صاحب المال والجاه والسلطان والذي أنكر نعمة الله عليه وجحد فضله فقال:
“قال إنما أوتيته على علم عندي”
فماذا كان المصير الذي ينتظر استكباره وجحوده؟
“فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين”
وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه عنه ابن عمر:
“بينما رجل ممن كان قبلكم يجر إزاره من الخيلاء خسف به، فهو يتجلجل في الأرض
إلى يوم القيامة”
فالكبر هو سبب للعناء والشقاء، وموجب للحرمان من رحمة الله تعالى ورضوانه، على
ما فيه من التعالي على الخلق والحق..
فالمتكبر يريد أن يعلو على الحق وعلى الله تعالى برد الشرع والدين..
ورد آيات الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. والمتكبر أيضاً يعلو على الناس
ويسخر منهم ويحتقرهم ويزدريهم.
…..
عن سلمة بن الأكوع قال: قال رسول الله
“لا يزال الرجل يذهب بنفسه ـ أي: يرتفع ويتكبر ـ حتى يُكتب في الجبّارين، فيصيبه ما أصابهم”
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
التكبر شرّ من الشرك، فإنّ المتكبر يتكبّر على عبادة الله تعالى، والمشرك يعبد الله وغيره،
ولذلك جعل الله النار دار المتكبرين
ولقد ذم الله سبحانه وتعالى الكبر فقال في محكم كتابه:
“سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ”
“كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ”
“وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ”
ويبين الله عذاب المتكبرين في عديد من الآيات منها قوله تعالى
“وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ
تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ”
فالكبر خيبة في الدنيا والآخرة
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:
“ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل نازع الله رداءه، ورجل نازع الله كبريائه، ورجل اتخذ الأيمان بضاعة”
“ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زان وعائل مستكبر ورجل اتخذ الأيمان بضاعة”
“ثلاثة لا ينظر الله إليهم غدا : شيخ زان ، و رجل اتخذ الأيمان بضاعة يحلف في كل حق و باطل ، و فقير مختال يزهو”
والكبر خلق في النفس يبعث فيها الشعور بالعظمة وأنها فوق الآخرين وهو شيء دخيل
في النفس وقال الله تعالى عنه:
“إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ”
قال ابن عباس في هذه الآية أي: عظمة، وإذا ظهر هذا على الجوارح من لي للعنق وغرور،
ومن تصعير للخد، ومن خيلاء في النفس فهذا يسمى تكبراً. فالتكبر عمل الجوارح، وثمرة
الكبر، نداء الباطل.
『 ♡ 』
.…..