كلام امبارحة ماخلص اليوم اذا سمحتولي رح كفي
نظريات نفسية في تفسير نمو الجريمة
________________________________________
تبحث هذه النظريات في علم الجريمة. إذ يصب المتخصصون في علم الجريمة اهتمامهم في عمليات يتبين من خلالها أن بعض السلوكيات في الطفولة أو الحداثة قد تزداد حدتها إلى أن تصل إلى الجنوح والجريمة ، ويسعون أيضا وراء اكتشاف العوامل التي تمكن أطفالا غير اجتماعيين من تبني اسلوب حياة مرسوما على وفق الأعراف والتقاليد ليمارسوه أثناء فترة المراهقة .
وهناك مختلف الأعمال المعتمدة على التجربة والمعتمدة على التنظير ساهمت في تطوير علم الجريمة. وسوف نركز على اثنتين هما:
أولا: نظرية موفت بفرعين، وثانيا: النظرية التفاعلية لثورنبري.
أولا: نظرية موفت (1993): التي قدم من خلالها تصنيفا تطوريا يساعد على شرح سلوك ما غير اجتماعي. آخذا منحنى عمر الجريمة ومناقشا إياه آخذاً بالاعتبار أمرين، فقد بين أن هناك نوعين من الجانحين هما:
أ. الذين يتحدد سلوكهم الجانح بفترة المراهقة فقط.
ب. الذين يتواصل عملهم الجانح طوال الحياة.
بالنسبة للذين يقتصر نشاطهم الإجرامي على سنوات المراهقة، فإن العوامل المسببة لذلك النشاط قد تكون ذات صلة بفترة المراهقة ونمو المراهق، فالنظرية يجب أن خذ بالاعتبار وتتجه نحو الانقطاع في حياته، وعلى النقيض بالنسبة للأشخاص الذين يكون جنوحهم المراهق تصريفا متواصلا للسلوك غير الاجتماعي متواصلا مدى الحياة . فالنظرية التي توضع بخصوص السلوك غير الاجتماعي تبحث عن العوامل المسببة في الطفولة المبكرة وضرورة مواصلة البحث عن الأشياء المزعجة في أوجه حياته المختلفة فيما بعد
وبالمقارنة بين الجنوح المتواصل والمحدد بفترة المراهقة يجب أن يؤخذ بالاعتبار السلوك الذي يقتصر ظهوره بفترة المراهقة، ويعد هذا ضروريا لأن النوع الآخر من الجانحين الذين يواصلون السلوك الجانح مدى الحياة يبدؤون سلوكياتهم المزعجة منذ طفولتهم المبكرة ، في حين أن السلوك غير الاجتماعي بالنسبة للنوع الأول يظهر أول مرة في فترة المراهقة. وسوف تتمثل السلوكيات الجانحة بالنسبة للنوع المتواصل في أشكال متعددة للسلوك غير الاجتماعي. مثل المشاكل الناتجة من قصور في الجانب العصبي النفسي التي تكوّن فيما بعد مع التأثيرات البيئية تركيبة من الأسباب التي تسبب تواصلا لسلوك غير اجتماعي. وتؤكد هذه النظرية – أي نظرية تواصل السلوك غير الاجتماعي مدى الحياة – عملية الثبات في التفاعل المتبادل بين سمات الشخص وردود الأفعال البيئية عليه. وهكذا تدرس الأسباب الأصلية أثناء النمو، لتصبح متلازمة وتبقى ثابتة المفاهيم. وقد تنتج سلوكيات مركبة من خلال تلك العملية، إذ أن عدم صحة الطفل النفسية والعصبية قد تتحول الى اسلوب غير اجتماعي يعم كل حياة المراهق وسلوكه عند البلوغ. وهذا الاتجاه غير الاجتماعي قد يتغلغل في كل مجالات حياته، وهذا مما يقلل من احتمالات التغيير.
وعلى العكس من ذوي السلوك الجانح المتواصل مدى الحياة هم ذوو السلوك المقتصر على فترة المراهقة. فإن لهذا النوع من الجنوح تواصلا قليلا في السلوك غير الاجتماعي، على أن المراهقين الذين يقتصر سلوكهم الجانح على فترة المراهقة قد يقومون أيضا بجرائم قتل في غمرة الفترة القليلة لممارستهم السلوكيات الجانحة، وكذلك على عكس الجانحين ذوي السلوك الجانح المتواصل مدى الحياة فإن المراهقين الذين يقتصر سلوكهم الجانح على فترة المراهقة ينقصهم الثبات على السلوك الجانح في كل المواقف.
يبدأ الميل للجنوح لدى المراهقين ذوي الجنوح الذي يقتصر على فترة المراهقة من خلال عمليات التنكر البيئي. أما النوع الثاني، فلديهم مسبقا تاريخ حافل بالسلوكيات غير الاجتماعية. ويعتقد أنهم يعملون وكأن عملهم مخطط له مسبقا. ووفقا لموفت فإن المراهقين الذين يقتصر جنوحهم على فترة المراهقة يبقون معتمدين ماليا واجتماعيا على أسرهم غير أنهم يتخذون بعض القرارات المتعلقة بشؤونهم الخاصة حتى أنهم يبدون مفرطي الحاجة لأن يوطدوا علاقات مع الجنس الآخر تبدو وكأنها نوع من العبودية أو الخضوع. ويريدون الحصول على ممتلكاتهم المادية، ويريدون أن يتخذوا قراراتهم بأنفسهم، ويريدون أن يحترمهم البالغون على أنهم ذوو شأن. وليس من السهل على الفرد في هذا العمر أن يتعامل بين الجوانب الفيزيائية والاجتماعية بشكل متوافق.
