تعمل الهرمونات التي تفرزها الغدد على تنظيم وظائف الجسم، وهي تتحكم بأجسامنا وتصرفاتنا من نواح عدة، بدءاً بالنمو والوزن، وصولاً إلى الاستقلاب والخصوبة. ليس هذا فحسب، بل لها علاقة أيضاً بالتجاعيد التي تظهر على وجوهنا، حتى قبل تقدمنا في العمر، كما تتدخل حتى في اختيارنا لمن نحب.
ووفقاً لكتاب «الحقيقة حول الهرمونات» لفيفيان باري، فإن مستوى الهرمونات يتأثر بسرعة، بما نأكل، والتوتر اليومي، والضغوطات، وخاصة بالدورة الشهرية، ومثل هذه المؤثرات ترسل معلومات هرمونية إلى الخلايا، ينتج عنها عوارض، كالصداع، والتعب، وزيادة في الوزن، والرغبة في الصراخ، ومخاصمة الزوج ومعاقبة الأولاد.
توصلت دوريس (35 عاماً)، إلى اكتشاف أسباب تقلبات المزاج التي تعاني منها. فـ «الثورات» الهرمونية، التي تمر بها، ما هي إلا عوارض ما قبل الدورة الشهرية. فإلى جانب ما تعانيه من انتفاخ، وبقع جلدية، وزيادة في الوزن، فهي تصاب بثورات عنيفة، وتبدأ بالصراخ في مكان عملها، مما أثر سلباً على ترقيتها في العمل.
وتضيف دوريس: «ان سبب تأثرنا بالهرمونات، أكثر من الرجال، لأن جسدنا يقوم بمهام أكثر تعقيداً، كالإباضة، والحمل، ونمو الجنين في أحشائنا شهراً بعد شهر، مما يؤدي إلى المزيد من التقلبات الهرمونية، على عكس الرجال الذين يتمتعون باستقرار هرموني».
خلل هرموني
ان أي اضطراب هرموني ـ زيادة أو نقصاناً ـ يخل بالوظيفة التي يقوم بها الهرمون المعني، وبالتالي يؤثر سلباً على الإنسان، فيصاب بالأمراض. و«تتعلق عملية الخصوبة والإنجاب، بالهرمونات، وهي المسؤولة عن تكوين الجنين من مراحله الأولى، إلى الأخيرة. كما تساعد الهرمونات في الحفاظ على وظائف الجسم المختلفة عند الإنسان، فتنظم وتتحكم في عمليات بنائه وهدمه». وتتابع الدكتورة سناء عواد، طبيبة نسائية وولادة، شارحة:
«تعاني العديد من النساء، من عوارض ما قبل الدورة الشهرية؛ كالصداع، العصبية، والإحساس بالإرهاق، وألم في الصدر والظهر، وزيادة خفيفة بالوزن، وألم في البطن وانتفاخ وإمساك، وأحياناً تورم بالقدمين، بالإضافة إلى تأثير الهرمونات في تبدل المزاج والتوتر والعصبية، قبل الدورة الشهرية وأثناءها. ويكون هرمون الاستروجين مسؤولاً عن التغيرات النفسية والتصرفات عند الإناث في سن المراهقة، وهو وراء الرغبة الجنسية أيضاً. أما هرمون البروجيستيرون فهو المسؤول عن زيادة الوزن، وشهية المرأة الحامل للطعام».
اكتئاب ما بعد الولادة
تصاب العديد من النساء، باضطراب في المزاج وإحساس بالقلق والإرهاق، وبعدم الاطمئنان والتوتر، بالإضافة إلى الأرق والاستيقاظ مبكراً، وأحياناً يعانين من النشاط الزائد والكلام الزائد والهلوسة وقلة الرغبة الجنسية، كل هذه من عوارض الاكتئاب ما بعد الولادة، كما تقول الدكتورة عواد، الذي ينجم عن التغير في هرموني الكورتيزول والبرولاكتين، إلى جانب اضطرابات في الغدة الدرقية، التي تعد مسؤولة عن 10 % من حالات اكتئاب ما بعد الولادة.
الاحتياجات الغذائية
تقول مها المصري خبيرة التغذية: «يتعرض جسم المرأة في مختلف مراحل الحياة؛ المراهقة والحمل وسن اليأس، إلى تغيرات هرمونية تتطلب تغيرات في الاحتياجات الغذائية المختلفة. فمع بداية سن المراهقة عند الفتيات ـ إجمالاً في حوالي عمر 12 سنة ـ تتسارع عملية بناء الجسم، وتنمو أنسجته لتصل إلى النسب المحددة له، 12% من وزن الجسم لنسيج العظام، وتقريباً 36% من وزن الجسم ، لنسيج العضلات و22 ـ 26% من الوزن لنسيج الدهون، وتقوم الهرمونات بدور أساسي في هذه العمليات،
وتزداد كمية الطاقة اللازمة يومياً والاحتياجات الغذائية، من المعادن وأهمها الكالسيوم، والحديد والزنك والفيتامينات، مثل فيتامين A وB6 وB12 وD ». وتضيف المصري: «عند نقصان الوزن أو زيادته، تحصل إعاقة لوظائف الهرمونات المختلفة، بشكل مباشر، وقد يحصل اضطراب في الدورة الشهرية أو تكيس في المبايض، أو انقطاع للدورة الشهرية في حال ممارسة الرياضة المجهدة.
أما في فترة الحمل، فتؤثر الهرمونات أيضاً على مستوى الكوليسترول، فقد يرتفع، لذا، يجب أن تبتعد الحامل عن المأكولات الغنية بالدهون المشبعة. أما في مرحلة انقطاع الطمث، فينخفض مستوى الاستروجين والبروجيستيرون، فينجم عن ذلك زيادة في فقدان المعادن من الجسم، وبالأخص الكالسيوم، ويقل صنع الجسم لفيتامين «د» ، عن طريق الشمس بنسبة 60% ، مما يؤدي إلى نقص في كثافة العظام، لذا يجب أن تتناول المرأة المكملات الغذائية، كالكالسيوم وفيتامين «د» وتمارس الرياضة، فتبطئ بذلك عملية فقدان معدل الكالسيوم والنقص الناتج في كثافة العظام».
تنقية الجسم
تعد تنقية الجسم من السموم ضرورية، لتنشيط وظائف الكبد وعملية الهضم. ويتطلب النظام الغذائي الطارد للسموم، التخلي عن بعض أطعمتنا المفضلة، وتدعم مجموعة متنوعة من المغذيات، الأعشاب والأحماض الأمينية نتائج هذا البرنامج.
تغير الأسلوب الغذائي
من الطرق المهمة لمساعدة الجسم للحفاظ على توازنه الهرموني، إضافة الأحماض الدهنية الأساسية إلى غذائنا، كالسمك، والجوز، وبذر الكتان، وبذر القرع، وهي مصادر مهمة لزيوت اوميغا «3». بالإضافة إلى بعض الزيوت المساعدة، زيت بذور الزبيب الأسود وزيت بخور مريم. كما أظهرت منتجات الصويا فعاليتها بالنسبة للعديد من النساء، لذا يمكن إضافة بعض منتجاتها إلى قائمة الطعام اليومية، والتخلي عن الأطعمة المعالجة والسكريات والنشويات المركبة، والاستعاضة عنها بالحبوب الكاملة، والفاكهة الطازجة والخضروات.
(( سيدة القمر ))