السلام عليكم
صباح/مساء الخير
لو سمحتوا ابيكم تنتقدون المقال مع ذكر الايجابيات والسلبيات
والرأي في الايجابيات والسلبيات؟؟؟؟؟؟
ضروووووووووووري ابيها يوم السبت
فضلاً لا امراً
منذ فترة طويلة والصحف المحلية تحرص على نقل أخبار العصابات والمخالفين لقوانين الإقامة وحتى الإرهابيين, وأكثر ما يجمعهم سرية الحركة والقدرة على الإفلات من قبضة العدالة تحت ستار العباءة وغطاء الوجه, ورغم أن ذلك يشكّل تحدياً سافراً للأمن الفردي والقومي – ومن رأى الفيلم الوثائقي “تحت الحجاب” على قناة العربية يفهم هذه العبارة أكثر حيث تنكرت صحفية بريطانية بالشادور لتحصل على معلومات عما كان يدعى بدولة طالبان- فإن من ينادي بكشف وجه المرأة يشكّل التحدي الأكبر بالنسبة لفئة محددة من الناس, على سبيل المثال مقالة الكاتب خالد الغنامي بعنوان: “عودة لوجه المرأة” فما زالت تداعياتها مستمرةً حتى اللحظة على صفحة نقاشات, مما يذكّر بمقالتيّ “أيهما أحق أن يتبع: التقليد أم الشرع؟” و “إلى متى التشدد في قضايا المرأة؟”وكانتا على التوالي في 8/5/2004 و23/5/2004 وأنا أذكر التواريخ ليعود إليها من يريد عبر أرشيف “الوطن”, لأن ما سآتي به في هذه المقالة هو تتمة لما كتبته حيث أثارتا تأييد واعتراض كثيرين وتمّ الرد على المعترضين بمقالة “قراءة نقدية في نقد القراء” 31/7/2004؛ وقد أصاب الأستاذ الغنامي كبد الحقيقة عندما كتب ما معناه أن (إظهار المرأة لوجهها هو أول السبل لوصولها إلى حقوقها), ولا تزال أمامها السبل طويلةً بعد ذلك, لكن بما أن هذه العبارة أسيء فهمها من قِبل بعض القراء, فلا بد من التأكيد عليها مع تفسير معناها وهو أن الإنسان كي يصل إلى حقه يجب أن يكون معروفاً أو يجب أن يكون هناك من يعرِّف به على الأقل, فلو فرضنا أن امرأة جاءت تطالب بحقها وهي مسدلة على وجهها فستحتاج لمن يشهد معها أنها هي هي, فإذا جاءت امرأة مثلها لتشهد لها تغطي وجهها أيضاً فستحتاج هي الأخرى لمن يشهد أنها هي هي, وإذا كان المجتمع النسائي كله يعتمد غطاء الوجه فستستمر المتتالية حتى يأتي رجل يشهد بصدق إحداهن, وهكذا تبقى المرأة تابعةً للرجل فلا قيمة لها ولا معنى لوجودها إلا بالرجل, وهو ما يريده أصحاب فكرة أن الرجل هو الأصل, وهم يعتمدون في فكرتهم على أن حواء خُلقت من ضلع آدم, وهو ما لا جدال فيه لأنه مُثبت بحديث صحيح, لكنهم ينسون النص القرآني الصريح:(هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها), فلا سكن للرجل بلا امرأة أي أنه هو ناقص بدونها, فكيف يكون سيداً لمن لا يكتمل وجوده إلا بها؟! وكيف تكون تابعةً لمن تكمِّل نقصه؟!
نقل الكاتب يوسف الديني في مقالته بالعدد 9643 من صحيفة الشرق الأوسط كلاماً للشيخ أحمد بن عبد العزيز بن باز ملخصه أن إحدى أخواته سألت والدها رحمه الله عن أدلة القائلين بأن حجاب المرأة المسلمة عن الرجل الأجنبي في كل جسدها، ما عدا وجهها وكفيها، وناقشت معه أدلتهم وأوردت حججهم وهو في كل ذلك يستمع لها وينصت لكلامها ويناقش رأيها بكل هدوء وأريحية من غير انفعال ولا اتهام بسوء النية أو قلة الديانة وانتهت الجلسة وكل طرف لم يقنع الآخر، ولم يحمل في نفسه شيئاً وإنما دعاها الى المزيد من البحث والتأمل؛ وفتواه معروفة من أنه لا يجوز الإنكار على امرأة كشفت وجهها كونه من الأمور المختلف فيها, لذلك فغطاء وجه المرأة ليس من ثوابت الشرع كما يخيَّل للكثيرين.