وأخيرا يرى موفت أن ليس جميع المراهقين هم متورطون في الجنوح، فأخذ ذلك بالاعتبار في نظريته. إذ بيّن أن هناك عددا من الإمكانات لذلك نذكر منها الآتي:
1. قد يكون للمراهقين الإمكانية لان يتخذوا دورا يحترمه البالغون.
2. قد يكون المراهقون يعيشون في بيئة اجتماعية لا تتوافر بها فرصة لتعلم الأفعال الجانحة أو أساليب الجنوح.
3. قد تكون الخصائص الشخصية للمراهق تستثنيه من النظر أو الدخول في شبكة الأفعال غير الاجتماعية.
4. وقد تكون مع هذه الأسباب أسباب أخرى مجتمعة بعضها مع بعض.
ثانياً: نظرية التفاعل لثورنمبري:
فحاول أن يوحد مفاهيمها من عدد من النظريات ليزودنا بتفسير شامل للجنوح. وقد صمم مخططا ديناميكيا للجنوح، وهو عبارة عن عدد من العوامل قد يكون لها تأثيرات مختلفة في سلوك المراهق خلال فترات حياته المختلفة. وقدم فيه ثلاثة نماذج من الجنوح.
أ . في نموذج ثورنمبري الأول (عمر 11-13): تبرز في هذا الأنموذج ثلاثة عوامل مهمة
أولا: التأثير الوالدي، فان الوالدين اللذين لهم تأثير قوي على أطفالهما، واللذين على اتصال متواصل بهم، ويمارسان مهارات والدية مناسبة معهم، وما إلى ذلك ، من المحتمل أن يقودا أطفالهما نحو الأفعال المقبولة اجتماعيا، ونحو الإيمان بالقيم والأمان والثقة، وقد يبعدانهم عن الأصدقاء الجانحين والأفعال الجانحة.
ثانياً. الإيمان بالقيم والتقاليد، كذلك له تأثير في السلوك. وتأثيرها يظهر في المدرسة، وتُعزز أكثر إذا كان هناك إبداع في المدرسة. وتؤثر هذه المعتقدات أيضا في الصلة مع جماعات الجانحين، فإن قلة التعلق بالمدرسة لا يؤدي بشكل مباشر الى تشكيل قيم الجنوح لدى الفرد، غير أن ذلك سيحصل بشكل غير مباشر، إذ أن عدم المواظبة في المدرسة سيجعل الفرد على صلة مباشرة مع بيئة الجانحين ومع السلوك الجانح.
ب . نموذج ثورنمبري الثاني في المراهقة الوسطى: يبدأ نموذج ثورنبيري يتغير في هذه المرحلة. فينصب الاهتمام هنا على صلة الطفل بالوالدين التي قد تصل نسبيا إلى درجة المبالغة في قوة العلاقة. فعند هذه النقطة في دورة الحياة – أي فترة المراهقة الوسطى – قد يتخذ المراهق بشكل ما طريق الجنوح لغرض الامتداد خارج المنزل، وذلك قد يتم من خلال ارتباطه بنشاطات الشباب في المدرسة وفي محيط الأقران.
والقيد الذي كان بينه وبين والديه حيث كان طفلا يبدأ اليوم يوهن لأنه قد اكتشف اليوم مثيرات أو حوافز إضافية. والتغيير الأساس الآخر، وفقا لثورنبيري هو في ازدياد أهمية قيم الجنوح وعندما يكون الجنوح في ذروته، فان تلك القيم تكون اكثر وضوحا ولها تأثيرات أقوى من المتغيرات الأخرى. ومثل هذه القيم تعزز الجنوح ومشاركات الجانح في هذا الاتجاه، فضلا عن أن بعض المؤشرات تشير إلى أن الشباب الذين يحملون تلك القيم، أقل احتمالاُ من أن يكونوا مرتبطين بوالديهم أو أنهم مواظبون على الدراسة.
ج. وفي المراهقة المتأخرة، يرى ثورنمبري أن متغيرات جديدة تطرأ على الأنموذج. وأهم تلك المتغيرات؛ المواظبة على نشاطات عادية تتضمن الوظيفة، والالتحاق بالجامعة، والخدمة العسكرية. وعلى مدى الانتقال إلى العالم أو العمل هناك انتقال مماثل من العائلة الأصلية إلى عائلة الشخص الخاصة.
وهذا يعود إلى حقيقة هي أن الأطفال ذوي الخلفية الاجتماعية الضعيفة هم اكثر احتمالا لأن يكون لديهم أسر ممزقة. ويكونون كسولين في المدرسة، وتكون معتقداتهم تقليدية متأثرة بالبيئة التي ينحدرون منها: فأولئك يكون معدل انتشار الجريمة بينهم عاليا .
ميس لووووووووووو