سنزيد البحث والتأمل ليس عملاً بنصيحة الشيخ ابن باز رحمه الله فقط بل لأن البحث عن الحقيقة يجب أن يكون ديدن كل عاقل منصف, وسننطلق من النصوص الصحيحة التي يتفق عليها الجميع وإن اختلفوا بتأويلها, لكن مع تحكيم العقل والمنطق وليس التفاسير المختلفة – سواء المؤيدة للحجاب الكامل أو المعارضة له – والتي كثيراً ما يُسقط أصحابها أمزجتهم عليها بقصد أو بغير قصد, ومنها الحديث الصحيح عن المرأة الخثعمية التي جاءت يوم النحر في حجة الوداع تسأل الرسول عليه الصلاة والسلام حول إمكانية حجِّها عن أبيها فطفق الفضل بن عباس – وكان رديف رسول الله – ينظر إليها فحوَّل الرسول وجه الفضل عنها؛ فمن الواضح أن الرواية تحكي عن حدثٍ وقع بعد فرض الحجاب, والخثعمية كاشفة وجهها ولم يأمرها الرسول بتغطيته, فإذا قال بعضهم: إنها كانت محرمة ولذلك وجب أن تكشف وجهها, فالرد على هؤلاء سبق لي طرحه بسؤال: كيف يكون الوجه عورةً في الحل ويصبح غير عورة في الإحرام؟! وهذا السؤال يردّ على من قال بحديث عائشة:(كنا مع رسول الله إذا مر بنا ركب سدلنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات فإذا جاوزنا رفعناه) فهذا الحديث خاص بنساء النبي أمهات المؤمنين اللواتي شُدِّد عليهن في أمر الحجاب لأنهن ممنوعات من الزواج بعد وفاة النبي إكراماً له عليه الصلاة والسلام. وأما نسبة هذا الحديث إلى أسماء بنت أبي بكر فقد تصحّ إذا افترضنا أن أسماء تسير مع ركب نساء النبي فلا ترغب أن تكشف وكلهن ساترات, وإن كان من السهل ردّه بحديث فاطمة بنت المنذر:(كنا نخمر وجوهنا من الرجال ونحن محرمات ونحن مع أسماء بنت أبي بكر فلا تنكره علينا) فدليل عدم إنكارها على هؤلاء النسوة أنها احترمت عاداتهن دون أن تفعل مثلهن؛ أما من يصرّ بعد كل هذا الكلام المنطقي على أن المقصود بالحديث الصحيح:(لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين) أن تسدل على وجهها فنسأله: ماذا تفعل بدل القفازين؟ هل تطيل أكمامها ضعف طولهما كي لا يظهر كفاها؟ أو ليس هذا من السرف المنهي عنه؟ أم هل تلبس في كفيها أي شيء غير القفازين؟ فلم كل هذا التنطع والله سبحانه يقول:(وما جعل عليكم في الدين من حرج)؟
أسئلتي هذه تذكِّر بتعجب طرحته في مقالة لي عن تفسير ما ورد عن ابن عباس في معنى (ما ظهر منها) في الآية 31 من سورة النور (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) إذ قال: هو الكحل والخاتم, ففهم المؤيدون لغطاء الوجه والكفين أن موضع الكحل هو العينان فشرعوا النقاب, ولكنهم نسوا أن يخترعوا قفازات بثقوب للخواتم! بينما فهم المعتدلون من كلامه مواضع الكحل والخاتم, أي الوجه والكفان؛ ولكن بين المتشددين والمعتدلين ظهرت فئة قالت: إن كشف الوجه أمر خلافي منذ عهد الصحابة, إذ لما سئل ابن مسعود عن معنى الزينة الواردة في الآية والتي يحقّ للمرأة كشفها قال: هي الثياب, ولذلك فسّر كلامَه بعضُهم أن المرأة عورة كلها حتى ظفرها؛ لكني توقفت كثيراً عند هذا الرأي الأخير الذي يحاول أن يحقّق تسوية بين الرأيين, فما هو معلوم لنا جميعاً أن ابن عباس وابن مسعود من بيئة واحدة وكلاهما صحابي جليل, فهل يعقل أن كلاً منهما قصد غير ما قصد الآخر بالرغم من أنهما عاشا في زمان واحد وفي مكان واحد وأمامهما نساء عهد نبويّ واحد؟! هل يعقل أن يرى ابن عباس أنّ للمرأة أنْ تكشف وجهها ويديها, ويرى ابن مسعود أنها يجب أن لا يظهر منها إلا الثياب؟ إذا أعمل أيّ منا عقله في الأمر فسيتوصّل إلى أن رأي ابن عباس ورأي ابن مسعود ليس فيهما أي خلاف أو تناقض لأن مجتمعهما تعارف على كشف الوجه والكفين؛ ولتقريب الفهم أضرب مثلاً بشاب عيناه خضراوان وطويل القامة, فإذا سألنا أقاربه: بم يشبه والديه؟ لأجاب قرابته لأمه: إنه يشبه أمه بعينيها, ولانبرى أقاربه لأبيه بالقول: إنه يشبه والده بطول القامة, فهل في هذين الرأيين تناقض؟! إذن لا يوجد تناقض بين ابن عباس وابن مسعود فالأول رأى أن زينة المرأة التي تظهرها هي الكحل والخاتم وكلاهما خارجان عن خلقتها, والآخر فهم أن هذه الزينة هي الثياب التي ليست بالطبع من أصل خلقتها, وهكذا فإن كلاهما بيّن أن الزينة التي يحقّ للمرأة إظهارها هي ليست خَلقية بل كسبية, ولو أراد ابن عباس أن يفسر هذه الزينة بالوجه والكفين لأوضح ذلك صراحة لكن أعضاء الإنسان ليست زينةً, ولو عدنا إلى القرآن لما وجدنا معنى لكلمة الزينة إلا المعنى الكسبي, كقوله تعالى في سورة الأعراف:(يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) وفي الآية التي تليها:(قل من حرّم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق؟) وقد يردّ أحدهم أن الله وصف الأنعام بأنها زينة, وهي كذلك فعلاً أي جمال لعين البشر لكنها ليست بشراً, وكذلك قوله تعالى:(المال والبنون زينة الحياة الدنيا) أي أن الأولاد يجمِّلون الحياة, لكن لا يمكن أن تكون وجوههم زينةً ولا أي عضو من أجسادهم؛ فالزينة الظاهرة في النساء والمقصودة في الآية هي الكحل والخاتم والثياب وما شابهها, والزينة التي يجب إخفاؤها هي كل ما عدا ذلك كالخلخال في الساقين, ويؤكد هذا قوله تعالى في تتمة الآية:(ولا يضربن بأرجلهن ليُعلَم ما يخفين من زينتهن).
يحضرني أخيراً قول العلاّمة إبراهيم بن علي الوزير عمّن جعل من المرأة شيئاً يعيش وراء الجدران وعلى هامش الحياة بدعوى خوف الفتنة, كمن رأى اقتلاع شجرة العنب لأنه يُصنع منها المسكر, فمحاولة “رفع دواعي البلاء والاختبار” الذي يتعرض له الإنسان في الحياة الدنيا لينجح في امتحانه أو يفشل هي محاولة عقيمة إذ الابتلاء والاختبار من السنن الماضية على الإنسان لا يمكن رفعها من واقع الحياة؛ وإنما التخفيف من حدة هذه الدواعي بأساليب اختيارية في حدود بقاء القدرة على الخير والشر هو ما تعمد إليه التعاليم…أما طريقة اقتلاع شجرة العنب فلا يعمد إليها إلا الجاهلون بسنن الله كونية أو تشريعية.